اجتماعيات (89):
بسم الله الرحمن الرحيم
المرأةُ نَخوةُ القبيلةِ !؟
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
على خلاف ما يظُنّ
كثيرونَ؛ فقد كان للمرأة العربيّة القَبَليّةِ مكانةٌ مرموقةٌ سامية، لدى جميع
القبائل العربية، حتى اشتهر لقبُ (حامي الديار، ومغيث صبايا الأحرار) للفارس
الشجاع، الذي يفتدي إحدى نساء القبيلةِ بروحه ودمه!
بل أدلّك على ما هو أبعدُ
من ذلك، فلم يكن رجالُ القبائل العربيّة لا ينتخون بآبائهم ولا بأجدادهم، إنما كان
لكلّ قبيلةٌ (امرأةٌ رمز) ينتخي بها جميع رجال القبيلة عند الافتخار، وعند
التحدّي.
فقد كانت نخوة السادة البو
ناصر (أنا أخو هَدْلَة)!
وكانت نخوةُ الموالي
العباسيين (أنا أخو وَضحة)!
وكانت نخوة البو تركي
الهذّال (أنا أخو ريّة)!
وكانت نخوتنا نحن النعيم
(أنا أخو حمرا) !
بينما كانت نساؤنا في
الأفراح والأعراس؛ يفتخرن بجدّنا الحمش القريب!
لأنّه كان أبرز شخصيّة دينية واجتماعية في
(آل كنعان) فقد كان من أولياء الله الصالحين، وأكرمه الله تعالى بكراماتٍ كثيرةٍ
مشهودة، منها أنه عاش (123) سنة، كان يركب فيها كلّها الحصان، سوى ثلاثةِ الأيّام
الأخيرة من عمره الشريف، رحمه الله تعالى!
ومما كنّ يغنّين به في
الأفراح والمناسبات:
حِنا بنات الحمش / صنعتنا
ركوب الخيل!
نلبس حرير بحرير/ ونرخي
كمامها للديل!
وين الشجاع الذي/ يطرق
بابنا بالليل!
نُسيّب حريمه/ ونجعل حالته
بالويل!
ومن ذلك أيضاً:
نحن بنات الحمش/ والشيخ مِهران
جدّنا
نحن القصور العالية / مَن يقدر يَهّدنا
يا طيب ذلك النسب / عندَ
النبي حدّنا
ثم الإمام علي / مَن في
الورى قَدّنا.
كان رجال القبيلةِ العربية
عن بكرة أبيهم ينفِرون؛ لو سمعوا صوتَ امرأةٍ تستغيث أو تطلب النجدة!
وكان جميع رجال القبيلة
يركبون خيولهم انتصاراً لواحدةٍ من حرائرهم، إذا عاكسها في الطريق أحد، أو أسمعها
كلمةً غير مُرضيةٍ!
ولم تكن نساءُ القبيلةِ
أمثالَ كثيرٍ من نساء المسلمات اليوم، جبانةً خوّافةً، تخضع للتهديد والوعيد، أو
تخاف من إبلاغ أهلها عن معاكسة أحد الشباب لها، أو محاولته الاعتداء عليها، بل كانت
تهدّده، وتقول له: (وَل يا كلب العرب، والله لأخليهم يجوك، ويخلّوا شاربك شارب
فار)!
في عام (1968) أرادت
دولتنا البعثيّة العلمانيّة التقدميّة؛ أن تحضّر بلدَنا حماة، فأنشأت على ضفاف نهر
العاصي حديقةً جميلةً ضخمة، أطلقت عليها حديقةَ أمّ الحسن!
وصار كثيرٌ من الفتيات
يرتدن تلك الحديقةَ بمقاصد شتّى، لكنّ قليلاً منهنّ في تقديري مَن كنّ يذهبن إلى
الحديقةِ بغيةَ التعرّض للرجال!
ذات ليلةً عقب خروجي من صلاة المغرب، عند شيخي نايف النوشي رحمه الله تعالى، في جامع المرابط؛ صعدتُ درج (الحريري) مسرعاً وكانت عادة لي.
مررت ببعض الشباب، فلم يلفت نظري شيءٌ، ثمّ بعد خطواتٍ، مررت ببعض بنات
حيّنا، حيَّ الفرّاية، وأنا مطرق رأسي إلى الأرض، فإذا بإحداهنّ تقول: لا تخفن يا
بنات، هذا الشيخ عداب معنا!
وقفت في مكاني ولم أرفع
رأسي، وقلت لهنّ: مَن أنتنّ؟
قالت إحداهنّ: أنا أختك
فلانة!
قلت لها: خير إن شاء الله،
ما الأمر!؟
قالت: هؤلاء الأوباش لحقوا بنا من حديقة أمّ الحسن إلى هنا، ونحن مرعوباتٌ، وما عُدنا نستطيعُ حتى أخذَ
النَفَس!
قلت لهن: لا تخفن، قِفْن
على جنب!
كان معي سكّين صغيرة، ومعي
جنزير رفيع، وكان هذان سلاحَ معظم الشباب
الإسلاميين في حماة!
هيّاتُ الجنزيرَ، وصرخت
بالشباب، وهجمت عليهم، فسحب كلّ واحدٍ منهم خنجراً، وهجموا علي أيضاً!
استطعت بفضل الله تعالى أن
أوقع خنجرين من الخناجر الثلاثة، من أيديهم، ثم رحت أضربهم بالجنزير على رؤوسهم،
حتى هرب اثنان، وتركا خنجريهما في الأرض!
دَخل رفيقهم الثالث إلى
زقاق صغيرٍ، يدعى زقاق قاسم آغا، كان يظنه سالكاً، بينما كنت أعلم أنا أنه
مسدود!
كنت ألاوحه بالجنزير، وهو
يهجم عليّ خطوةً ويتراجع أخرى، حتى أوصلته إلى نهاية الزقاق، وضربته على رأسه
ضربةً شجت رأسه، وثار الدم من رأسه!
غفلتُ عن صاحبيه اللذين
هربا، فتبعنا أحدهما بحذر شديد، وأمسك بيديّ من الخلف، مثل الكمّاشة، فما عدت
قادراً على تحريكهما البتة!
هجم عليّ الرجل الذي
أمامي، بكامل حقده، وراح يضربني بكلّ ما أوتي من قوّةٍ بخنجره، وأنا أصدّ ضرباته
بقدميّ، حتى طعنني في صدري وبطني ستَّ عشرةَ طعنة، كانت كلّها سطحية غيرَ مؤثّرة!
لكنه هجم عليّ بشراسة وطعنني
الطعنة الأخيرة، فكانت القاتلة!
صرخت صوتاً عالياً: يا
الله، أشهد أن لا إله إلّا الله، ثم عجزت عن إتمام الشهادة الثانية، فتركاني في
الأرض وهربا!
كان طول الطعنة الأخيرة اثنين
وعشرين قُطبةَ خياطة، خرج بعض أمعائي منها إلى الأرض، وآثار تلك الطعنات غابت مع
الزمان، ما عدا تلك الطعنة؛ فلا تزال بادية بطول (10) سم تقريباً!
إنّ شرف المرأة وكرامتها؛
أعزّ ما يعتزّ به العربيّ، ويبذل روحه رخيصةً في سبيل الحفاظ عليه.
والنَسويّاتُ التافهات، يَلهثن
وراء عفنِ الغرب، وعهر الغربِ، وتعامل الرجل الغربيّ الحقير مع المرأة!
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ(.
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق