الثلاثاء، 25 أكتوبر 2022

       بَعيداً عن السياسةِ (33):

 ذكرياتي مع الإخوانِ المسلمينَ في سوريّا (4)؟!

 بسم اللهِ الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

في شهر تمّوز أو آب، عام (1969م) - نسيت - زارنا في معسكر التدريبِ شيخنا الشهيد مروان، ومعه عددٌ من الإخوةِ، الذين ربما يرغبون عن ذكر أسمائهم، وحضر بعضَ تدريباتنا الرياضيّة والعسكريّة، واتّفق مع قائد المعسكر «أبو طه» على قيام المعسكر بمسابقة جري ضاحية (800، 17) متر، فشارك بالمسابقةِ قرابةُ عشرين شابّاً فحسب!

كان من بين المشاركين أخي الحبيب الشهيد أحمد بن محمد بلقيس الحوراني، رحمه الله تعالى، وأنا الفقير عداب.

جميع المشاركين انسحبوا من المسابقة، ما عدا الشهيد بلقيس وأنا الفقير.

قطعت أنا المسافة بـ (67) دقيقة، وقطعها الشهيد أحمد بـ (75) دقيقة.

عند تناولنا طعام الفطور «المسخّم المنيّل» حدّثنا شيخنا مروان بأنّ قيادةَ الجماعة في مركز حماة؛ فصلته وفصلتنا معه، من جماعةِ الإخوان المسلمين!

فأنشأت قصيدةً هجوتهم بها، فغضب الشهيد رحمه الله تعالى مني، وأمرني بتمزيقها، وعدم إنشادها أمامَ أحد.

عندما رجعنا إلى حماةَ؛ طلب مني شيخي السيد أبو أحمد فارس المليّ العودةَ إلى صفوف الجماعة، فرفضت، وراجعني عددٌ من شيوخي بذلك، فرفضت رفضاً قاطعاً، وقلت لهم:

إنّ القيادةَ التي تفصل مثلَ الشيخ مروان من صفوفها؛ لأنه ساعد في تدريب الشباب على اللياقة البدنيّة، والتعامل مع عددٍ محدود من الأسلحة؛ هي قيادة سوء، وحاشا لله تعالى أن يراني تحت إمرتها ما دمتُ على قيدِ الحياة!

كان هذا الكلام في شهر آذار، من عام (1970م) وبهذا الكلام انتهت صلتي بتنظيم الإخوان المسلمين تماماً.

لكنّ هذا لا يعني أنني عاديت الإخوانَ، أو انضممت إلى تنظيمٍ آخر، أو أنشأت تنظيماً خاصّا بي، كلّا!

لكنني قَصرتُ صلتي على الشهيد مروان حديد، رحمه الله تعالى، منذ ذلك التاريخ، وحتى تشرين الأوّل من عام (1974) إذ تركت العملَ مع شيخي الشهيد مروان، وانصرفت عن العمل السياسيّ انصرافاً تامّاً، منذ ذلك التاريخ، وإلى هذا اليوم!

وقد أوضحت أسباب ذلك في كتابي «الشهيد مروان حديد ومنهجه في الدعوة والجهاد».

وعلى مَن يرغب بمعرفة تفاصيلِ صلتي بالإخوان المسلمين من تشرين الأوّل، عام (1962) وحتى تشرين الأوّل، عام (1974) فعليه بمراجعة هذا الكتاب.

وعلى من يرغب بالاطّلاع على أهمّ ما حفظتُه من تاريخ جماعة الإخوان في هذه الفترة من الزمان؛ فعليه بمراجعة هذا الكتاب.

ومن أراد الوقوفَ على انتقاداتي جماعةَ الإخوان المسلمين، القديمة الجديدة؛ فليقرأ برويّة الملحق الأول من هذا الكتاب (ص: 279 - 312) ففيه ما يفيده، إن شاء الله تعالى.

وقد أودعتُ في الملحق الثاني (313 - 455) ستَّ عَشْرَةَ شهادةً لرجالٍ أكارمَ عاصروا الشهيدَ مروانَ، وعرفوه عن قربٍ، وفي هذه الشهادات فوائدُ كثيرةٌ، لا تقتصر على شخصية الشهيد مروان، ونشاطه الدعويّ.   

وأوجّه إلى قياداتِ الإخوان المسلمين في سوريا؛ ما حدّثني به سيّدي الشريف محمد الحافظ التجاني القاهري، من أنّ الشهيد حسن البنّا شكا إليه ما تمادى به أعضاء الجهاز العسكريّ السريّ، وقال له ما معناه: «ليتني ما أذنت لهم في تشكيل هذا الجهاز، ليتني اكتفيت بدعوة الناس إلى أداء الفرائض، وتلاوة القرآن الكريم، وكان هذا يكفيني عند الله تعالى».

يا أيها الإخوان المسلمون:

إنّ جميع الحركات الإسلامية وغير الإسلاميّة؛ مجبرة لأن تخضع لهذه الأنظمة العربية الاستبداديّة، وهم بدورهم خاضعون لحكومة العالم الخفيّة، رغماً عنهم.

فلماذا نضع العصابةَ على أعيننا، ونخدع أنفسنا بأننا لسنا تحت نظر القوى الظاهرة والخفية المتحكّمة في العالم.

إنّ القوى العالميّة؛ لن تسمح للإخوان المسلمين بأن يقودوا أيّ بلدٍ عربيٍّ، إلّا لإسقاطهم وتأليب الناس عليهم، وما حال الرئيس محمد مرسي عنكم ببعيد، رضي الله عنه.

ولو سمح النظام العالمي للإخوان بأن يحكموا؛ فهذا مؤشّر على أنّ الإخوان قد انحرفوا !

فاقنعوا بأن تكونوا جمعيةً إنسانيةً خيريّة، وعودوا بالناس إلى دينهم، وتعلّموا أنتم أنفسكم دينكم، فأكثر قيادات الإخوان من الأطباء والمهندسين، وهؤلاء جهّال بدين الإسلام على الحقيقة!

مَن حضر متن أبي شجاع، أو متن القدوري، أو متن المقدمة الحضرمية، فظنّ أنه غدا عالماً فقيهاً؛ فهو بحدّ ذاته مصيبة ومشكل!

إنّ دعوةً إسلاميّة بحجم دعوة الإخوان المسلمين؛ تحتاج إلى ألوف العلماء الربانيين؛ ليعلّموا الناسَ دينهم الحقَّ، فأين أولئك العلماء؟

ليس في قادة الإخوان المسلمين في سوريا عالم واحدٌ في دائرة الاجتهاد، ولا يحقّ لعلماءَ مقلّدين أن يقودوا أمّة بفهوم علماء القرن الثاني، أو القرن الثالث الهجري!

ولو أنّ قيادات الإخوان المسلمين؛ اهتمّوا بأولادهم وبناتهم، وربّوهم التربية الصالحة، وعلّموهم علوم الشريعة الكثيرة؛ لأبانوا عن صدقهم مع الله تعالى، وتحقّقوا من تمثّلهم لهذا الدين!

أمّا أن يعلّموا أولادهم الطبَّ والهندسةَ وهندسةَ الحاسوب، وغيرها من المهن التي يشاركهم فيها ملايين الخلق؛ فهذا لا يعني إلّا أن اهتمامهم برفاهية أولادهم الدنيويّة؛ مقدّم على معرفتهم بدينهم، والدعوة إليه على بصيرة!

ختاماً:

إنّ شباب الإخوان المسلمين الذين عاصرتهم وعايشتهم؛ لا أعلمُ مجموعةً من المسلمين ترقى إلى مستوى توازنهم واعتدالهم وأخلاقهم.

لكنني أعجب غاية العجب، من تبدّل صفات أكثرهم وسلوكهم وأخلاقهم، إذا أصبحوا في سدّة القيادة!

وإنّ اسم الإخوان المسلمين، ليس اسماً مقدّساً، ولا منزّلاً من السماء، كما يقول شيوخي محمد الحافظ التجاني، والسيد سابق، ومحمد الغزالي، والشيخ سعيد حوى، والشهيد مروان حديد، والأستاذ عدنان سعد الدين، وغيرهم، رحمهم الله تعالى.

فلو أنّ جماعةَ الإخوان المسلمين في سوريّا؛ أعلنوا عن حلِّ الجماعة - كما نصحهم الأستاذ عدنان سعد الدين - ثم هم أنفسهم أنشأوا جمعيّة خيريّةً دعويّةً؛ لكان هذا خيراً لهم وللأمة كلّها، وليتركوا السياسةَ لأهلها، فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشكّ بأنهم ليسوا من السياسة بسبيل!

واللهُ تَعالى أعْلمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كل حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق