اجتماعيات (34):
ذكرى المولد النبويّ
الشريف!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
ذكرى المولد النبوي
الشريف!
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته إخواني الأحبة.
جمعتكم مباركة، وأيامكم
سعيدة رشيدة برضا الله تبارك وتعالى.
وأهنؤكم باقتراب ذكرى
ولادة الهادي الأعظم، والمهدي الأقوم، النبي الأمي محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب،
رسول رب العالمين.
صلى الله تعالى عليه وآله
وسلم تسليما كثيرا وبارك.
قرأت لأحد الإخوة الأفاضل
- وقد فاتني اسمه - قولا سديدا، هو:
(الاحتفال بذكرى مولد
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لا يحتاح إلى حديث صحيح، إنما يحتاج إلى عقل صحيحٍ،
وقلب نجيح) بمعنى كلامه.
أيها الإخوة الأحباب:
عبدالله بن الزبير،
الصحابي الجليل، الشجاع الخليفة، الزاهد العابد الناسك، عندما اشتغل بالسياسة،
ورأى أن الصلاة والسلام على الرسول محمد، تقوي بني هاشم، الذين رفضوا مبايعته؛ ترك
الصلاة والسلام على الرسول في خطبة الجمعة!؟
وكان إذا عوتب في ذلك؛
يقول قولاً قبيحاً، أعرض عنه، وأذكر ألطف رواية:
«حتى لا تشمخ أنوف بني
هاشم»!؟
والوهابية الدموية
الحاقدة، قامت دولتها على ذبح بني هاشم في الحجاز وعسير.
فهي سعت وتسعى جاهدة إلى
طمس أي أثر يُذكّر الناس ببني هاشم، وأنهم أولى الناس بحكم هذه الأمة، وقيادتها.
إن ابن تيمية وابن القيم
وابن رجب، ثلاثتهم يصحّحون حديث أبي ثعلبة الخشني، بشواهده، ومتنه عند ابن رجب في
جامع العلوم والحكم، الحديث (٣٠) صفحة (٦١٧) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال:
(إن الله فرض فرائض فلا
تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء، رحمة
لكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها).
قال الفقيه الورع النووي:
حديث حسن.
قد طول ابن رجب في تخريجه،
ثم قال:
«حديث أبي ثعلبة قسم فيه
أحكام الله أربعة أقسام: فرائض، ومحارم، وحدود، ومسكوت عنه».
ثم قال (ص: ٦٣٥): (قوله في
الأشياء التي سكت عنها (رحمة من غير نسيان) يعني:
إن الله تعالى، إنما سكت
عن ذكرها، رحمةً بعباده ورفقاً!
* حيث لم يحرمها عليهم،
حتى يعاقبهم على فعلها!!
* ولم يوجبها عليهم حتى
يعاقبهم على تركها!!
* بل جعلها عفواً:
فإن فعلوها؛ فلا حرج!
وإن تركوها؛ فكذلك.
وفي حديث أبي الدرداء
مرفوعاً (مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ
حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ
عَافِيَتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَنْسَى شَيْئاً، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ
الْآيَةَ (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) [مريم: 64]
والسؤال إلى عبيد آل سعود
الوهابية:
هل لدينا نص آمر باحتفال
الناس بمولد الرسول؟ كلا.
هل لدينا نص ينهى عن
الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم؟ أيضا لا يوجد!
فمن أين جعلتموه بدعة
ضلالة، أيها المبتدعة الجفاة الغلاظ الأكباد؟
أفلا تابعتم شيخ إسلامكم
ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (٢: ١٢٦) إذ يقول: «تعظيم المولد
واتخاذه موسماً، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه
لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
فالاحتفال بالمولد عند ابن
تيمية مشروع إذن، وإلا فكيف يكون ثمة ثواب على عمل مُبتدَع، غير مشروع!؟
سلمنا جدلا أن تعيين يوم
أو شهر؛ بدعة!
والبدعة سيئة، فكم ينال
المرء على السيئة؟
أليس سيئة واحدة؟
أليس في تلاوة كل حرف من
القرآن العظيم حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء، إلى سبع مائة
ضعف، وإلى ما شاء الله؟
فهل يوجد مسلم يبتغي ما
عند الله تعالى، يقوم فيترك ألف حسنة، بشبهة حصوله على سيئة واحدة؟
ومن المعلوم لدى عقلاء
المسلمين؛ أن لدينا في الإسلام حديث صحيح (من سن سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل
بها إلى يوم القيامة).
وأن من ابتدع بدعة لم تكن
موجودة في القرون المفضلة، ولم تكن تخالف مأموراً به، أو مَنهيّاً عنه، مخالفةً
صريحةً؛ فإنه يثاب على ما في بدعته من خير، ويحاسب على ما فيها من شر، إن صاحبها
شر!
قال الله تعالى:
(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا
مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ.
«ما ابتدعوها» إِلَّا
ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّه، فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا.
فآتَيْنَا الَّذِينَ
آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27) [الحديد].
أوّلاً: الله تعالى لم
يأمرهم بالرهبانية!
ثانياً: الله تعالى لم
ينههم عنهم.
ثالثاً: ما ابتدعوها إلا
ابتغاء رضوان الله تعالى، ولكنهم ما رعوها حقّ رعايتها!
طيّب، ماذا لو رعوها حقّ
رعايتها؟
هل يكون لهم أجر، أو يكون
عليهم أوزار على طول الخطّ!؟
رابعاً: (فآتَيْنَا
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ).
أليس هذا نصّاً صريحاً
محكماً بأنّ من هؤلاء المبتدعة قوم مؤمنون رعوا الرهبانية حقّها، فآتاهم الله
تعالى ثواب ذلك؟
نعم على الإخوة الصوفية (الذاكرين
الله كثيراً والذاكرات) والمحبّين لرسول الله وآل بيته حبّ الأمّهات؛ أن يلتزموا
بالضوابط الشرعية، وأن يمتنعوا عن المبالغات، وأن يفرّقوا تفرقة تامّةً بين الله
تعالى وصفاته، وبين عبده ونبيّه ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلّم.
والله تعالى أعلم.
]رَبَّنا:
ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ
مِنَ الْخَاسِرِينَ[.
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً
والحمد
لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق