مَسائِلُ عَقَدِيّةٌ (13):
مذهبُ أهل البيت؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
أوّلاً: أرجو من الإخوة
الشيعةِ أجمعين أن يقرؤوا كلامي بهدوءٍ ودقّة، فما أعجبهم منه؛ فالحمد لله على
ذلك، وما لم يعجبهم منه؛ فليعرضوا عنه، فأنا لا أبتغي رضاهم!
وأنا لست شابّاً غرّاً،
طامحاً إلى شهرةٍ، أو راغباً في منصب، فأنا أعلم منذ أربعين سنةً أنّني مرفوض عند
أهل السنة بمذاهبهم، والشيعة بمذاهبهم، والإباضيّة أيضاً!
وإلّا فهل يعقل عقلاً أنّ
رجلاً حقّق وخرّج صحيح البخاري وصحيح مسلم، وكتب أكثرَ من ثلاثين ألف صفحةٍ علمية
وثقافية، فوق ذلك، ثم لا تقبل به أيّ جامعةٍ للعمل بها؟
ثانياً: أنا الفقير أعتقد
عقيدةً أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصى بالخلافة إلى الإمام عليٍّ عليه
السلام بنصٍّ واضحٍ صريحٍ، يفهمه كلّ عربيّ، ومن دلالات النصّ ولايةُ الإمام عليّ
أيضاً.
وأعتقد أنّ اجتهادَ الإمام
عليٍّ أولى من اجتهاد غيره في مسائل الدين، لكنّ أحداً من الصحابة رضوان الله
عليهم؛ لم يرَ اجتهادَ عليٍّ ملزماً له، وكذلك أنا الفقير.
وأعتقد بأنّ أهل الكساء،
ومعهم أمّنا خديجة؛ أفضل أمّة الإسلام فضلاً.
لكنني لا أعتقد بوراثة
الولاية، ولا وراثة الإمامة، فلا الإمام الحسن إمامٌ واجب الطاعة، ولا واجب
الاتّباع في اجتهاده، وكذلك الإمام الحسين، ومن بعدهم من جدودي عليهم السلام.
وأعتقد عقيدةً أنّ الإمامَ
علي الرضا عليه السلام هو آخر الأئمة المجتهدين، من الأئمة الاثني عشر!
فجدي الجواد ليس مجتهداً،
وجدّي علي الهادي ليس مجتهداً، وولُده الحسن العسكري عليهم السلام ليس مجتهداً، بل
كان رجلاً عليلاً، أمضى حياته بالمرض، ومات شابّاً في مقتبل العمر، ولم يخلّف
ولداً قطّ!
وبناءً على ما تقدّم؛
فمذهب أهل البيت؛ هو الاجتهاد، وكان بعضهم يعذر بعضاً باجتهاده إذا خالفه.
الإمام الحسن خالف والده
الإمامَ عليّاً، فيما صحّ عندي!
والإمام الحسين خالفَ
الإمام الحسن، فيما صحّ عندي!
والإمامُ زيدٌ خالف الإمام
الباقر، فيما صحّ عندي!
ولا أعتقد بأنّ الله تعالى
نصّ على إمامة الحسن، ولا الحسين، ولا عليّ بن الحسين، عليهم السلام، ولا نصّ
الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم على ذلك، ولا قال:
(الحسن والحسين إمامان
قاما أم قعدا) فهذا كذب على الرسول الأكرم!
ولا أعتقد بالبداء ولا
بالرجعة ولا بالمهدي!
هذه عقيدتي، رضي بها مَن
رضي، ورفضها من رفضها، فلستُ أنا مقلّداً لأحدٍ، حتى أكون مقلّداً لك - أخي القارئ
- أو لغيرك.
عليك أن تقبلني كما أنا،
أو ترفضني جملةً، وتغادر صفحتي بسلام !
فإذا كنتُ لا أعتقد بعصمة
أحدٍ من الأئمة عليهم السلام - لا أهل الكساء ولا غيرهم - فمعنى هذا أنّ اجتهاد
الحسن والحسين عندي؛ مثلُ اجتهاد نفسي، وكذلك الأئمةُ من بعدهما.
فلا تستغرب بعد هذا، إذا
خالفت جدودي الأئمّةَ الحسين، أو عليَّ بن الحسين، أو محمداً الباقر، فنظري أنا
غير نظرك أنت!
وأنت لست مطالباً
بمتابعتي، وأنا لم أطالب أحداً بذلك، كما أنني لست مطالباً بمتابعة أحد البتة، على
سبيل الحتم والإلزام، سوى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بما جاء به من القرآن
الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة الثابتة عندي أنا، وليس عند البخاريّ، أو مسلمٍ،
أو الكليني، أو الصدوق!
وأؤمن بالإجماع التواضعي
التوافقيّ أيضاً، فإذا وقفتُ على حكمٍ أجمع عليه أهلُ السنّة بمذاهبهم، والشيعةُ
بمذاهبهم، والإباضيّةُ؛ فألتزم به، وأتحرّجُ جدّاً من مخالفته!
أمّا دعاوي الإجماع عند
أهل السنة، أو دعاوي الإجماع عند الشيعة؛ فهي محلّ نظرٍ واجتهادٍ عندي!
وبصفتي متخصّصاً بنقد
الحديثِ؛ فأنا لا أعتمد توثيقَ الرجاليّين أبداً، لا ممّن عاصر الراوي، ولا ممّن تقدّم
زمانه قرنين أو ثلاثة قرون، سواء عند السنة أو عند الشيعة!
إنّما أستأنس بأقوالهم
استئناساً؛ لأنهم هم يتناقضون في أقوالهم، ويناقض بعضهم بعضاً في الراوي الواحد!
فلو وَثّق السيّد الخوئي
رجلاً، أو وثّق الشيخ ناصر الألباني رجلاً، ممن لم يسبق للعلماء فيه كلام؛
فصنيعهما محلّ نظر واجتهاد.
وكذلك لو وثّق الإمام
النسائيّ (ت: 303 هـ) رجلاً من أهل القرن الأوّل أو الثاني الهجريّ، لم يرد عن
المتقدمين فيه كلام، لكنّ أحاديثَه القليلة التي رواها، وافقت المشهورَ عند
المحدّثين، فتوثيق النسائيّ في هذه الحال عندي؛ مثل توثيق الألبانيّ!
بمعنى أنني لا أمنح درجة
ثقةٍ لمجرّد أنّ أحدَ النقّاد وثّقه!
خصوصاً أولئك الموثَّقين ممن
ليس له سوى حديثٍ أو حديثين!
فمن ليس له عشرةُ أحاديثَ
فأكثر، ثم ثبت بدراستي لها أنّ أسانيدها إليه صحيحة، وأنّ متونها مقبولةٌ تماماً،
من دون تكلّف ولا تعسّف؛ فلا أعطيه درجة ثقةٍ بحالٍ، ولو وثّقوه أجمعون!
ما الذي يجعل اجتهادَ
الإمام النسائيّ في مثل هذه الحال؛ أولى من اجتهادي؟
لا شيءَ أبداً، ولا أتحرّج
من مخالفةِ أيّ محدّثٍ، من لدن سعيد بن المسيّب وإلى السيد الخوئيّ والشيخ آصفي
والشيخ الألباني وغيرهم، إذا لم يقدّموا الدليل الكافي لصحّة ما بنوا حكمهم عليه.
وأزيدكم - أيها الإخوة
الكرام - بياناً، فأنا لا أرى الشيخ الكلينيَّ، ولا الشيخَ الصدوقَ، ولا الشيخَ
الطوسيّ؛ يبلغون درجة «محدّث» فضلاً عن أن يكونوا نقّاداً مجتهدين في هذا العلم!
إنّ عددَ رواة الحديثِ عند
أهل السنة، يتجاوز خمسة عشر ألف راوٍ بيقينٍ، النقّاد المعتدّ بنقدهم لا يتجاوزون
خمسةَ عشر ناقداً عندي!
لماذا أقول هذا الكلام؟
أقول هذا الكلام، حتى لا يَتعامل
معي الإخوة الشيعة، على ما جاء في القرآن الكريم:
(وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ!
فَإِنْ
أَصَابَهُ خَيْرٌ؛ اطْمَأَنَّ بِهِ!
وَإِنْ
أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ؛ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ (11) [الحجّ].
(وَإِنْ
يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ
مُذْعِنِينَ (49) [النور].
أنا الفقير
سأبرئ ذمّتي أمام المسلمين جميعاً، في حدود اختصاصي، وليس في حدود مشاركاتي.
فأنا مشارك في
جميع علوم الإسلام، لكنني مختصّ بنقد الحديث!
وسأبيّن لأهل
السنّة، وللشيعة، وللإباضيّة، ما في كتبهم الروائيّة من خللٍ وزيغٍ وزغل.
وأطلبُ من
الجميع أن يَتحمّل مني ذلك، فأنا لا أميل إلى هذا الطرف ولا إلى ذاك.
ومن لم يعجبه
كلامي؛ فلينسخه، ثم ليذهب إلى صفحته، فيردّ عليّ كما يشاء، وليشتمني بقدر ما تسمح
به أخلاقه وتربيته، وسوء ظنّه!
ولا حول ولا
قوةَ إلّا بالله العليّ العظيم
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق