الثلاثاء، 27 سبتمبر 2022

     مِنْ عِبَرِ التاريخِ (22):

نَسبُ قبيلةِ السودانيّ في العراق!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

سمعتُ عدداً من المتحدّثين على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ينسب عشيرةَ السودان العِراقيّة إلى دولةِ السودانِ الشقيقةِ.

وسمعت أحدهم اليوم يقول: «اليوم يأتون بشياع السوداني، وغدا يأتون بواحدٍ عماني، ومش عارف مين تاني».

ساءَني هذا الكلامُ كثيراً؛ لأنني أعرف عدداً من أفاضل قبيلةِ «السودان» العراقية، حدّثوني بنسبهم العريق المحترم، إلى الصحابيّ الجليل المقداد بن الأسود الكنديّ!

أقول وبالله التوفيق:

من المعلوم لدى العارِفِ بطرائق العرب باختيار الأسماءِ، وإطلاق الألقابِ، قبل الإسلام وبعده، وعلى طولِ التاريخ العربيّ؛ أنّهم يطلقون لقبَ «الأسود» على شديد البياض!

وفي مدينتنا «حماة» عائلة مثقّة كريمة، هذا هو لقبها «الأسود» وجميع مَن أعرف منهم في غايةِ الجمالِ، وشديدِ البياض، ولا أعرف واحداً منهم، لديه سُمرةٌ، حتى ينطبق عليه لقب «الأسود» إنّما هي من الأضداد.

ولنأخذ مثالاً آخر، يخصّ أسرتَنا نحن «آل كنعان».

آل كنعان في حماةَ؛ أسرةٌ كبيرةٌ مترامية، لها وجودٌ في معظم أحياء مدينة حماة!

لكنّ لها في كلّ حيٍّ لقبٌ مختلفٌ عن لقبها في حيّ آخر!

وأكثر آل كنعان؛ عُرفت عائلاتهم بألقابٍ أخرى، سوى كنعان.

نحن اثنتان وعشرون أسرة في حماة، الذين احتفظوا بلقب كنعان، العائلات الآتية:

( كنعان، كنعان النجّار، كنعان الشعّار، مستو الكنعان، بوشي الكنعان).

ولبقية آل كنعانَ ألقاب أخرى، قد لا يعرف انتسابَها إلى آل كنعان، إلّا آل كنعان أنفسهم، ولنقتصر على إحدى بيوتات آل كنعان، وهو بيت «العتّال».

الشيخ خالد العتّال، هو جدّي الرابع!

أنا الفقير عداب بن محمود بن إبراهيم، بن محمد الحمش بن خالد العتّال.

كان خالدٌ العتّالُ شيخَ آل كنعان، وشيخ النقارنة والفرّاية لأنهما كانا حيّاً واحداً في ذلك الزمان، وهو نفسُه شيخُ الهبطة، وجميع ذرّيته يسكنون في حيّ «الفرّاية» الذي هو القسم المرتفع من حيّ باب البلد، وحيّ المرابط معاً، ويسمّى «تلّ الفرّاية» وقد يُسمّى «جبل النار»!

ذريّة الشيخ خالد العتّال رحمه الله تعالى، في حيّ الفرّاية:

(آل العتال، آل الهبطة، آل مرعي، آل ميلص، آل عُليّ، آل دناوَر، آل الشرداويّة، آل الحمش).

وجدّنا الشيخ خالدٌ «العتّال» لم يكن عتّالاً قطّ، فهو إلى جانب كونه شيخ الهبطة «سوق المواشي» كان يملك قريةَ «النقارنة» بتمامها، من قرية «الرقيطة» إلى قرية «سُريحين» ملكَ المنفعةِ المعروف، في زمان الدولة العثمانية!

لكنّ المتداولَ في سبب لقبه بالعتّال؛ أنّ صخرة وقعت من سور باب البلد، قطعت طريق الناس.

ومن المعلوم لدينا في حماة؛ أنّ العتّالين هم أقوى رجال الحيّ أجساماً.

حاول عددٌ من هؤلاء العتّالين الأقوياء الشجعان؛ أن يرفعوا هذه الصخرةَ من طريق باب البلد، الضيّق بطبيعة الحال، فلم يستطيعوا ذلك!

كان جدّنا خالدٌ مارّاً على دابّته من باب البلد، فرآهم يحاولون رفع الصخرة، فلم يستطيعوا، فأقبل إليهم، وقال لهم: حاولوا أن تحرّكوا الصخرةَ من طرف واحد، وأدخلوا تحتها حبلاً قويّاً من حبالكم، ففعلوا!

فأعطاهم عصاه المعقوفة، وقال لهم: علّقوا الحبلَ بهذه العكّازة، ففعلوا!

طلب منهم أن يبتعدوا، فابتعدوا، حتى رفع الصخرة عالياً، ووضعها في مكان قريبٍ من بحيرة باب البلد، حتى يجلس عليها من أراد أن يرتاح قربَ البحيرة!

وأنا أتذكّر سورَ باب البلد قبل هدمه، وأتذكّر البحيرةَ جيّداً قبل إزالتها، لكنني لا أتذكّر موضعَ الصخرة تلك منها، إذ كنت صغيراً أيّام أزالوها.

إذا فُهم هذا الأمر؛ فيمكن أن نفهم لقب «السودان» للقبيلةِ العربية الكبيرة في العراق!

قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب (ص: 441):

«المقدادُ بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعيد بن دَهيرِ بن لؤي بن ثعلبة بن مالك بن الشريد بن أبي أهون بن قاس بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي يقال له: «المقداد بن الأسود» كان حليفاً للأسودِ بن عبد يغوثَ بن وهبٍ، خال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخي آمنة بنت وهب، فنسب إليه».

وقال الأمير ابن ماكولا في الإكمال، في مادّة دهير (3: 340): «وأما دَهيرٌ - بفتح الدّال وكسرِ الهاء - فهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن دَهيرِ بن لؤي بن ثعلبه بن مالك بن الشريد بن أبي أهون بن قاس بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء.

وهو المعروف بالمقداد بن الأسودِ؛ لأن الأسودَ بنَ عبد يغوث تبنّاه، فنسب إليه، ذكر ذلك ابنُ الكلبيّ والطبريّ».

وقال الذهبيّ في تاريخ الإسلام (2: 225): «المِقْداد بْن الأسود الكِنْديّ البَهْرانيّ (ت: 33 هـ).

كان في حَجْر الأسود بْن عبدِ يغوث الزُّهْرِيّ، فيقالُ: تبنّاه، واسم أبيه عَمْرو بْن ثَعْلَبةَ بن مالكٍ، من وَلد الحافِ بْن قضَاعة.

وقيل: إنّه أصاب دماً في كِنْدة، فهرب إلى مكة، وحالف الأسود بن عبد يغوث.

كان مِن السّابقين الأوَّلين، شهِدَ بدْراً، ولم يَصحَّ أنّه كان في المُسْلِمين فارسٌ يَوْمَئِذٍ غيرَه، واختلفوا في الزُّبَيْر» عاش سبعين سنة، وصلّى عليه عثمانُ بن عفّان.

كان رجلاً آدمَ طُوالاً، أبطنَ، كثيرَ شعر الرأس، أعينَ، مقرونَ الحاجبينِ.

وكان يومَ فتح مكة على مَيْمَنَة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْمِقْدَادِ؛ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ مَبْعَثاً، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: كَيْفَ وَجَدْتَ الْإِمَارَةَ؟

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا ظَنَنْتُ إِلَّا أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لِي خَوَلٌ، وَاللَّهِ لَا أَلِي عَلَى عَمَلٍ مَا عِشْتُ!

وَقَالَ ثابت البناني: كان عبدُالرحمن والمقداد يتحدثان، فَقَالَ له ابن عَوْف: مالَك لَا تتزوّج؟ قَالَ المقداد: زوّجني بنتك! فأغلظَ عليه عبدالرحمن بن عوفٍ، وأحنقه!

فشكا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعَرَف الغَمَّ في وجهه!

فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لكنّي أزوّجك ولا فَخْر)!

فزوّجه بابنة عمّه ضُباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وكان بها من الجمال والعقل والتمامِ، مع قَرَابتها مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال الذهبيّ في سير أعلام النبلاء (1: 385): «هُوَ المِقْدَادُ بنُ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ مَالِكِ بنِ رَبِيْعَةَ القُضَاعِيُّ، الكِنْدِيُّ، البَهْرَانِيُّ.

وَيُقَالُ لَهُ: المِقْدَادُ بنُ الأَسْوَدِ؛ لأَنَّهُ رُبِّي فِي حَجْرِ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوْثَ، مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ، وَقَبْرُهُ بِالبَقِيْعِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ».

وقال ابن حجر في الإصابة (6: 159): «المقدادُ بن الأسودِ الكندي.

هو المقدادُ بن عَمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن عامر بنِ مَطرودٍ البَهراني، وقيل: الحَضرميّ.

قال ابن الكلبيّ القُضاعيّ النسّابة: كان عَمرو بن ثعلبة أصاب دماً في قومه، فلحق بحضرموت، فحالف كِنْدَة، فكان يقال له الكنديّ.

 وتزوّج هناك امرأةً، فولدت له المقداد، فلما كَبُر المقدادُ؛ وقع بينه وبين أبي شِمْر بنِ حُجْر الكندي، فضرب رِجلَه بالسَيفِ، وهرب إلى مَكّة، فحالف الأسود بن عبد يغوث الزهريّ، وكتب إلى أبيه، فقدم عليه.

فتبنّى الأسودُ الزهريُّ المقدادَ، فصار يقال: المقداد بن الأسود، وغلبت عليه، واشتهر بذلك، فلما نزل قوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) قيل له: المقداد بن عمرو.

واشتُهرت شهرتُه بابنِ الأسود، وكان المقدادُ يكنى أبا الأسود».

وقال في ترجمة الصحابيّة الجليلة ضُباعة بنت الزبير (8: 220): «ضُباعةُ بنتُ الزبير

بن عبد المطّلب الهاشمية، بنت عَمِّ النبيِّ صلّى اللَّه عليه وسلّم، زوج المقداد بن الأسود، فولدت له عبداللهِ وكريمة» وقد روت كريمةُ عن أبيها وأمّها.

أمّا عبدالله؛ فقد كان فارساً يومَ الجمل (36 هـ) وقُتِل في المعركة.

قال ابن سعد: شهدَ مَع عائشةَ «الجملَ» فقُتِل بها، فمرّ به عليُّ بنُ أبي طالبٍ، فقال: بِئس ابنُ الأختِ أنت»! انظر طبقات ابن سعد (8: 38) والإصابة (5: 22).

وللمقداد ولدٌ آخر يدعي معبد بن المقداد، ترجمه ابن حجر في الإصابة (6: 207) وفيها أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم ناداه (كيف رأيتَ الإمارةَ يا أبا معبد). 

وممن روى الحديثَ من أولاده، سوى ابنته كريمةَ؛ ابنه خزيمة!

قال عليّ ابن المديني في كتابه «تسميةُ مَن رُوي عنه من أولاد العشرة» (ص: 93):

« وَمن وَلدِ الْمِقْدَادِ بنِ عَمْرو؛ خزيمةُ بن الْمِقْدَادِ بن عَمْرو». 

وفي كتاب نسب قريشٍ لمصعب بن عبدالله الزبيريّ (ص: 228) ما نصّه:

«عبدُالله الأصغر بنُ وَهب بن زمعة - لأمّ ولد، وفي وَلَدِه البقيةُ والعَدَد، وكانت زوجتُه كريمةُ بنت المقداد بن عمرو البَهراني، وأمها ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب؛ ولدت له المقدادَ بن عبدالله، لا عقب له، قُتل يومَ الحرّة، ووَهبَ بن عبد الله، لا عقب له، قتل يوم الحرة، ويعقوبَ، وأبا الحارث، ويزيدَ، والزبيرَ، بني عبداللهِ الأصغر بن وهب».

وقال خليفة بن خيّاطٍ في تاريخه (ص: 188): « ومعبدُ بن الْمِقْدَادِ بْن الْأسودِ، حَلِيفٌ لَهُم مِن بَهراء».

وقال البخاري في التاريخ الكبير (5: 356): « عَبْدالرَّحْمَن بْن المقداد بْن الأسود أَبُو زرعة».

وفي تهذيب الكمال (28: 454) ذكر في الرواة عن المقداد، ابنتَه ضباعة بنت المقداد (د).

وقال ابن العديم في تاريخ حلب (2: 787): « بَنانُ بن عليٍّ، الملقّب «ذؤيب» بن أبي البركات، وكان يُلقّب «عُصَيّة» لطوله ودِقّته بن هبة الله، ويكنى أبا الحُمَّر بن أبي العبّاس أحمد بن عبدالرحمن بن أبي الحسن عليّ بن أحمد بن محمد بن موسى بن يعقوب بن محمد بن المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة، المعروف بابن الاسودِ الكِنديّ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أبو العباس بن أبي حامد بن أبي القاسم بن أبي حامد الكندي المقدادي الحربي الخياط، المعروف بابن عُصيّة المُقرئ، من أولاد المُحَدّثين من أهل الحربية «حيٌّ من أحياء حلب».

وكان أبو الحُمَّر هِبةُ الله قَدِم من دمشقَ، وسكن الحَربيّة، وأعقب بها.

مولده في سنة إحدى وثمانين وخمسِ مائة بالحَربيّة.

وهو شيخ صالحٌ خَيّر مُتديّن، متواضع، كثيرة التلاوة للقرآن، محبٌّ للحديث وأهله، فقير صبور، متقنع بالحلال، يأكل من كسب يده، حسن الطريقة، صحيح العقيدة، محمود السيرة على قانون السلف».

وقال السخاويّ في الضوء اللامع (10: 231): «يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح بن عَليّ بن عمر بن عَقيل بن زرمان - بِتَقْدِيم الزَّاي - بن عَجنَق - بِفَتْح أَوله وثالثه وَسُكُون الْجِيم بَينهما - بن يحيى بن أبي الْقسم الشّرف الْكِنْدِيّ الْعَقيلِيّ - بِالْفَتْح - نِسْبَة لجدّه العَجيسيّ، كَأَنَّهُ نِسْبَة لعَجيس بن امْرِئ الْقَيْس بن مَعبد بن الْمِقْدَاد بن عمرو».

ويحيى العَجيسيّ هذا ترجمه الدلال السيوطيّ في نظم العِقيان برقم (195) فقال:

« الْكِنْدِيّ، الْمُقْرِئ شرف الدّين يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح بن عَليّ بن عمر بن عقيل بن زرقان بن عجنو بن يحيى بن أبي الْقَاسِم بن عَطِيَّة بن حميد بن عبد الله بن موعل بن عجيس بن امْرِئ الْقَيْس بن معبد بن الْمِقْدَاد بن عَمْرو الْكِنْدِيّ العجيسي التخاري - نسبة إلى بلدة كفر تخاريم، من قرى حلب - الْمُقْرِئ الإِمَام الْعَلامَة الْحفظَة شرف الدّين، ولد سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة، وَأخذ أَنْوَاع الْعُلُوم من التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وأصوله وَالْكَلَام والعربية.

وبرع ونبغ، وَتقدم وَصَارَ إِمَامًا عَلامَة فِي فنونه، مَاتَ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة» وترجمه أبو العبّاس المكناسيّ في ذيل وفيات الأعيان (3: 336).

قال عداب: تلاحظ أنت - أخي القارئ - أنّنا بهذه العجالة؛ وقفنا لسيّدنا المقداد بن عمرو البهراني، أو الكندي، لا فرق أبداً، فبهران من قضاعة، وهي من قحطان، وكندة من قحطان أيضاً.

وقفنا له على بنتين كريمتين، هما: ضُباعةُ - أو ضُبيعةُ بنت المقداد، وكريمة بنت المقداد، وكلتاهما روتا الحديث!

ووقفنا له من الأولاد الذكور على محمّد وعبدالله ومعبد وخزيمة.

ولو أنّ باحثاً من الأفاضل آل «السودان» في العراق وسوريا وقطر وغيرها من البلدان، تفرّغ لكتابةِ بحثٍ علميّ؛ لخرج بأضعاف النتائج المفيدةِ، التي تمخّض عنها منشورنا الوجيزُ هذا.

والله تعالى أعلم

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.   

الاثنين، 26 سبتمبر 2022

       مَسائلُ حَديثيّةٌ (61):

عائشةُ أحبّ الناس إلى الرسول!؟

صلّى الله عليه وآلِهِ وسلّم

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

قبل الشروع في تخريج الأحاديثِ التي استدلّوا بها على أنّ عائشةَ أحبّ الخلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم؛ يحسن أن أمهّد بتمهيدٍ يسير، فأقول:

- إنّ اهتماماتِ الرجل كثيرةٌ ومتشعبة، بينما اهتمامات المرأة تنحصر في ذاتها ورغباتها، وأعظم رغباتها في الحياة الدنيا؛ أن تكون زوجةً وأمّ أولاد.

- إنّ عوارض المرأةِ النفسيّة والجسمانيّة كثيرةٌ، فهي في اليوم الواحد تتقلّب عدّة مرّات، ولأنّها نرجسيّة أنانيّة بوجه عام؛ فهي قد تغار من أمّها وأخواتها، ومن كلّ امرأةٍ تظنّ هي أنها أجمل منها، أو أنها أكثرُ سعادةً ومتاعاً منها.

- إنّ المرأةَ - كلّ امرأةٍ عرفتُها في هذه الحياة، أمّي وعمّاتي وأخواتي وخالاتي وزوجاتي، تعتقد أنّ لها حاسّةً أنثويّة لا تخطئ إلّا نادراً.

وهي تبني على ما تظنّه إلهاماً أنثويّاً، إلهيّاً لا يخطئ!

- إنّ كلّ امرأة عرفتها، ترى نفسها تستحقّ أضعاف ما تنال من خير وبرٍّ وسعادةٍ ومتاع، ولهذا مهما أكرمها زوجها؛ فهي تطمع بأكثر، إلى ما لا نهاية!

- إنّ أمّنا عائشة رضي الله عنها، عاشت مع سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثماني سنين، أو أكثر قليلاً (9 + 9 = 18) وهذا يعني أنّ السنّ التي غدت فيها أرملةً؛ هي السنّ التي تبدأ فيها الحياة الزوجيّة لأكثر النساء!

وقد عاشت شبابها وكهولتها من (11- 58 هـ) من دون زوجٍ مؤنسٍ، مُسعدٍ في الحياة.

ولا يخفى على ذي عَقلٍ ما تحتاجه الأنثى في مراحل حياتها المتقلّبة العديدة، مما يُومأُ إليه إيماءاً، ولا يحسن البوح به من الرجل تجاه أمّه التي أنجبته، فكيف به تجاه أمّ المؤمنين رضي الله عنها؟

- عُرف عن نساءِ بني تيم أنهنّ ذوات شخصيّاتٍ قويّة، وحاجات المرأة ذات الشخصيّة القويّة؛ أضعاف حاجات المرأة الخَفِرَة الحييّة.

فالأولى تحتاج إلى رجلٍ قويّ يستحوذ على شخصيتها، وإلّا فلن تكون سعيدةً أبداً، غنيٍّ يوفّر لها احتياجاتها في أكمل صورها، وهكذا...!

ووجدت عائشةُ نفسها بعد وفاة والدها أبي بكرٍ رضي الله عنه أمَّ المؤمنين، وسيّدة بيتِ أبي بكرٍ، تمرّ عليها الأيام والشهور والسنون، وهي حبيسة بيتها، مع خادمتها!

لا ريب في أنّ هذه حياةٌ قاسيةٌ صعبة، بل أصعب حتى من السجن.

من يعرف عداب الحمش؛ يعلم أنه من أصلب الرجال وأشدّ الرجال!

وقد مضى عليّ ستّ سنواتٍ وحيداً، من دون زوجةٍ، أو حتى خادمٍ، بلغ بي الضيق مبلغاً كبيراً وكبيراً جدّاً، حتى غزتني الكآبة، وغدوت أوثر الوحدةً والانعزال.

وغدوتُ أشدّ حساسيةً وانفعالاً وضجراً من الحياةِ كلّها!

وأمّنا عائشة رضي الله عنها من بني البشر، ليست ملاكاً من السماء، وليست أقوى من الرجال ولا أصبر!

ففي ضوء هذه المقدّمة؛ يجب أن نفهم جميعَ حركات عائشة وسكناتها، إيجابياتِها وسلبياتها، وإلّا فنكون قد ظلمنا أمّنا، وجنفنا عليها !

بإسنادي إلى الإمام محمد بن يزيد القزوينيّ «ابن ماجهْ» في كتابه السنن (101) قال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ «الضبيُّ» وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَا:

حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدِ «الخزاعيّ الطويل» عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ).

قِيلَ له: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: (أَبُوهَا).

وأخرجه الترمذي في جامعه (389) به مثله، وقال: «حسن صحيح، غريبٌ من هذا الوجه، من حديثِ أنس».

وقد أخرجه جمع من المصنّفين، كلهم من حديث المعتمر بن سليمان، به.

وأخرجه ابن حبّان في صحيحه (7107) من حديث معتمر بن سليمان عن حميد الطويل، عن الحسن البصري، عن أَنس، مرفوعاً.

قال أبو حاتم الرازي، كما في العلل لابنه (2651): «هذا حديث منكر، يمكن أن يكون حميد عن الحسن، عن النبي صَلى الله عَليه وسَلم» يعني مرسلاً.

وقال في موضع آخر من العلل (2666): «إنما هو عن الحسن، عن النبيّ صَلى الله عَليه وسَلم، وأما عن أَنسٍ؛ فليس بمحفوظ».

وقال الدارقطنيّ في العلل (2439): «والصحيح: عن مُعتمر، عن حميد، عن الحسن مرسلاً.

فالحديثُ من مراسيل الحسن البصري، ففي جامع التحصيل للعلائيّ (ص: 78) قال الإمام أحمد: «ليس في المرسلات شيءٌ أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح؛ فإنهما كانا يأخذان عن كلّ أحدٍ».

فحديثُ أنسٍ في أنّ عائشةَ أحبّ الخلقِ إلى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ ضعيفٌ، لا يصلح للاحتجاج به.

وبإسنادي إلى الإمام البخاريّ في جامعه الصحيح، كتاب المغازي (4358) قال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ «بن شاهين الواسطيّ»: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِاللهِ «المزنيّ الطحّان» عَنْ خَالِدِ بن مهرانَ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ «النهدي» أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ.

قَالَ «عَمرُو» فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ)!

قُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ صلّى الله عليه وآله وسلّم: (أَبُوهَا).

قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (عُمَرُ) فَعَدَّ رِجَالاً، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ.

وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة (2384) من حديث أبي عثمان النهدي قال: أخبرني عمرو بن العاص.

وأخرجه الترمذيّ في فضل عائشة من الجامع (3885) وقال: حسن صحيح.  

مدار حديثِ الباب على عَمرِو بن العاص، رواه عنه:

عامر بن شراحيل الشعبيّ، عند الخرائطيّ في اعتلال القلوب (22) والحاكم في المستدرك (6740) وهو مرسل، لم يسمع الشعبي من عمرو، كما في جامع التحصيل (ص: 204).

وعبدالرحمن بن مَلّ النهديّ، عند البخاري ومسلم والترمذيّ.

وعبدالله بن شقيق، عند أحمد في فضائل الصحابة (1281).

وقيس بن أبي حازم، عند أحمد في فضائل الصحابة (672، 1637).

فعلّةُ الحديثِ؛ في عَمرو بن العاص نفسه.

وعمرو بن العاص؛ صحابيّ أسلم عام فتح مكّة، ثمّ لم تكن له استقامةٌ بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقد كان من أكبر المحرّضين على عثمانَ رضي الله عنه، وقاتل الإمامَ عليّاً في مقابل ولايةِ مصر وخراجها.

قال الذهبيّ في تاريخ الإسلام (2: 425): «فائدة: قال الطحاوي:

حدثنا المزنيّ قال: سَمِعْتُ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟

قَالَ عمرو: أَصْبَحْتُ وَقَدْ أَصْلَحْتُ مِنْ دُنْيَايَ قَلِيلًا، وَأَفْسَدْتُ مِنْ دِينِي كَثِيراً، فَلَوْ كَانَ مَا أَصْلَحْتُ هُوَ مَا أَفْسَدْتُ؛ لَفُزْتُ!

وَلَوْ كَانَ يَنْفَعُنِي أَنْ أَطْلُبَ؛ طَلَبْتُ، وَلَوْ كَانَ يُنْجِينِي أَنْ أَهْرَبَ؛ هَرَبْتُ!

فَعِظْنِي بِمَوْعِظَةٍ أَنْتَفِعُ بها يا ابن أَخِي؟

فَقَالَ ابن عبّاس: هَيْهَاتَ يَا أَبَا عَبْدِاللهِ!

فَقَالَ عمرو: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَنِّطُنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، فَخُذْ مِنِّي حَتَّى تَرْضَى».

عمرو بن العاص؛ رجلٌ من رجال الدنيا خلّف قناطيرَ مقنطرةً من الذهب كما قال الذهبي في ترجمته من النبلاء (3: 58) حتى كان بها ولدُه عبدالله «الساذج» من ملوك الصحابة، كما قال الذهبي في ترجمته من النبلاء (3: 90).

فعمرو بن العاص؛ عندي ساقط العدالة، حديثه غير مقبول أبداً!

ولا أستبعد أبداً أن يكون وضع هذا الحديث دهاءاً، ليتألّف به قلبَ المرأةِ عائشة أم المؤمنين، بعد أن قتل أخاها محمد بن أبي بكر، وأحرقه في جوف حمار!

قال الذهبيّ في تاريخ الإسلام (2: 340): «قال عَمْرو بن دينار: أُتي عمرو بن العاص بمحمد بْن أبي بَكْر أسيرًا، فقال: هَلْ مَعَك عقد من أحد؟ قَالَ: لَا، فأمر به فقُتِل».

وفي الموضع ذاته: قتله معاويةُ بن حديج، ثُمَّ جعله فِي بطن حمار وأحرقه».

وما وراء ذلك من رواياتِ (الأحبيّةِ) التي يصحّحها بعض العلماء؛ فهي من حديثِ عائشة مع نفسها، ومما تحبّ أن تتشبّع به كلّ أنثى، خصوصاً في ظروفٍ مثل ظروف عائشة!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

الأحد، 25 سبتمبر 2022

       مِنْ عِبَرِ التاريخِ (21):

أسماءُ وألقابُ الإمام عليّ!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كتب إليّ يقول: «هل قرأتم كتاب أسماءِ وألقاب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وما رأيك بمضمونه»؟

سألتُه: مَنْ مؤلّفُ هذا الكتاب؟

قال: «الكتاب مرفوعٌ على الإنترنيت، لا أتذكّر اسم مؤلّفه، لكنّه عجْميٌّ إيرانيّ»!

أقول وبالله التوفيق:

بحثت على الإنترنيت، فوجدت الكتاب بهذا العنوان تماماً، لمؤلّفه «علي أصغر شكوهي قوجاني».

في غرفة المكتبة عندي مكتبةٌ كاملةٌ من كتب الشيعة الإماميّة، وفي معرض السنة الماضية؛ باعني الأخ الأعلميّ عدداً من الكتب حياءاً، لم أكن راغباً بشرائها!

قلت في نفسي: ابحث يا عداب، لعلّك تجد هذا الكتابَ بينها!

فعلاً وجدتُ الكتابَ المذكورَ في مكتبتي، ولم أكنْ اطّلعتُ عليه من قبلُ!

أمضيتُ ساعاتٍ كثيرةً وأنا أقرأ في هذا الكتابِ، حتى تتكوّن صورةٌ صحيحةٌ لديّ عنه، وحتى أتمكّن من تقويم الكتاب المذكور!

يقع الكتابُ في (347) صفحة، من القطع الخاصّ (12× 17) وقد زُوّد الكتاب بفهرسٍ لمصادر الكتاب التي بلغت (339) مصدراً (350 - 378) وجاء بعده فهرس مباحث الكتاب، الذي جاء في (13) صفحة (379 - 392).

عقب قراءة صفحاتٍ كثيرةً، وقراءة مباحثَ عديدةٍ بتمامها؛ تنفّستُ الصعداءَ، وأغمضت عينيّ، وتركت لخياليَ أن يسرح هنيهةً، فرجع إليّ عقلي الصغير يقول:

مسكينةٌ يا أمّة الرسولَ الأعظم، كيف تضيعُ أوقاتُ أبنائك سدىً!

مسكينةٌ يا أمّة الإسلام، كم من الثروة التي تُنفقُ في طباعةِ كتب لُحْمَتُها وسَداها؛ روايات واهيةٌ ومنكرةٌ وضعيفة، وأقلّ القليلِ منها المقبولُ!

قال الله تعالى: (وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) وأسماء الله تعالى في القرآن الكريم (68) اسماً.

وقال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: (أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي، الَّذِي يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ، وَأَنَا الْحَاشِرُ، الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ، وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ) أخرجه البخاري في المناقب (3532) ومسلم في الفضائل (2354).

ولنقل: إنّ للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم عشرةَ أسماء!

فكم تظنّ - أخي القارئ - أسماءَ وألقاب الإمام عليّ عليه السلام، في هذا الكتاب؟

بلغت أسماءُ وألقاب الإمام عليّ عند علي أصغر قوجاني (283) اسماً ولقباً!

من أغرب هذه الأسماء والألقاب والكنى (القَصِم - القَضْم، الأذان، أفضل من العرش، أفضل من الكرسيّ، إليا، هيدار، جنب الله، دابّةُ الأرض، الدِين، الزيتون، طور سنين، الساعة، شاهنشاه عرب، الصَبيّ، القرآن، المثل الأعلى، المخلوق من نور النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، المخلوق من نور الله تعالى، يد الله).

وقد تتبعت توثيقاته الكثيفةِ، فوجدتُه أميناً في بعض المواضعِ، وغير دقيق في بعضها الآخر!

في تدليلِه على صفة المناجي (ص: 308 - 309) قال: «قال ابن جرير الطبري: أجمع المفسّرون على أنّه لم يعمل بهذه الآية، غيرَ عليّ بن أبي طالب».

وبالعودة إلى تفسير الطبريّ؛ لم نجده استعمل جملة «أجمع المفسّرون» ولا مرّةً واحدةً في تفسيره كلّه، ولم يستعمل جملة «أجمع أهل التفسير» ولا مرّةً واحدةً في تفسيره كلّه أيضاً!

ووجدناه استعمل جملة «أجمع أهل التأويل» مرّتين في تفسيره (1: 311) و(6: 503).

فتتبّعنا تفسيرَ قوله تبارك وتعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ (12) [المجادلة] فوجدناه في (22: 482) روى عن مجاهدٍ أنه قال: «لَمْ يُنَاجِهِ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدَّمَ دِينَارًا، فَتَصَدَّقَ بِهِ».  

وفي الموضع ذاته أسند إلى مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

«إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَآيَةً، مَا عَمِلَ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي» وساق الآيةَ الكريمة.

وليس في تفسير هذه الآيةِ كلمة «أجمع، إجماع، اتّفق» أبداً.

ومصنّف الكتابِ، عندما يُثبتُ للإمام عليّ عليه السلام صفةً؛ لا يتحرّى أن يكون دليلها صحيحاً، أو حسناً، ويكتفي بأن يكون الدليل مذكوراً في كتابٍ ما، حتى يعدّ ما تضمّنه اسماً أو صفةً لعليّ!

ففي باب القاف (ص: 286) تحت عنوان «قسيم الجنة والنار» عزا هذا الاسم، أو هذا اللقبِ إلى كتاب العلل للدارقطنيّ، وميزان الاعتدال للذهبي، والبداية والنهاية لابن كثير ولسان الميزان لابن حجر.

وبالرجوع إلى المصادر المذكورة وأمثالها؛ وجدنا العقيليّ أخرج دليلَ هذا الوصف في ضعفائه (3: 415) وقال: «عَبَايَةُ بْنُ رِبْعِيٍّ الْأَسَدِيُّ، رَوَى عَنْهُ مُوسَى بْنُ طَرِيفٍ، كِلَاهُمَا غَالِيَانِ مُلْحِدَانِ».

وسئل الدارقطني عن هذا الحديثِ، كما في علله (6: 273) فقال: «هذا الحديث باطلٌ بهذا الإسناد».

ووجدنا الذهبيّ في ميزان الاعتدال (2: 388) نقل ما قاله العقيليّ في الضعفاء.

ووجدنا ابن كثير في البداية والنهاية (11: 88) أورد هذا الحديث، ثم قال: «قَالَ يَعْقُوبُ: وَمُوسَى بْنُ طَرِيفٍ ضَعِيفٌ، يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُعَدِّلُهُ، وَعَبَايَةُ أَقَلُّ مِنْهُ، لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ».

وأورد بن حجر في اللسان (4: 417) ونقل كلام العقيليّ، وأورده في موضع آخر (8: 204) وضعّف الحديثَ أيضاً.

وأنا الفقير أقول: إنّ الإمام عليّاً قسيم الجنة والنار، لكن ليس استدلالاً برواياتٍ باطلة، إنّما أستدلّ بمثل ما استدلّ به الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

ففي طبقات الحنابلة (1: 320) أسند ابن أبي يعلى إلى إسحاق بن الحسن الحربيّ قال: سمعت مُحَمَّد بْن منصور يقول: كنا عند أَحْمَد ابن حَنْبَل فقال: له رجل يا أبا عَبْداللَّه، ما تقول فِي هذا الحديثِ، الذي يُروى أن عليّاً قَالَ: «أنا قسيم النار»؟

فقال: «وما تنكرون مِن ذا، أليس رُوّينا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لعليّ: (لا يحبك إلا مؤمن، ولا يُبغضك إلا منافق) أخرجه مسلم (78) والترمذي (3736) وقال: حسن صحيح.

قلنا: بلى!

قَالَ أحمد: فأين المؤمن؟ قلنا: فِي الجنة!

قَالَ: وأين المنافق؟ قلنا: فِي النار!

قَالَ أحمد: فعليٌّ قَسيم النار».

ختاماً: ليس الكتاب علميّاً، ولا يُركن إلى مضمونه، فأكثر مروياته من الموضوعات والواهيات والمنكرات!

والله تعالى أعلم

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

      مَسائلُ حَديثيّةٌ (60):

يجازى الناسُ على قدر عقولهم!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كتب إليّ أحدُ الإخوة الأفاضل يسألني عن حديث (إنما يجازى الناسُ على قدر عقولهم)؟!

أقول وبالله التوفيق:

بإسنادي إلى الإمام أبي بكرٍ عبدالله بن محمدٍ البغدادي، المعروف بابن أبي الدنيا (ت: 281 هـ) في كتابه «العَقلُ وفضلُه» (10) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّهْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ: ثَنَا سَلَامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَابَانَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّمَا يَرْتَفِعُ النَّاسُ فِي الدَّرَجَاتِ، وَيَنَالُونَ الزُّلْفَى مِنْ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ؛ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ).

وبإسنادي إلى الإمام أبي محمدٍ الحارث بن محمد البغداديّ، المعروف بالحارث بن أبي أسامة (ت: 282 هـ) في مسنده، كما في بغية الحارث في زوائده على الكتب الستة (814) قال رحمه الله تعالى: حدّثنا داود بن المُحبّر، بالإسناد السابق نفسه إلى أنسٍ قال: أَثْنَى قَوْمٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَبْلَغُوا فِي الثَنَاءِ فِي خِلَالِ الْخَيْرِ!

 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَيْفَ عَقْلُ الرَّجُلِ)؟

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُخْبِرُكَ عَنِ اجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَأَصْنَافِ الْخَيْرِ وَتَسْأَلُنَا عَنْ عَقْلِهِ؟

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْأَحْمَقَ يُصِيبُ بِحُمْقِهِ أَعْظَمَ مِنْ فُجُورِ الْفَاجِر.

وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الْعِبَادُ غَدًا فِي الدَّرَجَاتِ، وَيَنَالُونَ الزُّلْفَى مِنْ رَبِّهِمْ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ).

وأورده ابن حجر في المطالب العالية (2786) من طريق داود بن المحبّر.

وأورده السيوطيّ في زياداته على كتابه الموضوعات (14) وابن عَرّاق في موضوعاته (85) والفِتّني في تذكرة الموضوعات (ص: 29) والشوكاني في موضوعاته (ص: 412) وملّا علي القاري في موضوعاته (456) وغيرهم.

قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (13: 725) بعد أن ساق عدداً من الأحاديث في فضل العقل: «هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ كِتَابِ «الْعَقْلِ» لِدَاوُدَ بْنِ الْمُحَبَّرِ، كلها مَوْضُوعَةُ، ذَكَرَهَا الْحَارِثُ فِي مُسْنَدِه عنه».

وداود بن المحبَر مصنّف كتاب العقل هذا؛ متّفق على ضعفه!

قال البخاريّ في ضعفائه (110): مُنكر الحَدِيث شبه لَا شَيْء كَانَ لَا يدْرِي مَا الحَدِيث!

وقال أبو زرعة في ضعفائه (2: 509): ضعيف الحديث.

وترجمه العقيلي في الضعفاء (458) ونقل عن ابن معين قوله:

كان داود قد سمع الحديثَ في البصرة، فلما صار إلى عبادان؛ صار مع الصوفية، فنسي الحديثَ وجفاه، فجعل يخطئ في الحديث!

وترجمه ابن حبان في المجروحين (326) وقال: «كَانَ يضع الْحَدِيث عَلَى الثِّقَات، ويروي عَن المجاهيل المقلوبات، كَانَ أَحْمَد ابْن حَنْبَل رَحمَه اللَّه يَقُول: هُوَ كَذَّاب».

ختاماً: هناك قاعدةٌ عامّة، ذكرها عددٌ من المحدثين، يمكنك أن تطبّقها على أيّ حديث في «فضل العقل» خلاصتها: «لا يصحّ في فضل العقل أيُّ حديثٍ».

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

السبت، 24 سبتمبر 2022

 اجْتِماعِيّاتٌ (111):

فاطمةُ أم عائشة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

سألتني إحدى بناتي (طالباتي) قالت: ما الراجح لديك شيخَنا، أكان الرسولُ صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبُّ ابنته فاطمةَ عليها السلام، أم كان يحبّ عائشة رضي الله عنها أكثر؟

أقول وبالله التوفيق: لأنّ طالبتي أنثى؛ فلم أجبها على الخاص، وإليكم وإليها هذا الجوابِ العامّ!

مع تحفّظي على جميعِ الأحاديثِ الواردةِ في فضائل الصحابة رضي الله عنهم، لكنني من النواحي الإنسانيّة أقول:

أرى هذا السؤالَ ذاتَه غير موضوعيّ أبداً!

إذ إنّهما حبّان لا يتشابهان!

يقول علماء النفس البيولوجيّ:

حبّ الزوج لزوجته حبٌّ شهَويّ، وحبّ الزوجة لزوجها حبٌّ شهويٌّ أيضاً!

ومتى اشتهت الزوجةُ وصالَ زوجها إيّاها، ولم ينتبه إليها؛ نفرت منه، وغضبت عليه، ونكّدت عليه يومَه أو ليلته.

فإذا تكرّر هذا منه؛ كرهته، وربما آذته، وطلبت الطلاقَ منه!

والزوجة الشابّةُ تقيسُ مدى حبّ زوجها لها، بعددِ المرّاتِ التي يواقعها في كلّ أسبوع!

ثمّ تحسبُ منسوبَ الحبّ بحساب العددِ، فتقول له: أنت اليوم تحبّني، أو لا تحبّني بهذا المعيار الثابت عندها، غالباً.

ولعلّ هذا المعيارَ ذاتَه كان معروفاً لدى الناس البدائيّين، ولدى الناس المتمدّنين على حدٍّ سواء، ومنهم جيلُ الصحابة!

فقد أخرج الدارميّ في سننه (80) وابن ماجه (1465) وصحّحه ابن حبّان في صحيحه (6586) وغيرهم، من حديثِ محمّد بن إسحاق عن يعقوبَ بن عتبةَ، عن ابن شهابٍ الزهريّ، عن عُبيدالله المسعوديّ، عن عائشة قالت: رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جِنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي، وَأَنَا أَقُولُ: وَا رَأْسَاهُ!

قَالَ: (بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ، وَا رَأْسَاهُ) ثُمَّ قَالَ «يعني يمازحها»:

(وَمَا ضَرَّكِ، لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، ثُمَّ دَفَنْتُكِ)؟

قالت عائشة: قُلْتُ: لَكَأَنِّي بِكَ أَنْ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ، قَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي، فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ!

فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بُدِئَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ».

بروحي أفتديه.

فعائشة بفطرة المرأةِ؛ لم يخطر في بالها شيءٌ ممكن أن يصنعه الرسولُ بعد وفاتها، سوى أن يستمتع ببعض نسائه!

نعم قد تشذّ بعض النساء عن ذلك، فيكون لديهنّ معانٍ أعلى من الجنس، لكنّهن نوادر في النساء!

أيضاً كما يقول علماء النفس، وكما هو معلومٌ من واقعِ حياة الناس.

أمّا حبّ البنتِ؛ فمختلف اختلافاً بيّناً عن حبّ الزوجة، بل هو لا يشبهه إلّا بشعور العطف والشفقة والرحمة، الذي يشعر به الرجل السويُّ تجاهَ كلّ امرأةٍ في الدنيا!

وشعورُ العطف والشفقة والرحمة والخوفِ وأمنياتِ العافية والنجاح والسعادة،  تجاهَ البنتِ؛ يَزيدُ أضعافاً مضاعفةً عنه تجاه الزوجة.

يعلم هذا الشعورَ الأبويَّ كلُّ واحدٍ منّا، بوجهٍ عام!

أمّا أنا الفقيرُ إلى الله تعالى؛ فقد أكرمني الله تبارك وتعالى بثماني بناتٍ، توفّيت إحداهنّ (ظِلال).

وأكرمني الله تعالى بأحدَ عشر ولداً، توفّي خمسة منهم (محمّد الأوّل، خالد، أحمد، الحسين، زيد).

والبنت الواحدةُ من بناتي أغلى من أحدَ عشر ولداً من أولادي، فضلاً عن زوجاتي اللواتي أحترمهنّ كثيراً.

وأظنّ جميعَ خلقِ الله تعالى مثلي، ولا أظنّ رجلاً من الرجال يحبّ زوجته بمثلِ ما يحبّ ابنته!

ألا ترى أنّ الرجل المسلم قد يختلف مع زوجته، وقد يختلف مع ابنته!

فإذا اشتدّ الخلاف بينه وبين زوجته؛ فقد يطلّقها، ويسرّحها سراحاً جميلاً!

لكنْ مهما اشتدّ الخلافُ بينه وبين ابنته؛ فإنّه لا يخطر في باله قطّ أن يسمح لها بمغادرة منزله يوماً واحداً!

وهذا يعني أنّ حبّ الوالدِ لابنته حبٌّ روحيّ وقلبيّ، وليس كذلك حبّ الرجل لزوجته!

وممّا لا ارتياب فيه أنّ الحبّ الروحيّ والقلبيّ؛ هو الأرقى والأسمى!

أمّا الروايات التي ترويها عائشة عن نفسها، من أنّ الرسولِ صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يحبّها أكثرَ من بقيّة زوجاته؛ فهذا ينطبق على كلّ امرأة لها ضرائر، إذ كلّ ضرّةٍ تحاول أن تقنع نفسها بأنّها أحبّ نسوةِ الرجل إلى قلبه!

ولا ريبَ لديّ أبداً أنّ مَن لم تؤذ الرسولَ صلّى الله عليه وآله وسلّم، من نسائه قطّ؛ هي أحبّ إلى الله تعالى ممّن آذته مرّةً، أو مرّتين، أو عشرَ مرّات!

وأمّا حديث عمرو بن العاص، وحديث أنس؛ فيحتاجان إلى تخريجٍ نقديٍّ خاصٍّ!

سأنشره في الوقت المناسب، إن بقي في العمر متّسع لذلك!

والله حسبنا ونعم الوكيل.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

   التَصَوُّفُ العَليمُ (21):

الصوفيّةُ يَدْعونَ إلى تَكريسِ الجَهْلِ!

بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحيمِ

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

قال لي صاحبيّ: «ألا تَقولُ لي يا شيخ عداب، كيف صبرتَ على جهلِ الصوفيّة؟

قومٌ جهّالٌ، يكرهون أن يكون بينهم عالم، وقد سمعت عدداً منهم يقول لنا:

«إذا أردتَ معرفةَ الله؛ فتعالَ به بثوبِ الجهلِ، لا بثوبِ العلم»!

أقول وبالله التوفيق:

أستطيعُ أن أقول بكلِّ ارتياحٍ: ما من شيخٍ صوفيٍّ صحبتُه، إلّا آتاه الله تعالى نوراً بأقدارٍ متفاوتةٍ، بعضهم يسمّي هذا النورَ كَشفاً، وبعضهم يسمي هذا النورَ فراسةً، وبعضهم يَعدّه من الفتح المبين!

أقول هذا واثقاً وناصحاً قرّائي الكرام؛ لأنّ جميعَ شيوخي الصوفيّة - العلماء منهم وغير العلماء - حدّثوني عن أشياءَ في داخلي، قرؤوها في وجهي، أو في لغة الجَسَد عندي، لا يعلمها إلّا الله تعالى!

- في الدرس المسائيّ العامّ لشيخنا محمد الحامد الحمويّ، رضي الله عنه، استطرد، فراح يشرح لنا سورةَ الشَرْح، ثمّ استطردَ أيضاً، فحكى لنا قصّة الإمام أحمد بن الرفاعي الكبير، عندما كان يشرح هذه السورة؛ ذكرَ أنّ للعلماء فيها مذهبين:

- أحدهما: على الظاهر، وأورد حديثَ شقّ الصدر.

- والثاني: على المعنى وهو الإيمان والهداية.

فوقع في قلبِ الشيخ الرفاعي أنّ أحدَ حاضري درسِه أنكرَ حدوثَ هذا الشيء!

فقطع الرفاعيّ الدرس، وقاموا إلى الصلاة، ثم انصرفوا إلى بيوتهم.

قال شيخنا الحامد: في اليوم التالي - أو قال في الدرس التالي - حضر الإمام الرفاعي يلبس سراويلَ طويلة، وثوباً مفتوحَ الطرفين «القنباز».

وقبل بداية الدرس؛ نادى على تلميذه المنكِر، فانتبه وانتبه الناس، ففتح ثوبه، وأمسك بخنجرٍ كان معه، ثم شقَّ به صدره، ثم استخرج قلبه، فشقّه، ثم استخرج السوادَ الذي فيه، ثمّ أعاده إلى موضعه، ثم قال: هكذا فُعِلَ بجدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم!

قال شيخنا الحامد، رحمه الله تعالى: «يقال: إنّ هذه الحادثةُ؛ هي أصلُ كراماتِ السادةِ الرفاعيّة، والله أعلم»!

قال عداب: في هذه اللحظاتِ؛ وقعَ في قلبي تساؤلٌ، أو إنكارٌ لا أدري، ورحت أتخيّل المشهدين معاً: شقّ صدر، وشقّ قلبٍ، من دون تخديرٍ، ولا غرفةٍ معقّمة، ويبدو أني سرحتُ وراء خيالي طويلاً، فصرخ بي الشيخ الحامد بصوتٍ مرعبٍ: «عداب خلّيك هون»!

فذهب والله ما كان بقلبي من إنكار فوراً، وتابعتُ معه الدرس!

- أصابني تسمّمٌ من طعامٍ، في أحد بيوت أقاربي، فحملوني إلى المشفى مغمىً عليّ، وكان قلبي متعلّقاً في المساجد، في تلك المرحلة من عمري.

كان مسجد التكية الهدائيّة مجاوراً للمشفى الوطني في حماة، فما أن قَويتُ على المشيِ، حتى غدوتُ أذهبُ إلى صلاةِ الجماعة في مسجد التكية المجاور.

عقبَ إحدى الصلواتِ؛ خرجت من المسجد، فخارتْ قوايَ، فجلست في الأرض قبل أن أقع، ودارت بي الدنيا دوراناً شديداً، حتى ما عدت أعي ما حولي.

صحوتُ على صوت شيخٍ، يقرأ عليّ ويدعو لي، فما أن رآني صحوتُ حتى بادأني بقوله: «الله يخرب بيتها، أرادتْ أن تحبّبك ببنتها، فقتلتك»؟!

قل لوالدتك: الشيخ فلان السبسبيّ - نسيت اسمه - يقول لك: اذهبي إلى أمّ عبدالمالك، حتى تفكّ لكَ السحرَ الذي سحرتك به، ولتعطها ما تشاءُ من المال؛ لأنّ سحرك قويٌّ جدّاً، قد يقتلك، وإذا لم يقتلك؛ فسيؤثّر عليك طيلةَ عمرك!

جاءتْ إليّ والدتي في اليوم الثاني، فأخبرتها، فقالت لي: والله يا ابني حدّثني قلبي بذلك فأخذتُ خالتك أمّ أحمد، وذهبنا إليها، لكنّها أنكرتْ أن تكون سحرتك، كما أنكرت أن تفكّ عنك السحر، وقدمت إليها (1000) ليرة، فقالت: لا أقوم بذلك مقابل مال الدنيا!؟ [كان مرتّب أستاذ المدرسة في تلك الأيام (210) ليرات].

- عندما دخلتُ العراق؛ كان لي شيخٌ عراقيّ شابٌّ، من عوامّ الناس، لكنّه صاحب كشفٍ كبيرٍ، وكراماتٍ رفاعيّةٍ كثيرة!

صدرتْ منه بعض الأخطاء الفقهية؛ لعدمِ معرفته، لا بقصدِ المعاندة، فاستخرت الله تعالى؛ أن يهيّئ لي شيخاً يرشدني، فلديّ رعوناتٌ نفسيّة كثيرةٌ، تحتاجُ إلى تهذيب!

استيقظتُ ذاتَ صباحٍ على رؤيا، أشار إليّ أحدهم فيها إلى إنسانٍ، وكأنه قال: هذا شيخك!

صرت كلّما ذهبت إلى مسجد سيّدي أبي حنيفةَ، أو سيّدي عبدالقادر الجيلاني، أو سيّدي موسى الكاظم، أتمشّى في الجامعِ، لعلّي أرى ذاك الشيخ الذي رأيتُه في المنام، أو يراني!

مرّت شهورٌ من دون جدوى!

في يومٍ من الأيّام، قال لي أحد دراويشِ الصوفيّة، ونحن في مسجد سيّدي عبدالقادر: سأعرّفك اليومَ على شيخٍ «كشفُه رصاص» - هكذا قال - فإذا كنت بين يديه؛ فاحفظ قلبك!

عقبَ صلاة الفريضةِ؛ زُرنا سيدي عبدالقادر، ثمّ خرجنا من عنده لنزورَ ذلك الشيخِ!

لكنني رفضتُ أن أزور أيّ شيخٍ في الحضرةِ القادريّة، قبل زيارةِ سيدي وشيخي عبدالكريم «بيارة» المدرّس، وكانت هذه عادةً دائمةً لي.

عندما زرنا شيخنا عبدالكريم؛ تبسّم في وجهي، وأشارَ برأسه يمنةً، وقال: هيّا الشيخ فلان ينتظرك، سلّم عليه، لم أتبيّن اسم الشيخ في كلامه!

خرجت أنا وزميلي الدرويش، حتى وصلنا إلى غرفة السيّد محمود النعيمي رضي الله عنه.

طرق زميلي الباب، فردّ الشيخُ من الداخل؛ تفضّلوا سيّدنا الشامي، أو قال: السيّد الشامي!

أدخلتُ الدرويشَ قبلي، لأنّ بينهما معرفة!

عندما دخلتُ بعده؛ أراد الشيخ محمود أن ينهض، فلم يستطع لأنه كان مريضاً، فجثوث لأقبّل يده، فأمسك يدي بقوّةٍ هائلةٍ، عجبت منها، وقبّل ظاهر كفي وباطنه مرّاتٍ عديدة!

وظلّ ممسكاً بيدي وهو يقول: «لا ينبغي لهذا الوجهِ أن يقبّل يدَ أحدٍ أبداً، لا يجوز للسيّد العالم أن يقبّل يد عاميّ مثلي».

أجلسني أمامَه، وأجلس الدرويشَ بجانبه، فحانت مني التفاتةٌ إليه، فتذكّرتُ المنام الذي كنت رأيته قبل شهور، فصرتُ أتأمّل الشيخَ، فتبسّم وقال: لا تتعب نفسك، أنا أنتظرك منذ شهور!

ثمّ أعطاني درساً في القراءاتِ القرآنيّة، لا والله لم أسمع في حياتي كلّها مثلَه، ولا أنا أحسن إلقاءَ درسٍ مثله - وسبق أن نشرت منشوراً عن هذا الدرس - ثمّ شربنا الشاي، وانصرفنا.

وغدوتُ كلّما زرتُ سيّدي عبدالقادر؛ أزور سيدي الشيخ عبدالكريم، ثم سيّدي الشيخ محمود.

كان من منهجي في تعليم القرآن العظيم؛ أنْ أقسم الدرسَ إلى قسمين، فربع الساعة الأولى تكون شرحاً لمسألةٍ واحدةٍ من مسائلِ التجويد، ثمّ يكون العَرْضُ فرديّاً.

بيدَ أني أحبّ أن يكون الطلّابُ الخمسةُ الأوَلُ الذي اخترتهم للإجازة حاضرين؛ ليستفيدوا من شرحِ الغريب، ويُؤشّروا على مواضع الوقوف!

كان أبرع هؤلاء الخمسةِ، في الجانب التطبيقيّ؛ شابٌّ يدعى «فيصل غازي» إذ كان يجمع بين جمال الصوتِ، وإتقان التجويد، والمقام العراقي!     

عندما انتهى من ختمةِ الإجازةِ؛ استحلفني بالله تعالى أن أقرئه خلافيّات شعبة مع حفص!

فقلت له: لا تستحلفني، فأنا قرأتُ خلافيّات شعبة على شيخي الشندويلي، رحمه الله تعالى، لكنّه لم يعطني بها إجازة، كان يريدني أن أستمرّ معه حتى يجيزني بالسبع.

لكنني سأعطيك رسالةً صغيرة إلى شيخٍ، أعلم بالقراءات مني ومن شيخي سعيد عبدالله الخالدي، ومن شيخي محمد سليمان الشندويليّ!

قال: هنا في بغداد؟

قلت: نعم في بغداد!

كتبت رسالة صغيرة إلى شيخي محمود النعيميّ؛ ليقرئه خلافيات شعبة وحفص!

فدخل عليه - وشرحت تمام القصة في منشور سابق - ثمّ قال له الشيخ محمود: ظننّا شيخَكم عداب أعلى رتبةً في الحقيقةِ!

أنا والله لا أحسن قراءةَ الفاتحة مثلك يا فيصل، فضلاً عن أن أحسن ما يحسنه الشيخ عداب!

لكنّه دخل إليّ وأنوار القرآن العظيم تَغمره من جميع جوانبه، فخشيتُ أن يغترَّ بعلمه، فأُلهمتُ بذلك الكلام الذي قلتُه له، والذي ظنّه علماً معرفيّاً كسبيّاً.

الزموا شيخكم هذا، فهو كذا وكذا!

لا أريد أن أسترسل أكثرَ للتأكيدِ على كشفِ شيوخ التصوّف، أو نور الشيوخ، أو فراسةِ الشيوخ!

شيوخُ التصوّف - مهما كانوا من العوامّ - فهم يعظّمون العلمَ وأهلَه، وهم يَعلمون أنّ للعلم سلطاناً، لا بدّ أن يظهر على أهل العلم، وهم يخافون على أهل العلم، من مثل ما خافه عليّ سيدي محمود النعيميّ، فلقّنني درساً في القراءات، جعلني أحسّ بجهلي التامّ في هذا العلم، منذ ذلك المجلس، وإلى هذه الساعة!

وأكثرُ السالكين في طريق التصوّف؛ هم من العوامّ، أو من المثقفين ثقافةً غير شرعيّة!

ومن النادر أن تجد عالماً في زاويةٍ صوفيّة، يجعل شيخاً صوفيّاً من العامّةِ شيخاً له!

سألتُ سيّدي الشيخ الشريف محمد الحافظ التجّاني رحمه الله تعالى ورضي عنه؛ أن يعرّفني بالطريقةِ التجانية، حتى أسلك على يديه، فقال لي: أنت ابنُ الطريق، لا تحتاج إلى طريق جديد!

يا شيخ فيصل: ما أنتَ فيه هو الطريق، طريق العلم؛ هو الذي سيوصلك إلى الله تعالى.

طريقنا هذا - التصوّف - هو لهؤلاء العوامّ الذين تراهم في «المغربلين» وأنت قادم في طريقك إلينا: السمّان، والبقّال، والخضريّ، وغيرهم من العامّة!

بدلاً من أن نتركهم ينهش بعضهم بعضاً، ويخاصم بعضهم بعضاً؛ ندعوهم إلى الزاوية هنا، يتعلّمون العبادات والآداب ويذكرون الله تعالى.

نعم يا أخي الشيخ فيصل: ما أنت فيه هو الطريق، فالزم هذا الطريق».

[الكلام من الذاكرة، هذا معناه].

ولو جئنا إلى واقع الطرقِ الصوفيّة؛ سنجد (99%) من السالكين على شيوخِ التصوّف؛ هم من غير المتخصّصين في علوم الشريعة.

ولذلك يخاف شيوخُ التصوّف على طلّاب العلم الشرعيّ، من الاغترار بعلمهم، وإعجابهم بتحصيلهم، وازدرائهم لإخوانهم غير المتخصّصين.

من هنا يؤكّدون على تصحيح النيّة بعباراتٍ، يفهم الجاهلُ منها أنّها تزهيدٌ بالعلم، ودعوةٌ إلى الجهل، أو تكريسٌ له!

قال لي شيوخي:

- لا تظنّ نفسكَ فوقَ الخلقِ شجاعةً، نعم أنت شجاعٌ، لكنك تبدو شجاعاً لقلّة الشجعان!

لو وزنت نفسك بالإمام عليّ، أو الزبير بن العوّام، أو أبي دجانة؛ فكم يكون وزنك بين الشجعان؟

- إنّ الشيطانَ أعلمُ منك يا عداب!

- إذا أردت السلوكَ إلى الله تعالى؛ فاغتسلْ من علمك، وتعالَ إلينا!

- يا عداب: يقول الإمام مالك: لا يزال الإنسان عالماً، ما دام يطلب العلم، فمتى ظنّ أنه صار عالماً؛ فقد جَهِل!

- رحم الله مَن قال: كلّما ازددتُ علماً؛ ازددت علماً بجهلي!

- في واحدٍ من مجالس الذكر، لست أدري ما لحظ شيخ المجلس لديّ آنئذٍ، فقال بعالي صوته: يا دكتور عداب: جميع مَن في هذا المجلس أعلمُ منك!

أنا لم أفهم من هؤلاء الشيوخ أنهم يزهّدون في العلم، أو يَدعون إلى الجهل، أو يكرّسونه لدى الناس، كلّا وألف كلّا!

هم أرادوا أن تكون نوايايَ ونوايا أهل العلمِ خالصةً لله تعالى، وأن نطهّر قلوبنا من الشرك الخفيّ: الرياءِ والعُجب المحبطِ للعمل!

بدليلِ أنّهم أجمعون، كانوا يكلّفونني بتدريس طلّابهم، وإلقاء المحاضرات عليهم، والقيامِ بخُطب الجمعةِ في مساجدهم، من دون أدنى قيدٍ أو شرط، وكان شيوخي أنفسهم يحضرون مجالسي العلميّة!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.