الاثنين، 30 نوفمبر 2020

 

قريباً من السياسة ():

إلى النظام الحاكم في إيران!؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا، رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

 

إنّي ليحزنني أشدّ الحزنِ أن يكون قادة إيران وعلماؤها الكِبار نهبَ سيوف ورماح الصهيونية العالمية، والاستكبار الصليبيّ!

وإنني حزنت كثيراً لاستشهاد العالم «محسن فخري زاده» ورأيتُ قلبي يضطرب، ودموع عينيّ تحرق مآقيها، وتنساب لاذعةً على قسمات شيخوخة وجهي!

عظّم الله أجر أبناء الفقيد وأهله وأسرته وأحبابه، والشعب الإيرانيّ المسلم!

أمّا أنتم يا قيادةَ النظام الحاكم في إيران:

مَثَلُكم مثلُ النظام المجرم المتسلط في سوريا، نسمع منكم جعجعةً، ولا نرى قبضةً من طحين!

تهتكُ دولة الصهاينة حرماتِ أجواء سوريّا وأجواء إيران، وتدمّر من الأهداف ما تشاء أن تدمّره وأنتم تتبجّحون بأنكم ستردّون على إرهابهم الموجع في الزمان والمكان المناسبين!

نحن لا نجهل أنّ الهجوم على دولة بني صهيون؛ هو هجومٌ على العالم الصليبيّ الغربيّ، وأنّه سيستنفر كلّ إمكاناته للدفاع عن ربيبته «عاهرة صهيون»!

هذا مفهوم، ومفهومٌ أيضاً أنّ حكام العرب، وخاصةً حكّام الخليج عملاء أذلاء خانعون خاضعون للأمريكيّ!

لكنّ حكّام الخليج العملاء الجبناء؛ أصدق منكم، وأشجع منكم، إذ يقولون: مصالحهم تقتضي أن يستظلّوا بظلال أمريكا!

أمريكا ربٌّ، وألف جبانٍ

بيننا راكعٌ على قدَميه!

فإذا كنتم ترون أنفسكم ضعفاءَ، وترون الحصار أنهككم، وترون وضع الداخل الإيراني لم يعد يسمح بالحروب والنزاعات؛ فلا تتبجّحوا، ولا تتشدّقوا بما تزعمون أنكم ستفعلونه!

اسكتوا ما دمتم عاجزين، فنحن والله مللنا تهديدكم ووعيدكم وصراخكم، ولم يعد لدينا شعور بأنكم قادرين على إلحاق أيّ أذىً أو ضررٍ بإسرائيل، فضلاً عن ساداتها وموجّهيها.

كلّ الذي تستطيعونه؛ هو تمزيق البلاد العربية، وإفقارها، وقتل شبابها، وضياع نسائها وأطفالها!

وأريد أن أسألكم سؤالاً واحداً فحسب: هل أنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر حقّاً؟

وهل تظنون أنكم ملاقو الله عزّ وجلّ، وأنه سيسألكم عن نصف مليون مسلمٍ سوريّ ساهمتم بقتلهم؟

وهل النظام المجرم العلماني الملحد؛ يمكن أن يقدّمه مسلمٌ على إخوانه المسلمين، حتى لو كانوا يخالفون خرافاته وبدَعَه التي لا تنتهي؟

أوّل ما سمعت باسم السيد الخمينيّ، كنت راكباً سيارتي أمام الحرم الشريف في مكة المكرمة، عام (1979) وكان معي زميل حمويّ فاضل، فرح بظهور الخمينيّ، وقال: الله يكتب لهذه الأمة الخلاص على يد سنيّ، على يد شيعيّ، على يد كائنٍ من كان!

قلت له: سجّل تاريخ اليومِ والساعة على هذا الكتابِ، وكنت قد اشتريت توّاً كتاب تدريب الراوي، فسجّل تاريخ الشهر واليوم والساعة، وقال: وبعدين؟!

قلت له: سترى في المستقبل القريبِ شرورَ هذا الرجلِ، وما سيجلبه على أمة الإسلام من مصائب!

وما هي إلا شهورٌ قليلةٌ، حتى أوقد بحقده حرباً، استمرت ثماني سنين!

ورفض جميع الدعواتِ التي توسّلت إليه لإيقاف الحرب!

ولكنّ الحقدَ أعمى بصرَه، حتى ذهب ضحية حقده أكثر من مليون مسلم إيراني وعراقيّ، أكثر من (70%) منهم من الشيعة المساكين!

ختاماً: أيها القادةُ في النظام الإيرانيّ الحاكم:

والله ستموتون، وتحشرون، وتُسألون عن القتل والدمار، الذي تتسببون به لبلادكم وبلاد العرب المسلمين!

ولن ينفعكم عند الله تعالى أبداً؛ دعواكم الدفاع عن محوَر «المقاومة»!

أيّ مقاومة هذه التي تزعمون، والنظام العلماني الملحد في سوريّا متصالح مع إسرائيل منذ العام (1974) وهو يحمي حدودها، ويتبادل المعلومات الأمنية معها، ولم يحدثْ أن استطاع شابّ مجاهد واحد أن يتخطى حدودها!

عودوا إلى رشدكم، واتّقوا الله ربكم، وتذكّروا وقوفكم بين يدي حكم عدل، سيحاسبكم على كلّ كلمة أو حركة خاطئة قمتم بها!

(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) [الزلزلة].

 

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

هذا.. وصلى الله على سيّدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

 

الجمعة، 20 نوفمبر 2020

 

مسائل فكرية

هل أوربا مسيحية؟

كتب يسألني: هل أوربا تدين بالمسيحية حقا؟ وهل يجوز لي الزواج من امرأة أوربية؟

أقول وبالله التوفيق: هذا سؤال كبير، يحتاج إلى صفحات كثيرة أختصرها بكلمات:

من المقطوع به أن جميع أنظمة الحكم في أوربا علمانية، تحل ما حرم الله تعالى، من الربا والزنى والسحاق واللواط، وغير ذلك من المحرمات الكثيرة المتفق على تحريمها في الأديان الربانية، التي يسمونها سماوية. وهذا يعني أن هذه الأنظمة مشركة كافرة باليهودية والمسيحية والإسلام. أما بالنسبة لشعوب أوربا؛ فأنا لا اعرفهم المعرفة الشرعية. ولذلك أقول كلاماً فقهياً عاماً: كل من يجيز الربا، أو الزنى، أو السحاق، أو اللواط، من الشعوب الأوربية؛ فهو كافر مشرك، حتى لو زعم أنه يهودي، أو مسيحي. وحتى لو كان يرتاد الكنيس، أو الكنيسة! رجلاً كان أو امرأة.

فأنت إذا أردت أن تتزوج امرأة أوربية؛ فيجب عليك أن لا تتسرع، فعرفها بالإسلام أولاً، فإذا شرح الله تعالى صدرها للإسلام؛ فالحمد لله على هدايتها، وزواجك منها لا خلاف على صحته عندئذ.

وإذا رفضت الإسلام، وزعمت أنها مسيحية فيجب عليك أن تسألها سؤالين:

الأول: ماذا تعرفين عن المسيحية؟

والثاني: هل تعتقدين بصواب نظام الحكم عندكم، وبقوانينه؟

فإن وافقت على نظامها وقوانينها؛ في مثله! وإذا تبين لك انها لا تعرف عن المسيحية شيئا؛ فيجب أن تعرفها بأن العهد القديم الذي فيه تشريع اليهودية والمسيحية؛ يحرّم على المرأة إظهار شعرها وجهها، وبالتالي، فهي تحرم عليها كشف يديها ورجليها، فضلاً عن صدرها، فما بالك بالبكيني؟ والمسيحية تحرم الزنا واللواط والسحاق والمصافحة والقبلة والصداقة والمبيت مع رجل أجنبي! فإذا رفضت هذا كله، وزعمت أن هذه الأمور من الحرية الشخصية مثلاً؛ فهي مشركة، لا يجوز الزواج منها، حتى تعتنق الإسلام، أو تعتقد بمضامين العقيدة والشريعة اليهودية والمسيحية معاً، عندها تغدو من أهل الكتاب.

بقيت نقطة واحدة، وهي الإحصان، فالله تعالى يقول: (والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) والمحصنة: هي المرأة الطاهرة العفيفة هنا، أما الكتابية الزانية؛ فلا يجوز نكاحها، حتى لو زعمت أنها تابت، أو وعدت أن تتوب، قال الله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) وتفسير الآية: الزاني المسلم التائب ينكح زانية مسلمة تائبة، والمشرك لا ينكح إلا مشركة، ولا يجوز أن ينكح مسلمة، سواء كانت محصنة أم زانية، والكتابية الزانية: زانية ومشركة معاً؛ فلا يجوز أن ينكحها الإنسان المسلم، أما إذا أسلمت؛ فالإسلام يجبّ ما قبله.

والله تعالى أعلم، والحمد لله على كل حال.

 

مسائل فكريّة

الكتابُ والسنّة بفهم سلفِ الأمة!؟

رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا، رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

وضعَ المسلمون لأنفسهم قواعدَ سخيفةً هزيلةً، ما أنزل الله بها من سلطان! وهي لا تدلُّ على أكثر من الجهلِ والتقليد البغيض؛ منها تعريفُ السلف الصالح، فهل السلف الصالح هم الصحابة؟ بهذا قال الإمام الشافعيّ تطبيقاً عمليّاً، أم أنّ السلف الصالح هم جيل الرسولِ صلّى الله عليه وآله وسلم، من الصحابة رضي الله عنهم، وأبنائهم، وبنيهم؟ بهذا قال كثير من أهل العلم، أم أنّ السلف الصالح هم أجيال القرون الثلاثة؟ بهذا قال بعض أهل العلم، ومنهم الحنابلة، وابن حبّان!

وأنا أسألكم: هل من دليلٍ ملزمٍ بواحدٍ من هذه الفهومِ؟

من السَلَف الذين نقتدي بفهومهم؟

إذا أجمع السلفُ على شيءٍ؛ فلا ارتياب لديّ، في وجوب متابعتهم فيه، لكنْ إذا اختلفوا، فبقولِ أيٍّ منهم نأخذ؟ الشيعة وعلماءُ آل البيتِ من أهل السنة يذهبون إلى قول ابن عبّاس: «إذا جاءنا الثبتُ عن عليٍّ؛ لم نغادر قوله إلى قول غيره. وأهل الشام يقولون: لا يجوز تجاوز المذاهب الأربعة في الفقه! أما في المعتقدات؛ فهم يُخرجون الحنابلةَ من أهل السنة، ويقصرون أهل السنة على الأشعرية والماتريدية، على ما بين الفرقتين من خلاف، وعلى ما بين الأشاعرة أنفسهم من خلاف! ثمّ إنّ علماء الأمة أبا حنيفةَ ومالكاً وأحمدَ؛ لم يؤثرْ عنهم قدرةٌ فائقة في علوم القراءاتِ والتفسير وعلوم العربية، بل ولم يؤثر عن واحدٍ منهم تفسير سورةٍ من السور! فكيف لا يجوز الخروج على أقوالهم في فهم الكتاب والسنة؟ وإذ أنني غير قادرٍ على التطويل؛ فيكفي نقلُ هذه النصوصِ من كتاب واحد:

قال الإمام الشافعيّ في الأم (7: 172) تحت عنوان: «اخْتِلَافُ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا» أَبْوَابُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ زَاذَانَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الْغُسْلِ؟ فَقَالَ: اغْتَسَلَ كُلَّ يَوْمٍ، إنْ شِئْت! فَقَالَ: لَا! الْغُسْلُ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ؟ قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمُ الْفِطْرِ! وَهُمْ – الحنفية - لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَاجِبًا. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ عَلِيّاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ! وهَكَذَا يَقُولُونَ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ، عَنْ ابْنِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَوَضَّأَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فمسحَ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ [التصويب من معرفة السنن والآثار (2: 126)] وَقَالَ: لَوْلَا أَنّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَمْسَحُ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ؛ لَظَنَنْت أَنَّ بَاطِنَهُمَا أَحَقُّ! أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ قَالَ: رَأَيْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى النَّعْلَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ وَصَلَّى! ابْنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ؛ أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَلَ ذَلِكَ. ابْنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَكْتَلَ بْنِ سُوَيْد بنِ غَفَلَةَ؛ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَلَ ذَلِكَ. مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إسْمَاعِيلَ، عَنْ مَعْقِلٍ الْخَثْعَمِيُّ، أَنَّ عَلِيًّا فَعَلَ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَسْنَا وَلَا إيَّاهُمْ وَلَا أَحَدٌ نَعْلَمُهُ، يَقُولُ بِهَذَا مِنْ الْمُفْتِينَ! [يريد: من أهل السنة]. خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ: عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْترِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ فَتَمُوتُ؟ قَالَ عليٌّ: تُنْزَحُ حَتَّى تَغْلِبَهُمْ! قَالَ الشافعيُّ: وَلَسْنَا وَلَا إيَّاهُمْ نَقُولُ بِهَذَا! أَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ بِمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ (إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ؛ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا). وَأَمَّا هُمْ فَيَقُولُونَ: يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ، أَوْ ثَلَاثُونَ دَلْوًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنه كَانَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ؛ قَالَ: (لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَك ظَلَمْت نَفْسِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ. وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ. إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ). وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِنَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ، إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَبِهَذَا ابْتَدَأَ، يَقُولُ: (وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ. وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ، وَلَا يَقُولُونَ مِنْهُ بِحَرْفٍ! أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ وَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ؛ أنه كَانَ إذَا تَشَهَّدَ قَالَ: (بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ). وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا! وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِيهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ، هُمْ يَكْرَهُونَهُ.

قال الفقير عداب: من الغريب أنّ أهل السنة لا يروون تشهّد الإمام عليّ هذا، إنما أشار بعضهم إليه إشارة فحسب! كالبيهقيّ في السنن الكبير (2: 204) ومعرفة السنن (3: 59) وقال هنا: «وَالشَّافِعِيُّ ذَكَرَ إِسْنَادَهُ، وَلَمْ يَسُقْ فِي رِوَايَتِنَا هَذِهِ مَتْنَهُ» مع أنهم رووا قريباً من لفظ حديث عليّ عليه السلام؛ عن جابر بن عبدالله، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن الزبير، قال الفقير عداب: فإذا خالف الحنفية والشافعيّ الإمام عليّاً عليه السلام، بهذه المسائل وعشراتٍ غيرهِا، مما نقله الشافعيّ في الأمّ وغيره، فمن هم أولئك السلفُ الذين يَلزَمنا فهمهُم؟ أفي الصحابة كلهم أفقه من عليٍّ وأفهم؟ أفي الصحابة والتابعين وأتباعهم أفقه من عليٍّ وأفهم؟ فإذا جازَ مخالفةُ أبي حنيفة والشافعيّ للإمام عليٍّ، فمخالفةُ أهل العلم لهما ولغيرهما أيسر وأسهل!

صفوة القول: إنّ العاميّ لا مذهب له، ومذهبه مذهب من يفتيه من أهل العلم. وفهم السلف الصالح – ما لم يجمعوا – ليس ملزماً لأحدٍ، لا في العقائد، ولا في التفسير، ولا في الفقه!

والله تعالى أعلم، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، هذا.. وصلى الله على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله على كلّ حال.