السبت، 3 يوليو 2021

 مَسائِلُ مِن الفِقْهِ والأُصولِ (5):

رجم الزاني المحصن!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

كتب إليّ أحد الأصدقاء يقول:

« أنا رجلٌ من عامّة المسلمين ، مذهبي شافعيّ جرياً على ما توارثناه من أهلنا، كما هو حال عامة الناس في عموم البلاد.

كنت أجلس مع شباب، نتحدث حول قضايا الاسلام والمسلمين، وأنّ الإسلام دين الرحمة والعدالة والانسانية.

فانبرى شخص يقول : عندي إشكالات حول إنسانيّة الاسلام في قضية الحدود

يَقصدُ القتلَ قصاصاً، وقطع السارقِ، ورجم الزاني.

حاولتُ أن أشرحَ وأبيّن حسب ما تعلمته - على قلة ما تعلمته - لكني حقيقة لم أستطع الدفاع بشكل مقنعٍ

وبعد جدال طويلٍ؛ عَلَتْ فيه أصواتنا وانتفخت في أوداجنا واحمرت فيه عيوننا.

قال هذا الرجل : يُمكن أن نَقبل قتلَ القاتل عمداً، من باب الجزاء بالمثل .

ويمكن أن نَقبل قطعَ يد السارق، لكن إذا سرق شيئاً كثيراً، يسوّغ قطعَ يده.

لا كما يقول الفقهاء: «تقطع يدُه حتى لو سرق بيضةً».

«ولا أدري إن كان هذا القول صحيحاً»

لكن ما لا أستطيع تخيّله ولا تصوره ولا قبوله -والكلام للرجل الذي يجادلني - هو رجم الزاني!

يقول: هذا الحد في منتهى القسوة واللانسانية على حد تعبيره!

ثم أردف قائلا: أنا أحبّ سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأؤمن برحمته ورأفته، كما قال الله تعالى عنه، ولا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يكون هذا الرؤوف الرحيم بهذه القسوة على شخصين ما دفعهما إلى الزنا غالباً إلا الحب والاستحسان!

فهل يعاقب الإسلام على الحب بهذه الطريقة ؟!

يقول: أظنّ أحاديثَ الرجم مكذوبةً على سيدي الرؤوف الرحيم.

ثم صار مُحاوري يقارنُ بين الآيات القرآنية التي تتحدث عن الزنا ، وبين الأحاديث التي تنصّ على الرجم .

وللأمانةِ اهتزّت قناعتي كثيراً بتلك الاحاديث .

ولكني لا أجرؤ على الخوض في أمر الحديث الشريف!

أرجوكم أن تنقدوا لنا هذه الأحاديث ، وهل فعلاً هي متعارضة مع الآيات، أو هناك وجه للتوفيق بينها في الاستدلال»؟

أقول وبالله التوفيق:

أنا شخصيّاً أستفظع جلدَ شاربِ الخمرةِ!

وأستفظع قتلَ القاتلِ!

وأستفظعُ قطع يد السارق!

وأستفظع قتلَ المرتدّ!

وأستفظعُ جلدَ الزاني!

وأستفظعُ أكثرَ رجم الزاني المحصن!

بل إنّ الله تعالى سمّى الجلدَ عذاباً، فضلاً عن الرجم، فقال:

(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) [النور].

وقال جلّ شأنه العظيم:

(وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10) [النور].

لكنّ هذا لا يُسوّغُ للمسلم الاعتراضَ على الله تعالى، أو على رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، بل عليه الاستسلام والتسليم التامّ، ظهرت له الحكمةُ أم لم تظهر!

قال الله تعالى:

(لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) [الأنبياء].

(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) [النساء].

(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) [الأحزاب].

ويستوي في ذلك حدّ القتل بالسيف، أو قطع يد السارق، أو جلد الزاني، أو شارب الخمر!

وانظر أخي القارئ إلى هذه العقوبة المرعبة المذهلة!

(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) [المائدة].

إننا عبيد الله تعالى، مملوكون له، وهو الممتنّ علينا بالوجود والحياة والرزق، وكلّ شيءٍ آخر.

وهو يتصرّف بنا ما يشاء، لو شاء، لكنّه تعالى لا يتصرّف بشيءٍ في هذا الوجود ليحقق له أيّ منفعة أو مصلحة!

(مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) [النساء].

(لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ (37) [الحجّ].

إنّما يأمر بما هو في صالح العباد والبلاد، وينهى عمّا هو في ضرر العباد والبلاد، في مرافقهم ومعاشهم وسعادتهم!

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) [الأعراف].

ولو أنّنا أعملنا عقولَنا في استنباط بعضِ حِكَمِ الشارع في تلك العقوباتِ كلّها؛ لرأينا فيها مصالح العبادِ وأمنَهم واستقرارهم، ومَبعث الطمأنينةِ في نفوسهم!

إذِ الذي يريد أن يقتلَ مسلماً عدواناً وظلماً؛ فسيردعه عن قصده المتوحّش في الغالب عقوبةٌ دنيويّة، هي القصاصُ، وعقوبةٌ أخرويّة هي الخلود في النار!َ

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى.

الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى.

فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ.

ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ.

فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178).

وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ، يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) [البقرة].

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) [النساء].

والزاني والزانية اللذان أساءا إلى عائلتيهما، ولطّخا سمعة الأسرتين بالعار، أليس في تنفيذ الحدّ عليهما؛ ردعٌ لغيرهما عن اقتراف مثل هذه الجريمة الفاحشة!؟

(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) [الإسراء].

أمّا عن رجم الزاني؛ فهو عقوبة أغلظ من عقوبة الجلد؛ لأنّ تغليظها يتناسبُ مع عِظَم زنا المحصن!

وما نقله السائل عن زميله، من أنّ الباعث لهما على الزنا هو الحبّ، فليس هذا الحبُّ الآثم مشروعاً في الإسلام، حتى يكافأ الزناة عليه بتخفيف العقوبة عنهما!

قال الله تعالى:

(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ (31) [النور].   

إنّ الإسلام يحرّمُ نظرةَ الشهوة، وتحريمه لمصافحة المرأة الأجنبية أشدّ من النظرة!

أفتراه يحرّم نظرة الناظر، وتريده أن يتساهل مع الزاني المحصن؟

قَال ابْنُ قُدَامَةَ: (لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً.

وَقَدْ ثَبَتَ الرَّجْمُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ فِي أَخْبَارٍ تُشْبِهُ التَّوَاتُرَ. وَهَذَا قَوْل عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.

قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا إِلاَّ الْخَوَارِجَ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا:

الْجَلْدُ لِلْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور: 2] «فليس في القرآن الكريم ذِكرٌ للرجم»!

وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ تَرْكُ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الثَّابِتِ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ وَالْيَقِينِ، لِأَخْبَارِ آحَادٍ، يَجُوزُ الْكَذِبُ فِيهَا، وَلِأَنَّ هَذَا يُفْضِي إلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ).

وممّا يوجبُ عدمَ التسرّع في إنكارٍ حكم مسألةٍ خطيرة، مثل هذه المسألة؛ أنّ المذاهب الإسلامية كلّها على إثباتِ عقوبة رجمِ الزاني المحصن!

ففي مذاهب أهل السنّة الخمسة: الحنفيّ والمالكيّ والشافعيّ والحنبليّ والظاهريّ؛ يذهبون إلى رجمِ الزاني المحصن!

وذهب الإباضيّة من الخوارجِ إلى ما ذهبَت إليه مذاهب أهل السنّة!

أمّا مذاهبُ أهل البيت: الزيديّة والإسماعيليّة والجعفريّة، وفي روايةٍ عن الإمام أحمد من أهل السنة؛ أنّ على المسلمةِ الزانية الجلدَ مع الرجم!

لما جاء عن عامرٍ الشعبيّ قَالَ: (أُتِيَ عَلِيٌّ بِمَوْلَاةٍ لِسَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ مُحْصَنَةٍ قَدْ فَجَرَتْ!

قَالَ: فَضَرَبَهَا مِائَةً، ثُمَّ رَجَمَهَا، ثُمَّ قَالَ:

(جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (898) وهذا لفظه، والبخاريّ في كتاب الحدود، باب رجم المحصن (6812) مقتصراً على شطرِ الرجم.

وانظر شرحَ هذا الحديثِ وعرض مذاهب العلماء في هذه المسألة في فتح الباري لابن حجر (21: 531) فما بعد، وكتاب لا رجم في القرآن لأستاذنا الدكتور مصطفى الزَلَميّ (ص: 53 - 61) رحمهما الله تعالى.

فقد نقلَ أقوال المذاهب من مصادرها المعتمدة.

وأمّا الأحاديث:

فهي عديدةٌ، تحتاجُ إلى منشورٍ مفردٍ، لعليّ أنشره قريباً إن شاء الله تعالى.

وأصحّ حديثٍ في الرجم؛ ما أخرجه البخاريّ (3635) ومسلم (1699) من حديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيا!

فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ، فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟!

فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ!!

فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوها، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا!

فَقَالَ لَهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ! فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ!

فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِما!

قَالَ عَبْدُاللَّهِ بنُ عمرَ: «فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ».

وهذا موافق لما جاء في سفر التثنية، الإصحاح الثاني والعشرين، آية (20)

(وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ 21يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ؛ لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.

22 وإِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعًا مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْل، يُقْتَلُ الاثْنَانِ: الرَّجُلُ الْمُضْطَجِعُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ.

وانظر الكتاب المقدس الدراسيّ (ص: 441).

وفي باب رجم الزاني المحصن؛ نجد حديثَ جابر بن عبدالله، عند البخاري (6814) ومسلم (1691) وحديثَ أبي هريرة عند البخاري (6815) ومسلم (1691 م). وحديث ابن عباس عند البخاري (6824) ومسلم (1693) وحديث عمر بن الخطّاب عند البخاريّ (6829) ومسلم (1691م) رضي الله عنهم، وغيرها.

فلا يسعُنا مع وجودِ هذه الأحاديثِ في الصحيحين، وغيرهما في غيرهما؛ أن نتسرّعَ فنضرب بها عُرضَ الحائط، بل لا بدّ من نقدها نقداً حديثيّاً موضوعيّاً، بعيداً عن تشنيعِ المشنّعين، وعبثِ العابثين، ومماشاة عصرنا الفاسد الفاجر!

وليحذر كلُّ مسلمٍ، وليتنبه إلى قول الله تعالى:

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) [النور].

(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) [النور].

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق