الأحد، 26 يونيو 2022

 أَخْلاقُ الإسلام (1):

أَزْمَةُ الأُمّةِ !؟

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

في ستينات القرن الماضي، وسبعيناته؛ كان وسائلُ الإعلام في معظم الدولِ العربيّة، تسعى حثيثاً في إفساد الأخلاقِ، ونشر مفاهيم الحريّة الشخصيّة (الوُجوديّة) والإلحادِ، عن طريق الأفلام والمسلسلاتِ المحليّةِ والأجنبيّة!

وكان الإسلاميّون مختلفين، في أسباب تخلّف المسلمين، وبعدهم عن دينهم، وانسياقهم وراء الرفاهية والحرية الشخصية، وشيوع السفور والاختلاط، وقلّة مرتادي المساجد، وكثرة مرتادي المقاهي والملاهي الليلة ودور السينما!

الإخوان المسلمون - وهم طليعةُ الإسلاميين في كلّ الاتّجاهات، في تلك الحقبة الزمانية - كانوا يذهبون إلى أنّ أزمة الأمة سياسيّة وفكريّة؛ فمتى استقام فكر الإنسان، وملك الإسلاميون دَفّةَ قيادةِ الأمّة؛ فإنه يستطيع توجيه المجتمع إلى أحسن ما يمكنُ، من التآخي والتناصر وتطبيق سائر الأخلاق الاجتماعية الإسلامية.

وكان السلفيون يرون أنّ مشكلة الأمة عقديّة، فمتى صلحت عقائد الناس؛ قادت هذه العقائدُ إلى تصحيح كلّ شيء!

والعقائد التي يعنيها السلفيون؛ هي التأكيد على أنّ الإيمان قولٌ وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأنّ القرآن كلام الله تعالى، وهو غير مخلوق، ومَن قال: مخلوق؛ فهو كافر!

ويركزون أكثرَ مما تقدّم على إثبات الصفات البشريّة لله تبارك وتعالى: من الوجه والعين والسمع واليد والرِجل والساق!

ويفرّقون بين رضا الله تعالى الصفة المعنوية، وبين ضحك الله تعالى، وتبشبشه، ومشيه وهرولته، وكلّه (بلا كيف)!

وكان العلماءُ ومشايخ الصوفيّة عندنا في بلاد الشام يؤكّدون على التربية الفرديّة الأخلاقية والسلوكيّة والتعبدية، ويذهبون إلى أنّ الفردَ المسلم؛ هو اللبنة الصلبةُ في كيان المجتمع المسلم.

وهذا لا يعني أنّهم لم يكونوا يلتفتون إلى الجوانب الأخرى، بل كان الجميع يرى هذه الأمورَ مشكلاتٍ حقيقيةً في مجتمعاتنا العربية!

بيد أنّهم كانوا يختلفون في تعيين الأزمة الأضخم (قطب الرحى)!

وقد ظهرت في تلك المرحلة من الزمان كتبٌ كثيرة تُعنى بالأخلاق الإسلاميّة، وأدخلت مادّةُ الأخلاق في عدد من كلّيات الشريعة والآداب والتربية!

وعندما عهدت إلى إدارة كليّة التربية في الطائف بتدريس مادّة الأخلاق الإسلاميّة، في قسم الاقتصاد المنزلي، في أثناء الفصلِ الدراسيّ الأوّل من عام (1990) لأبدأ بتحضير نفسي لتدريس هذه المادّة في الفصل الثاني من العام نفسِه؛ بحثت في السوقِ عن كتب في (الأخلاق) ممّا كنت قرأتُه سابقاً، وممّا يمكن أن يكون جديداً منشوراً في الأسواق!

(1) كان أوّل هذه الكتب أهميّة في نظري؛ هو كتاب (دستور الأخلاق في القرآن) للدكتور محمّد عبدالله دِراز المصريّ (ت: 1957م) والكتاب أطروحتُه للدكتوراه، حصل عليها عام من باريس عام (1947).

وقد طبع الكتابُ طبعاتٍ متعدّدة، وكان متداولاً في المكتباتِ في أواخر الستينات، على ما أذكر.

والكتاب ضخم مليءٌ، يقع في (778) صفحةُ طباعيّة، سوى فهارس الكتاب التي انتهت في الصفحة (816).

وكنت قرأت هذا الكتابَ غيرَ مرّةٍ، وأفدت منه في تقويم شخصي، وفي نصح الآخرين، وفي كتاباتي أيضاً!

(2)  مكارم الأخلاق، للإمام أبي بكر ابن أبي الدنيا القرشيّ (ت: 281 هـ).

(3) مكارم الأخلاق ومعاليها، للإمام أبي بكرٍ الخرائطيّ (ت: 327 هـ).

وهو كتاب أثري مسنَدٌ أيضاً، ومهمّ جداً، لتصوّر مفهوم الأخلاق لدى سلفنا الصالح.

(4) مساوئ الأخلاق، للخرائطيّ نفسه.

(5) أمّا الكتاب الثالث؛ فهو (روضة العقلاء ونزهة الفضلاء) للإمام محمد بن حِبّان البُستيّ (ت: 354 هـ).

وطبع الكتاب طبعاتٍ عديدةً، وهو كتاب ماتع نافعٌ، يمتاز بسياقةِ الأخبار بأسانيد المؤلّف!

(6) مكارم الأخلاق، للإمام سليمان بن أحمد الشاميّ الطبراني (ت: 360) وهو يشابه الكتاب الذي قبله.

(7) تهذيب الأخلاق وتطهير الأخلاق، لابن مسكويه (ت: 421 هـ) ويقع في مجلّد واحدٍ (228) صفحةً!

وهو كتاب وجيزٌ مفيدٌ، أنصح الإخوةَ القرّاء أن يبدؤوا به، في تقويم شخصياتهم وعائلاتهم.

(8) الأخلاق والسِيَر في مداواة النفوس، للإمام علي بن أحمد ابن حزم (ت: 456 هـ) وهو كتابٌ مفيد ماتع، يدلّ على معرفة ابن حزم في أسرار النفس الإنسانية وتقويمها.

(9) الأخلاق الإسلامية وأسسها، لشيخنا عبدالرحمن بن حسن حبنّكة الخالديّ الميداني (ت: 2004م).

وهو أضخم كتاب بين هذه الكتب، يقع في مجلّدين، تزيد صفحاتهما على (1500) صفحة طباعية.

والكتاب جليل بديع، يمكن أن تستغني به عن غيره، ولا يمكن أن تستغني بغيره عنه!

إذ هو من دون شكّ قد أفاد من جميع الكتب التي سبقته، لكنّه لا يوضح ذلك ولا يوثّق النصوص التي ينقلها.

وقد سألته مرّةً عن سرّ هذه المسألة لديه، مع أنّ العصرَ لا يحتمل هذا التقليدَ القديمَ!

فقال لي رحمه الله تعالى ما معناه: «على مَن يتشكّك في معلومةٍ ما؛ أن يبحث عن أصولها!

نحن نتعب ونسهر في الوقوف على المعلومةِ، ثم يأتي باحثٌ لم يتعب ولم يبحث؛ فينسب المعلومة إلى الكتابِ الأصليّ ويتخطّانا، إذنْ ماذا صنعنا».

وقد صدرت كتبٌ أخرى عديدة، في الأخلاق، يمكن أن نذكر بعضها في المستقبل، إنْ أحيانا الله تعالى.

بيدَ أنّ قيامي بتدريس (مادّة الأخلاق الإسلامية) لم يحصُل، وللأسف!

إذ اعتقلتني السلطاتُ السعوديّة في الطائف، وسفّرتني من البلاد، وأنا ملومٌ محسور!  

وفي المنشورات القادمة؛ سأعرّف بكلّ واحدٍ من هذه الكتب الأخلاقيّة، وأبرز أهمّ ما فيه، وأودع بعض مفاريده في المنشور الذي يخصّه.

وأحرص على أن لا أكرّر نفسي، ولا أنقل المكرّر، بغيةَ أن أنفعك - أخي القارئ - أكثر!

والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق