السبت، 29 مايو 2021

 مَسائل فكرية (12):

أمسك عليك لسانك!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

اتّصل بي أحد الإخوة الصالحين الأحباب، وقال: تواصل معي أحدُ الإخوة الشوام، وقال: بلّغ سلامي لحبيبنا الشيخ عداب، وقل له: أمسك عليك لسانك!

قلت له: جزاكما الله خير الجزاء، لكن ما المناسبة؟

قال: إنّك تتهجّم على بعض الصحابة، رضي الله عنهم!

أقول وبالله التوفيق:

لدينا في منهج الاستدلال الإسلاميّ قاعدة نظريّة ممتازة، تحتاج إلى تطبيق سليم!

«إذا كنت ناقلاً؛ فالصحة، وإذا كنت مدّعياً؛ فالدليل».

عندما أقول أنا: إنّ حديثَ مبيتِ الإمام عليّ في فراش الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم؛ غير صحيح!

هذا لا يعني أنّني مبغض للإمام!

وعندما أقول: إنّ حديثَ (لضربةُ عليٍّ عمروَ بن عبد وَدٍّ يوم الخندق؛ تعدل عبادة الثقلين) إنّه حديث باطل؛ لا يعني هذا أنني مبغض للإمام عليه والسلام.

وكيف أكون مبغضاً، وأنا متّهم بالرفض، والرافضةُ أكثر من يُغالون بالإمام عليه السلام؟

والحقّ أنّ شريحةً كبرى من أهل السنّة؛ لا يَغضبون إذا أنت هوّنتَ من شأنِ الإمامِ لاعتقادهم أنّ تهوينَك من شأنه؛ يزيد من تماسكهم ضدّ الشيعة!

فهم ضدّ الشيعة منذ البداية إلى اليوم، ولذلك فإنهم صنّفوا مئاتِ الكتب في الردّ على الشيعة، وفي تضليلهم وفي تكفيرهم، وفي وجوب جهادهم ومحاربتهم!

لكنّهم لم يفردوا مصنّفاً واحداً في تاريخهم كلّه، أحصى لنا النواصبَ، وأوضح لنا معالم فكرهم، وآثارَه السيئة على علم الجرح والتعديل، وعلى متون الروايات!

وقول الحافظ ابن حجر: إنّ أكثر النواصبِ أهل دين؛ من أبطل الباطلِ، بل هم جميعهم منافقون، على الأقلّ في دائرة النفاق العمليّ!

أمّا إذا جئنا إلى الصحابةِ الذين يهتمّ بهم الواعظ والموصل وغيرهما، وهم سائر الصحابة التابعين للسلطة الحاكمة؛ فالأمر مختلف عندهم تماماً!

حتى معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وعبدالله بن الزبير، وأبو الأعور السلمي؛ مقدسون عندهم، فأي نصبٍ أكبر من هذا يا أهل السنة؟

أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأرضاهم، هم صحابة كرام، صحبوا الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، بكل تأكيد!

لكنهم غير معصومين، ولم يكونوا المُثلَ العليا في السلوك والآداب، كما يصوّرهم كتّاب أهل السنّة، الذين إن لم يكونوا من النواصب؛ فهم يشتركون مع النواصب في تعظيم هؤلاء، وعداوة كلّ شيءٍ يتعلّق بالتشيع، حتى لو كان الصلاةَ على الآل!

وأنا لم أسئ إلى واحدٍ من هؤلاء في حياتي قطّ، إنما وصفتهم بما هم عليه، كما وصفت عليّاً بما هو عليه!

إذا قلت: كان أبو بكر وعمر أسودين، فهذا هو الثابت، ولم يكونا أبيضين قطّ؛ قلتم: أطعن في أبي بكر وعمر!

إذا قلت: كان أبو بكر رجلاً فقيراً، ولم ينفق على الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم درهماً واحداً، لأنه كان بائعَ ثوب، ولم يكن تاجراً، فهذا كذب!

قلتم: يطعن في أبي بكر!

إذا قلت: لم يكن أبو بكر وعمر وعثمان من الشجعان رجال الحرب؛ قلتم: يطعن في خير الصحابة!

الخلل في عقولكم، وفي عواطفكم ، وفي ثقافتكم المصنوعة المكذوبة، وليس الخلل لديّ والله!

وكم من عائبٍ رأياً سديداً        وآفته من الفهم السقيم

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

الجمعة، 28 مايو 2021

 قَريباً مِن السِياسَةِ (8):

وَسيمُ بنُ يوسفَ الفلسطينيّ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

لا يخفى على الإخوة الأصدقاء، والإخوة المتابعين؛ أنّ حسابي الأصليّ على فيسبوك قد أغلق تماماً، بسبب منشورٍ عن فلسطين الحبيبة!

وأنّ حسابي الجديد؛ لم يستمرّ سوى ثلاثةِ أيامٍ، بسبب تعليقةٍ عن فلسطين الحبيبةِ، وما زال معطّلاً!

وأنا لا أدري عن فائدة كتابتي على المدونة هذه، ومدى انتشارها شيئاً!

لكنني أكتب في المكان المتاح، والله تعالى يتولى قَبولَ العملِ الصالحِ.

فلسطين أرض إسلامية عربية وقفيّة، لا يملك جميع حكّام العرب حفنةَ ترابٍ من تربتها المقدسة، ومن لا يملك؛ لا يحقّ له التصرّف!

سواء أقرّوا للصهاينة اللقطاء بما قبل الرابع من حزيران (1967) أم بمقرّرات «أوسلو» أم قاموا بالتطبيع!

هذه الأرض للإسلام، وللمسلمين، وليس لغير المسلمين فيها سوى الإقامةِ مع الأدبِ والخضوع لسلطان الإسلام!

أنا الفقير أكتب عقيدتي وديني، ولا أمثّل غير نفسي، حتى أولادي وبناتي وتلامذتي؛ يخالفونني في كثيرٍ أو قليلٍ مما أعتقده، أو أقوله!

أنا الفقير في السنة الرابعة والسبعين، من السنة العربية الهجرية، فماذا أنتظر، وممّن أخاف، وعلامَ أخاف؟

عندما كنت شاباً وكهلاً وشيخاً؛ لم يخفني مخلوقٌ تّخُطّ رجلاه الأرض، أأخاف وأنا على وشك أن أدفن تحت هذه الأرض؟

كلّا وألف كلّا والله، لن أكفّ عن قولِ الحقّ الذي أعتقد، حتى آخر نفسٍ لي في هذه الدنيا، وأسأل الله تعالى المعونة والثبات!

الدكتور وسيم يوسف، واحدٌ من ظاهرةٍ واسعةِ الانتشار في المجتمع العربيّ، رافقت هذا المجتمع العربيّ المسلم منذ بداياته، ولا تزال هذه الظاهرة تتوسع وتزداد حمقاً ورعونةً وتأثيراً على العقل الجمعيّ؛ طلباً للسلامةِ، وعبوديةً للحاكم الطاغية!

عندما سألني عددٌ من الإخوةِ عن هذه الشخصيّة الإعلاميةِ، شاهدتُ عدداً من مقاطعه، فلم أجد شيئاً ذابال!

فلا الرجل يجيد العربية، ولا المنطق، ولا آداب المناظرة والحوار، ولا يحسن الكلام في التفسير والحديث والأصول والفقه، ولا حتى تفسيرَ المنامات!

إنّ حكّام العرب في كلّ مكان؛ يخططون لتكون شعوبهم جاهلةً بدينها الحقيقيّ، ويريدون أن تكون اهتمامات تلك الشعوب فيما يريد أولئك الحكّام!

ولهذا فإنها تمنح الظهور الإعلاميّ لمثل وسيم يوسف، ومحمد شحرور، ومحمّد حبش، وعمرو خالد، وضربائهم الكثيرين!

وسيم يوسف؛ من أصولٍ فلسطينية، وهو يحمل الجنسيّة الأردنية!

«على حسب المعمول به في زماننا، أمّا أنا؛ فلا أعترف بجميع هذه الجنسيّات على الإطلاق، إنما أنا مسلم، وجميع بلاد الإسلام وطني، وحيثما أقمت؛ فتكون إلى ذلك البلد نسبتي!

ولا يمنعني من حريّة الإقامة في أيّ بلد منها، إلا ظالم عميل!».

ثم منحوه الجنسيّة الإماراتيّة، بعدما رأوا في شخصيته الانتهازيّة موضعاً للتوظيف والتسخير!

إنّ حكّام العرب جميع حكام العرب عبيد للغربِ الصليبيّ، ووسيم يوسف، وضرباؤه عبيد العبيد، فما عساي أن أقول عنه؟

ولو كان عبدالله مولىً؛ هجوتُه

ولكنّ عبدالله مولى المواليا

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

الجمعة، 21 مايو 2021

يا فلسطين!؟ 

هالَكَ الخَطبُ، أم دهاكَ البلاء

أم شفاكَ من غَزّةَ النبلاءُ

غَزةُ العِزِّ، والرجولةُ  نَهمى

والبهاليلُ في الجهادِ الثناءُ

يا صناديدُ ما تناهى إلينا

عنكم اليومَ مَوثقٌ وإباء

كلّلَ الله جمعَكم بفخارٍ

وعلاءٍ يطيب فيه العلاء

ولصهيون من لظاكم شظايا

تحرقُ الأرضَ، تصطفيها السماء

ليتني كنتُ في حماكم رديفاً

يرتضيني من داركم أصفياء

نحن للقدسِ والديار فداءُ

في فلسطينِنا يطيب الفداء

علّ يوماً يَذِلُّ فيه كلابٌ

نصّبوهم على الديار، وشاؤوا

دارنا وحدةٌ، وشامٌ شريف

وحدةُ الدينِ في شذاها الشفاء

سوف نأتي لدكّ صهيون يوماً

بعد هدّ الطغاة؛ يحلو النداء

ليس نبقي من اليهود لئيماً

ليس يبقى في دارنا أشقياء

كل من كان في أرضنا ليهودٍ

سوف يلقى مصيرَه، يا علاء!

الاثنين، 17 مايو 2021

 قَريباً مِن السِياسَةِ (7):

اللهم انصر أهلنا في فلسطين!
بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

بعضُ الإخوة المتابعين؛ يطالبونني بمتابعة الحديث عن فلسطين، والكلام عن جرائم اليهود، وبيان فظائعهم!

أقول وبالله التوفيق:

ذكرت سابقاً أنّ العالم ليس إعلاميّاً، وظيفة العالم؛ هي بيان الحكم الشرعيّ، وبيان موقفه من الحدث!

أمّا وظيفة الإعلاميّ؛ نقلُ الحكم الشرعيّ، وتكراره بصيغ متعددة، حتى يترسخ في عقول الناس، ويشكّل عقلاً جمعيّاً، وثقافة عامةً في الأمة.

إنّ للإعلاميّ مصادره في تلقي الأخبار وتوصيفها، مما لا يعرف العالم عن صدقيتها شيئاً!

فإذا تلقى العالم معلوماته عن الإخباريّ؛ فقد نزل عن درجة العلم؛ لأنّ الإخباريّ لا يتحرى الدقة التي يتوجب على العالم تحرّيها.

ولست أدري لماذا يجب أن أتحدث أو يتحدّث غيري يوميّاً عن فلسطين تحديداً، وليس عن سوريا أو العراق أو اليمن؟

ما دمنا نتحدّث عن مأساةِ سوريا ببيان الموقف الشرعيّ من الحدثِ؛ فعلينا أن نبين الموقف الشرعيّ من أحداث فلسطين، وليس علينا الدندنة والشجب والاستنكار في كل ساعة؟

إنّ احتلال فلسطين؛ لا يختلف شيئاً عن احتلال سوريا، عن احتلال الحجاز، إذ لا يختلف آل سعود، وآل الأسد، وسائر حكام العرب عن «نتنياهو» في شيء!

وفي فهمي الشخصيّ، كلّ علمانيّ؛ هو نتنياهو آخر، إذ لا فرق بين منتسب إلى أبوين مسلمين ويرفض تطبيق الإسلام، وبين يهوديّ البتة!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

الجمعة، 14 مايو 2021

قَريباً مِن السِياسَةِ (6):

نَحنُ مَع فِلسطينَ الحبيبةِ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

أعجبني كثيراً قولُ أحدِهم: نَحنُ مع حركاتِ المقاومةِ الفلسطينيّة على الحقِّ والباطلِ، سواءً بسواء!

وحاشا لله تعالى أن نكونَ مع الباطلِ قولاً أو فعلاً أو إقراراً، ولو لحظةً واحدة!

إنما المقصودُ أنّ ما يراه الصهاينةُ اليهود، والصهاينة الأمريكان والغربيون، وما يراه صهاينةُ العربِ باطلاً؛ هو عندنا حقّ، ونحن معه على طول الخطّ!

إذا ردّت الفصائل المسلّحة على انتهاكات الصهاينة؛ فهي على حقّ!

وإذا خطفت الفصائل المسلحة جنوداً، أو مدنيين صهاينة؛ فهي على حقّ!

وإذا اغتالت الفصائل المسلّحة رجالاً في الجيش الصهيونيّ، أو أجهزة الأمن الصهيونية؛ فهي على حقّ!

وإذا ابتدأت الفصائل المسلّحة الهجوم على الصهاينة بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ فهي على حقّ!

وإذا اعترضت سفنهم، وصادرت محتوياتها، أو أحرقتها؛ فهي على حقّ!

لأنّ الصهاينة مغتصبون الأرض المقدّسة عند المسلمين، والمسلمون معها في حالة حرب!

وجميع المسلمين في العالم آثمون، حتى يستعيدوا فلسطين من أيدي اليهود وأعوانهم، مهما طال الزمان، وعظمت التضحيات!

نحن المسلمين؛ لا نعترف بالكياناتِ التي صنعها أعداء الإسلام، ولا بالقرارات التي تصدر عنها، وعن دولِ الاستكبار العالميّ، في الشرق أو الغرب، فجميع هؤلاء وهؤلاء أعداءٌ للإسلام والمسلمين.

ونحن لا نعترف بالسلطات الحاكمة، التي وظّفها الاسكتبار العالميّ؛ لتنفّذ برامجه، وتخدم مصالحه في بلاد العرب المسلمين.

نحن نعيشُ حياةَ اضطرار، لا حياةَ اختيار، وخضوعُنا لهذه الأنظمة المجرمة الفاسدة أو تلك؛ أثرٌ من آثار هذا الاضطرار!

فإذا نحن تمكّنا من التصرّف بعيداً عن إذن أولئك المجرمين السفلة الذين يتسلطون علينا؛ فهذا واجبٌ شرعيّ، وليس جائزاً فحسب!

شريطةَ أنْ لا يكون تصرّفُنا هذا مضرّاً بأبناء أمّتنا الخاضعين إلى سلطان أولئك الطغاة المجرمين بقوة الحديد والنار.

والطاغيةُ الذي يقتل مسلماً واحداً  ظلماً؛ يجب عليه أن يمكّن من نفسه للقصاص فإن لم يَفعلْ، وكان قَتلُه المسلمَ ظلماً ثابتاً بالوسائل المعتدّ بها شرعاً؛ فلوليّ دم المسلمِ المقتول المظلومِ؛ الاقتصاصُ منه متى تمكّن، وعلى المسلمين القادرينَ معاونته على ذلك، ما لم يَعُدْ هذا بالضرر البالغ على المسلمين، الذين يخضعون إلى ذلك السلطان المجرم القاتل.

وهذا الحكم يسري أوّلَ ما يسري على جميع مَن حَمل السلاح من الصهاينةِ، رجالاً أم نساءً، صغاراً أم كباراً، كانوا بملابس عسكريّة، أم كانوا بمظهر المدنيين!

على الصهاينةِ رجالاً ونساءً وأطفالاً؛ أن يعودوا إلى البلدان التي يحملون جنسيّتها!

فتلك هي بلادهم، وليس لهم في أرض فلسطين المقدّسةَ شبرٌ من أرض!

ومَن يَلُمِ المجاهدَ صاحبَ الحقّ في سعيه لاستعادةِ أرضه، وحصوله على حقّه، بأي وسيلةٍ كانت؛ فهو المجرم، وهو الإرهابيّ، وهو المنتهك لحقوق الإنسان، ولسيادةِ الشعوب على أراضيها.

نحن لم نذهب إلى أوربّا، ولم نَقْتُلْ رجالها ونساءها، إنما أوربّا هي التي احتلّت أراضينا وقتلت رجالنا، واغتصبت من نسائنا، وكذلك أمريكا، والصهاينة!

فالإرهابُ ألصق أوصاف أولئك المستكبرين المجرمين، وليس وصفاً لنا!

وتقبيحُ أعمال المسلمين ضدّ الغرب؛ هو من الإرهاب الممنهج الدالِّ على أنهم ما يزالون بالعقليّة الاستكباريّة المجرمة القاتلة ذاتها!

ليخرجوا من أراضينا، ليبتعدوا عنّا، فليس لهم في ديارنا أيّ مصلحةٍ لم نقرّر نحن جواز وجودها في بلادنا!

عليهم أن يبتعدوا عن ديار الإسلام، وأن يجنحوا إلى السلام، وإلّا فإنّ أحكام الله تعالى واضحة أمامنا، ولا يستطيع أي عميلٍ وسخٍ أن يغيّر من دلالاتها، أو يقيّدها بهواه، إرضاءً لسادته المحتلين الغاصبين!

(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ، فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) [البقرة].

(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) [التوبة].

واللهُ تعالَى أعلَمُ

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

الأربعاء، 12 مايو 2021

اجتماعيات ():

إخواني الأحبة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فقد تمّ إغلاق حسابي بفروعه الثلاثة على (فيسبوك) فنأمل أن يكون تواصلنا ههنا على صفحة المدونة هذه.

وأرجو دعاءكم لأخيكم بالعفو والعافية وحسن الختام.

والحمد لله ربّ العالمين.

 قَريباً مِن السِياسَةِ (5):

فِلسطينُ والانتفاضةُ الجديدةُ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

قالوا، وقالوا، وقيل:

ليس مستبعداً أنّ ما يجري في القدسِ؛ افتعالٌ سياسيّ من أيّ جهة من الجهات الفلسطينية، أو أكثر من جهة!

وليس مستبعداً أنّ ما يجري في القدسِ؛ تحريكٌ أمريكيّ، وغير أمريكيّ؛ لأنّ نظرية «بايدن» والاتّحاد الأوربيّ؛ هي حلّ الدولتين، وليس صفقة القرن!

وليس مستبعداً أنّ ما يجري في القدسِ؛ هو لفتُ نظرٌ من دهاقنة السياسةِ الصهيونية؛ لتوحيد «الصهيونية» المسيحية حول «نتنياهو» الذي يريد إبقاءَ الوضع الفلسطيني الصهيونيّ في حركةِ صراعٍ دائم؛ لأنّ شعورَ اليهوديّ بالخطر؛ هو الذي يوجّه اهتمامَه نحو التوحّد، والابتعاد عن الصراع والنزاع الداخليّ.  

قد يكون ذلك كله صحيحاً، وأنّ المسألة ذاتُ بعدٍ وَظيفيّ، وليست انتفاضةَ شعبٍ يريد انتزاعَ حقوقه المشروعة في الحريّة والاستقلال!

بيد أنّ الأصحَّ من هذا كلّه؛ أنّ فلسطين بلدٌ مسلمٌ مقدّس، لم تُذكر في القرآن العظيم أيّ أرضٍ بأنها مقدّسةٌ، سوى أرض فلسطين!

فمهما كان مَقصَدُ الموجّهين لهذا الحراكِ؛ فإنّ فلسطينَ كلَّ فلسطين يجب على المسلمين استعادتُها، وتطهيرها، وتنميتها، وتجميلها، وتعظيمها، مثل الحرمين الشريفين تماماً.

وكما أنّ الصهيونية اليهودية والصهيونيةَ المسيحيّة يستغلون الأحداثَ، ويحاولون توظيفَها في صالحهم؛ فكذلك على المسلمين أن يوظّفوا هبّةَ «المقدسيين» في سبيل إبقاءَ القضية الفلسطينية حيّةً متوهّجةً في نفوس المسلمين وقلوبهم وعقولهم!

إننا لا نرضى بالوجودِ الصهيونيّ العنصريّ في فلسطين!

إننا لا نرضى بالوجود اليهوديّ المقدس في فلسطين!

إننا لا نرضى بوجودِ كيانٍ سياسيّ صهيونيّ عنصريٍّ في فلسطين!

إننا لا نرضى بوجود كيانٍ علمانيّ في فلسطين، وفي الحجاز، وفي أيّ مكانٍ من أرضٍ الإسلام!

إننا نطالبُ ونسعى إلى «دولةٍ مدنيّة» يحكمها الإسلام، ولا يكون في دستورها ولا في قوانينها مادّةُ واحدةٌ مستقاةً من غيرِ عقيدةِ الإسلام وشريعته.

إننا نريد فلسطينَ كما نريد الحجاز دولةً مقدسةً مطهّرةً، لا مكان فيها للملاحدة والعلمانيين، والمتفلتين من أحكامِ الإسلام، وقيم الإسلامِ، وأخلاق الإسلام!

إننا نريد فلسطين ساميةً فوقَ السفور والفجور والخمور وحانات القمار!

إنّ أهلَ فلسطين اليومَ؛ هم أحفادُ الصحابة الفاتحين، ومنهم أحفاد مسلمين، جاءوا من شتى أصقاع الأرض، مجاورين في الأرضِ المقدّسة، ملتمسين بركةَ الله تعالى فيها!

فمتى خالفوا قدسيّةَ فلسطين، وعملوا بالفواحش والسلوكيات الدنسة؛ يجب أن يخرجوا منها إلى البلاد التي تسمح بوجود شركٍ وإلحادٍ وعلمانية وفسوق!

هذا ما نريده نحن، وهذا ما نسعى إليه، وسنظلّ نسعى إليه؛ حتى نعيدَ إلى أرض الحرمين الشريفين وفلسطين قدسيّتها وطهارتها، فلا يَرى المقيمُ فيها والحاجُّ إليها ما يتنافى مع هذه القدسيّة بتاتاً!

فلا مكان فيها لملحدٍ ولا لمشركٍ ولا لطبيعيٍّ ولا لعاهرٍ ولا لخمّير سكير!

صحيحٌ أنّ هذا مطلوبٌ في جميع بلادِ الإسلام، لكنّ خصوصيّةَ الأرض المقدسةَ والحجازِ الشريفِ؛ لا يماري فيها مسلمان!

فيتعيّن على الحكوماتِ التي تحكم بلادَ العربِ بالحديدِ النار!

وعلى المنظمات والهيئات والأحزابِ في بلاد العربِ؛ أن تدعم صمودَ أهلنا في بيت المقدس وفي غزّةَ وسائر ربوع فلسطين!

وإلا فإنني أحذّر أولئك «الأتباع العبيد» من أنّهم سيكون حجارةً دنسةً محترقةً في أتون الثورة الجارفةِ التي ستطيح بهم وبسادتهم الصهاينة اليهود والصهاينة المسيحيين والصهاينة العرب، وهم أحقرُ أصناف الصهيانة الثلاثة!

واللهُ تعالَى أعلَمُ

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

الاثنين، 10 مايو 2021

مسائل حديثيّة (12):
الحَديثُ الفردُ المطلَقُ بين الاحتجاج والاعتبار!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
تتّسم دراساتنا الحديثيّة بالسطحيّة، غالباً، ويَسودُ في أوساطنا الاتّهامُ وسوءُ الظنِّ!
والأكثرون ينطلقونَ من التَقليدِ، وتقديس القواعدِ الحديثيّة، وهي قواعد نسبيّة في الأساس، على الرغم من دعواهم الاجتهادَ والانتفاخ!
حتّى إذا قام سلطانٌ جاهلٌ، وربما فاسق، وربما ظالمٌ، وربما منافقٌ حقيقيّ، فقالَ بقولٍ من الأقوالِ؛ توجّهتِ الأنظار إلى قوله.
وغدا القولُ الذي قاله من قبلُ عالمٌ مقتدر مجتهدٌ، مما يجب أن ينظَر فيه، بعد ما كان منكراً من القول وزوراً !
وما ذاك إلا لأنّ العقلَ الجمعيّ في الأمّة، ما زال عقلاً عبداً، لم يبلغ أولى مراتبَ الحرّية الحقيقيّة!
إنّه عقل جاهلٌ، خاضع لطاعةِ القويّ، حتى لو كان كافراً حقيقيّاً، لكنه غير مجاهر، بل حتى لو كان مجاهراً!
بل إنّ العقلَ الجمعيَّ العبدَ؛ يدعو لظالمه ومستعبده ومستذلّه، وهو ظالم جاهل جبانٌ وغد، وصل بمعونة الغوغاء العبيد إلى السلطةِ، أو بمعونة أسياده الكفّار!
هو لا يمتلك من المؤهلات العليا شيئاً، لكنه يمتلك جيشاً جاهلاً غبياً نفعيّاً، ينفّذ أوامر ذاك السلطان المجرم العميلَ، حتى لو قال له: اقتل نفسك، أو اقتل أخاك!
وحاشا لله تعالى ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يأمر المؤمنين الأحرار بطاعة هكذا مجرمٍ، ويحرّم الخروج عليه، ونزع سلطانه منه، رغماً عن أنفه وأنف أبيه وعشيرته الغوغاء الجاهلة!

أيها الإخوة المؤمنون:
إنّ قواعدَ علومِ الحديثِ، من أوّلها إلى آخرها؛ تنحصر تطبيقاتُها في دائرة «الظَنّ» وليس لها إلى اليقين من سبيل!
والذين ناقشوا إفادةَ خبرِ الواحدِ اليقين؛ كانوا غافلين قطعاً عن مثول هذه الحقيقةِ بين أيديهم!
كائنين من كانوا!
بل حتى لو كان فيهم: مالك، السفيانان، شعبة، يحيى القطّان، ابن مهديّ، أحمد، ابن المديني، ابن معين، فمن دونهم!
جميع هؤلاء الأئمة الذين تبالغون في تعظيمهم وتوصيفهم، إنما يتّفقون أو يختلفون على حديثٍ في دائرة الظنّ، لا يترقّى منه إلى درجة غلبةِ الظنّ إّلا أحاديثُ معدودة!
أمّا بلوغُ بعضِ الأحاديثِ درجةَ اليقين «المتواتر» فلو صحّت الدعوى؛ فهي أحاديث نادرةٌ في مجموع المرويّ!
وبمزيد من غيبةِ الوعي، أو مزيد من الجهلِ، أو مزيد من التضليلِ، أو مزيد من العجزِ؛ يذهبونَ، أو يذهب بعضهم إلى جعل كلّ حديثٍ صحيح غريب، أو حسنٍ حسبَ قواعدهم، سنّةً، يَبنونَ عليهم حصوناً وقلاعاً من الأحكام، بعضها ركنٌ، وبعضها شرطٌ، وبعضها واجبٌ، وبعضها في أصول الدين أيضاً!
وليس ذلك فحسب!
بل لو أنّ عالماً من العلماء توضّح له هذا الأمر، ورأى أنّ «الحديث الفردَ المطلق» لا يستحقّ ذاك الاهتمامَ المبالَغ فيه؛ لجعله بعضهم فاسقاً، ضالّاً، منافقاً، رافضيّاً، زنديقاً!؟
إنّ شيوعَ تقديس «الحديث الفرد المطلق» هو بحدّ ذاته دليلٌ على تخلّف عقليٍّ وعلميّ، لدى مَن نسمّيهم العلماء، كائنين من كانوا في القديم والحديث!
إنّ مصيبةَ المصائبِ؛ هي الرغبةُ الجامحة لدى جميع المتخالفين، في «إبقاء ما كان على ما كان» وتقديس التقليد، وما يسمّونه «استقرار المذاهب الفقهيّة»!
نتركُ هذه الكلام العامَّ، الذي لا يريدُ أن يفهَمَه أحدٌ تقريباً، إلى الكلام الخاصّ الموثّق!
(أ) تعريف الحديثِ الصحيح:
هو الحديث الذي يرويه عدلٌ ضابطٌ عن مثله، من أوّل السند «المصنّف» إلى منتهاه «الصحابيّ» من غير شذوذٍ ولا علّة!
هذا الحديثٌ الذي يتّفق المحدّثون – وسائر الأمة من ورائهم – على صحّته، ووجوبِ اعتباره في الدين!
وتحليل هذا التعريف:
(1) حديثٌ رواه صحابيّ واحدٌ عن الرسولٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم، والصحابة أكثر من عشرين ألفاً، لم يروه منهم أحد!
حديث هذا الصحابيّ المتفرّد؛ محتجّ بثبوته، ومحتجٌّ بضبطه وفهمه أيضاً!
سواءٌ أبو بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ!
أو أنس بن مالك، وأبو سعيد الخدريّ، وأبو هريرة، وعبدالله بن الزبير!
أو الصعب بن جثّامة، ومالك بن صعصعةَ، وأهبان بن أوس، وثابت بن الضحّاك!
بل حتى إذا وصلَ الأمر إلى غير المسمّين من ذلك الجيل، مثل ابن كعبِ بن مالكٍ، وبنت الحارث بن عمرو، ورجلٌ من الأنصار، و رجلٌ ممن رأى رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم!
لأنّ الصحبة عاصمةٌ عن الفسقِ، فضلاً عن النفاق، بله الكفر والردّة!
والتاريخ المقروء، والمسموع؛ يكذّب هذه القاعدة الواهية، التي بنوا عليها كثيراً من دين الإسلام!
(2) ثمّ هو حديثٌ لم يروه عن ذلك الصحابيّ المتفرّد به، سوى تابعيٍّ واحدٍ ثقةٍ، أو صدوقٍ، أو لا بأسَ به، أو حسنِ الحديثِ إن شاء الله!
والإمام الذهبيّ، وهو من أهل الاستقراء في علم الرجال يقول: إنّهم يطلقون لفظَ «الثقة» على متوسطي الحفظ!
(3) ثمّ لا يرويه عن ذلك التابعيّ الموصوف بإحدى تلك الصفات الرائعة المتقدّمة «ثقةٍ أو صدوقٍ أو لا بأسَ به، أو حسن الحديثِ إن شاء الله» سوى واحدٍ من أتباعِ التابعين!
(4) ثمّ لا يرويه عن تابعِ التابعيّ الموصوف بإحدى تلك الصفات الرائعة المتقدّمة «ثقةٍ أو صدوقٍ أو لا بأسَ به، أو حسن الحديثِ إن شاء الله» سوى واحدٍ من تَبعِ أتباعِ التابعين!
(5) ثمّ تأتي طبقة المصنّفين الأئمة الحفّاظ الذين ملأوا الدنيا علماً، وحفظوا على الناس إسلامهم!
هذا الحديثُ بهذا التيسير والتفكيك الابتدائيّ؛ هو الحديث الصحيحُ، الذي يتصارع المسلمونَ على حجّيته في العقائدِ والأحكام!
هذا بمعزلٍ عمّا إذا كان التابعيّ المتفرّد من أهل العلم، أم كان مجرّد راويةٍ، أو كان مجهولَ الحال، لكنّه روى حديثاً ينسجم مع توجههم العامَّ، فذهبوا ووثّقوه!
هذا ما أفهمه من كلام ابن الصلاح أيضاً!
«وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ، فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ الَّذِينَ تَقَادَمَ الْعَهْدُ بِهِمْ، وَتَعَذَّرَتِ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ بِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» (ص: 112).
إنّ قواعدَ علوم الحديثِ؛ تخدم سلسلةَ الإسناد هذه!
ثقةٌ عن ثقةٍ، عن ثقة، إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ هو حديث صحيح، وهو سنّة!
صدوق عن صدوق، عن صدوق، إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ هو حديث حسنٌ، وهو سنّة!
صدوق، عن رجلٍ لا بأس به، عن رجل حسن الحديث إن شاء الله، إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ هو حديث حسنٌ، وهو سنّة!
هذا هو علمُ الحديثِ الذي تقدّسونه، وترفعونه إلى أعالي السماء!
فانتبهوا أيها الإخوة المؤمنون من غفلتكم التي مرّ عليها (1200) سنةً، ولم تنتبهوا منها، حتى كتابةِ هذا المنشور.
(ب) ما سبق هو الحديثُ الصحيح أو الحسن، الذي لا اختلاف بين أهل الحديث على قبوله، هكذا يدّعي المتأخّرون، ابن الصلاح، فمن جاء بعده!
فإذا انتقلنا خطوةً أعلى، فماذا نرى؟
هذا الصحابيّ الفردُ العدلُ الضابط الواعي لما سمع؛ لا شأن لنا به، فقد حاز مرتبة «العصمة» التطبيقيّة، فلا يدرس حاله ولا ضبطه ولا فهمه؛ لأنّه المنتهى في ذلك كلّه (فهم السلف الصالح).
أمّا التابعيّ؛ فمسموح لنا النظر في حاله وضبطه وفهمه، ولله تعالى الحمد!
التابعيّ الثقةُ الأول، الذي تفرّد بالحديث عن الصحابيّ؛ أعطينا حديثَه درجة حديث صحيح غريب!
فإذا تحققت الشروطُ والمواصفاتُ السابقة، في حديثِ الصحابيّ عمرٍو، لكنْ رواه عن الصحابيّ زيدٍ اثنان من التابعين، فهل بقي الحديث فرداً مطلقاً؟
كلّا بل يصبح حديثاً صحيحاً عزيزاً من حديث زيدٍ الصحابيّ المتفرّد به!
فإذا تحققت الشروط السابقة كلّها، لكن رواه عن الصحابيّ سهلٍ ثلاثةٌ من التابعينَ؛ فلا يبقى الحديث عن زيدٍ غريباً ولا عزيزاً، بل يصبح حديثاً مستفيضاً عن سهلٍ.
فإذا تحققت الشروط السابقة كلّها، لكن رواه عن الصحابيّ أنسٍ أربعةٌ من التابعين؛ فلا يبقى الحديث عن زيدٍ غريباً ولا عزيزاً ولا مستفيضاً، بل يصبح حديثاً مشهوراً عن أنسٍ!
فإذا تحققت الشروط السابقة كلّها، لكن رواه عن الصحابيّ الأغرّ سبعةٌ من التابعين؛ فلا يبقى الحديث عن زيدٍ غريباً ولا عزيزاً ولا مستفيضاً ولا مشهوراً، بل يصبح حديثاً متواتراً عن الأغرّ، عند بعض المحدّثين، وإليه يذهب الفقير عداب.
هذا الحديث لا يزال وصفه «صحيح غريبٌ لم يروه عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، سوى صحابيّ واحد، متواترٌ عن الصحابيّ الأغرّ»!
إنّ الخطأَ الفاحشَ لدى أهلِ الحديثِ؛ أنّ هذه الأوصاف الإضافيّة، التي زادت من نسبة الصحةِ في هذا الحديثِ الفردِ المظنون؛ لا يقيمون لها أيّ وزنٍ إضافيّ في الحكم على الحديث، ولا في التفريع عليه.
فالحديث بتفاوت أوصافه السابقة، هو حديثٌ صحيح، الفردُ المطلق منه، والمتواتر عن الصحابيّ، سيّان!
بهذا يثبتون عقيدةً، وبه يثبتون حلالاً وحراماً، وبالحديث المتواتر عن صحابيّه على حدٍّ سواء!
وسواء كان الصحابيّ أعلمَ الصحابة، أم كان معتّب بن قشيرٍ المجهول!
ونحن لو جئنا إلى مرحلة التمييز العقليّ، وتساءلنا:
هل الحديثُ الذي يرويه تابعيٌّ واحدٌ عن الصحابيّ، عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، هو في قوّة الحديثِ الذي يرويه سبعة أو عشرةٌ من التابعين، عن صحابيّ، ولو تفرّد به صحابيٌّ واحدً عن رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟
بتفكيك وتيسيرٍ أكثر:
الحديث بجميع مواصفاته المتفاوتة؛ حديث فردٌ غريبٌ لم يروه عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، سوى صحابيّ واحد!
لكن رواه عن الصحابي عشرة، فيمكن أن نعطيه درجة (70%) من الثبوت عن صحابيّه!
فإذا رواه عن الصحابيّ تسعةٌ من التابعين، فيمكن أن نعطيه درجة (69%) من الثبوت!
فإذا رواه عن الصحابيّ واحدٌ من التابعين، فيمكن أن نعطيه درجة (60%) من الثبوت!
هل يقول عاقلٌ في الدنيا، من المسلمين والكافرين والمنافقين، بأنّ درجة ثبوت الذي يرويه واحدٌ عن واحدٍ؛ مثل درجة ثبوتِ الذي يرويه عشرة عن واحد؟
المسألة لا تحتاجُ إلى اتّهامٍ، ولا إلى تخوينٍ، ولا إلى تفسيق وتضليلٍ وتكفير!
تحتاجُ إلى درجة يسيرةٍ من الوعيِ؛ لكي يُضاف إلى قواعد المنهج النقديّ الحديثيّ التطبيقيّ، قاعدة كثرةِ الرواة.
هي موجودةٌ في المنهج لدى كثيرين من العلماء المتقدّمين، ومنصوص عليها، لكنها غير مطبّقة عمليّاً في الحكم على الحديثِ، وغير مطبّقة عند التفريع على الحديث!
فأهل الحديث، ومن ورائهم جميع الفرق الإسلامية؛ يثبتون العقائد والحلال والحرام، بالحديث الغريب الفردِ المطلق، وبالغريب المتواتر عن صحابيّه.
مع تفريع نظريّ ليس ذا قيمةٍ البتّة، بين أهل الحديث الذين يثبتون بالحديث الفرد المطلق الغريب الحسن لغيره العقائد والسنن «حتى»؟!!
وبين الأشاعرة الذين يقولون: إنهم لا يثبتون أصولَ الاعتقاد بهذا الحديث، إنما يثبتون به فروع العقائد!
والحقّ الذي يجب الجهر به؛ أنّ كتبهم الاعتقادية طافحة بالأحاديث الحسنة والضعيفة والمنكرة!
فتبقى المسألة لديهم نظريةً، ليست ذات بال!
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد لله على كلّ حال.