مسائل فكريّة (27):
أثَرُ المَعاصي عَلى استِقْرارِ المجتَمعِ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
غابَ عن خطابِ كثيرٍ من
المفكّرين والدعاةِ المسلمين؛ خطرُ مجاهرةِ العبادِ للهِ تبارك وتعالى بالمعاصي،
ودعوةِ كثيرين منهم إلى الشيوعيّة الجنسيّة، وإلى المثليّة، واللواط، وإلى فسادِ
الأخلاقِ، وعدُّ ذلك كلّه من الحريّاتِ الشخصيّة.
وموقفُ بعضِ الدعاةِ؛ هو
تهوينُ شأن المعاصي، وعدمُ تأثيرها على استقرار المجتمع، ولا صلةَ للكوارثِ
الطبيعيّة بذنوب العباد!
ولن أطيلَ في هذا الموضوع،
الذي يستحقّ أن أُفردَ له خمسين حلقةً علميّة!
إنّما أحيل القارئ الكريم
على كتاب (السنن الإلهيّة في الحياة الإنسانيّة) للزميل الفاضل والأخ الحبيب
الأستاذ الدكتور شريف الشيخ صالح الخطيب الفلسطينيّ.
ولو كان لديّ نسخةٌ من
الكتاب؛ لأودعت لكم رؤوس مباحثه في هذه المقالة!
قال الله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا
وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ، واللهُ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (11) [آل عمران].
وجه الدلالة: الكافر يعصي
الله تبارك وتعالى، وعاقبة ذلك ما ذكره الله في الآية الثانية (فَأَخَذَهُمُ اللهُ
بِذُنُوبِهِمْ).
وقال الله تعالى:
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ
وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ
إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) [الأنفال].
وقال الله تعالى:
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ
كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ
بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ وَاقٍ (21) [غافر].
ومعنى: أخذهم الله
بذنوبهم، أيْ: أبادهم وأفناهم!
وقال الله تعالى:
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ
أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ
نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا
الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ، فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ
وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (6) [الأنعام].
وقال الله تعالى:
(كَدَأبِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ
وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ، وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) [الأنفال].
هذه الآيات القرآنية توضح
من دون أدنى غموضٍ أنّ دمار البشرية وهلاكها كان بسبب عصيانِها لله تعالى، وتمرّدها
على أوامره!
فهل نُسِخَتْ هذه الآياتُ
الخبريّة، في زماننا المعاصر، وما الذي نسخها؟
وقال الله تعالى:
(وَإِلَى مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ شُعَيْبًا،فَقَالَ يَاقَوْمِ:اعْبُدُوا اللهَ، وَارْجُوا الْيَوْمَ
الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36).
فَكَذَّبُوهُ
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ،فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) وَعَادًا
وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا
مُسْتَبْصِرِينَ (38).
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ
وَهَامَانَ،وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي
الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ:
فَمِنْهُمْ مَنْ
أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا!
وَمِنْهُمْ مَنْ
أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ!
وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا
بِهِ الْأَرْضَ!
وَمِنْهُمْ مَنْ
أَغْرَقْنَا.
وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) [العنكبوت].
جميع أنواع العذاباتِ هذه؛
سببها الكفرُ والمعاصي!
فهل نُسِخَتْ هذه الآياتُ،
في عصرنا، وما الناسخ الذي لا نعرفه، أيها المتعلمنون الماديون؟!
وقال الله تعالى:
(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا
أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ
وَلَا نَصِيرٍ (31) [الشورى].
وقال الله تعالى:
(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ
مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ
أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ
بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ
بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) [طه].
المعيشة الضنكةُ سببها
الغفلةُ عن الله تعالى، والإعراض عن ذكره ومراقبةِ أوامره!
هذا في الدنيا
(وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)!!
وفي مقابل ذلك:
قال الله تعالى:
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)
[الأعراف].
وقال الله تعالى:
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا
التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا
مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ
وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) [المائدة].ِ
قلت في بداية المنشور: لا
أريد أن أطيلَ عليكم، وكلام الله تعالى واضح لا يحتاج إلى شروحاتٍ فلسفيّة، ولا إلى
تكلّفات المتشكّكين بهذا الدين العظيم!
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحَمْدُ للهِ على كلِّ
حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق