المُشْكِلَةُ الشيعيّة (2):
الإشارةُ
والنصّ إلى صاحبِ الدار !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا:
افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
قال
الرافضيّ في منشوره الذي ردّ به عليّ ما نصّه: «ولولا مراسلة البعض لي للردّ على
طرحه؛ لما صرفت وقتي وجهدي في نقض كلامه، فهذا مثال عسى أن يكون كافياً لعشّاق
المعرفة والبحث»!؟
الرجل
يظهر نفسَه هنا على أنّه أعلى مرتبةً مني، وكلامي لا يستحقّ الردّ أوّلاً!
ثمّ
أوهم القرّاء أنّ هناك أمثلةً كثيرةً على تهافت كلامي وضعفه!
وسيرى
القارئ الكريم مَدى التدليس والتلبيس في كلام الرجل المسكين، وهذا شأن الرافضة على
مدار تاريخهم، وللأسف!
وحتى
تتمايزَ الأمور، فسأسرد الأحاديث التي ضعّفها إمامهم المجلسيّ، ثمّ أتبعها بما
صحّحه منها، وأناقشه!
قال
أبو جعفر الكليني في باب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار، من كتابه المهلهَل الكافي
(1: 486): «باب الإشارةِ والنَصّ إلى صاحب الدار عليه السلام».
1
- علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال قال: خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين
يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إلى من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده».
قال
المجلسيّ في مرآة العقول (3: 250): مختلفٌ فيه؛ لأنّ محمد بن علي بن بلال وثّقه
الشيخ الطوسيّ في الرجال، وقال في كتاب
الغيبة: إنّه من المذمومين.
وقال
المجلسيّ نفسه في رجاله (1725): «ثقة فاسد العقيدة»!؟
3
- علي بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي عن جعفر بن محمد المكفوف، عن عمرو الاهوازي
قال: أراني أبومحمد ابنه وقال: هذا صاحبكم من بعدي».
قال
المجلسيّ في مرآة العقول (3: 251): ضعيف على المشهور!
4
- علي بن محمد، عن حمدان القلانسي قال: قلت للعمري: قد مضى أبومحمد؟ فقال لي: قد
مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذه، وأشار بيده».
قال
المجلسيّ في مرآة العقول (3: 251): ضعيفٌ على المشهور، مختلف فيه؛ لأنّ حمدان
القلانسيّ ذمّه النجاشيّ، وروى الكشيّ توثيقه عن العيّاشي.
وقال
المجلسيّ في رجاله (374): ضعيف!
5
- الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله قال: خرج
عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري لعنه الله: هذا جزاء من اجترأ على الله
في أوليائه، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب، فكيف رأى قدرة الله فيه، وولد له ولد
سماه (م ح م د) في سنة ست وخمسين ومائتين».
قال
المجلسيّ في مرآة العقول (3: 252): ضعيف على المشهور.
6
- علي بن محمد، عن الحسين ومحمد ابني علي بن إبراهيم، عن محمد بن علي بن عبدالرحمن
العبدي - من عبد قيس - عن ضوء بن علي العجلي، عن رجل من أهل فارس سماه قال: أتيت
سامرا ولزمت باب أبي محمد عليه السلام فدعاني، فدخلت عليه وسلمت فقال: ما الذي
أقدمك؟ قال: قلت: رغبة في خدمتك، قال: فقال لي: فالزم الباب، قال: فكنت في الدار مع
الخدم، ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في
الدار رجال قال: فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت فناداني:
مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج، فخرجت علي جارية معها شئ مغطى، ثم
ناداني ادخل، فدخلت ونادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها: اكشفي عما معك، فكشفت عن
غلام أبيض حسن الوجه وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود،
فقال: هذا صاحبكم، ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبومحمد عليه السلام»
انتهى الباب.
قال
المجلسيّ في المرآة (3: 352): مجهول، وقال في رجاله (1723): محمد بن علي بن
إبراهيم الهمدانيّ: ضعيف.
قال
الفقير عداب: هذه الأحاديث الستّة هي كلّ ما في الباب، وهي بين ضعيف ومجهول، ما
عدا الحديثَ الثاني الذي أخّرته لدراسته، وهو في الكافي (1: 486):
2
- محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لابي محمد عليه
السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل، قلت: يا سيدي هل
لك ولد؟ فقال: نعم، فقلت: فإن بك حدث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة» قال المجلسيّ
في مرآة العقول (3: 250): صحيح!
قال
صاحب المنشور: «فهذا مثال عسى أن يكون كافياً لعشّاق المعرفة والبحث» يعني هو في
جعبته أمثلة كثيرة، هذا واحد منها!
والحقّ
أنّ البابين اللذين أوردت أحاديثهما في المنشور السابق وهذا المنشور، وعددها عشرون
حديثاً؛ ليس فيهما حديث صَحّحه المجلسيّ، سوى هذا الحديث.
قال
الفقير عداب: يعلم صاحبُ المنشور وكل مّن قرأ كتابي عن «المهديّ المنتظر» أنّني
أرّخت إنجاز الكتاب (ص: 14) بتاريخ (9/ 9/ 1999م) وطُبع الكتاب في عام (2001).
فإذا
كان كتابي متهافتاً، وكنتُ متسرّعاً - كما قال الرافضيّ - فلماذا سكت هو والرافضة
(22) عاماً، حتى فَطِنَ إلى الردّ عليّ؟
أنا
لست متسرّعاً لا في العلم، ولا في حياتي الشخصيّة، ومما لا يعرفه هذا المدلّس
الملبّس؛ أنني لم أنشر الكتابَ حتى قرأه أكثرُ من عشرةٍ من أهل العلم، منهم
الدكتور عبدالرزاق أبو البصل، أستاذ الحديث النبويّ في الأردنّ، ومنهم الدكتور
إياد الغوج، مدير دار الفتح للبحث العلمي والنشر والتوزيع، ومنهم الدكتور فراس
السوداني، ومنهم الدكتور عمر الأيوبيّ، وغيرهم!
فكيف
أكون متسرّعاً، وقد انتظرت هؤلاء الأفاضلَ شهوراً متعدّدة حتى يقرؤوا قراءةً
فاحصةً كتاباً علميّاً، يقع في (539) صفحة؟!
أمّا
عن تعقّباته على هذا الحديثِ، الذي كتبت نقدَه قبل ربع قرنٍ من الزمان؛ فسأفترض
أنّ كلامَه صحيح (100%) وأنني أخطأتُ في نقد ذاك الحديث، وأصبت في نقد تسعةَ عشرَ
حديثاً آخر في البابين، فكم تكون نسبةُ خطئي؟
تكون
نسبة خطئي (5%) فهل زعمت أنني معصومٌ لا أخطئ؟
وإذا
كنتُ أخطأت أنا في نقد حديثٍ واحدٍ من عشرين حديثاً؛ أفلا تسحيون على أنفسكم
تتطامَون وتتعالَون عليّ وعلى أمثالي، وفي أعظم كتابٍ لديكم، فيه (19/ 20) روايةً
ضعيفةً سمجة، وفيه روايةٌ واحدة صحيحة؟!
وحاشا
أن تكون صحيحةً أبداً، وإليك بيان ذلك!
من
المعلوم في نقد الحديث؛ أنّ المحدّثَ الثقة الجامع؛ يكون لديه تلامذة كثيرون!
فإذا
جاء واحدٌ من تلامذته، وانفرد عنه بحديثٍ؛ فإنّ حديثَه هذا لا يُقبَل عند
المحدّثين، إذ لا يُعقل أن تكون مسألةٌ عقديّة مشهورةٌ، ثمّ لا تُروى بإسنادٍ
معتبرٍ إلّا من طريق شيخ واحدٍ، ينفرد عنه بها راوٍ واحدٍ، ليس من المختصّين به،
ولا المكثرين عنه.
وأبو
هاشمٍ الجعفريّ رحمه الله تعالى؛ ليس له في كتاب الكافي، سوى (18) روايةً، وقد ذكر
صاحب السيّد الخوئيّ في معجم رجال الحديث (19: 1) أنّ لمحمّد بن يحيى العطّار (5985)
روايةً، فكم بين (18) رواية، و(6000)
رواية؟
فأبو
هاشمٍ إذن ليس من حفّاظ الحديثِ الذي يؤخذ عنهم ما ينفردون به!
هذه
واحدة!
والثانية:
هذا الإسناد فرد مطلق غريب شاذٌّ «محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم
الجعفريّ» ليس في الكافي الذي بلغت رواياته قُرابةَ (16000) روايةً، سوى هذه
الرواية!
والثالثة:
إنّ أحمد بن إسحاق هذا؛ ليس من خواصّ أبي هاشمٍ الجعفريّ، إذ ليس له في كافي
الكليني عنه، سوى هذه الرواية الفاذّة!
والسيّد
الجعفريّ الذي وصفه الذهبيّ في تاريخ الإسلام (6: 79) بقوله: «كان ذا زهد ونسك
وعلم، صحيح العقل، سليم الحواس» رضي الله عنه؛ فلا بدّ أن يكون له تلامذةٌ مختصّون
به، يروون عنه أحاديثه، فمن يشذّ عن مجموعهم بروايةِ حادثة من ضروريات المذهب،
فيفترض أن يرويها عددٌ من تلامذته.
قال
الفقير عداب: كتابُ الكليني أفضل كتابٍ لدى الرافضة، حتى إنّ ياسر الحبيب - هداه
الله تعالى - يصفه بالكافي المقدّس، بكلّ قلّة أدب!
قال
الكليني في خُطبة كتابه الكافي (1: 4) «أما بعدُ: فقد فهمتُ يا
أخي ما شكوتَ من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة، وتوازُرِهم وسعيهم في عمارة طرقها،
ومباينتهم العلم وأهله، حتى كاد العلم معهم أن يأزر كلّه، وينقطع مواده، لما قد
رضوا أن يستندوا إلى الجهل، ويضيعوا العلم وأهله».
إلى
أن يقول (1: 10): «وقلتَ: إنّك تُحب أن يَكون عندك كتاب كافٍ، يُجمَع فيه من
جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من
يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن
القائمة التي عليها العمل، وبها يُؤدّى فَرضُ الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه
وآله.
وقلتَ:
لو كان ذلك؛ رجوتَ أن يكون ذلك سبباً يَتداركُ الله تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا
وأهل ملتنا ويقبل بهم إلى مراشدهم».
وقال
(10: 11): «وقد يسر الله - وله الحمد - تأليفَ ما سألتَ، وأرجو أن يكون بحيث توخيتَ،
فمهما كان فيه مِن تَقصيرٍ؛ فلم تَقْصُر نيّتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة لإخواننا
وأهل ملتنا، مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه، وعمل بما فيه دهرنا
هذا، وفي غابره إلى انقضاء الدنيا» انتهى المراد
نقلُه.
واضحُ
من كلام الكلينيّ أنّ بعضَ رجالِ العصرِ المهمّينَ، طلب منه أن يصنّف كتاباً في
أدلّة العقائد والأحكام، من «الآثار الصحيحة عن
الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يُؤدّى فَرضُ الله
عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله».
فأجابه
الكلينيّ قائلاً: «وقد يسر الله - وله الحمد - تأليفَ ما سألتَ، وأرجو أن يكون
بحيث توخيتَ، فمهما كان فيه مِن تَقصيرٍ؛ فلم تَقْصُر نيّتنا في إهداء النصيحة، إذ
كانت واجبة لإخواننا وأهل ملتنا».
فالكلينيّ
قامَ وجمع «الآثار الصحيحة عن الصادقين
عليهم السلام» على قدر معرفته وعلمه.
وبعد
دراسة كتابه «الكافي» من قِبلِ الرافضةِ، وليس من قبل خصومه؛
تبيّن أنّه كتابٌ واهٍ، وأنّ صابَه الكلينيّ قليلُ المعرفة بـ«الآثار الصحيحة
عن الصادقين عليهم السلام» إذ جمع في الكافي (16199)
روايةً، صحّح المجلسيّ ووثّق وحسّن (5073) وضعّف (9485) روايةً، حسب اجتهاده وفهمه
هو الآخر، كما قاله للشيخ عبد الحسين المظفّر في كتابه «الشافي في شرح أصول الكافي» (1:
19).
وعند
التحقيق؛ لا يصحّ من هذا الكتاب «الكافي المقدس» إلّا النزر اليسير!
وأوضح
مثالٍ تطبيقيّ؛ هو بين يديك أخي القارئ الكريم:
واحدٌ
وعشرون حديثاً في بابين؛ لم يصحح المجلسيّ منها سوى حديثٍ واحدٍ، من دون قيود!
ختاماً:
أنا الفقير منشغلٌ بدراسةِ وغربلَةِ كتبٍ مهمّةٍ، وليس لديّ وقتٌ لمساجلاتٍ
طائفيّة جاهلة، إنما أردت توضيحَ أنّ ما يُشوّشُ به الرافضة - كلُّ الرافضة - على
أهل العلم؛ أفضله تصيّد بالماء العكر، وهو من بابه «يرى القذى في
عين أخيه، ولا يرى الجذعَ في عينه».
وأرجو
أن يكون غدا لدى الأخِ الشيعيِّ، ولدى الرافضيّ أيضاً؛ تصوّر واضحٌ عن قيمة كتاب
الكافي من جهة.
وأن
يكون ظهر لكلّ قارئ التلبيس والتدليس الذي مارسه ذاك الرافضيّ على قرّائه، من جهةٍ
ثانية.
وأن
يكون ظهر للقارئ مَن منّا أصدقُ وأبرّ وأعفّ، ومَن منّا المتعالم المستكبر بالباطل!
ويطيب
لي أن أستشهد بقول الصحابيّ الشاعر حسّان بن ثابت، يذُبّ عن الرسول صلّى الله عليه
وآله وسلّم هجاءَ مَن هجاه، إذ قال:
أَتهجوه،
ولست له بكُفْءٍ؟
فشرّكما
لخيركما الفداء !!
اللهم
آمين، آمين، آمين.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق