إلى
سوريا من جديد:
هل الصلحُ
مع اليهود جائز؟!
بسم الله
الرحمن الرحيم
(الْحَمْدُ للهِ، وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى).
أمّا بعد:
بعدَ
تصريحِ الرئيس أحمد حسين الشرع في فرنسا؛ بأنّ سوريا تجري مباحثاتٍ غير مباشرة مع
الكيانِ الغاصب؛ توالت أسئلةُ عددٍ من الإخوةِ عن مَشروعيّة الصلح مع ذاك الكيان
المسخ؟
أقول
وبالله التوفيق:
أوّلاً:
حكوماتُ سوريّا السابقةُ منذ عام (1948) إلى نهاية عام (2024) كانت حكوماتٍ
علمانيّةً براغماتية، لم تفكّر يوماً بأخذ رأي الدين الإسلاميّ في تصرّفاتها
الداخليّةِ والخارجيّة.
ونحن
لا ندري عن دوافعها في خوضِ عدّة حروبٍ مع الكيان الغاصبِ، ومعلّم الجميع واحد!
ثانياً:
لم يعد يخفى على أحدٍ أنّ جميع دولِ العالم العربيّ؛ خاضعةٌ لأوامر وتعليماتِ
السيّد الأمريكيّ، ونحن نشاهد على شاشات التواصل الاجتماعيّ أهلنا في فلسطين
يموتون جوعاً ومرضاً، فضلاً عن موتهم بالرصاص والقنابلِِ، ولا تتجرّأ دولةٌ
عربيّةٌ أن تمدّهم بشحنة ماءٍ أو دواء!
فالحديثِ
عن جواز الصلح مع الكيان الغاصب، وعن التطبيعِ معه؛ خارجٌ عن موضعِ النزاعِ، من
وجهة نظري!
إذ
الذي يعاهدُ أو يطبّعُ أو يصالحُ؛ هو الذي يمتلكُ إرادةَ الفعلِ والترك، واتّخاذَ
قرار الحربِ، وقرار السلم.
ثالثاً:
في عام (1988) تباحثتُ مع شيخنا عبدالعزيز ابن باز - رحمه الله تعالى - في مسألة
الصلحِ مع اليهود، من دون أن أقول له: بلغني أنّك تذهب إلى ذلك!
فنادى
قائلاً: شيخ إبراهيم، فردّ عليه الشيخ إبراهيم الحصيّن، رحمه الله تعالى: لبيك
شيخي!
قال:
خذ الشيخ فيصل إلى المكتبِ، لينتظرني هناك!
بعد
برهة من الزمان؛ دخل الشيخ إبراهيم، ثم دخل الشيخ عبدالعزيز، رحمهما الله تعالى،
وبعد أن ألقى السلام؛ قال الشيخ عبدالعزيز:
أنت
يا شيخ فيصل من أهل العلم، ونحسبك من المخلصين الشجعان!
هل
أنت راضٍ عن حكم الكافر الظالم حافظ الأسد الملعون؟
قلت:
بالطبع لا أنا أرضى ولا أيّ عالم مسلمٍ يقبل!
قال:
بلغني أنّ هناك ألوفاً من الدعاة المؤمنين، ما زالوا في سجونه، ونحن وأنتم عاجزون
عن إطلاق سراحهم بالقوة العسكرية، أو بالمفاوضات الدوليّة، فما الحلِّ؟
لو
أنّ هذا الطاغية - وهو أكفر من اليهود والنصارى - قبلَ بالصلح مع الشعب السوري
المسلم، وقبل بأن يطلق سراح جميع السجناء، وأن يسمح للمسلمين بأداء الصلاة آمنين «أداء
الصلاة فقط!» شريطةَ أن يعاهدوه بأنْ لا يثوروا عليه ما دام على قيدِ الحياةِ،
أيجوز إبرام هذا العهد معه؟
سكتُّ
أنا ولم أجِبْ!
قال:
مصلحةُ المسلمين الضعفاء، ومصلحةُ ألوفِ العائلات التي تضرّرت بسبب الصراع الطويل بينكم
وبين هذا الطاغية؛ تقتضي بأنْ نوافق، مع علمنا بأنه قد ينكث!
على
الأقلّ سيخرجُ هؤلاء المساجين، ويهربون بدينهم من ظلمه وطغيانه.
أنا
أعرف أناساً من إخواننا الفلسطينيين السلفيين الثقات، قالوا لي:
نحن
نعيش تحت سلطةِ الكيان الغاصب؛ أفضل من حياةِ الشعب السوري والأردني والمصري!
فإذا
كنّا مستعمَرينَ - كما تقول لي دائما - وكان حكوماتنا عاجزةً عن مناجزة هذا
العدوِّ المزروع قصداً وغصباً في بلاد المسلمين، فما المانعُ من عقد صلح أو هدنة
أو معاهدةٍ - ليس العنوان مهماً - حتى نكتفي شرّ هذا العدوِّ المجرم من جهة، ولعلّ
الله تعالى يهيّئ للمسلمين سبيلَ العزّةِ والقوّة من جهة ثانية!
يومها
يستطيع الذي سيحاربهم أن يتذرّع بأي حجّةٍ، ويقاتلهم!
ثالثاً:
القيادةُ السوريّة في سوريّا اليومَ؛ هي قيادةٌ سلفيّةٌ - لحَمةً وسَدَى - وهم لن
يتركوا فتوى الشيخ عبدالعزيز ابن باز؛ إلى فتواي، إنْ كانت مخالفةً لفتواه، وليست
فتواه المنكرةِ أبداً، في ظلِّ الظروفِ والأوضاع التي نعيشها!
وسوريّا
عاجزةٌ عن بسطِ الأمنِ داخلَ حدودها، فضلاً عن أن تكون قادرةً على مقاومة الكيان
المسخ، القادر على احتلال سوريا، حتى القامشلي!
والله
تعالى أعلم.
والحمدُ لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق