مَسائِلُ فِكْرِيّةٌ (4):
تَقولُ: أنا لَستُ سُنيّاً،
ولا أَثقُ إلا بِكتبِ أهلِ السنّةِ، كَيفَ هذا؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
كتب إليّ أخوان: أحدهما
سنيّ، والآخر شيعيّ، يسألان سؤالاً واحداً بعبارتين مختلفتين: تَقولُ يا شيخنا:
أنا لَستُ سُنيّاً، ولا أَثقُ إلا بِكتبِ أهلِ السنّةِ، كَيفَ يُفهَم هذا؟!
أقول وبالله التوفيق:
تعريفُ الشيعيِّ والرافضيّ
عند أهل السنّة تعريف سخيفٌ ساذجٌ، لا يساوي بصلةً منتنةً في سوق العلم!
الشيعيُّ عندهم: من يُفضّل
الإمامَ عليّاً على عثمان.
والرافضيّ عندهم: مَن
يفضّل الإمام عليّاً على أبي بكرٍ وعمر، رضي الله عنهم!
وبذلك يكون جميع بني هاشمً،
وأكثر الأنصار، وعددٌ كبيرٌ من المهاجرين وبقية العرب؛ من الشيعةِ، او من الروافض!
بل أنا أظنّ ظنّاً أنه لا
يوجد أنصاريّ واحدٌ يقدّم عثمان على الإمام عليّ!
فبناء على تعريف أهل السنة
للرافضيّ؛ فأنا رافضيّ جلدٌ؛ لأنني لا أقدّم علياً على أبي بكرٍ وعمر وعثمان،
فحسب!
بل إنّ السيدة فاطمة
والحسن والحسين - عندي - أفضلُ من الثلاثة!
بناءً على هذا التعريف
البليدِ الساذج؛ أقول: أنا شيعيّ، وليس في كلامي تناقض أبداً؛ لأنني أحاكم نفسي
إلى تعريفٍ يتبنّاه أكثر من مليارٍ ونصف مليار نسمة من المسلمين!
أرجو أن يكون هذا غدا
واضحاً!
أمّا لماذا لا أثق بكتب الروايةِ
التي لدى الزيدية والإسماعيلية والإماميّة والإباضيّة؛ فله عدّة أسباب:
الأوّل: أنّ الكتبَ التي
درستها، وكتبت عنها بحوثاً علميّة، وهي الكتب الأربعة عند الإماميّة، ومسند الإمام
زيد، ومسند الربيع الإباضيّ؛ جميعها كتبٌ واهية الأسانيد، ساقطةُ الاعتبار وَفقَ
منهج النقد الحديثيّ!
السبب الثاني: أن آية الله
«آصف محسني
الأفغاني» وهو من المتخصصين في علوم الحديث عند الرافضة،
فرزَ الصحيح عن الضعيف والموضوع في «بحار الأنوار» الواقع في (110)
مجلدات، فانفصل عن عمله المضني هذا بثلاثة مجلّداتٍ معتبرة لديه، فيها أقلّ من (3000)
حديثٍ، وطرح عن الاعتبار مضمون (107) مجلدات!
وفي الاعتبار الحسابيّ؛
تكون هذه الكتب كلها مخفقةً فاشلةً، ليس لديها في سوق العلم اعتبار!
توضيح ذلك بمثال:
لو استخرجت أنا الأحاديثَ
التي انفرد بها الإمام مسلم عن بقيّة الكتب الستة، فهذا لدى جميع أهل العلم ليس
ببحثٍ علميٍّ، إنما هو يدخل تحت الفهرسة!
لكنْ إذا خرّجت هذه
الأحاديثَ، ودرستُ أسانيدها ومتونها، ثم حكمت عليها بالقَبول أو الردّ؛ فهذا عملٌ
علميّ باتّفاق أهل العلم!
تقدمتُ بعملي هذا إلى
الجامعة التي أنا أستاذ فيها، لتقوم الجامعةُ بقبول هذا العمل واعتمادِه في جملة
بحوث الترقية لدرجة الأستاذيّةِ مثلاً، فأحالت الجامعة عملي إلى خمسةٍ من المختصين
في علوم الحديث، فرفض جميعُهم بحثي هذا، ورأوه لا تنطبق عليه شروط البحث العلميّ،
ومنحوه درجةَ (45%) فهل يُقبَل هذا البحث التي تعبتُ فيه أكثرَ من سنتين للترقيةِ
العلمية؟ لا يقبلُ أبداً، بل هو بحثٍ ساقط، وإن كان فيه نسبة (45%) من العمل
العلميّ الصحيح!
وكذلك هي حال كتبُ غير أهل
السنّةِ، ساقطةِ الاعتبار؛ لأنها لم تحصل على أدنى درجات النجاح (70%).
أمّا أدنى كتبِ أهل السنّة
منزلةً علميّة؛ فهو حائزٌ على أدنى درجات النجاح (70%) وبعضها حائزٌ على درجةِ (90%)
لهذا فأنا أعتمد كتب أهل السنّة الروائيّة، دون غيرها، أيّاً كان هذا الغير!
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق