الثلاثاء، 26 أبريل 2022

         بَعيداً عن السياسةِ (7):

مِنْ مَظاهرِ النَصبِ المُعاصر!؟

بسم اللهِ الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كتبَ إليّ أحدُ الإخوة السوريين على الخاصّ، يقول: «أعتذر عن المراسلة لسبب تافه، لكنّ أحدَ أبواق حِزبِ الله عندك في التعليقات!

أعتذر إن تماديت في التعليقات، لكنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من إهانته!

أتمنى أن توضح موقفك من حزب الله، كي لا يعودَ أمثالُ هذا الوقح للتمادي والتطبيل لهذه الميليشيا المجرمة»!

ثمّ سألني عمّا إذا كنتُ حذفتُ تعليقاته!؟

كتبت إليه: «لا أعرف عن ماذا تتكلّم أصلاً، متى حصل هذا»؟

فأرسل إليّ رسائلَ يشتمُ فيها أخي الحبيب العالم الفاضل السيّد نذير السيد نور، وهذه واحدة منها:

«لا بأسَ يا مهرّج، تمادى ما أردتَ، لكن لن تَأمَن أن ترى في أهلك ما رأينا من حزب اللات!

وقد ظننتك صوفيا تدرك معنى التصوف، لكنك متملّقٌ رخيص، تشنّع على مخالفك بألفاظ حمقاء، كداعشيّ ومخرّب!

وعليه يا مسكين، ستراني في كلّ مرة أراك تتملّق للعلماء!

لك مني كلّ الإهانات، في كلّ موضوعٍ أراك فيه، ولا كرامة لك عندي، مهرّج أحمق»!؟

أقول وبالله التوفيق:

هل يستطيع أن ينطقَ بمثل هذه الكلماتِ تجاهَ عالمٍ شريفٍ من آل البيت، رجلٌ في قلبه مثقالُ ذرّةٍ من توقيرِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أو رجلٌ يعرف آل البيت، وحبَّ آل البيت؟

بعضُ الإخوةِ من آل البيت، يتطاول عليّ أحياناً، فأردّ عليه بكلماتٍ مهذّبةٍ وغالباً ما أسكت، فلا أردّ، خشيةَ أن أُحزِن رجلاً ينتسب إلى الرسولِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وربما ظنّ هو ومتابعوه؛ أنّه انتصر عليّ وأسكتني!

أيها الإخوةُ المسلمون:

لا تغفلوا أبداً عن قول الله تبارك وتعالى:

(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى.

وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً.

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) [الشورى].

فمن يعمل حسنةً في حقّ أيّ مسلمٍ عامّةً، وفي حقّ آل البيت خاصّة؛ فـ(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ).

وأخرج الإمام مسلم في فضائل الصحابة (2408) من حديث زيد بن أرقم الصحابيّ، رضي الله عنه قال:

(قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ.

ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ.

وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ:

أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ.

فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي.

أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي) الحديث.

وأخرج مسلم في الفضائل (2276) من حديثِ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ).

وأخرج أحمد في مسنده (1677) والترمذيّ في جامعه (3758) من حديث عَبْدِالْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَباً وَأَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: مَا أَغْضَبَكَ؟!

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا وَلِقُرَيْشٍ!

إِذَا تَلَاقَوْا بَيْنَهُمْ؛ تَلَاقَوْا بِوُجُوهٍ مُبْشَرَةٍ، وَإِذَا لَقُونَا؛ لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ!

فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ!

ثُمَّ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ، حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ).

ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ آذَى عَمِّي؛ فَقَدْ آذَانِي، فَإِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ) قَالَ الترمذيّ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».

قال الشيخ ابن تيميّة الكُرديُّ الحنبليّ في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم، رحمه الله تعالى (ص: 420):

«إنّ الذي عليه أهل السنة والجماعة؛ اعتقادُ أنّ جنس العرب أفضلُ مِن جنس العجم، عِبرانِيّهم وسِريانيّهم وروميهم وفارسيهم وغيرهم، وأن قريشاً أفضلُ العرب، وأنّ بني هاشم أفضلُ قُريش، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم.

فهو أفضل الخَلْق نَفساً، وأفضلُهم نَسباً.

وليس فضل العرب، ثم قريش، ثم بني هاشم، لمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم، وإن كان هذا من الفضل، بل هم في أنفسهم أفضل»!

وقال الشيخ محمد ناصر الألبانيّ رحمه الله تعالى، في سلسلة الأحاديث الضعيفة (1: 303): «ثبت أنّ الإسلام يَعزّ ويَذلّ بعِزِّ أهله وذُلّهم، سواءٌ كانوا عرباً أو عجما (ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) فاللهم أعزّ المسلمين، وألهمهم الرجوع إلى كتابك وسنة نبيك، حتى تُعِزَّ بهم الإسلامَ.

بَيدَ أنّ ذلك لا ينافي أن يكون جِنسُ العَرب أفضلُ من جنس سائر الأمم، بل هذا هو الذي أؤمن به وأعتقده وأدين الله به، وإنْ كنت ألبانياً، فإني مسلم ولله الحمد.

ذلك لأنّ ما ذكرته من أفضلية جنس العرب؛ هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، ويدل عليه مجموعةٌ من الأحاديث الواردة في هذا الباب منها قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم».

أمّا لماذا هذا الفضل؟

فالجواب:

(ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) [الحديد].

(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) [النساء].

ختاماً: اتّقوا الله تعالى في أنفسكم، لا تقودوها إلى سخط الله ومعصيته.

واتّقوا الله فينا، فقد أكلتم حقوقنا منذ (1400) عام، وحتى هذا اليوم!

وقد قتلتم المئاتِ من عظمائنا وعلمائنا، انتصاراً لطواغيتكم السفلةِ المجرمين!

أما آن لكم أن تعقِلوا، أما آن لكم أن تسلموا، أما آن لكم أن تؤمنوا؟

مَنشوري الصوفيّ، يتحدّث عن ضرورة كتمان الكراماتِ، حتى لا يكذّب بها بعض من لم يتعقّلْها.

ماذا كتب السيد نذير، حتى يُكال إليه كلّ هذا السباب، ويتّهم كلّ هذه التهم؟!

ونحن قد نشرنا آل منشور (قريباً من السياسة) وأعلنّا توبتنا عنها وعن أهلها!

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كل حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق