الاثنين، 13 مارس 2023

  مَسائلُ حديثيّةٌ  (16):

جِلْسَةُ الذين يُعَذّبونَ !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

في المنشور السابق (15) درستُ حديثَ الشريد بن سويدٍ الثقفيّ، في الاتّكاء على باطن الكفّ خارجَ الصلاةِ، وأظهرت الدراسةُ أنّه حديثٌ ضعيف!

وفي هذا المنشور؛ سأدرس حديث عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما في الاتّكاء على اليَدِ في جِلسَةِ التشهّد.

بإسنادي إلى الإمام أحمد في مسنده الكبير، باب مسند عبدالله بن عمر بن الخطّاب (5972) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ - يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ - عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً سَاقِطاً يَدَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: (لَا تَجْلِسْ هَكَذَا، إِنَّمَا هَذِهِ جِلْسَةُ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ) فهذا مرفوعٌ كما ترى.

وأخرجه موقوفاًأبو داود السجستانيّ في كتاب الصلاة، باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة (994) موقوفاً على ابن عمر، قال: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ: حَدَّثَنَا أَبِي ( ح).

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ.

جَمِيعًا - يعني زَيْدَ بْنَ أَبِي الزَّرْقَاءِ،  وعَبدَاللهِ بْنَ وَهْبٍ - عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَتَّكِئُ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الصَّلَاةِ، سَاقِطًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، فَقَالَ لَهُ «ابن عمر: لَا تَجْلِسْ هَكَذَا، فَإِنَّ هَكَذَا يَجْلِسُ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ».

وأخرجه البيهقيّ في السنن الكبير، في كتاب الصلاة، باب الاعتماد بيديه على الأرض (3: (2852) من حديث جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، وحكى ثمّةَ الاختلاف في متن الحديث على أنحاء.

ترجم المزيّ هشام بن سعدٍ القرشيَّ في تهذيب الكمال (30: 206) وقال:

وَقَال العجلي : جائز الحديث، حسن الحديث.

وَقَال أَبُو زُرْعَة: شيخ محله الصدق. وكذلك محمد بن إسحاق وهكذا هو عندي، وهشام أحب إلي من محمد بن إسحاق.

قال عداب: بينما قَال الْبَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: هشام بن سعد واهي الحديث.

قال المزيّ: قال أَبُو حاتم الرازيّ : سمعت أَحْمَد ابْن حنبل يَقُول: لم يكن هشام بن سعد بالحافظ.

وَقَال عَبد الله بن أحمد ابْن حنبل عَن أبيه: هشام بن سعد كذا وكذا، كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد القطّان لا يروي عنه.

وَقَال أَبُو طالب عَن أحمد ابْن حنبل: ليس هو محكم الحديث.

وَقَال حرب بْن إِسْمَاعِيلَ: سمعت أَحْمَد بْن حنبل وذكر له هشام بن سعد، فلم يرضه، وَقَال: ليس بمحْكِمٍ للحديث.

وَقَال عَباس الدُّورِيُّ عَن يحيى بن مَعِين: هشام بن سعد ضعيف، وداود بن قيس أحب إلي منه.

وَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي خيثمة : سمعت يحيى بْن مَعِين يقول: هشام بْن سعد صالح، ليس بمتروك الحديث.

وَقَال معاوية بْن صالح، عَن يحيى بْن مَعِين: ليس بذاك القوي .

وَقَال أحمد بن سعد بْن أَبي مريم عَن يحيى بن مَعِين: ليس بشيءٍ، كان يحيى بْن سَعِيد لا يحدث عنه.

 وقال ابن حجر في التقريب (7294): صدوق له أوهام.

وخلاصة الكلام في هذا الحديث: مدارَه على هشام بن سعد القرشيّ، رواه عنه جمع من الرواة، كما هو ظاهر، وقد اختلف الرواة عنه في روايته الحديثَ مرفوعاً وموقوفاً.

وسواء رُوي مرفوعاً، أم روى موقوفاً، فكلاهما ضعيفٌ، لضعف هشام بن سعدٍ!

واللهُ تَعالى أعْلمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق