مَسائِلُ فِكْرِيَّةٌ (31):
فَضيلةُ زيارةِ مشهد الحسين!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
كتب إليّ يقول: هناك كتب
تدعى كتبَ «الزيارات» يُذكر فيها ثوابٌ جزيلٌ لزيارة مراقد الأئمة الأحد عشر، عليهم
السلام، فهل صحّ في ذلك شيءٌ؟!
أقول وبالله التوفيق:
ورد في كتب الرواية عند
أهل السنة عددٌ من الروايات، في فضل زيارة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.
منها حديث عمر بن الخطاب
مرفوعاً، عند البيهقي في السنن الكبير (10863) وقال: هذا إسناد مجهول.
ومنها حديث عبدالله بن عمر
مرفوعاً، عند أبي داود الطيالسي، في مسنده (65) ولفظه: (مَنْ زَارَ قَبْرِي) أَوْ
قَالَ: (مَنْ زَارَنِي؛ كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا وَمَنْ مَاتَ فِي
أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْآمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
ولفظه عند الفاكهي في
أخبار مكة (949) وعند الطبراني في الأوسط (287) والدارقطني في السنن (2693): (مَنْ
حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي كَانَ كَمَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي) وفي
سنده ليث بن أبي سليم: ضعيف جدّاً، وضعّفه البيهقيّ في السنن الكبير (10370) بحفص
بن أبي داود أيضاً.
ومنها حديث حاطب بن أبي
بلتعة مرفوعاً، عند الدينَوَريّ في المجالسة وجواهر العلم (130) والدارقطني في
السنن (2694) ولفظه: (مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي؛ فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي
حَيَاتِي، وَمَنْ مَاتَ فِي أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ
الْآمِنِينَ) وإسناده ضعيف جدّاً.
ومنها حديث أنس بن مالك،
عند البيهقيّ في شعب الإيمان (3860، 3863) وقال في الموضع الثاني: منكر.
ولا يصحُّ في زيارةِ
الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أيّ حديث!
لكنّ بين أيدينا ما هو
أعظم من جميع الأحاديث والروايات!
بين أيدينا قول الله تبارك
وتعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ
لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) [النساء].
وعدم ورود حديثٍ صحيح في
زيارة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ لا يعني عدمَ جواز الزيارة، كما ذهب إليه
بعض النواصب!
بل إنّ زيارته قربى إلى
الله تبارك وتعالى، وامتثالٌ لأمر الله تعالى لنستغفر الله تعالى عند رسوله صلى
الله عليه وآله وسلم، ونستشفع به ليشفع لنا عند الله تعالى.
ومَن صرف الآيةَ الكريمة
إلى حياة الرسول الأكرم؛ فقد تأوّل من عند نفسه!
فالرسل أحياء في قبورهم،
ورسولنا صلّى الله عليه وآله وسلّم حيٌّ أيضاً.
أمّا كتبُ الزياراتِ عند
الشيعة؛ فكلها من أولها إلى آخرها كذب وتزوير وافتراء، ما عدا الآيات القرآنية
التي يستشهدون بها في غير موضعها.
وقد ذكرت غير مرّةٍ أنّ
ثقافة الشيعة المضمنة في بحار الأنوار، منها (95%) كذب وافتراء، لا يعرف الرسول
صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة من بعده شيئاً منها.
وهذا لا يعني أنّ زيارةَ
الأئمة عليهم السلام لا تجوز، كلّا وألف كلّا!
إنما ما يزعمونه في هذه
الكتب، من أنّ زيارة الإمام الفلاني فيها من الثواب كذا، وهي خيرٌ من حجّةٍ، ثمّ
من عشر حجج، ثم خير من مائة حجّة، إلى أمثال هذه المبالغات الكاذبة السخيفة؛ فهذا
الذي لا يثبت، ولا يجوز اعتقاده أبداً!
مساكين الشيعة والله!
يحبون الرسول وآلَ البيت
حبّاً أسأل الله تعالى أن يثيبهم عليه.
لكنهم تستهويههم المبالغات
والتهويلات، ويتوارثون من الجهالاتِ والعذابات؛ ما لم يأتِ أنّ عليه شيئاً من
الأجر!
هل ركضة طويريج عليها أجر؟
هل المشي من البصرة إلى
كربلاء عليه أجر؟
هل موسم مقتل الحسين،
وموسم أربعين الحسين عليه أجر؟
هل التطبير ولطم الصدر عليه
أجر؟
هناك مظاهر كثيرة، يجب أن
يتخلّص منها الشيعة، فلا هي تجلب الأجر، ولا هي من مظاهر الرقيّ والتحضّر أبداً !
بقي أن أشير إلى نقطة
مهمة، كان يثيرها نواصب العراق في كلّ عام!
يزعمون أنّ طعامَ الشيعة
في عاشوراء وأربعين الحسين ونحو ذلك؛ لا يجوز أكلُه، بل هو حرام؛ لأنّ الله تعالى
يقول:
(إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ
لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) [البقرة].
وهذا الطعام أُهلّ به
للحسين وغيره من الأئمة عليهم السلام!
وهذا كلام باطل ساقط، فقد
حضرت عدداً من هذه المواسم، فرأيت الجزارين يتوضأون، ثم يكرّرون الشهادة غير مرّة،
ثم يقولون: بسم الله والله أكبر، ثم يذبحون!
وما دام الجزار قال: (بسم
الله والله أكبر) فقد أهلّ بتلك الذبيحةِ لله تعالى.
وأيّ ألفاظ جاهلةٍ يقولها
الناس بعد ذلك؛ فيعَلَّمون أنها غير جائزة، أو مكروهة، أو فيها غلوّ، لكنّ الذبيحة
تمّت حلالاً!
والله تعالى أعلم
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحَمْدُ للهِ على كلِّ
حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق