اجتماعيات:
سلوك القطيع!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(الْحَمْدُ للهِ، وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ
الَّذِينَ اصْطَفَى).
أما بعد:
عَتب علي إخوة محبون عديدون، يقولون ما معناه: يا
أخي معاندة السلوك الجمعي، والسباحة ضد التيار، ومخالفة علماء الأمة؛ أمور أضرت
بك، قبل غيرك، وأخّرتك وقدمت من هو دونك علما بكثير!
فأشفق على نفسك أوّلاً، ثم أشفق على من حولك ممن
يحبونك!
أقول وبالله التوفيق:
أنا الفقير عداب لا أجهل قول الإمام علي عليه
السلام، في صحيح البخاري (127): (حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ،
أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ)؟!
ولا أجهل قول الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله
عنه في مقدمة صحيح مسلم (ص: 11): (مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْماً حَدِيثاً، لَا
تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً).
ولا أجهل قول الشاعر العربي:
وهل أنا إلّا مِن غَزيّةَ، إن غَوَتْ
غَوَيتُ، وإنْ تَرشُدْ غَزية؛ أرشُدِ.
وقول الشاعر الآخر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
ولا أجهل المثل الحموي، الذي صدع رأسي مرات لا تحصى:
حُطّ رأسكَ بين الرؤوس، وقل: يا قطّاعَ الرؤوسِ!
كل هذا أحفظه، وأحفظ قبله كلَّه، وأعظم منه كلِّه؛
قولَ الله تعالى:
(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ، وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ؛ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو
الْأَلْبَاب).
بيد أنّ الله تباركَ وتعالى أمدّ في عمري، حتى
قاربتُ الثمانينَ، وبارك لي في عقلي وذهني وجسميّ، ووجّهني إلى فهم كتابه وسنّة
رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم أليس ذلك من أجل خدمتهما؟
إنني أرى من يسمّونهم «كبارَ العلماءِ» يجهلون علوم
السنّة النبوية جهلاً مطبقاً، ويتعبّدون الله تعالى بفهوم أناسٍ مضى على موتهم
أكثر من ألفٍ ومائتي عام، وكأنّ الله تعالى قضى في علمه الأزليّ أنّه خلقهم، ولم
يخلق مثلَهم أو أعلمَ منهم، من دون دليلٍ مسعفٍ، ولا برهانٍ منجٍ عند الله تعالى.
وكلُّ الذي أبتغيه أن يعتقد الناسُ بأنّ فتوى
العلماء المتقدمين للعاميِّ بجواز تقليدِ العالم؛ لا يجوز أن تنتقلَ لتمسي «وجوب
التزام مذهب من المذاهب الأربعة».
وكما قلت مراراً وتكراراً: ليس هؤلاء الأربعة الذين
فرض بعضُ الحكّامِ اتّباعَهم على الأمّة؛ هم أعلم الأمّة، لا في عصرهم، ولا بعده.
وأريد أيضاً أن تنتهي «الفرديّةُ» في العلم
والفتوى، أريد أن يتوجّه العلماءُ إلى العلم «الشوريّ» إلى العلم «المؤسسي» فنحن
حتى اليوم لا نعرف «الاجتهاد الجماعيّ» في حقيقة الأمر.
والذين كتبوا أبحاثاً في «الاجتهاد
الجماعيّ» ليس فيهم أحدٌ مؤهّلاً لأنْ يكون بين أولئك
المجتهدين!
أنا لا أستطيع أن أحترمَ عالماً من أئمة المذاهب يقول:
إذا عشق الإنسان والدته أو أخته أو عمته أو خالته، أو عشقته هي، فعقدا عقد نكاحهما
وأشهدا شهيدين، ثم راح يواقعها كما يفعل الرجل مع زوجته، إلى أن يُكتشفَ أمرُه،
ويوشى به إلى القضاء.
هذا
القضاءُ الذي سيفرق بينه وبين محرمه، من دون أن يقيم عليهما حدّ الزنا الأقذر «زنا
المحارم» لشبهة العَقد!
ثمّ إنّ تركيبتي الشخصيّة لا تسمح لي بغضِّ الطرفِ
عن الخطأِ الواضح البيّنِ، خالفني من خالفني من الناس، فمخالفة جميع الناس بلا
مثنويّة؛ لا تعدِلُ بي عن حقٍّ أعرفه، أو باطلٍ أرفضه.
مستذكراً دائماً قول أمّ المؤمنين عائشة رضي الله
عنها: (مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ؛ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ
النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ؛ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى
النَّاسِ) رُوي مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أصح.
والله تعالى أعلم.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق