الاثنين، 18 سبتمبر 2023

  في سبيل العلم (8):

تَلامِذةُ الشيخ محمّد الحامد !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

سألني أحدُ الإخوةِ الأفاضلِ عن أعلمِ تلامذة شيخنا محمد بن محمود الحامد، رحمه الله تعالى، وأعلى منزلته لديه.

أقول وبالله التوفيق:

جميعُ ما أقولُه في هذا المنشورِ عن شيخنا الحامدِ وتلامذتِه؛ هو رأيي الشخصيّ، بنيته على ملازمتي لشيخنا الحامد من أيلول (1962) حتى وفاتِه في (5/5/ 1969م).

وكان شيخنا توقّف عن التدريس في نهاية شهر شباط (1969م) - فيما أتذكّر - بسببِ استفحال مرضه، الذي توفي في نهايتِه، رضي الله عنه.

الشيخ محمد بن محمود الحامد (1328 - 1389 هـ) الموافق (1910 - 1969م).

بعد حصوله على الثانويّة الشرعيّةِ، من المدرسة الخسروية بحلب؛ درس العلومَ الشرعيّة في جامعةِ الأزهر، وتخرّج فيها عام (1942) يحمل درجة «البكالوريوس» أو الليسانس من كلية الشريعة، والتخصص العالي في القضاء، بما يعادل «الماجستير».

ولا عِلمَ لديّ إنْ كان عَمل في القضاء الشرعيّ، قبل حضوري عليه، لكنّني سمعته غير مرّةً يقول: القاضي على حفرةٍ من حُفَر جهنّم، ولهذا أنا رَفضتُ العملَ في القضاء!

كان شيخنا على جانبٍ عالٍ من الالتزامِ والتقوى، والورعِ غير المفهوم أحياناً!

1- كان يستلم مرتّبه الشهريّ - أو مرتّباته - ثمّ يذهب مباشرة إلى الأخ الفاضل البقّال عبدالمنعم السلقيني، فيعطيَه إيّاها، ويأخذ بدلاً منها نقوداً مما لديه، حصل هذا أمامي مرّاتٍ عديدةً!

وأظنّ أنني سمعته مرّةً يقول: نقود السلقينيّ تَداولَتْها أيدي المسلمين، بينما تلك خرجت الآن من المصرف!

2- وفي إحدى المناسبات؛ أقبل مطران حماة القس «إغناطيوس حريكة» ليصافحه!

فأخرج شيخنا من جيبه منديلاً، وضعه على كفّه، ثمّ صافحه، وأنا حاضر!

سألتُ شيخي غسان عن ذلك؟

قال: للشيخ أحوال خاصّة، وهو يذهب إلى قول الله تعالى: (إنّما المشركون نجس).

ثمّ تبسّم وقال: ولعلّه أراد أيضاً أن يريَه عزّةَ الإسلام!

3- وكان يتوضّأ أحياناً في المسجد مضطراً، فوقفت مرّاتٍ أتفرّج على وضوئه.

كان يغسل وجهه ويديه وقدميه مرّاتٍ تتعذّر على الحصر، ربما ثلاثين، أربعين، أكثر، أقلّ، الله أعلم!

كنت صغيراً جدّاً، فرحت أقلّده في هذا، حتى تشقّقت يداي أخاديدَ، وجرى منها الدم!

رآني يوماً من الأيّام جدّي عليه رحمةُ اللهِ، فضربني بعصا الخيزران، وأنا أتوضّأ!

استغربت ذلك، فتوقّفت عن متابعة الوضوء، وانتظرته حتى ينتهي من ضربي - كما هي العادةُ في بيتنا - توقّف هو عن ضربي، وقال لي: ما هذا الوضوء الذي تقوم به والدم يجري من يديك؟

قلت له: أتوضّأ!؟

قال: هذا ليس وضوءاً، كلّ ما زاد على ثلاثِ مرّاتٍ، فهو إسرافٌ وحرام!

والرسول صلّى الله عليه وسلم يقول: (لا تُسرف، وإنْ كنت على نهر جار)!

[أنا لم أخرّج هذا الحديثَ حتى الآن، وأظنّه ضعيفاً غير صحيح].

قلت له: أنا أتوضّأ كما يتوضّأ شيخنا محمد الحامد، فهل هو لا يعرف ما تقوله لي، سيّدي؟

قال: وما يدريني ما يَفعل شيخُك هذا، ربما يكون مبتلىً بالوسواس!

أمّا عن تلامذة شيخنا الحامد، رحمه الله تعالى؛ فهم ثلاث طبقات:

الطبقةُ الأولى: كان فيها الشيوخ: سعيد حوّى، وعبدالحميد طهماز، ومحمد بشير الشقفة، ومحمد أديب كيلاني، ومروان حديد، وضرباؤهم، رحمهم الله تعالى.

وجميع المذكورين في هذه الطبقة؛ تخصّصوا في العلوم الإسلامية، سوى الشهيد مروان حديد، فقد تخصّص بالهندسة الزراعيّة.

وعندما أراد أن ينتسب إلى جامعة دمشق؛ تحدّث أمامَنا بذلك؛ فاقترحت عليه أن يتخصّص بالشريعة الإسلاميّة، بيد أنّه كان يرى نفسه متخصّصاً بها!

ولهذا اختار دراسةَ الفلسفة؛ ليتعرف كيف يفكّر هؤلاء، وكيف يردّ عليهم، كما قال لنا.

والطبقة الثانية: كان فيها الشيوخ: محمود بن محمد الحامد، وعبدالمنعم نيربيّة النعيميّ، وعبدالحميد الأحدب، وغسّان حمدون، ومحمد بشير سلامة، وسلمان نجّار، وأحمد جوّاد، وغيرهم كثيرون، رحم الله الأحياء منهم والأموات.

وجميع المذكورين في هذه الطبقةِ، درسوا العلوم الإسلاميّة، سوى الأخوَينِ الأخيرين!

فدرس سلمان الطبَّ البشريّ، ودرس أحمد الطبَّ البيطريَّ.

والطبقةُ الثالثة: هي طبقتنا، كان فيها الشيوخ: محمد أمين بن محمد الحامد، وحسن البرازيّ، وطارق عدي، وحاتم الطبشيّ، وعبدالرحمن شيخ النجارين، ومروان حمدون، وعبدالغني زينو، وعهد برازي، وكثيرون جدّاً، منهم الفقير عداب.

ولم يتخصّص بالعلوم الإسلاميّة من المذكورين، سوى حاتم الطبشيّ، ومحمد أمين الحامد، وحسن البرازيّ، والفقير عداب.

وعندما أريدُ أنْ أعيّنَ من أعلمُ تلامذةِ الشيخ الحامد؛ فسآخذ بعين الاعتبار كثرةَ التأليفِ ونوعيّتَه، فمتخصّص لم يؤلّف؛ ليس بعالم عندي!

وأستطيع أن أقول باجتهادي: أعلم تلامذة الشيخ محمّد الحامدِ على الإطلاقِ؛ هو الشيخ سعيد حوّى، وأعلمُ الطبقة الأولى بعده؛ الشيخ عبدالحميد طهماز!

وليس هذا فحسب، بل هو أكثر تلامذته اقتداءً به، واتّباعاً لسلوكه في نظري.

وأعلم الطبقة الثانية شيخي الدكتور غسّان حمدون؛ فهو الوحيدُ الذي وقفت له على مصنّفات علميّة.

وأمّا طبقتنا الثالثةُ؛ فأعلمنا بالقراءات؛ الدكتور حاتم الطبشيّ.

والشيخ محمد أمين الحامد على جانب من الذكاءِ والعِلْم، وله من الكتب رسالةُ «الماجستير» وأطروحة «الدكتوراه» وهي غير مجازةٍ، لكنّ فيها علماً جمّاً، وحدّثني أحدُ الثقاتِ عندي؛ أنّ له كتباً مخطوطةً أخرى!

لكنني لا أعلم له كتاباً مطبوعاً، أو مرفوعاً على الإنترنيت، حتى كتابةِ هذا المنشور، ولست أدري متى سينفع الأمةَ وينشر مكتوباتِه، وقد دخل في السابعة والسبعين من عمره المبارك؟!

ويأتي في آخر تلامذة الشيخ محمّد الحامد؛ الفقير عداب الحمش، وهو الوحيدُ المتخصّص بعلوم الحديث والنقد.

وإذا أردنا أن نصنّف تلامذةَ الشيخ محمد الحامد، وَفقَ كثرةِ المصنّفات، وعدد صفحاتِها؛ فيأتي الشيخ سعيد حوّى في المرتبة الأولى، ويأتي عداب في المرتبة الثانية!

والله تعالى أعلم

رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
هذا.. وصلّى اللهُ على سَيّدنا محمّدِ بن عبدِالله، وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تَسْليماً.
والحَمْدُ للهِ عَلى كُلِّ حالٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق