الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

نفثاتٌ من أين!؟ 

لا أدري !!

قالوا: تشيعتَ بعد النَصْبِ والنَصَبِ

يا أيّها الهائِمُ الحَمْويُّ عن غَضَبِ

فقلت: كلّا وربِّ البيتِ، ما نطقَتْ

منّي لَهاتي بحبِّ الناصِب الوَشِبِ

ما كنتُ يَوماً لغَيرِ الآلِ مُنتسِباً

أو كنتُ غيرَ عليٍّ أرتضيه أبي!

تيهوا بتيمٍ وعَدْيٍ ما بدا لكم

وارْضَوا أُميّةَ قاداتٍ من الوَشَبِ

فنحنُ نحنُ أساطينُ الوجودِ هدىً

ونحنُ نَحنُ كُماة العُجم والعرب

ونحن ساداتُ مَن يَأبى مُراغمةً   

ونَحنُ أنبلُ مَن يجثو على الركبِ

لا يَبلغُ الناس منّا مرتقىً أبداً

إلّا ببغيٍ ونكرانٍ بلا أدبِ

يا آلَ هاشمِ يأبى اللهُ غيرَكم

فأنتم الهام، والباقون في رُتبِ

لولا هُديتُم إلى رصِّ الصفوفِ  ضحىً

لمّا تجرّأ أهلُ البغيِ والحَرَبِ

فإنّ واحدَنا يا قومُ في حَنقٍ

جيشٌ، إذا جاشت الأنفاسُ من رَهَبِ

حسبي هو الله، أستجديه من حزني

عفواً، ومرحمةُ الرحمن عَن عتَبِ  

وإنّ مَعتبتي أني رأيتُكم

في دهري المرِّ مثلَ الناسِ في شَغَبِ

ثوبوا إلى اللهِ، رصّوا من صفوفكم

وهيّئوا الهاديَ المهديَّ عن كَثَبِ 

الاثنين، 29 نوفمبر 2021

 قَريباً من السياسة (19):

كيفَ تجدُ الحلَّ في سوريّا؟!

بسم اللهِ الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

تَواصل معي أحد الإخوةِ، فلم أردّ عليه؛ لأنني أعاني من صداعٍ شديدٍ وضغط على عينيّ كلتيهما، فكتب إليّ يقول:

«إذا كنتَ قلت في منشورك اليوم: إنك معارضٌ للنظام، ومعارضٌ للمعارضة السوريّة؛ فكيف تتصوّر الحلّ هناك؟ فقد ضاق الناس ذرعاً، ويزدادون ضجراً وحقداً وجهلاً وضياعاً!؟

أقول وباللهِ التوفيق:

رضي اللهُ على سيّدنا الإمام عليّ، فقد قال: «قالت قريشٌ: إنّ ابن أبي طالبٍ رَجلٌ شُجاعٌ، ولكنْ لا عِلْمَ له بالحَرْبِ، يعني بفنونها!؟

لله أبوهم!!

وهل أحدٌ منهم أشدُّ لها مِراساً، وأقدمُ فيها مُقاماً منّي؟!

لقد نَهضتُ فيها، وما بلغت العشرينَ، وها أنا ذا قَد ذَرّفتُ على الستين!!

ولكنْ: «لا رَأيَ لِمَنْ لا يُطاعُ»!؟

فإذا كان الإمامُ عليه السلام، يشكو من أنّه لا يُطاعُ، أفيطاعُ عداب؟!

هذه واحدة!

والثانية: إنّ المعارضةَ اليائسة البائسة؛ تابعةٌ لأسيادٍ كثيرين، فهي ليست ذاتَ رأيٍ واحدٍ، ولا هي ذاتُِ قائدٍ واحد، بل إنّ قاداتها الساسة، وقياداتها العسكريين؛ يبلغون المئات، وبعضهم لا يعرفني، وإن عرفني؛ فليس ورائي جيش جرّار، ولا لديّ مليار دولارٍ في الحدّ الأدنى، وبالتالي، فليس لكلامي أدنى قيمة!

مَرّت فترةٌ يسيرةٌ تولّيت فيها قيادةَ كتيبةٍ مجاهدة في لبنانَ، وكان من أهمّ مآربي من تَولّي هذا المنصب؛ أن أجمع بينه وبين الجماعة الأمّ «الجماعة الإسلامية» بقيادةِ الأستاذ «فتحي يكن» رحمه اللهُ تعالى!

حَدّثتُ الأستاذ فتحي بهدفي هذا؛ فسرّ كثيراً، ودعاني عدّة مرّاتٍ لاجتماع مجلس الشورى، ومجلس القيادة، ولكني رفضتُ رفضاً باتّاً!

كان الرجل يستقبلني بغاية الحفاوة، ويخصّص لي وقتاً للانفراد به، حتى تمّ ذلك الهدفُ، وبايع مجلس شورى الكتيبة الأستاذ «فتحي يكن» وَفقَ ترتيباتٍ محدّدة، سوى أخٍ واحدٍ، فإنه رفض مبايعةَ الأستاذ فتحي، كما رفض الانضمام إلى الجماعة الإسلاميّة!

عقبَ يومين من هذا الاتّفاق؛ انقلب عددٌ من أعضاء مجلس شورانا على الاتّفاق، وتفرّق الجمع!

فقدّمت استقالتي، وبقيت وحدي، ليس معي سوى ثلاثة تلامذة!

دخلتُ مرّةً إلى مركز الجماعة الإسلاميّة في طرابلس الحبيبةِ، واستأذنت على الأستاذ فتحي، وحين دخلتُ إليه؛ سألني سؤالاً، فأجبته بكلّ شفافية، ثمّ سألته سؤالاً، فغضب وقال لي بالحرف الواحد:

«أنت مَنْ، ليش أنت مَن حتى تسألَ مثلَ هذا السؤال، قل لي: أنت مَن؟

من الجيّد أن يعرف الإنسان قدرَ نفسه» فتركته وخرجت!

وهكذا شأنُ جميع الحزبيين، من إسلاميين وعلمانيين وشيوعيين، وغيرهم [قبّح اللهُ أحزاب الفُرقَة كلّها]!

والثالثة يا عزيزي الفاضلُ:

إنّ سوريّا الحبيبة محتلّة، أقبح احتلالٍ عرفه التاريخ!

فقسم منها يحتلّه النظام!

وقسم منها تحتلّه داعش!

وقسم منها تحتلّه النصرة!

وقسم منها تحتلّه بقية الفصائل الوهابيّة!

وقسم منها يحتله الجيش الوطنيّ المعارض، برعاية تركيّة!

وقسم منها يحتّله ملاحدةُ الأكراد!

وقسم منها تحتلّه إيران!

وقسم منها تحتلّه الفصائل الرافضيّة!

وقسم منها تحتلّه أمريكا!

وقسم منها تحتلّه روسيا!

فمَن سيمع لمَنْ؟

لا أظنّ لدى النظام حلّاً سوى الدم!

ولا أظنّ لدى المعارضة حلّاً سوى الدم!

ولولا الدول الخارجيّة المحتلّة، وما بينها من تعارضٍ وتناقضٍ في الأهداف، وفي المواقف؛ لأفنى النظام والمعارضة بعضهما بعضاً!

فالحلّ الماديّ - يا صديقي القديم - بيد أمريكا أوّلاً، وروسيا ثانياً، وإيران ثالثاً، وتركيا رابعاً.

والحلّ الأعظم؛ لا أعلمُ  أحداً يريده، هو الحلّ الإلهيّ!

الحلّ الإلهيّ أوّل خطواته؛ الوحدة على التقوى!

وثانية خطواته، التحرّر من التبعيّة لأيّ أحدٍ، سوى اللهِ تعالى.

وثالثة خطواته؛ التوبة النصوح!

ورابعة خطواته؛ الحدّ الأدنى من العلم الشرعيّ.

وخامسة خطواته؛ الامتناع التامّ عن المحرّمات.

وسادسة خطواته؛ المحافظة على الفرائض.

وسابعة خطواته؛ المحافظة على تلاوة القرآن الكريم على الدوام.

وثامنة خطواته؛ المحافظة على قيام الليل.

وتاسعة خطواته؛ الاستغفار.

وعاشرة خطواته؛ التسبيح.

وحادية عشرة خطواته؛ الصلوات والتسليمات الكثيرة على الرسول صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم.

وأخيراً؛ الخروج بقيادةِ سماحة مفتي البلاد، حاسرين الرؤوسَ، دامعينَ العيون، إلى البراري والفلوات، لاجئين إلى اللهِ تعالى بالدعاء والضراعة، وسيستجيب لنا اللهُ تعالى برحمته حتماً!

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ، فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42).

فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا !!

وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) [الأنعام].  

(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا؛ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا !!

فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ، وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) [يوسف].

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا؛ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65).

وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ؛ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ !!

مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66).

يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ:

بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ؛ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ !!

وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) [المائدة].

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كل حال.

 اجتماعيات (٣٨):

الرسوم المسيئة إلى الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم.

في الشمال السوريّ المعارض!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

كتب إلي وهاتفني عدد من الإخوة، يريدون مني أن أبدي رأيي بما حصل ، من ضجّة كبيرة، بشأنِ منهاج السيرة النبويّة، الذي أحرقه أساتذة المدارس هناك؛ لأنهم وجدوا فيه إهانةً للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم:

من صورٍ مسيئةٍ إلى جنابه الشريف!

ومن تعبيراتٍ قاصرةٍ، أو غير لائقة بجنابه المعظّم.

فأجبتهم على الخاص، فلم يقنعوا، وقال بعضهم: طيلة عمرك تجاهر بما تراه صواباً فلم تريد هذه المرة أن تكون أخا السرار؟!

أقول وبالله التوفيق:

- كنت أنتظر من بياناً من رابطة العلماء السوريين.

- وكنت أنتظر بياناً من المجلس الإسلامي السوري.

- وكنت أنتظر بياناً من سماحة مفتي سوريا الجديد؛ بأن يقوموا هم بتوضيح ما حصل، بعد دراسته موضوعياً، ثم إعطاء الفتوى المناسبة.

هذا من جهة.

ومن جهة أخرى؛ فأنا في الأصل خارجَ المعادلة السورية كلّها.

فلا أنا موال للنظام، ولا أنا موال للمعارضة، بل أنا معارض لهما معاً !

فما أحببت أن يُفَسّر كلامي على غير ما أقصد.

لكنني اليوم الإثنين، قرأت لأحد أعضاء رابطة العلماء السوريين، وهو من أعضاء المجلس الإسلامي السوري منشوراً على «الفيس بوك» يواسي المسؤول الأول عن تلك الصور المسيئة للرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلّم تسليماً وبارك.

فرأيت من المناسب أن أكتب إليكم هذا المنشور.

أقول: عندما سئلت عمّا وضع في تلك الكتب الدراسية من صور مسيئة، وتعبيرات لا تليق بالجناب النبوي؛ فوجئت بذلك.

فقام ولدي بتنزيل كتاب السيرة المعنيّ، وأطلعني على مضامينه.

وإذ إنّ المسؤول الأول عن المناهج هو الدكتور عماد الدين رشيد، وأنا لا أعرفه ولم ألتق به في حياتي؛ فقد تواصلت مع صديق مشترك بيننا، وسألته عنه؛ فأجابني بالآتي:

«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور عماد الدين رشيد، عالم مؤهل في العلوم الشرعية الإسلامية، وله في ذلك مؤلّفاتٌ.

وهو معروف لدى رابطة علماء الشام.

ومعروف لدى أعضاء المجلس الإسلامي السوري.

ومعروف لدى هيئة علماء فلسطين - وثلاثتها في استانبول - ومن أخص أصدقائه:

سماحة المفتي الجديد الشيخ أسامة الرفاعي.

وشيخ قراء دمشق كُرَيّم راجح.

والداعية المشهور الدكتور أحمد راتب النابلسي.

والذي أدين الله تعالى به أن الدكتور عماد الدين رشيد، من المحال أن يقصد الإساءة إلى الله تعالى، أو إلى رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، أو إلى القرآن العظيم، أو إلى الإسلام في أي قول أو فعل.

إنما هو رجل عالمٌ، قد يكون له اختياراته التي يخالف فيها غيره.

وليس لدى الرجل أدنى ميول شيعية» انتهى كلام الصديق المشترك.

قال عداب:

وأنا سأظل تحت سقف كلام الصديق المشترك، ولن أتجاوز على الدكتور عماد أبداً.

بيد أنني سأتحدث عن الخطأ، الذي وقعت فيه المجموعة التي وضعت ذلك المنهاج، وأدخلت تلك الصور التوضيحية، تحت إشراف الدكتور عماد وإذنه.

مع التذكير بأنّ الدكتور عماد أصدر بيانين متناقضين:

دافع في الأول عن نفسه، وعن مجموعته، مُصرّاً على أن ما فعلوه هو الصواب.

وفي البيان الثاني، اعترف بالخطأ، وبيّن أنه كان غير مقصود.

ويُرَجّح بعضهم أن اعتذاره جاء بعد خطاب وزارة التعليم التركية، وربما كان هذا راجحاً لديّ.

التراجع في مثل هذه الحال؛ لا يكفي.

والاعتذار تحت ضغط السلطة؛ لا يكفي أيضاً

إنما يجب على المخطئ تجاه جناب المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاثة أمور:

الأمر الأول: القناعة بخطأ ما قام به حقيقة.

ولا بأس من الحوار معه في ذلك، حتى لا يكون تراجعُه تحت ضغط السلطة التركية أو ضغط الشارع المسلم، فإن هذا لا يفيده شيئاً، عند الله تعالى.

الأمر الثاني: إبطال آثار هذا الخطأ، برضا وطواعية.

الأمر الثالث: التوبة النصوح، وكثرة الصلاة والتسليم على الرسول الحبيب.

إن الخطأ: هو ارتكاب المسلم المخالفة، عن غير قصد الإساءة، وهذا ما نظنه بالدكتور عماد وغيره من أهل العلم، حملة الشهادات الشرعية العليا.

أما الغلط: فهو ارتكاب المسلم المخالفة بقصد المخالفة، سواء بقصد مخالفة النص، أم مخالفة الإجماع، أم بتغليب المصلحة المظنونة على دلالة النص العامة الظاهرة.

وكثير من تنويري عصرنا، من حملة الشهادات الشرعية اليوم، يرجّحون المصلحة المتخيلة في عقولهم، على الدلالات المعتبرة، بدعوى مواكبة العصر!

وما دام الدكتور عماد الدين رشيد فرداً في أمّة، ومجموعته دونه في العلم غالباً؛ فكان عليهم مراعاةُ الفتاوى الصادرة عن هيئاتٍ علميّة، بحرمة تمثيل أو رَسمِ أو نحتِ شخصيّة متوهّمةٍ للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، فضلاً عن رسم شخصيّاتٍ كثيرةٍ، كلّ منها يعبّر عن الرسولِ، في مرحلة عمريّة معيّنة!

وقد سبق لمجمع الفقه الإسلاميّ بمكة المكرمة، الذي يشارك فيه علماءُ كبارٌ من شتّى بقاع العالم الإسلاميّ، أن أصدر فتوى بتحريم ذلك، بتاريخِ (30) ربيع الثاني، من شهور سنة (1405 هـ) جاء فيها:

«إنّ تخييل شخصه الشريف بالصور، سواءٌ كانت مرسومةً متحركةً، أم ثابتة!

وسواءٌ كانت ذاتَ جُرمٍ أو ظلٍّ، أو ليس لها ظلٌّ، كلّ ذلك حرامٌ، لا يحلُّ ولا يجوز شرعاً، فلا يجوز عمله ولا إقراره، لأيّ غرضٍ من الأغراض، أو مقصدٍ من المقاصد، أو غايةٍ من الغايات، وإن قُصِد به الامتهان؛ كان كفراً».

ومن أعضاء هذا المجلس العلميّ الكبير؛ الشيخ عبدالعزيز ابن باز، والشيخ عبدالله بن بيّه، والدكتور وهبة الزحيليّ، والدكتور محمد سعيد رمضان البوطيّ، رحمهم الله تعالى.

والدكتور عماد الدين رشيد، لا يوزن في الفقه بواحدٍ من هؤلاء، فضلاً عن أن يخالفهم أجمعين!

ختاماً: لست ممن يعنيهم مهاجمة المخطئ، أو التشفي بمن أخطأ أو غلط، فهذا وذاك ليسا من أخلاق الفرسان، فضلاً عن أن تكون من أخلاق أهل الإسلام.

لكنني أطالب المخطئ بالتراجع عن خطئه حقيقة، وبالاعتذار إلى من أَخْطأ تجاهه وعليه، وأطالبه بالتوبة النصوح.

ولا أربت على كتفه، وأخفف عنه بعض معاناتِه، التي تسبب هو بها لنفسه، ولغيره من المسلمين.

والله تعالى أعلم.

]رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

الاثنين، 22 نوفمبر 2021

 اجتماعيات (٣7):

مُفتي سوريّا الجَديدُ !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

عددٌ من الإخوة ألحّوا عليَّ، لإعطاء رأيي في المفتي الجديد، وفي ظاهرة انتخاب منصب المفتي.

ترددت كثيراً في إجابتهم، ثم لم أجد مانعاً من إبداء رأيي، فقد أبدى آراءَهم كثيرون غيري.

وقد أعجبني كثيراً ما وجهه الأستاذُ كمال اللبواني، من أسئلة وتساؤلات، إلى سماحة المفتي الجديد، حفظه الله تعالى.

أقول وبالله التوفيق:

ترجع معرفتي بالشيخ السيد أسامة بن عبدالكريم الرفاعي وأخيه الدكتور السيد سارية، إلى عام (١٩٧٠) إذ كنت أسكن في بيت قريبٍ جدّاً، من مسجد زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه.

كان شيخَ هذا المسجد المبارك؛ والدُهما شيخنا السيد عبدالكريم الرفاعي رحمه الله تعالى ورضي عنه.

كنت أداوم على حضور درس الشيخ العام في السيرة النبوية والإرشاد، ليس من أجل الإفادة العلميّة، إذْ كانت دروسه للعوام.

إنما كنت أحضر دروسه لأفيد من روحانيته وتوجيهاته السلوكية والأخلاقية.

وبعد عام (١٩٧٠) غدوتُ معلّماً في مدارس خارج دمشق، فما حضرت عليه شيئاً.

وكنت أحرص على حضور خطب الجمعة للدكتور سارية الرفاعي، وأظنها كانت بعيدةً جدّاً عن هذا المكان، لعلّها في منطقة القَصّاع.

كان الشيخ ساريةُ شابّاً هاشمياً جميلاً شجاعاً متحمّساً، وكانت تستهويني خطبُه وخطبُ تلميذ آخر للشيخ عبدالكريم، قد نسيت اسمه الآن، وهو خطيب بارع مؤثر أيضاً، حفظه الله تعالى.

سماحة المفتي العام الجديد لسوريا، الشيخ الشريف أسامة بن عبدالكريم الحسيني الرفاعي، نشأ في أسرة من أنبل وأعرق العائلات السوريّةِ، نسباً وديناً وأخلاقاً وسلوكاً وأدباً.

وهو يحمل درجة «البكالوريوس» في اللغة العربية، وليس هو من أهل الاختصاص المباشر في الفقه، ولا في علوم الشريعة الإسلامية، بالمعنى «الأكاديميّ».

وكونه درس العلوم العقلية والنقلية على والده، سيدنا وشيخنا عبدالكريم، لا أنازع فيه، لكنّني لم أقرأ له كتاباً أو بحثاً علميّاً، في أي مسألة من مسائل الفقه، أو العلوم الدينية الأخرى، تَدُلُّ على علميّته الفقهية.

زَميلُنا في الحضور على علماءِ مدينة حماة الشيخُ محمد أديب كلكل الحموي، لا أظنه يحمل درجة البكالوريوس في أي علم، بيدَ أنّه ملأ الدنيا علماً ومؤلفات!

وأستاذنا الشيخ السيد عبدالحميد طهماز، حاصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من جامعة دمشق، لكنه أخرج مؤلفات تشهد بمعرفته وسعة اطّلاعه، خاصة في المذهب الحنفيّ، رحمهم الله تعالى أجمعين.

لا أقول: ليس للشيخ أسامة كتب أو كتاب أو بحوث، إنما أنا لم أقف له على كتاب علمي، وهذا هو سبب ترددي في الكتابة عن هذه المسألة.

وقد يكون للشيخ الفاضل كتب كثيرة، وأنا جاهل بها.

ورأيي الخاص بمن يتقلد منصب الإفتاء؛ أنه يجب أن يكون مجتهداً، وكلّ مَن يَتقلّد هذا المنصب، وهو غير مجتهد؛ فهو «مُفتي ضَرورة» وليس مفتياً يستحق هذا المنصب الجليل بذاته.

ولو كان سماحة المفتي الجديد مجتهداً؛ لشاع أنّ لديه كتاباً، فيه اختياراتُه الفقهيةُ، وآخرُ هو ترجيحاته العلميّة، في الحد الأدنى من درجات الاجتهاد.

أما عن توليه منصب الإفتاء:

فقد كان سماحته، يرأس مجلسَ إفتاء المعارضة السورية، وكان يرأس المجلس الإسلامي السوري المعارض، من قبل، فلم يطرأ جديد، ولم ولن يتغير شيء على أرض الواقع.

الشيخ أسامة الرفاعي وجيه كبير، ذو شعبية عريضة في سوريّا عامة، وفي دمشق خاصة، وهو رمز من أكبر رموز العلماءِ المناهضين للنظام الظالم الحاكم في سوريا.

فمسألة اختياره مفتيّاً، مسألة رمزية، لا تقدم شيئا في الواقع السوري، ولا تؤخر.

والشيخ أسامة - عافاه الله تعالى - أسن مني بست سنوات، فما عساه يصنع بهذا المنصب الكبير، لو كان ثمة منصبٌ أصلا ؟!

أما مسألة المحافظة على هوية سوريا «الأمويّة» التي يصطرخون من أجلها؛ فليست من أواخر اهتماماتي، ولا تعنيني في كثير أو قليل، فأنا رجل أمقت الطائفية والمذهبية المقلّدة على حدٍّ سواء.

وأتمنى أن يأتي اليوم الذي تلغى فيه هذه الطائفيات، وتلك المذاهب المشتتة والممزقة للأمة، ويكون البديلُ مجلساً علميّاً عالياً، في كل قطر عربيٍّ، في الحدّ الأدنى، يفرز كتباً صغيرة الحجم، تتضمن ما ينفع العامة في الاعتقادات المجمع عليها، وفي الفقه المجمع عليه، بين مذاهب الأمّة كلها.

فليس في المذاهب الأربعة، ولا في غيرها ما هو صواب كله.

وفي مذاهب الزيدية والإمامية والإباضية، الكثيرُ الكثيرُ من الحق والصواب.

وعدم الإفادة من هذه المذاهب؛ أُراه جريمةً علميّةً، نرتكبها عن عمد وسبق إصرار.

ختاما: من المناسب هنا أن أقول: أنا الفقير عداب مطلوب للنظام الحاكم في سوريا، منذ عام (1975) من دون أدنى ذنبٍ ارتكبتُه، سوى زيارة قريبٍ لي كان مطلوباً سياسيّاً للنظام الطاغي!

وأنا منبوذ من هذه المعارضة السورية الهائمة على وجهها، والتي تنتظر أن تحنّ عليها أمريكا بحلٍّ في سوريّا أيضاً !؟

وليس بيني وبين أي جماعة أو حزب، أو عالم أو مفكر أو مفسر؛ تواصل، بسبب هذه الطائفية السخيفة التي يقدسونها، والتي ليس لها لدي أدنى احترام.

أقول هذا، حتى لا يعترض علي أحدٌ بأن المصلحة تقتضي من القول كذا، ولا تقتضي كذا !

فنحن وعلماؤنا ما زلنا منذ عام (١٩٦٣) وإلى هذا اليوم نتجاهل أننا مستعمرون، وأن حكامنا موظفون.

وفي كل برهة من الدهر نثور على الظلم، ونقدم ألوف الضحايا والقرابين، ونتغابى عن أنّ أمورَ بلادنا ليست في أيدي حكامنا، حتى ننتزعها منهم!

والله تعالى أعلم

]رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

السبت، 20 نوفمبر 2021

 وتحسبونه هيّناً (2):

الحرب في اليمن !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

أيّها المسلمون في بلاد العرب:

ألم تقرؤوا قولَ الله تبارك وتعالى:

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا؛ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) [النساء].

ألم تقرؤوا قول المنتقم الجبّار:

(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) [النساء].

والرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:

(إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ.

أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.

أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) أخرجه البخاريّ (4406) - وهذا لفظه - ومسلم (1679) وهو مروي عن عددٍ من الصحابة.

يا أيها المؤمنون:

العار ولا النّار !؟

إنّ الحربَ الاستبقاقيّةَ محرّمةٌ بين المسلمين، والمسلمُ بادئ الحربِ يقال له: باغ، وأعوانه البغاة.

والله تعالى يقول:

(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا؛ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا.

فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى؛ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي، حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ.

فَإِنْ فَاءَتْ؛ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ، وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9).

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ.

وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) [الحجرات].

إنّ الجيش الذي يقاتلُ دفاعاً عن الحدودِ التي رسمها لنا الاستعمار الغربيّ؛ ليس مجاهداً في سبيل الله، ومَن قتل منه؛ فليس شهيداً أبداً، فهذه الحدود ليست مقدّسة، حتى تستبسلوا في الدفاع عنها، بل هي عار على أمّة العرب!

جزيرة العرب وحدةٌ جغرافية واحدة تمتدّ من سلطنة عُمان إلى قناة السويس، وعريش مصر.

وإذا سلّمنا بأنّ السعوديّة تدافعُ عن حدودها - جدلاً وتنزّلاً - فمجرّد الظنّ والتخمين باعتداء الحوثيين على حدودها؛ لا يسوّغ للمسلمِ قتلَ أخاه المسلم، حتى لو كان مبتدعاً في نظره، فإنّ البدعةَ لا تبيح الدم الحرام!

أنصارُ الله الحوثيون؛ لم يعتدوا على حدود السعوديّة، ولم يتجاوزوها، إنما السعوديّة هي التي دمّرت اليمن بطائراتها، وهي التي بدأت الحرب.

فعليها هي أن توقفَ الحربَ، وأن تكفّ طائراتها وصواريخَها عن اليمن، ولتترك أنفةَ الأعراب، وعارَ الهزيمة جانباً؛ فإنّ الرجوع إلى الحقّ؛ خير من التمادي في الباطل!

وسواء كانت إيران تدعم الحوثيين، أم كان غيرها مَن يدعمهم، أفليست أمريكا وبريطانيا ودول الغرب جميعها تدعمكم، وتبيعكم السلاحَ لتقتلوا فيه إخوانكم؟

أمّا دعوى الشرعيّة التي تزعمون أنكم تدافعون عنها؛ فأنتم على يقين بأنكم تكذبون بدعواكم، في كلّ مرّةٍ تنطقون بها!

الثورة اليمنيّة في بداية ستينات القرن الماضي، بدعْمٍ من عبدالناصر؛ أسقطت الإمامةَ، وتغلّبت على اليمن وحكمته بالحديد والنار!

وأنتم معاشر السعوديين، بدعم تامّ من بريطانيا؛ أسقطتم حكمَ الأشراف، واستوليتم على الحجاز وعسير وربع اليمن، وأنتم تحكمون معظم جزيرة العرب بالحديد والنار، منذ مائة عام.

فهي الغلبة العسكريّة إذن!

وقد تغلّب الحوثيون على الشرعيّة التي تدافعون عنها، وهربت الشرعيّة إلى قصور، أو فنادق الرياض، كما هو معلوم، فبحكم شرعكم السنيّ؛ صار الحوثيون حكاماً شرعيين بتغلّبهم على صنعاء، ويحرم الخروج عليهم!

وبحكم القانون الدولي، الذي أنتم تحتكمون إليه، دون شرع الله تعالى؛ أنتم معتدون، تتدخّلون في شؤون اليمن الداخليّة!

اسحبوا جيوشكم من اليمن، ودعوا اليمنيين يَتصالحون، أو يتغالبون، ومن غلبَ؛ حكم، وأخرجوا أنفسكم من مزيدِ غضبِ الله تعالى وأليم عذابه!

هذا هو منطق تاريخ العالم كلّه، أمس واليومَ وغداً، وتاريخ المسلمين لا ينفكّ عن هذا أبداً، والسياسةُ لا دين لها البتة، منذ عام (40 هـ) وإلى يوم الناس هذا !

ولا أرى ساسةَ العرب، منذ ذلك التاريخ، وإلى اليوم، إلّا مع فرعون وهامانَ وأُبيّ بن خلفٍ، في نارٍ تلظّى!

فما مِنْ حاكمٍ تغلّب من أجل الملكِ، إلّا قتلَ خلقاً من المسلمين عَمداً وعن سبق إصرار، وهذا وحده كافٍ لأن يجعله خالداً في جهنم وبئس المصير!

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا؛ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) [النساء].

هكذا قال الله تعالى، وليقلْ الكلاميون والفقهاءُ ما قالوا !؟

وإنني أبشّركم يا آل سعودٍ ويا آل نهيّان بأنكم ستهزمون في اليمنِ شرَّ هزيمة، وستُدكّ الرياض ودبيّ وأبو ظبي بمئات الصواريخ، وستندمون على هذه الحرب الحقيرة المجرمة - ولا أقول: العبثيّة - التي ستقود إلى دمار بلادكم وزوال ملككم

«وكأنْ قدِ»!

والله تعالى أعلم

 (رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كل حال.

الجمعة، 19 نوفمبر 2021

 التَصَوُّفُ العَليمُ (10):

التقوى والعلم!؟

بدايةَ ذي بَدْءٍ، أحييكم بتحية الإسلام الخالدة:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

عَودٌ على بَدْءٍ:

عُدتُ إليكم بحمد الله تعالى، وسأستأنس بوجودي معكم، فيما تبقّى لي من ساعاتٍ أو أيّامٍ، في هذه الحياةِ الدنيا.

في وعكتي الصحية الأخيرةِ، التي ما زلت فيها؛ ظهر لديّ أمراضٌ جسميّة جديدةٌ، ومضاعفاتٌ لأمراضٍ قديمةٍ، سببها إهمالي متابعةَ العلاج والتفقّد الدوريّ المنتظم!

لكنْ ظهرَ لديّ ما هو أخطر وأفظعُ من هذه الأمراضِ، التي قد تكون في جانبٍ منها كفّاراتٍ لبعض ذنوبي!

لقد تجلّى لي بجلاءٍ سافر قول الله تبارك وتعالى (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ، وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) [سورة النور].

موضع الشاهد لكلامي، من الآية الكريمة (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ).

أجل أيّها الإخوة الأحبّة:

ظهر لي أنّ الله تبارك وتعالى لا يريد منك كثرةَ علم، ولا مؤلّفات، ولا كثرة صلاة، ولا كثرة صدقات، بقدر ما يريد منك «التقوى» يريد منك «الصدق» يريد منك استواءَ «السرّ والعلانية» (الْبِرُّ: حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ: مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه (2553) والترمذي (2389) وقال: «حديث حسن صحيح».

قال قريني غفر الله له:

إنّ هذه الشبكةَ العنكبوتيّة؛ قرّبت الرجالَ كثيراً من النساءِ، وتحت دعوى التوجيه والإرشاد والفتوى؛ غدا بعضُنا يأنس لحوارهنّ، ويسأل عن أحوالهنّ، ويميلُ قلبه إليهنّ، أو إلى بعضهنّ، ويُلطِف الكلام معهنّ، وهو يَظهر أمامَ أهله وأمام الناس بأنّه الورع والتقيّ الذي يخاف الله تعالى ويراقب حركاته وسكناته!

ويخادع نفسه بأنّ مخاطبة النساء، ومخالطتهنّ على الهواء، من الصغائر التي يذهبها الاستغفار!!

لا أيّها الإخوة الأكارم، لا والله، إنّ الأمرَ ليس كذلك ((وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ).

وقال قريني أيضاً:

كنت ذكرت سابقاً أنّ بعضَ ذراري «آل البيت» يحوطهم أجدادهم بعناية خاصّة، ويوجهونهم ويرشدونهم ويحذرونهم وينذرونهم، في المنامِ غالباً، وفي اليقظة أحياناً، ثم يعاقبونهم أشدَّ العقاب!

ولقد مرّت عليّ برهةٌ من الزمان، تسمّحت فيها بالحديثِ مع امرأةٍ، كنت والله أرغب الزواج منها، ولم يكن قصدي «الخِدانة»!

لكنّ أجدادي لم يعجبهم هذا مني، فحذّروني، ثمّ هددوني، ثمّ ضربوني ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شاهدٌ على ضربي.

ثمّ غابوا عنيّ شهوراً، فظننت أنّ الأمر انتهى، ولكنّ الأمر لم يكن كذلك أبداً، فقد ظهرت لديّ أمراض عديدة، رحت لأعالجها، فأنفقت ألوف «الدولارات» وما زلتُ أنفق، وظنت الأمر انتهى، وأنّ تواصلي اللساني مع تلك المرأة من الصغائر التي أستغفر الله تعالى لأجلها كلّ يوم!

حتى جاؤوني قبل ثلاث ليالٍ، بل في الضحى، وعرضوني على ألوانٍ من العذابِ، لم أحسّ معه إلا أنني في عذاب الآخرة، حتى غدوتُ أصرخ وأستغيث: «أتوب إليك يا الله - أتوب إليك يا ربي - أستغفرك وأتوب إليك - ارحمني يا أرحم الراحمين».

حتى رفعوا العذابَ عنّي، وصحوتُ، فإذا أنا جسدٌ مضعضعٌ، مرهق، في غاية التعبِ والعناء!

في المنام لم يخطر في بالي أيّ سببٍ لهذا العذاب، سوى تواصلي اللسانيّ مع تلك المرأة، التي يَفصلني عنها خمسة آلاف كيلو مترٍ تقديراً.

وقال:

انتبهوا لأنفسكم أيها الإخوة الأحباب، ولولا خوفي عليكم من غضب الله تعالى وبطشه؛ ما قَصصت عليكم قصّةً خاصّةً جدّاً، ربما لا يعلم عنها شيئاً، سوى الذي يعلم السرّ وأخفى!

((وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) أجل أحبابي هو عظيم وكبير، فلا تخدعوا أنفسكم بدعوى أنّها صغيرة، وأنها عن بعدٍ، وأنها حياةٌ افتراضيّة!

كل هذه التعليلات من خِدَع الشيطان، وغفلةِ القلبِ، ورغبات النفس الأمّارة بالسوء!

والله تعالى أعلم

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

الأحد، 14 نوفمبر 2021

 مسائل فكريّة (18):

الهُيامُ بالتكفير !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كانت ليلتي هذه؛ من أسوأِ الليالي التي مرّت عليَّ، في مرضي الذي لم أتعافَ منه بعد!

كان أحدُ الحاضرين يُصرُّ على أنّه لا يجوز التوقّفُ في تكفير الفرق الباطنيّة المنبثقة عن الإماميّة «الإسماعيليّة والدروز والعلويين «النصيريّة» لماذا؟

«لأنّ هذه ثقافةٌ سائدةٌ لدى أهل السّنة، لا يجوز تغييرها ممّن لم يبلغ درجة الغزالي وابن الصلاح وابن تيمية وأضرابهم، حتى لا يتشكّك بعض أهل السنّة بكفر هؤلاء» هكذا قال!

أقول وبالله التوفيق:

علماءُ أهل السنّة؛ أكثر الفِرَق الإسلامية تكفيراً لمخالفيهم؛ لأنّهم أدواتٌ بأيدي الحكّام الظالمين على مدار تاريخهم، وعلماء السعودية أمامكم.

الحاكم المجرم، الذي لا يعنيه من الإسلام سوى أنّه حصانٌ يمتطيه ليصلَ إلى أهدافه الدنيويّة من الملك والسلطان؛ هو الذي يحتاجُ إلى فتاوى العَلَماء بأنّ هذه الجماعة كافرةٌ ليستحلَّ دماءَها، وهذه الجماعةُ خارجيّة؛ ليستحلّ قتالها.

إنّ من المتّفق عليه بين أهل السنّةِ والشيعة الزيديّة والشيعة الإماميّة؛ أنّ الباطنيّة كفّار خارجون من الملّة.

وعند أهل السنّة، كلّ مرتدٍّ يستتاب، فإن رجعَ إلى الإسلام، وإلا قُطعَت عنقه!

أمّا أنا الفقير عداب، فأقول في الباطنيّة جميعهم «الإسماعيليّة بفروعها، والدروز، والنصيريّة» ما يأتي:

كلّ من نطق بالشهادتين وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ فهو مؤمن.

وكلّ من اعتقد بفرضية الطهارةِ والصلاة والصيام والزكاة والحجّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى؛ فهو مسلمٌ معصوم الدم.

سواءٌ في ذلك من أنكر القدرَ منهم!

أو آمن بولاية الإمام عليّ عليه السلام وأهل الكساء!

أو آمن بالأئمة السبعة!

أم آمن بالإثني عشر إماماً.

وما وراء ذلك نقول: كلّ من أتى بناقضٍ حقيقيّ لظاهر القرآن العظيم؛ فهو كافر!

فمَنْ أنكرَ أنّ الطهارةَ عبادةٌ مخصوصةٌ، تحصل بالماء الطَهور، أو بالتيمّم عند فقده، وقال: إنّ الطهارة ليست عبادةً بدنيّة، وإنما هي سلامة القلبِ عن الصفات الذميمةِ فحسب؛ فهذا كافر؛ لمخالفته ظاهر القرآن العظيم والسنة النبويّة.

ومَن زعم أنّ مقصودَ الله تعالى بقوله: (إنّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) عائشة أمّ المؤمنين؛ فهو كافر.

وهكذا هو حكم من يزعم أنّ الخمرةَ حلالٌ والربا حلالٌ والزنا حلالٌ وغزو المسلمين حلالٌ، وقتلَ المسلمِ لخِلافِه إيّاه حلالٌ!

ومن المصائبِ التي التصقت بتاريخنا العلميّ؛ أنّ القتلَ قرينُ الكفر!

فأنت متى حكمتَ بكفر فلانٌ؛ يعني أنّك أبحتَ دمَه!

ومسألة قتل المرتدّ، أمرها إلى السلطان الشرعيّ، ولا يجوز قتلُ حاكم غير شرعيّ لمرتدٍّ ولا لغير مرتّد، إذ ربما كان هذا الحاكم ذاته؛ هو يستحقّ القصاصَ، فقلّما يوجد حاكم في التاريخ الإسلاميّ، لم يَقْتُلْ مسلماً، بل مسلمين عمداً من أجل سلطانه!

وليس بعد الخلفاء الراشدين الأربعةِ حاكمٌ شرعيّ طوعيّ، إنّما هناك حكّام متغلّبون جهّال، أُعطاهم العلماء الشرعيّة رغباً ورهباً.

فهؤلاء قديماً، وأمثالُهم حديثاً؛ لا يجوز لهم أن يقيموا حدودَ الله تعالى، حتى يمكّنوا من تنفيذ أحكام الله تعالى فيهم!

هذه فتوايَ اليوم، فإنْ مُتُّ هذه الليلةَ؛ فأنا على هذه الفتوى، وإن أعشْ؛ فقد يتبيّن لي أمورٌ أخرى، والرجوعُ إلى الحقِّ؛ خيرٌ من التمادي في الباطل.

ختاماً: يجب على علماء المسلمين؛ أن يفصلوا بين أحكام الدين الشرعيّة، وبين واقع حال المسلمين، ببعد جميعهم عن دين الله تعالى، وسيطرة الحكام المتغلّبين الجاهلين الحريصين على الحكم والعلوّ والسيادة عليهم، فلا يُطلقوا حكم «الكفر» على جماعةٍ بتمامها، قد يكون فيها المؤمن والمسلم، وفيها الكافر والمنافق والفاسق!

وفي أهل السنة جميعُ هذه الأصناف الخمسة بيقين!

وإنّ الحروبَ التي قامت، ولا تزال قائمة في سوريّا والعراق وليبيا ولبنان واليمن، جميعها ليس لها علاقةٌ بالدين على الإطلاق!

هذه الحروبُ نشبت لأنّ الذين أوقدوها يرغبون بتحقيق أهدافٍ من وراء اشتعالها، وثار معهم العامّةُ والرعاع والغوغاء حميّةً وحماسةً، وليس «لتكونَ كلمة الله هي العليا».

إنّ حزبَ الإصلاح يقاتل الحوثيين، وإنّ الحوثيين يقاتلون حزبَ الإصلاح في اليمن!

وأنا سمعتُ علماءَ من الطرفين - قبل نشوب الحرب - يُثني بعضهم على بعض!

هل يَقتلُ الحوثيون عناصر حزب الإصلاح وقادتهم، دفاعاً عن الإسلام؟

هل يقتلُ الإصلاحيّون عناصر حزب أنصار الله الحوثيين وقادتهم، دفاعاً عن الإسلام؟

يَكذب قائل ذلك، كائناً مَن كان، إنّما يقتل بعضهم بعضاً على السيادة والملك والنِفطَ!

والشأن ذاته في ليبيا وسوريا ولبنان والعراق.

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

الأحد، 7 نوفمبر 2021

 قريبا من السياسة (١8):

تَساؤلاتٌ إلى أزلام إيران في عراقنا العظيم!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

لستُ في وضعٍ يسمح لي بالكتابة ولا بالخطابةِ ولا بالشعر، فأنا في ظرفٍ صحيٍّ، أسأل الله تعالى أن يجنّبَ مثلَه كلّ مسلمٍ موحّد، على وجه هذه المعمورة!

أنا لست طائفيّاً؟ هذا صحيح!

أنا لست مذهبيّاً؟ هذا صحيح!

أنا لست حزبيّاً؟ هذا صحيح!

أنا لست قوميّاً؟ هذا صحيح!

أنا لست قَبليّاً؟ هذا صحيح!

أنا لست مناطقيّاً؟ هذا صحيح!

أنا لست وطنجيّاً؟ هذا صحيح!

أنا لا أؤمن بالحدود بين المسلمين، ولا بجوازات السفر بين مناطق الإسلام، ولا باختصاص قومٍ أو طائفةٍ بقيادةِ البلد أو الوطن أو الأمة!... كل هذا صحيح أيضاً.

لكنني أحتقرُ السياسيَّ الذي يتآمرُ مع دولةٍ مسلمةٍ لتكن ضدّ دولتِه التي ولد ونشأ فيها.

إذ لا بدّ من الموازنة بين المبادئ والقيم، وبين الواقع الشرودِ عن تلك القيم!

انظروا إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن، حيث يتحكّم النظام الإيرانيُّ بسياسة هذه الدول، كيف تَعيش شعوبُها الانقسامَ والاحترابَ والتذابحَ والفقرَ والمرض والتخلّف!

هل تساءلتم معاشرَ المسلمين: لم هذه الدول تلعق العلقمَ إداماً لخبزها الممزوج بدماء أبنائها؟  

هل في مصر ميليشيات؟

هل في تونس والجزائر والمغرب ميليشياتٌ، تفرضُ على الدولةِ ما تريد، وتمنعها مما لا تريد، بلغة القوّة وشريعة الغاب؟

لماذا هذه الفصائل الحشدية، التي لا تختلف كثيراً، عن داعش، والنصرة، والقاعدة؟

إنّ هذا مخطّط إيرانيٌّ خبيث، يريد أن يجعل المجتمعاتِ العربيةَ عشائر متناطحة، تمسك هي بأقوى تلك العشائر «الفصائل المسلحة» وتعطّل عملّ العشائر الأخرى في الدولة لتكون يدُها هي الأقوى من وراء فصائلها المسلحة التابعة.

أهكذا هو التشيّع؟ قبّح الله تشيّعاً كهذا!

أهكذا هو فكر أهل البيت وسلوكهم وأخلاقهم؟ إنّ هذا والله أعظم منفّرٍ ومباعدٍ ومعادٍ لآل البيت عليهم الصلاة والسلام!

لو لم يكنْ في أفكاركم المتطرّفةِ الهدامة، سوى تسويغ نهب أموال الشعوب والأوطان، بذريعة فتوىً رافضيّة حقيرة، هي أنّ أموال الدول والحكومات مباحةٌ لكلّ قادرٍ على نهبها، بعد أن يتصالحَ مع الوليّ الفقيه عليها؛ ليجعلها حلالاً لذاك الحرامي «السرسريّ» لكان التشيّع الفارسيّ مشروعاً تخريبيّاً مجرماً، لا يُسعِف في إقامة وطنٍ ولا تقدمه ولا ازدهاره!

اللهم إنني شيعيّ لآل محمد، وأنا منهم!

اللهم إنني أبرأ إليك من النظام الإيرانيّ، من «راسه إلى ساسه»!

وأبرأ إليك إلهي من كلّ عالم ظالم مجرم، يفتي بجواز نهب أموال الشعوب والأوطان، بدعوى أنها «أموال مجهولة المالك».

وأبرأ إليك يا ربي من كلّ حاكم ظالم جائرٍ، يجعل هواه مقدّماً على دينك وعبوديتك!

وأبرأ إليك يا متعالٍ من كلّ متآمرٍ على بلده ووطنه، ولو مع دولة أخرى تنتمي إلى ديار الإسلام!

أمّا أنتم يا أهلنا في العراق العظيم:

فلا تصدّقوا واحداً من هؤلاء المراجع المحلّين، ولا تقتدوا بهم أبداً!

ولا تطيعوا أيّ واحدٍ من قادة الفصائل المسلحة المخرّبين، الذين يبغون العلوّ والفساد في الأرض!

(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) [القصص].

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كل حال.