السبت، 16 أكتوبر 2021

 قريبا من السياسة (16):

(إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)

 بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

حدّثني أحدُ إخواني أمس؛ أنّه سمع صديقاً لي، يحلفُ بأنّ السيّد عداب بنَ محمود الحمش عميل لإيران، وأنّه يتقاضى منها (6 - 7) آلاف دولار، في الشهر الواحد!

ضحكتُ من كلّ قلبي والله! إشفاقاً على ذلك العقل الطفوليّ، الذي قادَ صاحبَه إلى أن يُلغي تاريخاً طوله ستّون عاماً، بمرتّب زهيدٍ سخيف!

ذكّرني هذا بأخي وزميلي الدكتور عبدالحكيم السعديّ الأنباريّ، عندما زارني ومعه أوراقُ أطروحتي للدكتوراه «أقوال الترمذي في نقد الرجال دراسة تطبيقية في كتابه الجامع» قبل سفره إلى خارج العراق بيوم واحد، إذ كان مشرفي على الأطروحة، لمّا رفض غيره الإشراف عليّ؛ لأنني رافضيّ!

سَلّم عليّ وهو يضحك وقال: «آخر ستّ تُهَم عراقيّة للشيخ عداب: رافضيّ، زنديق، عميل لإيران والسعودية والماسونية والموساد».

إنّ المثل العراقيّ «حبّ واحجي، واكره واحجي [اِحْكِ]» متداولٌ كثيراً لدى العراقيين، وهو يعني أنّ كلام العراقيِّ في الغضب والرضا غير مأمون!

فهو إذا أحبَّ؛ غالى في الحبّ، وإذا أبغض؛ غالى في البغض وكفّر وقتل!

الله تبارك وتعالى يقول: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) [يونس].

ويقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) أخرجه البخاري (6064) ومسلم (2562).

إنّ أولئك العراقيين، الذين اتّهموني بأنني عميل للماسونيّة والموساد وإيران والسعوديّة، زعم دكتور منكم بأنّ النقود كانت تأتيني بالجَواني «أكياس كبيرة» في الوقتِ الذي لم أكنْ أملك ديناراً عراقيّاً واحداً، لا يُساوي بصلة، ولم يكن لي أيّ مصدر دَخْل!

لولا أنّ عمّتي زوجة الشيخ سعيد حوّى رحمة  الله عليهما، كانت ترسل إلينا في كلّ شهرٍ مائة دولار؛ لافتُضح حالنا!

وأنا اليوم مطالبٌ بأن أساعدَ أكثر من (16) أسرة، من أهلنا السوريين، باليسير من ثمن الخبز والماء، ويعلم القريبون مني أنّ هذا فوق طاقتي وطاقةِ أسرتي!

وأحلف بالله الذي لا إله غيره؛ أنني في يوم (1/ 10/ 2021) كنت أملك (100) ليرة تركيّة!

وأنني في ذلك اليوم ذاته مدين بمبلغ (700, 92) ألف دولار!

ولو أنّني شكوتُ هذا المفتري إلى قاضٍ من قضاة الدنيا؛ فهل لديه إثباتٌ بأنني أتقاضى من إيران، أو من الشيعة، أو من السنّة، أو من تركيّا، أو من الشياطين، ليرةً تركيّةً واحدة؟

ولو وقف غداً يوم القيامة بين يدي أحكم الحاكمين وسأله ربنا العظيم: أقرأتَ هذه الآية الكريمة؟

(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) [الإسراء].

أما علمت أنّه: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) [النساء] فما هو قائل لله ربّ العالمين.

كتبت منشوراً سابقاً، تحدّيت فيه دول العالم كلّه، إنْ كانت أيّ دولة، أو منظمة، أو مؤسسة، أو جمعيّة، تزعم أنّها قدّمت إليّ مبلغاً من المال، فإنّ شرفَ نظامها تحت حذائي، وأول هذه الدول إيران والحوزة في النجف!

هذا من جهة!

ومن جهة أخرى، حبّذا لو تفضّل هذا المفتري، بأيّ وسيلةٍ لديه، فتحمّل عني مساعدة (16) أسرة سوريّة مُعدِمة!

أو توسّط لدى تركيا، أو إيران، أو السعودية، أو قطر، أو دولة «الأسكيمو» فوفّى عني ديوني هذه، فسأكتب له قصيدة شكر، تزيد على مائة بيت شعريٍّ وبيت!

أين هو نظام إيران؟

أين هي الحوزة العلمية في النجف؟

ألا يزعمون أنّ آل البيت يستحقون الخمس من مال الأمة؟

فليعطونا من هذا الخمس عُشْرَ معشاره؛ لنسدّ به حاجاتِ المعوزين!

صدق الله العظيم، وقد قال: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) [الشعراء].

ويقول: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) [فاطر].

الاختلاف الفكريّ أو السياسيّ، ينبغي أن لا يفرّغ الإنسان من القيم والمروءة، والأخلاقه، خاصّةً من ينتمي إلى أمّة الإسلام، التي من معتقداتها الجازمة (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) [سورة: ق].

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كل حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق