الثلاثاء، 1 نوفمبر 2022

أفراد الإمام البخاريّ (7):

ما جاءَ في تأخيرِ السُحور!؟

بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحيمِ

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

بإسنادي إلى الإمام البخاريّ في مواقيت الصلاةِ، باب وقتِ الفجر (577) قال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبي أُوَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ «عبدالحميد» عَنْ سُلَيْمَانَ «بن بلال» عَنْ أَبي حَازِمٍ «سلمة بن دينار» أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: «كُنْتُ أَتَسَحَّرُ في أَهْلي، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَةٌ([1]) بي أَنْ أُدْرِكَ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ e».

وأَعادَهُ البخاريُّ في الصوم، باب تأخير السحور (1920) قال: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: ثَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ t قَالَ: «كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ([2]) مَعَ رَسولِ اللهِ e»([3]).

مَدارُ حديثِ الباب على أبي حازمٍ سلمةَ بنِ دينارٍ، رواه عنه:

أنس بن عِياض، عند الطبراني في الكبير (5871).

وسليمان بن بلالٍ، عند البخاريّ (577) وابنِ خزيمةَ في صحيحه (1942) والبيهقيّ في الخلافيات (1340) وفي السنن الكبير (2172)

وابنُه عبدالعزيزِ بن أبي حازمٍ، عند البخاريّ (1920) والطبراني في الكبير (5903).

وعبدالله بن عامر، عند أبي يعلى في مسنده (7533) والرويانيّ في مسنده

(1020) والبيهقيّ في معرفة السنن (2765).

وممّا أشكل على بعض المحدّثين، كما في فتح الباري (6: 319) أنّ أبا يعلى (7533) رواه من طريق شيخه مُصْعَب الزبيري قال: حَدَّثَنَا عبدالعزيز بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.

رواه الفضلُ بن دُكين عن عبدالله بن عامر، عن أبي حازم، عند الرويانيّ (1020).

ورواه البيهقيّ في معرفة السنن (2765) من طريق الحافظ عبدالرحمن بن إبراهيم «دُحَيم» قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ.

ونقل عن الشافعيّ أنه رواه في القديم عن أنس بن عياض، يعني عن عبدالله بن عامر.

فصار من المؤكّد أنّ عبدالله بن عامر، من رواة هذا الحديث عن أبي حازم.

وعبدالله بن عامرٍ؛ فيه ضعف، كما قال ابن حجر في التقريب (3406) لكنّ ضعفَه مجبورٌ بمتابعته ههنا، فلا ضَرَرَ من ضعفه على مدار الحديث.

ويترجّح أنّ رواية أنس بن عِياض عن أبي حازمٍ مباشرةً، عند الطبراني في الكبير (5871) مُعلَّة، والله أعلم.

وأبو حازمٍ سلمةُ بن دينارٍ الأعرج: ترجمه المزيّ في تهذيبه (11: 72) ونقل توثيقَه عن عددٍ كبيرٍ من الحفّاظ، ونقلَ حكاياتٍ عن زهده وورعه وتقواه ووعظه.

فإسنادُ الحديث صحيحٌ غريبٌ، لم يروه عن سهلٍ غيرُ أبي حازم.

وفي تأخيرِ السحورِ إلى ما قُبيل الفجر؛ فيه عددٌ من الأحاديث الصحيحة.

وقد أوضح ابن حجر في الفتح (6: 308 - 322) معنى تعجيل السحورِ وتأخيره، فانظره ثمّة.

أما ما أراه أنا الفقير، وما أسير عليه في صيامي وفطري؛ فملخّصه كلمات:

- أصلّي فريضةَ المغربِ، ثمّ أفطر، فإن كنتُ ضيفاً، أو كان عندي ضيوفٌ؛ فمتى انتهى المؤذّن من الأذان؛ أُفطر، ولم أفطر قبل انتهاءِ الأذانِ، منذ خمسين عاماً تقريباً.

- أعتمدُ توقيتَ الإمساكِ في البلد الذي أكون فيه، وأُمسك قبل الأذان بدقائق، وإذا اضطررت إلى تناول الدواء؛ فأتناوله حتى وهو يؤذّن المؤذّن.

وحكّامُ المسلمين - حتى العلمانيون منهم - لا يعارضون المختصّين في أمور الفلك والأرصاد الجويّة، ولا يتدخّلون في مواقيت الصلاة والصيام.

والمسألةُ ليست حديّة بالصورة التي يُشدّد بها بعضُ فقهاء المذاهب، والاحتياطُ هو الدين، من دون شكّ.

ومعنى الاحتياط: إتيانُ ما هو أشدّ الحكمين أو الأحكام على النفس.

واللهُ تَعالى أعلَمُ. 

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

 

 



([1]) كذا ضبطت في الأَصْل، وضبطت بتنوين الضم في (ب، ت)

([2]) قال في الفتح (6: 320): في رواية الكُشميهني «أدرك السَّحورَ» وللنسفيّ والجمهور «أدرك السجود» وهو الصواب.

([3]) من حديث أبي حازمٍ سلمةَ بن دينار عن سهلِ بن سعدٍ الساعديّ t انفرد به البخاري عن بقيّة التسعة، وأخرجه الروياني في «مسنده» (1020) وأبو يعلى في «مسنده» في حديث سهل بن سعد، باب كنت أتسحر في أهلي (7533) وابن خزيمة في الصيام، باب تأخير السحور (1942) والطبرانيُّ في المعجم الكبير (6: (5871، 5903) والبيهقي في الخلافيّات (1340) وفي السنن الكبير، في الصلاة، باب تعجيل صلاة الصبح (3: (2172) وفي معرفة السنن والآثار (2765) وانظر الجمع بين الصحيحين للحميديّ (922) والتحفة [4: 4696] والإتحاف [6: 6206]. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق