الثلاثاء، 28 فبراير 2023

  مَسائلُ حديثيّةٌ  (14):

الحديثُ الذي لم يخرّجْه أحمدُ؛ أهو ضعيف!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

سألني أحد الإخوة قال: ما قولكم فيما نقله أبو موسى المديني عن الإمام أحمد أنّه قال: «إذا لم يكن الحديثُ في مسنده؛ فليس بحديث صحيح»؟!

أقول وبالله التوفيق:

قال أبو موسى المديني (ت: 581 هـ) في خصائص المسند (ص: 13): قال شيخنا الحافظ «أبو القاسم إسماعيل بن محمد» رحمه الله تعالى: هذا الكتاب «مسند أحمد» أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، انتُقِي من حديثٍ كثيرٍ، ومَسموعاتٍ وافرةٍ، فجعله إماماً ومعتمداً، وعند التنازع مَلجأً ومُستنداً.

على ما أخبرنا والدي وغيره رحمهما الله تعالى أنّ المبارك بن عبد الجبار أبا الحسين كتب إليهما من بغداد قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد ابن إبراهيم البرمكي قراءةً عليه قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء قال: حدثنا موسى بن حمدون البَزّار قال: قال لنا حَنبل بن إسحاقَ: جمعنا عَمّي «الإمام أحمد» لي ولصالح ولعبد اللهِ، وقرأ علينا المسندَ، وما سمعه منه - يعني تامّاً - غيرُنا.

وقال لنا: إنّ هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً!

فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فارجعوا إليه، فإن كان فيه، وإلّا فليس بحجّةٍ».

وقد نقل هذا القولَ عن أحمدَ كثيرٌ من العلماء، منهم ابن الجوزيّ في تلقيح فهوم الأثر (ص: 262) وشرف الدين الطِيبيّ في الخلاصة (ص: 33) والزركشيّ في نكته على ابن الصلاح (1: 351) وابن حجر في النكت على ابن الصلاح (1: 448) وغيرهم.

أورد الذهبيُّ هذا الخبر في النبلاء (11: 330) ثم قال: «في الصحيحين أحاديث قليلة ليست في المسند... ثم ما يَلزم مِن هذا القول؛ أنّ ما وُجد فيه؛ يكون حجة، وفيه جملة من الأحاديث الضعيفةِ، مما يسوغ نقلُها، ولا يجبُ الاحتجاجُ بها.

وفيه أحاديث معدودةٌ، شبهُ موضوعةٍ، ولكنها قطرة في بحر، وفي غضون المسند زيادات جمة لعبد الله بن أحمد».

قال الفقير عداب:

تكلّمت مرّاتٍ متعدّدة على مسألةِ المبالغاتِ في المرويات الحديثيّة (مائة ألف، مائتا ألف، ستُّ مائة ألف، سبع مائة ألف) فلا حاجةَ بنا إلى إعادة ذلك، إذ هو كلامٌ تافهٌ وخيالٌ مريض، فمجموع الأحاديث الصحيحة والحسنة؛ لا تصل إلى ستّة آلافِ حديثٍ، كما يقول الإمام الذهبيّ، وأنا الفقير أقول: الأحاديث الصحيحة والحسنة؛ لا تصل إلى أربعةِ آلافِ حديثٍ بحالٍ!

والكلام المتقدّم؛ يقودنا إلى مسألتين:

الأولى: قولُ الإمام أحمد: «ارجعوا إلى المسند، فإن كان الحديثُ فيه، وإلّا فليس بحجّةٍ» هل يُفهم منه أنّ جميع أحاديث المسند صحيحة؟

والثانية: هل الأحاديث المرويّة عند المصنّفين الآخرين، ممن اشترط الصحّة أو لم يشترطها؛ تكون ضعيفة «ليست بحجّة»؟!

- ممّا لا شكّ فيه أنّ الإمامَ أحمد لا يقصِدُ أنّ جميعَ أحاديث مسنده صحيحةٌ، إذ ضعّف عدداً كبيراً من أحاديث مسنده، وضعّف عدداً أكبر من الرواةِ، وأخرج لهم في مسنده، وقد أوضحت ذلك بأدلّته في منشورٍ سابق!

ولتقريب ذلك إليك؛ يكفي أن تعلم بأنّ الشيخ شعيباً الأرناؤوط أطلق جملةَ «إسناده ضعيف» على (3372) حديثاً، من أحاديث المسند!

وأمّا الثانية: فنحن ليس بين أيدينا إحصائيّةٌ ضعّف فيها الإمامُ أحمد جميعَ الأحاديثِ التي لم يودعها في مسنده الكبير، الذي حوى (27647) حديثاً، حسب طبعة دار الرسالة (45: 613).

وتوضيح ذلك على النحو الآتي:

- أخرج الإمام مالك (ت: 179 هـ) في موطئه قرابةَ ألفٍ من الأحاديثَ والآثار التي لم يخرّجها الإمام أحمد في مسنده!

من أوائلها: (6، 7، 8، 9، 12).

ومن أواخرها: (1869، 1873، 1876، 1882، 1887).

- وأخرج الإمام الدارميّ (ت: 255 هـ) أكثر من ألفٍ وخمس مائة حديث،ٍ لم يخرّجها الإمام أحمد في مسنده!

من أوائلها: (2، 3، 4، 5، 6).

ومن أواخرها: (3493، 3494، 3495، 3496، 3502).

- وأخرج الإمام البخاري (ت: 256 هـ) أكثرَ من ثلاث مائة حديثٍ، لم يخرّجها الإمام أحمد في مسنده!

من أوائلها: (120، 127، 439، 442، 470).

ومن أواخرها: (7362، 7363، 7470، 7522، 7523).

- وأخرج الإمام مسلمٌ (ت: 261 هـ) أكثرَ من مائتي حديثٍ، لم يخرّجها الإمام أحمد في مسنده!

من أوائلها: (31، 73، 97، 117، 133).

ومن أواخرها: (3022، 3024، 3027، 3028، 3029).

- وأخرج الإمام محمد بن يزيد بن ماجه (ت: 273 هـ) أكثر من ألف حديثٍ، لم يخرّجها الإمام أحمد في مسنده!

- وأخرج الإمام أبو داود السجستانيّ (ت: 275 هـ) أكثر من ألف حديثٍ لم يخرّجها شيخُه الإمام أحمد في مسنده!

- وأخرج الإمام الترمذيّ (ت: 279 هـ) أكثر من ستّ مائة حديثٍ، لم يخرّجها الإمام أحمد في مسنده!

- - وأخرج الإمام النسائيّ (ت: 303 هـ) أكثر من ستّ مائة حديثٍ، لم يخرّجها الإمام أحمد في مسنده!

فهذه الأحاديثُ تزيد أعدادها على خمسةِ آلاف حديثٍ، هل يُعقل أن تكون كلّها ضعيفةً ليست بحجّة؟

إذا اعتقدنا بصحّة كلام الإمام أحمد هذا؛ فعلينا - من دون دراسةٍ - أن نضعّف قرابةَ ستّ مائة حديث، أخرجها البخاريّ ومسلم في صحيحيهما، ولا أظنّ عاقلاً من المسلمين يسلّم بذلك!

خِتاماً: كلام العلماء المتقدّمين؛ ليس دقيقاً دِقّةَ المصطلحاتِ، كما يتصوّر كثيرون من الباحثين والدارسين!

وقد توصّلتُ إلى أنّهم كانوا يطلقون كلماتهم، من دون استجماعٍ لأطراف المسألةِ، في كثيرٍ من الأحيانِ، ولذلك قلتُ مرّاتٍ عديدةً: أنا الفقير أعدُّ أقوالَ المحدّثين في الجرح والتعديل استئناسيّةً، وليست إلزاميّة، ومثل ذلك أقوالهم في علل الحديث!

وقد تكلّمت على ذلك في منشورٍ سابق، لكنْ على سبيل التوضيح؛ أقول:

اختلف علماء الحديثِ في الحديثِ الفرد المطلق، يُحتجُّ به، أم لا يُحتجُّ به، على أربعةِ أقوال:

الأوّل: يُحتجّ به إذا رواه ثقة أو صدوق!

الثاني: لا يحتج به مطلقاً.

الثالث: يحتجّ به إذا رواه حافظ!

الرابع: يحتجّ به إذا كان التفرد في الطبقة الأولى والثانية من التابعين، ولا يحتجّ به إذا كان التفرّد في الطبقات المتأخّرة!

فلو جاء باحثٌ وقال: لا أحتجّ بالفرد المطلق أبداً!

وجاء آخر وقال: أحتجّ بالفرد المطلق دائماً.

فما الأمرُ الذي يلزم هذا أو ذاك، بخلاف رأيه؟

لا شيءَ أبداً، سوى التقليدِ والتحكّم!؟

واللهُ تَعالى أعْلمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

       مِنْ عِبَرِ التاريخ (4):

بَراءَةُ الإمامِ الأوزاعيِّ مِن النِفاقِ، رضي الله عنه!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

أرسل إليّ أحد الإخوة الأحبّة يقول: «إذا كان لديكم الوقت للنظر في هذه الروايةِ، والحكم عليها، ولكم من الله الثواب والأجر العظيم، وجزاكم الله خير الجزاء.

في سير أعلام النبلاء (7: 131) ما نصّه: «أَبُو فروة يزيد بْن محمد الرهاوي: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: قلت لعيسى بْن يونس: أيّهما أفضل الأوزاعي أو الثوري؟ فَقَالَ لِي: وأين أنت من سفيان؟

قُلْتُ: ذهبت بِهِ العراقية؟ الأوزاعيُّ وفقهه وفضله وعلمه!؟

فغضب، وقال: أتراني أؤثر عَلَى الحق شيئًا؟!

سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: مَا أخذنا العطاء حَتَّى شهدنا عَلَى عليّ بالنفاق، وتبّرأنا مِنْهُ، وأُخِذ عَلينا بذلك العتاقُ والطلاقُ وأَيْمانُ البيعة!

قَالَ «الأوزاعيُّ»: فلما عَقلت أمري؛ سَأَلْتُ مكحولاً، ويحيى بْنَ أَبِي كثير، وَعَطَاءَ بنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَبْدَالله بنَ عُبَيْد بْن عمير؟

فقالوا: ليس عليك شيء إنما أنت مُكْرَهٌ!

قال: فلم تَقَرَّ نفسي حَتَّى فارقت نسائي، وأعتقت رقيقي، وخرجت من مالي، وكفّرت أَيْماني!

فأَخْبِرْني: أَسُفْيان كَانَ يفعل ذَلِكَ» انتهت الرواية بنصّها.

وأرسل إليّ أخ كريم آخر النصَّ السابقَ ذاته، فأجبته ارتجالاً:

«هذا الكلام لا يصحّ بتاتاً في حقّ الإمام الأوزراعيّ، محمّد بن يزيد بن سنان الرهاوي، والد يزيد: واهي الحديث!

وحاشا للإمام الأوزاعي من هذا الضلال»!

كأنه أرسل جوابي إلى صديق له آخر، فأجاب ذاك الآخر قال:

«أخي ليكن معلولاً، مَن صححوه، له شواهد أخرى، وقد عدّوا هذا الموقف كان في أيّام شباب الأوزاعيّ!

ثمّ هذه القصّة لو صحّت؛ فهي منقبةٌ عظيمةٌ للإمام الأوزاعيّ؛ لأنه رجع إلى الحقّ بتكلفة باهظة!

كثيرٌ من الحقائق محرّفة، وهناك مَن يضعّف بعضَ الرواة في قضية معاوية، ثمّ تجده يقوّيه في مكان آخر» انتهى كلام مَن لا أعرف مَن هو، ولأنني لا أعرف من هو؛ فلن أقبّح عليه، مع استحقاقه!

أقول وبالله التوفيق:

هذا النصّ هو كذلك في سير أعلام النبلاء، لكنّ الذهبيّ زاد في تاريخ الإسلام (4: 120) على ما تقدّم: «سمعها الحاكم من أَبِي علي الحافظ قال: أخبرنا مكحول ببيروت، قال: حدثنا أَبُو فروة».

فصار الإسناد على النحو الآتي:

قال الحاكم أبو عبدالله النيسابوريّ في كتابه تاريخ نيسابور، في أغلب الظنّ: سمعتُ أَبا عليٍّ الحافظَ قال: أخبرنا مكحولٌ «محمد بن عبدالله» ببيروت، قال: حدثنا أَبو فروة يزيدُ بْن محمد الرهاوي قال: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: قلت لعيسى بْن يونس: أيّهما أفضل الأوزاعي أو الثوري؟ فَقَالَ لِي: وأين أنت من سفيان؟ وساق الرواية.

دراسةُ إسنادِ هذه الحكاية:

الحاكم النيسابوري إمام.

أبو عليّ الحافظ إمام.

مكحول البيروتيّ إمام ترجمه الذهبيّ في تذكرة الحفاظ (3: 25) وقال: الحافظ المحدّث، كان من الثقات العالمين بالحديث (ت: 321 هـ).

قال عداب: وهو شيخ الإمام محمد بن حبّان، صاحب الصحيح، وقد روى عنه في صحيحه، وفي الثقاتِ، وفي المجروحين، وفي روضة العقلاء!

أمّا أبو فروة الأصغر يزيد بن محمّد الرهاوي؛ فقد ترجمه الذهبيّ في تاريخ الإسلام (6: 450) ولم يذكره بجرح أو تعديل.

وترجمه في النبلاء (12: 555) وقال: المحدّث، ولم ينقل فيه جرحاً، وأرخ وفاته (269 هـ).

ويزيدُ بن محمد الرهاويُّ هذا وأبوه محمّد بن يزيد بن سنان (ت: 220 هـ) ليسا من رواة الكتب التسعة أصلاً!

ويزيد بن سنان جدّ يزيد الأصغر؛ روى له ابن ماجهْ والترمذيّ أحاديث.

وفي أحد هذه الأحاديث عند الترمذيّ (2694) قال: «قال محمدٌ البخاريُّ: أبو فروة يزيد بن سنان مقارب الحديث، إلّا أنّ ابنه محمد بن يزيد، يروي عنه مناكير»!

وترجم الذهبيّ محمد بن يزيد بن سنان (ت: 220 هـ) في تاريخ الإسلام (5: 454) ونقل عن أبي حاتم قوله: «كان رجلاً صالحاً، ولم يكن من أحلاس الحديث» وقال النسائيّ: ليس بالقويّ، وقال الدارقطنيّ: ضعيف!  

قال عداب: لو كان تضعيفهم إيّاه لهواه؛ لما قال أبو حاتم: «كان رجلاً صالحاً» فدلّ على أنّ تضعيفهم إيّاه؛ لأنه كان يروي أحاديث مناكير، كما قال البخاريّ.

والإمامان النسائيّ والدارقطنيّ ليسا ممن يحبّ معاويةَ بن سفيان أصلاً، بل إنّ نواصب دمشق؛ هم مَن قَتلوا الإمام النسائيّ أصلاً!

وما ظنَّه ذاك الرجل من أنّ توبةَ الأوزاعيّ منقبةٌ عظيمة؛ فعدم صحّة التهمةِ من أساسها منقبةٌ أعظم!

وأهل الحديث لا يثبتون أو ينفون بالتشهّي كما يفعل صاحبُ هذا الكلامِ الساقطِ!

ونحن نعيذ إمامنا الأوزاعيَّ رحمه الله تعالى من مثل هذه التهمة الخطيرة على عقيدته!

واللهُ تعالَى أَعلَمُ

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمدُ للهِ على كلّ حال. 

الأحد، 26 فبراير 2023

 شِعْرُ عَدابٍ :

حَبيبتي سوريا العليا والأغلى!؟

كِياني من تُرابِك والهِضابِ

وشَجْوي مِن رُضابِك والرَبابِ

وفِكري مِن سمائِك أستقيه

وفي جنّاتِك النُعمى شبابي

وقَلبي في رُباك غدا ربيباً

لآهات الجمالِ مع العتابِ

فكلّي مِنك سوريّا، وروحي

عليٌّ وَحْيُها، دون ارتيابِ

جمالُ الكونِ سوريّا نداهُ

إذا غضبَ الجَفافُ على الترابِ

وشعبُك ألمعيٌّ عبقريٌّ

يَشبُّ مع الصِعابِ على الصِعابِ

فَقدنا ألفَ ألفٍ في صراعٍ

مع الطاغوتِ، من دونِ ارتيابِ

وكارثةُ الزلازلِ ليت شعري

أبانتْ للأعاديَ والصحابِ

أيقضي أهلُنا دون اكتراثٍ

كأنّ دماءَهم عَرَقُ التَباب!

ولا يأسى لرَوْعِهم قريبٌ

ولا جارٌ، ولا وَكْرُ الذئابِ!

سلاماً يا بني قومي سلاماً

خسرتم قَدْرَكم يومَ الرهابِ

خسرتُم نورَكم لمّا وَثقتم

بأزلامِ الصهاينة الكلابِ!

لنا يا قوم تاريخٌ مجيدٌ

وألويةُ الشجاعةِ والطِلابِ

لنا كرمٌ يفوق جبالَ سُلمى

وأمواهَ الفُراتين العِذابِ

فلمّوا شملَكم عطفاً وحبّاً

ودُوموا دُمتمُ وَحيَ الكِتابِ

والحمد لله على كلّ حال.

الجمعة، 24 فبراير 2023

 مَسائِلُ عَقَديّةٌ (2):

بَيتُ العائلةِ الإبراهيميّةِ !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

تواصل معي أحدُ الإخوة يقول: «لم نسمع لك صوتاً بمناسبة افتتاح بيت العائلة الإبراهيميّة في دولة الإمارات العربية المتّحدة، ونحن بحاجةٍ إلى معرفة رأيك، بصفتك عالماً، وبصفوتك متصوفاً»!

أقول وبالله التوفيق:

ثمّةَ قاعدةٌ مطّردةٌ لديّ؛ أنني لا أكتبُ في شيءٍ كتب فيه غيري، إذا كان ما كُتبَ موافقاً لما أرى، وكان كافياً في نظري!

وقد تكلّم شيخُ الأزهر الدكتور أحمد الطيّب، وأفادَ بأنّ فكرة وحدةِ الأديان؛ باطلة من جذورها، فليس هناك دياناتٌ إبراهيميّة، لا في كتاب الله تعالى، ولا في واقع الأمر!

- هناك شركٌ ووثنيّة في ديانةِ قومٍ ينتسبون إلى سيّدنا إبراهيم عليه السلام.

- وهناك أبّوةٌ وبنوّة وإله مثلّث في ديانة قوم ينتسبون إلى سيّدنا إبراهيم عليه السلام.

- وهناك ملّة إبراهيم الواحدة، التي لا يتّبعها أحدٌ في هذا الزمان، سوى المسلمين، أتباع الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.

قال الله تعالى رادّاً ومفنّداً جميع ما تقدّم من دعاوى:

(يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65)؟!

هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ، فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ؟

وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66).

مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيّاً، وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِماً.

وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67).

إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ، وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) [آل عمران].

وليس ثمّة بيتٌ يدعى بيتَ العائلةِ الإبراهيميّة؛ لأنّ الولاءَ عند الله تعالى للدين، وليس للدمَ!

قال الله تعالى:

(لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ!

 أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ، وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ.

وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيها.

رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.

أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ، أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) [المجادلة].

وقال تعالى بخصوص علاقةِ إبراهيم بقومه وأهله:

(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ!

يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3).

قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ:

 إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ!

كَفَرْنَا بِكُمْ، وَبَدَا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً، حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ (4) [الممتحنة].

دعا سيدنا إبراهيم ربّه تعالى قال: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ!

فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36).

رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ!

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ، وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) [إبراهيم].

وقال إبراهيم أيضاً: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) [إبراهيم].

هذا ما أراده إبراهيم عليه السلام، أراد أن يغفرَ الله تعالى لمن يعصي إبراهيمَ، ولا يتّبعه في دينه، لكنّ الله تعالى أوضحَ له أنّ مرادَه هو الواجب الاعتقاد والعمل!

قال الله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً!

قَالَ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؟ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) [البقرة].

لا يمكن أن ترتاح عائلةٌ وتعيش حياةً منسجمةً، وواحد من أفرادها يقول:

إنّ الربّ الذي أعبده؛ واحد لا شريكَ له، كريم، قادر، غفور، رحيم، شديد العقاب!

والآخر يقول: بل الربّ الذي أعبده ضعيف يستطيع واحدٌ من عباده أن يصارعه فيصرعه، وهو بخيل، ويتعب ويرتاح ويمشي ويقعد ويختبئ ويتلصّص على عباده!

والثالث يقول: الربّ الذي أعبده هو مثلّث متساوي الأضلاع (الأب والابن والروح القدس، إله واحد آمين).

لا يمكن التعايش بين إخوةٍ ثلاثةٍ يضمّهم بيت واحد، أحدهم يعتقد (ليس علينا في الأميين سبيل) خذ مال الآخرين بأيّ طريق!

والآخر يقول: لا يوجد حلال ولا حرام أصلاً، افعل ما شئتَ؛ فإنّ الابنَ تكفّل بمحو خطايانا كلّها، وكان هو فداءنا من العقاب!

والثالث يعتقد أنّه (إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ؛ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ).

ويعتقد أنه (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6).

فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7).

وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) [الزلزلة].

هؤلاء السفهاء الذين يقومون بهذه الأعمال الخبيثةِ؛ يَكفرون بالله تعالى كفراً ناقلاً عن الملّة؛ لأنّهم يخالفون الآيات السابقة كلّها، ويُعطون لأنفسهم حقّ التغيير الذي لم يعطه الله تعالى للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.

(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ؛ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ!

قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي!؟

إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ.

إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) [يونس].

أمّا أولئك المجرمون؛ فإنهم لا يخافون من (عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53) [المدّثر].

أمّا ما يُنسبُ إلى بعضِ دوائر التصوّفِ، من العمل على وحدةِ الأديان؛ فذاك تصوّف مُنحرفٌ خارجٌ عن ملّة الإسلام، ومعاذ الله أن أقرّه، أو أجامل أحداً ممن يقول به طرفةَ عين!

بيدَ أنّ بعضَ دوائر الصوفيّةِ؛ يريدون للبشريّة أن تتعايشَ وتتسالمَ، وأن تشيعَ الشعوب والأمم بينها المشتركات في جانب العمل، والمشتركات في جانب الترك.

ولا يجاهر كلّ طرفٍ من الأطراف بما يخالفُ فيه الطرفَ الآخر، من دون أن يتنازل المسلم عن شيءٍ من معتقداته، أو تشريعاتِ دينه، وأخلاقه!

وقد عهدتُ شيخنا السيّد محمد بن عبدالكريم الكسنزان رضي الله عنه يلهج بهذا كثيراً، وكان طيلةَ حياته يطبّق هذا المعنى، ويقول لي: لا يَسعُ الناسَ إلّا هذا!

وقد كانت أعدادُ الشيعةِ في التكيةِ الكسنزانيّة؛ لا يقلّ عن أعداد أهل السنّة، بيد أنّ إثارةَ المسائل الخلافيّة بين الطرفين؛ ممنوع منعاً باتّاً.

وأنا أقول: إنّ هذا المنهج لو أردنا تطبيقَه؛ فلن يطبّقه سوى المسلمين، أمّا غيرهم من الشعوب والأمم بأديانها المختلفة؛ فلا نرى لها توجّها سوى استعبادِ المسلمين، واستباحةِ دمائهم وديارهم وأموالهم!

أمريكا استباحت العراقَ، ودمّرته - ولا يزال مدمّراً - وقتلت من العراقيين قرابةَ مليون مسلمٍ، بدعوى أنّه بصدد امتلاكِ سلاح نوويٍّ، وأسلحة دمارٍ شاملٍ!

مع أنها تمتلك ألوف القنابل الذريّة والنووية والهيدروجينيّة، والأسلحة الجرثوميّة والكيماويّة!

تمتلك هذا وغيرَه مما لا نعرفه، بينما تمنع غيرها من امتلاك سلاحٍ يحمي به شعبه وبلادَه، وتعدّه سبباً يبيح لها قتلَ ذاك الشعب ودمارَ بلاده!

فإذا نحن أشعنا ثقافة «المشتركات» هذه؛ فسيكون نفعها ضئيلاً قليلاً، على مستوى أفرادٍ يؤمنون بذلك، ويطبّقونه في حياتهم!

لكنْ ينسف أصحاب القرار السياسيّ ذلك متى ما أرادوا، وسنكون نحن الخاسرين وحدنا!؟

واللهُ تَعالى أَعلمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

  في سَبيلِ العِلْمِ (3):

مَعَ شَيْخِنا ناصرِ الدين الألبانيّ، رضي الله عنه!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

أرسل إليّ أحدُ تلامذتي الأفاضل منشوراً إنشائيّاً مطوّلاً، ممهوراً باسم «الشيخ الدكتور العلّامة محمد عادل عزيزة الكيّالي» من مدينة حلب!

تناول فيه هذا العلّامةُ السيّدُ شيخَ المحدّثين في هذا الزمان، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (ت: 1999م) رحمه الله تعالى، وزعم المزاعم الباطلةَ الآتية:

- الشيخ الألباني ليس محدّثاً، ولم يكن يحفظ روايةً واحدةً بإسنادها إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وحتى لو كان محدّثاً؛ فليس له أن يصحح أو يضعّف؛ لأنّ التصحيح والتضعيفَ ليس للمحدّث، وإنما للحافظ...

- الشيخ الألبانيّ صحح الضعيف وضعّف الصحيح مرّات.

- قال العلامة اللوذعيّ السيّد الكيّالي: «بالنسبة لي كلما قرأت جملة (صححه الألباني) أتوقّف وأقول: كيف يصحّح حديثاً على حافظٍ من الحفّاظ الكبار، كالحافظ الإمام الترمذيّ وغيره»؟

- قال: ولو سئل أحدهم ما تقول في مسألة (صححه الألبانيّ) لكان الجواب: «لا يجوز أن نقول هذه العبارة، إلّا في حالة واحدة هي: أن يؤلّف الألباني كتاباً جامعاً للأحاديث، ويسند أحاديثه بأسانيده المتصلة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، بغير الأسانيد التي رواها أصحاب الصحاح والسنن، ثم يصحح ويضعّف ما بكتابه - كذا -

- وقال أيضاً: الغاية من المنشور التنبيهُ إلى خطورةِ الألباني على الإسلام والمسلمين، وما آلت إليه الأمور، فهذا الأمر دين، فانظروا عمّن تأخذوا - كذا - دينكم.

المنشور ذيله طويل كذيل ابن آوى!

أقول وبالله التوفيق:

قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ، شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ. وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا.

اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) [المائدة] .  

قال الراغب في المفردات (ص: 465): «شَنِئْتُه: تَقزّزتُه بُغضاً له (وشنآن قوم): بغضهم».

فنحن مأمورون بالعدل، منهيّون عن الجَوْر في الحكم، حتى مع الذين نبغضهم!

وأنا الفقيرُ إلى الله تعالى: عاصرتُ الشيخَ الألبانيّ خمسين سنةً من عمري؛ لم أسعَ يوماً إلى لقائه، ولا التقيتُه قطّ!

لماذا؟ لأنني كنتُ أشنؤه، أي: أبغضه في الله تعالى، من وجهة نظري!

بيد أنّ الإسلامَ العظيم يأمرني أن أعدل في الحكم له أو عليه، وليس كما يفعل الجهلةُ الرعاع الذين يهرفون بما لا يعرفون!

كان شيوخُنا في مدينة حماة؛ يُنفّروننا من الشيخ الألباني، ويقول بعضهم: إنّ جدّه الرابعَ أو الخامس يهوديّ!

قلت لأحد شيوخي هؤلاء: كان أبو بكر وعمر مشركين، ثمّ أسلما، ثمّ أصبحا أعظم شخصيّتين في هذه الأمّة، فكان ماذا؟

وسمعت أحد شيوخي الآخرين يقول الكلام ذاته، ويزيد: لكنّ والده كان رجلاً عالماً صالحاً!

فقلت له: لم أفهم يا شيخنا، جدّه الرابع يهودي، ووالده رجل صالح، فيكون هو ماذا؟

قال: ليس هو على منهج والده؟

قلت له: وما منهج والده؟

قال: والده من علماء أهل السنة والجماعة، أمّا هو فوهّابي ضالٌّ!

وذات يومٍ طلب الشيخ الألباني مناظرةَ شيوخنا في مدينة حماة، فرفضوا!

فسألت شيخي الشهيد مروان حديد رحمه الله تعالى: لماذا رفض مشايخنا مناظرةَ الشيخ الألبانيَّ الضالّ؟

نظر إليّ شذراً وقال: استغفر الله تعالى، الشيخ الألباني رجل عالم صالح، اجتمعت معه في السجن، واستفدت منه كثيراً، وكان رجلاً عابداً، لكنّ مشايخنا أضعفُ من أن يناظروه!

قلت له: لماذا هم أضعف منه؟

قال: إذا احتجّوا أمامه بحديثٍ، فقال لهم: هذا الحديث الذي احتججتم به ضعيف، أو باطل، أو ليس هو بحديث، فستنتهي المناظرة في بدايتها، مشايخها لا يحسنون علمَ الحديث مطلقاً!

قلت له: تعني أنّ الألباني رجل مسلمٌ، وليس بضالٍّ!

قال: أعوذ بالله من الضلال، قلت لك: عشت معه في السجن، وهو رجل عالم صالح، وسيزور مدينة حماة قريباً، وهو إذا زارها؛ لا بدّ أن يزورني، فتراه عندئذٍ، وتسمع منه!

زار الشيخ الألباني مدينة حماة، وزار شيخنا مروانَ عدّةَ مرّاتٍ، ولم يتسنَّ لي لقاؤه أبداً!

ومضت السنون حتى كان عام (1976) يومَ تعرّفت على شيخِ محدّثي مصر يومها سيّدي العلامة المحدّث الشريف محمد الحافظ التجّاني، تلميذ السيّد بدر الدين الحسني الدمشقيّ، وهو الذي منح شيخنا التجانيَّ لقبَ (الحافظ).

كان سيّدي الحافظ خصّص لي منفرداً، كثيراً من وقته، فسألته قائلاً: سيدي ما رأيكم بهذا الألباني؟

نظر إليّ بغضبٍ وقال: تقصد الشيخ ناصر الألبانيّ؟

خجلت وقلت: عفواً سيّدي، أقصد الشيخ ناصراً الألبانيّ!

قال: الشيخ ناصر الألباني حفظه الله تعالى كالبحر، هل تعرف البحر؟

فيه اللآلئ وفيه السمك وفيه أشياء أخرى، وكلّ إنسان يأخذ من البحر ما يريده، أو قال: ما يحتاجه!

حبّذا يا شيخ فيصل لو قام أحدُ إخواننا السوريين من معارفك بالسفر إلى دمشق، وإحضار جميع ما يجده من كتبه، ونحن ندفع له تكاليف سفره، وهديّةً فوقها!

وأنصحك أن لا تترك له كتاباً حتى تقرأه مرّتين على الأقلّ!

وأظنّه قال: «أنا شخصيّاً أستفيد منه كثيراً».

قلت له: هل في مكتبتكم المباركة شيءٌ من كتبه؟

تبسّم الشيخ وقال: «انظر فوق رأسك، هذه كتب الشيخ ناصر الموجودة لدينا، فوق رأسك» فاقرأها كلّها، ثمّ تابع مشروعك العلميّ، أو قال: خصّص لها وقتاً، وخصص لمشروعك العلميّ وقتاً آخر.

ثمّ استأذن ودخل إلى منزله.

وقفت أنا لوداعه، ثم نظرت رفَّ الكتبِ، فوجدت مجلّداتٍ ضخاماً، ووجدتُ كتاب «أحكام الجنائز» وكان أوّلَ كتابٍ قرأته للشيخ الألبانيّ، رحم الله شيوخنا أجمعين.

عندما أقمت في الحجاز (1978 - 1991م) قرأتُ كتبَ الشيخ الألبانيّ المطبوعةَ كلّها غيرَ مرّةٍ، وكنت أسألُ أهل العلم عن الأمور التي لا أفهمها، حتى ظننت نفسي مختصّاً بالشيخ الألبانيّ، ومرّاتٍ عديدةً قلت: «ما من يومٍ تشرق فيه الشمس أو تغرب، إلّا وللشيخ الألبانيّ في عنقي منّة»!

وذات مرّة كان صهره الدكتور رضا في زيارتي، وجرى ذكر الشيخ الألبانيّ، فقلت له: أتعرف يا شيخ رضا؟ قال: ماذا؟

قلت: اثنان من المسلمين لم أستطع أن أحبّهما لحظةً واحدةً؟ قال: مَن هما؟

قلت له: محمد بن عبدالوهاب النجديّ، وعمك ناصر الألبانيّ، مع عرفاني بعلم عمّك الغزير، وجهل محمد بن عبدالوهّاب!

حزن الشيخ رضا وفوجئ بما سمع، لكنّه رجلٌ كيّسٌ، امتصّ صدمةَ كلامي، وسكت!

جميعُ مَن تلمذَ للشيخ الألبانيّ من زملائنا ومعاصرينا يثنون على دينه وورعه وتقواه.

أمّا عن علمه؛ فهو بين أيدينا، ونحن - بفضل الله تعالى - ممّن يميّز بين الغثِّ والسمين، وبين الخطأ والصواب، وبين الهوى والهدى، ونقوّم ما بين أيدينا بالعدل!

وحتى التناقضاتُ التي جمعها أخي السيّد حسن السقّاف للشيخ الألبانيّ، في أكثر من جزءٍ؛ هي في نظري أمارةٌ على دين الرجل وتقواه، وأكثرُها ليست تناقضاتٍ، إنما هي من تغيّر الاجتهاد!

أحبَّ الشيخَ الألبانيَّ، أو اكرَه الشيخ الألبانيّ؛ فالرجل بحرٌ، خذ منه ما ترغب، ودع ما لا ترغب!

وشيوخنا الذين يشتغلون بالحديث النبويّ جميعهم: الشيخ عبدالفتاح أبو غدة، والشيخ نور الدين العتر، والشيخ محمد أحمد نور سيف، والشيخ شعيب الأرناؤوط، والشيخ محمد أبو شهبة، والشيخ عجاج الخطيب، والشيخ محمد أديب الصالح، وغيرهم من شيوخي الذي أخذت عليهم علمَ الحديثَ، جميعهم عالةٌ على كتب الشيخ الألبانيّ، وهم بمجموعهم لا يزيد علمهم على عُشر ما لديه، في تقديري!

وهذا لا يعني أنّه معصومٌ، ولا يعني أنني أعتمد كلامه، كلّا والله فليس في مكتبتي، منذ تسع سنين كتابٌ واحدٌ له!  

وكاتب هذا المنشورِ «السخيفِ» العلّامةُ السيّد الكيّالي الحسينيّ؛ لم أسمع به من قبلُ، ولم أقرأ له شيئاً من العلم، ولو كان ممّن يُشار إليه في علم الحديثِ النبويّ؛ لعرفناه، ومَن لا نَعرفه؛ لا يُعرَّف!

والله تعالى أعلم

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سَيّدنا محمّدِ بن عبدِالله، وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تَسْليماً.

والحَمْدُ للهِ عَلى كُلِّ حالٍ.

الخميس، 23 فبراير 2023

       مِنْ عِبَرِ التاريخ (3):

أمّ أبي بكرِ بن أبي قُحافةَ مَن هي؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

سألني أحدُ الإخوةِ قال: «من هي أمّ أبي بكر»؟

قلت له: هي أمّ الخير سلمى التيميّة، ابنة عمّ والده عثمان بن عامر!

قال: ما اسم أبيها؟

قلت: لا أتذكّر اسمه!

قال: هل تعرف الشيخ أحمد الجعفريّ الرافضيّ؟

قلت: لا أعرفه، لكن سمعت له عدداً من المقاطع واللقاءات!

قال: ما رأيُك به؟

قلت: هو رافضيٌّ من دون شكّ، وليس شيعيّاً، وقد ثبت لديّ أنه يكذب ويدلّس!

قال: كيف؟

قلت: سمعته مرّةً يقول: عندنا ثمانون رواية صحيحةً في ولادة المهدي المنتظر!

وسمعته مرّة ثانية يقول: عندنا خمسون روايةً صحيحة، في ولادة المهديّ المنتظر!

ولا يوجد في مجموع كتب الشيعة الإمامية الأصول (10) رواياتٍ ضعيفةٍ، فضلاً عن أن تكون صحيحةً في ولادة المهدي المنتظر المزعوم!

قال صاحبي: ما تقصد بالكتب الأصول؟

قلت: كتاب الكافي للكليني؛ كتاب أصيل!

كتاب إكمال الدين وتمام النعمة للصدوق؛ كتاب أصيل!

أمّا كتاب بحار الأنوار للمجلسيّ؛ فكتاب جامعٌ، وليس كتاباً أصيلاً، إنما قام صاحبه بجمع ما في كتابِ الكليني والصدوق وغيرهما.

ولأقرّب إليك المسألة أكثر:

كتاب صحيح البخاري أصيل.

كتاب صحيح مسلم أصيل.

كتاب موطّأ مالك أصيل.

كتاب جامع الأصول لابن الأثير الجزريّ؛ كتاب جامعٌ لمادّة الكتب المتقدمة وغيرها، من دون تكرار، وليس كتاباً أصلاً.

قال: هذا الرافضيّ الخبيث يقول: أبو بكرٍ ولدُ زنا!

قلت: لعنة الله على مَن يقول هذا الكلام!

لكنْ افرضْ أنّ ذلك صحيح؛ فما ذنب أبي بكرٍ في هذا، وبماذا يضيره عند الله تعالى، وعند المسلمين، وقد تزوّج أبوه أمَّه وهما مشركان، والشرك في دين الإسلام؛ أفظع من الزنا!؟

قال: أعرف هذا الذي تقول، ولكني أردتُ التأكّد من هذا الكلام، أهو صحيح؟

قلت له: التأكّد من هذا؛ يحتاجُ إلى بحثٍ علميٍّ، وليس إلى نقلِ فلانٍ عن فلان، فأمهلني!

رجعتُ إلى كلام الرافضيّ أحمد الجعفريّ هذا؛ فوجدته اعتمد مصدراً واحداً هو «فتح الباب في الكنى والألقاب» لأبي عبدالله محمد بن إسحاق ابن مندهْ (ت: 395 هـ) (671) قال: «أبو بكر ابْن أبي قُحَافَة, واسْمه عبدالله بن عُثْمَان بن عَامر بن كَعْب بن سعد بن تَمِيم بن مرّة، وَكَانَ يدعى عتيقا , وَقيل: إِنَّمَا سمي بعتيقٍ لعتاقة وَجهه.

وَقيل: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله عز وَجل أعْتقهُ من النَّار.

وَيُقَال: إِنّ أمّه سمّته عتيقاً؛ لِأَنَّهَا دعت أَن يعتقهُ الله من النَّار.

وَأمه: أم الْخَيْر سلمى بنت صَخْر بن عَامر بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كَعْب, وَهِي ابْنة عَم أبي بكر الصّديق» وهذه السياقةُ هي التي اقتصر عليها الطبراني في المعجم الكبير أيضاً (1: 51).

لكن الجعفريَّ في آخر المقطع الذي استمعت إليه قال: جميع مصادر المخالفين ذكرت هذا الكلام!

وهذا غير صحيح البتّة!

قال ابن الأثير في أسد الغابة (3: 310): «عَبْدالله بْن عثمان بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة بْن كعب بْن لؤي الْقُرَشِيّ التيمي، أَبُو بَكْر الصديق بْن أَبِي قُحافة، واسم أَبِي قحافة: عثمان.

وأمه: أم الخير سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، وهي ابْنَةُ عم أَبِي قحافة.

وقَالَ غيره: اسمها سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم، وهذا ليس بشيء، فإنها تكون ابْنَة أخيه، ولم تكن العرب تنكح بنات الإخوة، والأول أصحّ».

أقول: أنت لو نظرتَ إلى المقطعين بهدوءٍ؛ لرأيت الفارق بينهما جليّاً.

أبو قحافة: هو عثمان بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد

أمّ الخير: هي سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن كعب بْن سعد 

عثمان يقابله زوجته سلمى.

عامر يقابله ابن عمّه صخر.

عمرو يقابله أخوه عامر.

وعمرٌو وعامر ابنا كعب بن سعد!

ومعلوم أنّ الأقارب يسمّون بأسماء متشابهة، بل ومتطابقة أيضاً.

فنحن إخوة ثلاثة: الشهيد غازي، والشهيد غسّان، والفقير عداب.

من أولاد الفقير عداب: محمود وإبراهيم وخديجة.

ومن أولاد الشهيد غازي: محمود وإبراهيم وخديجة.

ومن أولاد الشهيد غسّان: محمود وإبراهيم وخديجة.

ومن المعلوم لدى جميع طلبة العلم أنّ والدي أبي بكرٍ أبا قحافة وأمّ الخير قد أسلما جميعاً، وعاش أبو قحافةَ بعد ولده أبي بكرٍ، وتوفي عام (14 هـ) كما في معجم الطبراني الكبير (9: 40).

وعاشت أمّ أبي بكرٍ أمّ الخير بعد ولدها أيضاً، وماتت قبل أبي قحافة بقليلٍ!

قال الطبراني في المعجم الكبير (1: 52): «أُمُّ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما يُقَالُ لَهَا: أُمُّ الْخَيْرِ بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ.

هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ، فَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ جَمِيعاً، وَكَانَا قَدْ أَسْلَمَا، وَمَاتَتْ أُمُّ أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ أَبِيهِ» أبي قحافة.

فلو كان أبو قحافةَ تزوّج بنت أخيه؛ لكان الرسول فرّق بينهما، بعد نزول آية محرّمات النكاح من النساء، على افتراض أنّ القرشيين كانوا ينكحون بناتِ الإخوة، وهذا لم ينقل إلينا صحيحاً قطّ!

وصدق الله العظيم في كلّ حالٍ وحين، وإذ قال:

(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) التأويلَ الفاسدَ الموافق لأهوائهم.

والله تعالى أعلم

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمدُ للهِ على كلّ حال.