المولد النبويّ الشريف (1):
الاحتفال بالمولد النبويّ؛ سُنّةٌ حسنة!
بسم الله الرحمن الرحيم
(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ،
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ).
(وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (*)
وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا (*) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ
وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا).
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى).
دعوى الاجتهادِ من أيِّ معاصرٍ؛ دعوى سخيفةٌ خفيفة!
إذ ليس في أهل العلم المعاصرين؛ متحقق بمتطلّبات
الاجتهاد!
إنما الناس فريقان:
- الجمهور الأضخم، والسوادُ الأعظم، بنسبة (99999%)
هم مُقلّدة تقليداً متكامل الأركان، إنْ قلّدوا المعتمدَ في المذاهب، أم قلّدوا
بعض شيوخهم المعاصرين!
وصراخُ بعضهم، وبجاحةُ آخرين؛ لا تؤثّر على هذه
الحقيقةِ بشيءٍ!
- يبقى (1....%) متّبعون لأرباب المذاهب، لديهم
قُدرةٌ على تمييز الصحيح من الضعيف، والمقبول من المردود، والمعروف من المنكر!
والسادة الصوفيّة بوجهٍ عامٍّ؛ يلجؤون إلى الإمام
الشافعيّ، عند المضائق!
أسند البيهقي في مناقب الشافعيّ (2: 49) إلى أبي
الوليد بن الجارود قال: «كان يقال: إن محمد بن إدريس الشافعيُّ؛ لغة وحدَه، يُحتجّ
به كما يُحتجُّ بالبَطْنِ من العرب».
وقال عبدالله بنُ الإمام أحمدَ رحمه الله تعالى:
قلتُ لأبي: يَا أبةِ، أي رجل كَانَ الشافعي فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟
فَقَالَ لي: «يَا بني كَانَ الشافعيُّ كالشَمس
للدنيا، وكالعافية للناس فانظر هل لهذين مِن خلفٍ، أو عنهما عِوض» تهذيب الكمال
(24: 371).
الإمامُ الشافعيّ هذا؛ يفرّق بين بدعة الضلالة،
والبدعةِ الحسنة، وهو أعلم بالمعاني واللغةِ من غيره من الأئمة!
قال الإمام البيهقيّ في معرفة السنن والآثار (4:
408) وفي المدخل إلى معرفة السنن (2: 633) ومناقب الشافعيّ (1: 468): أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعِيدٍ «محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفيّ» قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ الأصمّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
الشَّافِعِيُّ قَالَ: «الْمُحْدَثَاتُ مِنَ الْأُمُورِ ضَرْبَانِ:
- أَحَدُهُمَا: ما أُحْدِثَ مُخَالِفاً كِتَاباً
أَوْ سُنَّةً أَوْ أَثَراً أَوْ إِجْمَاعاً، فَهَذِهِ الْبِدْعَةُ الضَّلَالَةُ.
وَالثَّانِي: ما أُحْدِثَ مِنَ الْخَيْرِ، لَا
خِلَافَ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْ هَذَا، وَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ».
قال الفقير عداب: هذا إسنادٌ في غاية الصحةِ، جميع
رجاله حفّاظ.
وقال البيهقيُّ: «قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ: (نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ).
يَعْنِي: إنَّهَا مُحْدَثَةٌ، لَمْ تَكُنْ، وَإِذْ
كَانَتْ؛ فَلَيْسَ فِيهَا رَدٌّ لِمَا مَضَى».
وقال إمام الحنابلة في عصره أحمد بن عبدالحليم ابنِ
تيمية الحرّانيّ في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (2: 126) ما نصّه:
«فتعظيمُ المولد، واتخاذُه موسماً، قد يَفعله بعضُ
الناس، ويكون له فيه أجر عظيمٌ؛ لحُسنِ قَصدِه، وتعظيمِه لرسول الله صلى الله عليه
وسلم).
ختاماً: نحن - المبتدعينَ - نحتفل بالمولد النبويّ
الشريف؛ تعظيماً وحبّاً وتذكيراً بمكارم رسولنا صلّى الله عليه وآله وسلّم، وحثّاً
على الاقتداء به في صفاته وكمالاته.
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
نبيّنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق