قُطوفٌ من الآلام (11):
مُحمّد مهدي الخرسان في ذِمّةِ اللهِ تَعالَى !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ
بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ؛
أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ.
وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؛ لَهُمْ
أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ).
تلقّيتُ نبأَ وفاةِ شيخي ومجيزي بروايةِ تراثِ
الإماميّة «السيّد محمد مهدي بن السيد حسن الخرسان الموسويّ النجفيّ (1347 - 1445
هـ) بحُزنٍ بالغٍ عميق، مغمورٍ بتسليم ورضاً بقضاء الله تعالى وقدره المحتوم!
كانت تربطني بالسيّد مودّةٌ، وكنت أزوره كلّما
زُرتُ جدّنا أميرَ المؤمنين عليه السلام.
وكانَ أحبَّ مراجعِ الشيعةِ الإماميّةِ إلى قلبي.
طلبَ نسخةً من أطروحتي للدكتوراه «الوحدان من رواة
الصحيحين» فقرأها، وقال لحاملها إليه أخي وزميلي الدكتور عبدالأمير كاظم الميّاحي
حيّاه الله تعالى: «السيّد عداب هذا سُنيٌّ وثلاثةُ أرباع، أين التشيّع الذي
يرمونه به في رسالته»؟
عندما التقيته؛ تبسمت وقلت له: حيّرتمونا يا أهل
العراق!
مشايخ أهل السنّة يقولون: شيعيٌّ رافضيّ!
وأنتم تقولون: سنيّ وثلاثةُ أرباع!
قال: بل أنت سُنيّان واللهِ!
لأنت متشدّد في تطبيق قواعد المحدّثين السنّة،
وحريصٌ على تصويب البخاري ومسلم أكثرَ من ابن حجرٍ والنوويّ، فأين هو التشيّع في
أطروحتك؟ دُلّني عليه!
أقول لك الحقيقةَ؟
الذين ناقشوك ظلمةٌ، لا يخافون الله تعالى!
رسالتُك هذه ترقى إلى مستوى «فتح الباري» في الدفاع
عن البخاريّ، إنْ لم تزدْ عليه!
اللهم إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمد نبيّ
الرحمةِ؛ أن ترحم عبدَك شيخنا محمد مهدي الخرسان رحمةً واسعةً، وأن تغفر له
اجتهادَه، وأن ترفع مقامَه في زمرة العلماء الربانيين العاملين.
وبهذه المناسبةِ الحزينةِ أتقدّم من السادةِ الكرامِ
«آل الخرسان» بخالص العزاءِ، وأصدق المواساةِ، سائلاً الرحمن الرحيم أن ينزل عليهم
السكينة، ويكسوَهم الصبر الجميل؛ فإنّ فَقْدَ شيخنا الجليلَ مصابٌ جلل (لَكِنِ
الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ، لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ، خَالِدِينَ فِيهَا، نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَمَا عِنْدَ
اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ) وعظّم الله تعالى أجورَكم إخواني.
إنّا لله وإنا إليه راجعون.
ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليِّ العظيم.
وحسبنا اللهُ ونعم الوكيل.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق