الخميس، 2 يونيو 2022

اجتماعيات (73):

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخُ حَسن البَنّا يَهوديّ!؟

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

سألني أحد الإخوة عن أصول الشيخ حسن البنّا، فقلت له: هو مصريٌّ من قريةٍ صغيرةٍ، من قرى محافظة البحيرة!

قال: عبّاس العقّاد يقول: إنّه يهوديّ، من يهود المغرب؟

قلت له: وافرضْ أنّ ذلك صحيح، فكان ماذا؟

أقول وبالله التوفيق:

تَعلّمنا في الحركة الإسلامية في سوريا؛ أنّ كثيراً من حكّام العرب؛ أولاد زنا، ولم يكن يَحلو لأمهاتهم الزنا إلّا مع اليهود!

فعبدالناصر يهودي، وحافظ أسد يهودي، وصدّام حسين يهوديّ، ومعمّر القذافي يهوديّ، وجميعهم من الزنا، وهناك روايات أخرى، لكنها لا تخرج عن دائرة الزنا!

سكنتُ في الحي العاشر من مدينة نصر، في القاهرة، وتعرفت إلى رجل صعيديّ شهم حقّاً، كانت له دكّان لبيع العصير الطبيعيّ، وكان يحترمني جدّاً، ويكرمني جدّاً، وحين سألته عن سبب ذلك؛ قال لي:

أنا والله لست في حاجة إلى مخلوق، والحمد لله تعالى، لكنني أحترم العلماء، وخاصّةً علماءَ آل البيت!

قلت له: ومن أين عرفت أنني من آل البيت؟

قال: سبحان الله العظيم، أنت شريف حسينيّ، وربّ الكعبة، وأنا مثلك وابن عمّك!

قلت له: من أيّ بلدٍ أنت؟

قال: أنا من بني مُرّ، بلدِ السيد الرئيس جمال عبدالناصر حسين، وعدّ لعبدالناصر سبعة آباء، آخرهم خليل، وقال: نلتقي نحن والسيّد الرئيس في السيّد خليل!

قلت له: أعد عليّ نسب الرئيس عبدالناصر، وكتبتُه عنه، ثم قلت له: أعد عليّ النسب؟ فأعاده بتمامه ولم يتلكّأ!

قلت له: متى تذهب في العادةِ إلى بني مُرّ؟

قال: قلّما أذهب إلى هناك، لكن أذهب في الأعياد والمناسبات، رزقي هنا!

قلت له: بنفسي والله أن أزور بنيّ مرّ، وأتعرّف إلى أقارب جمال عبدالناصر عن قرب، ففي قلبي غصّة خانقة!

قال: متى شئت؛ أسافر معك، وتنزل في بيتي هناك ما شئت من الأيّام والشهور!

اتّفقتُ معه على يومٍ نسافر فيه إلى بني مرّ، لكنْ جاءتني معوّقات، فلم أذهب!

سبحان الله العظيم!

ذهبَ خصوم الحركة الإسلامية ليتّهموا قائدهم وزعيمهم، بمثل التهمة التي كانوا يتّهمون بها كبارَ خصومهم!

بيد أنّ خصومهم لم يقولوا عن الشيخ حسن البنّا: إنّه ابن زنا، وحاشاه رحمه الله تعالى.

إنّ مدينة الشيخ حسن البنّا معروفة، وقريته معروفة، ولا بدّ أنّ له أقاربَ في هذه القرية!

وأرى من الواجب على محبّي الشيخ حسن البنا المصريين، المقيمين هناك؛ أن يعرفوا لنا نسبَه، وأن يعرفوا لنا عدداً من أجداده، حتى تُقطع ألسنة الذين لا يخافون الله تعالى.

الشيخ حسن بن «أحمد عبدالرحمن» بن محمّد البنّا، ثمّ يسكتون!

سياقةُ هذا النسب لا تكفي أبداً في أيّ بلدٍ عربيّ!

قد كان أهلنا ونحن صغارٌ يقولون لنا: لا يكون الإنسان أصيلاً حتى يعُدّ سبعةَ جدود، ومن لا يعدّ سبعةَ جدودٍ؛ لا يكون أصيلاً في البلد الذي يقيم فيه.

ولذلك كان جميع أولاد أعمامي يحفظون سبعة أجداد، كان جدّي السيّد إبراهيم يقول: هم العصبة!

(عداب بن السيد محمود بن إبراهيم بن «محمد الحمش» بن خالد بن الخضر بن محمّد بن القاسم «الجاسم» شيخ الهبطة آل كنعان).

وكان جدّي رحمه الله تعالى، إذا ذُكرت بعض العائلات أمامه يقول: هذه العائلة دخيلة، وهذه العائلة دخيلة، والعشيرة الفلانية دخيلة، لم يمض عليهم (100) سنة في حماة!

هذه لفتةٌ ضروريّة، وليست بالصعبة ولا بالعسيرة، فرحلة واحدٍ من محبي الشيخ حسن البنا إلى مسقط رأسه، تمكّنه من معرفة ذلك، ثم نشره.

التقيت سيدي محمد الحافظ التجاني في نهار يومٍ، كانت ليلته ماطرة، منتصفَ الشهر العاشر، أو الحادي عشر، من سنة (1976) والذي دلّني على منزله وزاويته يومها وذهب معي إليها، فضيلةُ الدكتور أسامة عبدالعظيم، حفظه الله تعالى.   

كنتُ في كلِّ يومٍ أنهي حصتي من القراءات السبع على سيّدي الشريف محمد سليمان أحمد الشندويليّ، في جامع سيّدنا الحسين عليه السلام، ثم أنتقل إلى الزاوية التيجانيّة للقاء سيدي الحافظ، وتلقي علوم الحديثِ على يديه.

ذات يومٍ تأخّرتُ قليلاً، فوجدتُ سيدي الحافظ ينتظرني في بَهو الزاوية الواسع، وقال لي: تأخّرتَ اليوم كثيراً، وأنا أنتظرك من الصباح!

اليوم لن نأخذ درساً كالمعتاد، اليوم سأقصّ عليك تاريخاً يهمّك كثيراً، وأنت تجهل أكثره!

قصّ علي تاريخ الإخوان المسلمين، وعرّفني بأبرز رجالاته، وبالرجال الذي حرفوا مسارَ الجماعةِ، من مسارٍ دعويٍّ سلميّ، إلى «التنظيم المسلح السريّ».

وحدّثني بندم الشيخ حسن البنا، على السماح بوجود هذا التنظيم، وقال: إنّه سيدمّر الجماعة.

قلت له هنا: سيّدي أنا كنت في الإخوان المسلمين، هذا صحيح، وقد قرأتُ جميع كتب الشيخ حسن البنا مرّاتٍ، لكنني لست معجباً بشخصيّته ولا بكتبه!

هل كان الشيخ حسن عالماً؟

قطّب وجهه، وفتح عينيه وقال: عالم؟ عالمٌ وأكثرُ من عالم، وأبوه أعلمُ منه!

قلت له: أدركتم والده سيدي؟

تبسّم وقال: أدركته دهراً، وتعاونت معه في ترتيب مسند الإمام الشافعيّ وغيره، وكان يأخذ رأيي في بعض أعماله العلميّة.

قلت له: كان رجلاً صالحاً؟

قال: رحمه الله تعالى، كان رجلاً صالحاً صامتاً عالماً عاملاً، حييّاً خفيّاً، الأسرة كلّها كانت صالحة يا شيخ فيصل!

(اللهم أنت تشهد أنني صادقٌ فيما نسبتُ  إلى سيدي الحافظ، إن لم يكن باللفظ، فأكثره باللفظ، وبعضه بالمعنى من الحفظ)!

قبل تعرّفي إلى سيّدي الحافظ التيجاني؛ كنت مجتهداً لأن أكمل دراستي في جامعة الأزهر، وسعيت إلى ذلك بما لا مجال لذكره الآن!

لكن أرشدني أحدُ الإخوة إلى سيف الإسلام بن حسن البنّا، وحصّلنا هاتفه واتّفقنا معه على موعدٍ، وزرناه، ووعدنا خيراً، ثمّ سجّلني في الأزهر فعلاً!

زرت الأستاذ سيف الإسلام في بيته ثلاثَ مرّاتٍ، وزارني في منزلي في «ميدان الجامع» مرّتين، وصار بيننا صداقة، ليست بالحميمة!

حدّثني عن والده الشيخ حسن بأمورٍ لم يدركها هو، وحدّثني عن جدّه الشيخ أحمد عبدالرحمن أكثر مما حدّثني عن والده، وهو يعرفه جيّداً.

كان رجلاً شهماً كريماً نبيلاً، لكنه لم يكن من أهل العلم الشرعيّ أبداً!

وههنا أقول:

حدثني شيخي الشيخ محمد علي المراد.

وحدثني شيخي الشيخ أحمد المراد.

وحدّثني شيخي وهبي سليمان الغاوجي.

وحدّثنا الشيخ شعيب الأرناؤط - وكان معنا الأستاذ الدكتور محمد سعيد حوّى - جميعهم قالوا ما معناه - كلّ على حدته: الشيخ ناصر الألباني ليس ألبانيّا أصيلاً، أو قالوا: ليس أرناؤوطيّاً أصيلاً، إنّما جدّه الرابع، أو الخامس يهوديٌّ، من يهود الخزَر، أسلم وحسن إسلامه!

قلت لشيخي محمد علي المراد، وقلته ثانيةً للشيخ شعيب: إذا كنتم تقولون: حسن إسلامه، فأين المشكلة في الأمر؟!

كان جميعُ الصحابة إمّا مشركينَ، أو يهوداً، أو نصارى، وجميعهم تقولون: رضي الله عنهم!

قال الشيخ محمّد علي المراد: الشيخ ناصر ليس على منهج والده الرجل الصالح، فربما نزعه عِرقٌ يهوديّ، وقد كان مُغضِباً لوالده، أو كلاماً كهذا!

أقول: رحم الله سيدي وشيخي الشريف مروان حديد الرفاعي، فقد كرّر على مسامعي عشراتِ المرّات: «كم أتمنى لو كان أصلي يهوديّاً، أو نصرانيّاً» وكنت أتضايق من هذا الكلام كثيراً!

قلت له مرّةً بحدّة وقهر: سبحان الله تعالى، ما هذه الأمنية الغريبة!

قال لي بحدّة وغضبٍ هو الآخر: أين أنت عن قول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لقيصر الروم: (أسلم تسلم؛ يؤتك الله أجرك مرّتين) دعوا هذه الدعوات الجاهليّة، انتسبوا إلى الإسلام (أبي الإسلام لا أب لي سواه = إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم)!!

ختاماً: إنّ عبّاساً العقّاد - وإن دافع عن الإسلام في بعض كتبه، وعلى طريقته الخاصّة - لكنّه لم يكن صاحبَ دين ولا صاحبَ التزام، وكان من أشدّ خصوم الإخوان، وكان ناصريّ الهوى، فكلامه والهواء سواء!

وحتى لو كانت أصول الشيخ حسن البنا أو أصول الشيخ الألباني يهوديّة؛ فقد تبيّن من تاريخهما؛ سلامةٌ في الإيمان، والتزام بالدين، ونبلٌ في الأخلاق، وليس مطلوباً من مسلمٍ أكثر من ذلك!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق