الأحد، 24 يناير 2021

 قريباً من السياسة (1):

في ظلال تفجيرات العراق!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).


العراقُ بلدٌ عربيّ مسلم قويٌّ رائد، يفرح المسلمون الصادقون لخيره، ويحزنون لحزنه!

وقد آلمتنا تفجيراتُ أمسِ الخميس أشدَّ الألم، وأحبطتنا إحباطاً شديداً!

أسأل الله تعالى أن يغفر ويرحم ويعطف ويتلطّف بضحايا تلك التفجيرات الإجرامية، وأن يتقبلهم في الشهداء والصالحين، وأن يعافي الجرحى والمصابين ويجزل لهم المثوبة على ذاك الابتلاء الذي نزل بهم!

ثمّ أقول: 

صدّام حسين عند أكثرِ أهلِ العراق؛ كان طاغيةً قاتلاً مِسْعَرَ حروبٍ، وكان من السبعة الذين عقروا ناقة نبيّ الله تعالى صالح عليه السلام!

وقد انتهى عهدُ صدّام منذ سبعة عشر عاماً!

ثم جاءت الحكوماتُ الوطنيّة الديمقراطية السلمية الأمريكية، فقتلت من الشعب العراقي، الذي لم يَرْضَ بوطنيّتها الأمريكية أضعاف ما قتلَ صدّامٌ ومَن قبلَ صدّام!

هذه الحكومات الوطنية التي أرجعت العراق إلى ما قبل عهد الاستعمار البريطانيّ!

نهبت ثرواته، وأفقرت شعبَه، وجهّلته، وأضعفت مؤسساته العلمية والاجتماعية والسياسية والعسكرية!

وقد أيقظت تلك الحكوماتُ النعرات المذهبيّة، وسمحت للمظاهر الطائفيّة المتخلّفة أن تبالغَ في عرض فعالياتها، وأذنت لكلّ مغالٍ ومبتدع ومارقٍ من الدين أن يجاهر بما لديه من ضلالاتٍ وكفريّات وحقاراتٍ مقرفة مقزّزة!

فواحد يقول: إنّ نهج البلاغة أظهر بلاغةً وفصاحةً من القرآن العظيم!

وناعق آخر يقول: اعبدوا ربّكم الإمامَ الحجة، فأنا أعبد الإمام الحجة ربي وربكم وربّ الكون، وأعبد جدّه ربي محمداً صلّى الله عليه وآله وسلم.

ويقول: إنّ جنود الإمام الحجة (313) صاروا جاهزين، وهؤلاء جهزوا اثني عشر ألفاً، والاثنا عشر ألفاً جهّزوا سبعةً وخمسين ألفاً، وهم بانتظار إشارة الإمام روحي له الفداء!

ويزعم هذا المفتري أنّ الإمام الحجة هو الذي يرسل الرياح والفيضانات ويحرق الغابات، وهو الذي سيظلّ يقف في وجه أمريكا حتى يزلزل الأرض من تحتها!

وفي الوقت نفسه يقول: إنّ الإمام الحجة يناديكم: هل من ناصر ينصرني!

ولا يدري هذا المغفّل الجاهل كيف يوفق بين قوله: إنّ الحجة يتحكّم بالكون كلّه، وقوله: إنّ الحجة لم يظهر حتى الآن؛ لأنه لن يجد من ينصره، وهو على الدوام ينادي:

هل من ناصر ينصرني؟!

إذا كان هذا الحجة الموهوم، يتصرف بالكونِ، ويرسل الرياح والأعاصير، ويفجّر البراكين؛ فما حاجته إلى أناسٍ ضعفاء، ليسوا سوى عبيد ضعفاء عند ربهم الحجة!؟

وناهق ثالث يقول: كان إبليس من الجنّ، فبلغ رتبةَ سلطان الملائكة!

بم بلغَ هذه المرتبة السامية؟

ما بلغ تلك المرتبة السامية إلا بولايته أميرَ المؤمنين عليه السلام!

أتجد أخي القارئ أغبى وأجهل وأحقر ممن يعتقد بأمثال هذا الفكر الوسخ!

جميع ما تقدّم وأمثاله كثيرٌ كثير؛ ليس من دين الإسلام في شيء، إنما هو ضلالاتٌ وكفريّات، أثراً من آثار الجهل المركّب، والغلوّ البغيض الذي هو سمة هذه الطائفة!

إنّ الأكرادَ يعيشون في إقليمهم بعيدين عن أيّ ضغوطٍ سياسية وأمنيّة واجتماعية وطائفيّة، من الطائفيين الجهّال، الذين يتحكمون بمصير العراق ودينه وأخلاقه!

إنّما الذين تمارس عليهم جميعُ الضغوط؛ هم أبناء الإقليم السنيّ في العراق!

وفي تقديري الشخصيّ، فإنّ العراق لن يستقرّ، ولن يتطوّر، ولن يسوده الأمنُ، ولن يرتاح شعبُه كلّه، إلا إذا كان فيه إقليم سنيّ، لا سلطة لغير أهل السنة عليه، وإقليم شيعيّ، لا دخل لأهل السنة فيه!

ومن الغباء السياسيّ أن تحرص على وحدةٍ مع أناسٍ يرونك كافراً، ويستحلّون قتلك!

ومن يظنّ أنّ «داعش» وحدها، تعتقد بجواز قتل أتباع الحكومة الطائفية العميلة؛ فهو واهم!

فجماهير أهل السنة لا يرون الطائفيين الرافضة على دينٍ أصلاً، والرافضة لا يرون أهل السنة سوى نواصب، هم أكثر قذارةً ونجاسةً من اليهود والنصارى.

إنّ الدين الشيعيّ الإماميّ من أوّله إلى آخره؛ هو دينٌ سياسيّ، وسائر طقوسه ومظاهره وأعياده وذكرياته التي يقدسها، لا توحي بشيٍ آخر سوى ذلك!

وإنّ دين أهل السنّة؛ هو دين عباداتٍ وأخلاق فردية واجتماعية، أما في السياسة؛ فهو دين علمانيّ، أو كما قال الرئيس «أردوغان» الذي يجلّه ويعظمه جماهير أهل السنة: أفراد الأمة مسلمون، وسياسة الدولة علمانية!

ولعمري لم يكن معاويةُ شيئاً آخر سوى هذا، والمسلمون السنة لا يريدون أكثرَ من هذا أيضاً!

فأنا أنصح إلى قادة الفكر والقادة السياسيين العراقيين بأن يتوافقوا على فدراليّة الأقاليم الثلاثة: السني والشيعي والكرديّ، فهذا خيرٌ من دوام الصراع، وانهمار الدماء، وتعطيل النهوض بالبلد والتقدم والازدهار، والعيش بطمأنينة وأمان!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً 

والحمد لله على كلّ حال.