تَقويمُ الكتب الإسلاميّة (2):
من حصادِ المعارضِ (2)!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
في معرض استانبول للكتاب العربيّ ألوف العناوين، لا
بدّ أنّ لها قرّاءَها والراغبين بها.
أمّا أنا الفقير؛ فلي وُجهة محدّدة – كما قدّمت في المنشور
السابق – يحكمها عاملان:
العامل الأوّل: لم يعُد من اهتماماتي بناءُ مكتبةٍ
بيتيّة ضخمة، كالتي بنيتها في الحجاز، أو التي بنيتها في العراق، أو التي بنيتها
في الأردن؛ لأنّ العمرَ قد ولّى من جهة، ولعدم الاستقرار في الموطن، ولضعف ذات
اليد من جهة أهمّ!
ولهذا العوامل الثلاثةِ؛ فإنني أبتعد عن أسواق
الكتب تماماً، وأقتصر على شراء الكتاب الذي أحتاجه في عملي العلميّ الإنتاجيّ.
والكتب السُنيّة التي اشتريتها من معرض استانبول
الدوليّ، في دورته الأخيرة القائمة اليوم:
() كنز الدقائق في الفقه الحنفيّ، للإمام أبي
البركات عبدالله بن أحمد النسفيّ (ت: 701 – 710 هـ) ويلقّب بحافظ
الدين.
وصاحب الكَنزِ هذا؛ ليس هو أبا حفص عمر بن محمّد بن
أحمد النسفيّ، صاحب متن «العقائد» فأبو حفصٍ
متقدّم على أبي البركات قُرابةَ قرنين من الزمان (461 – 537 هـ) فهو معاصر للشيخ
عبد القادر الجيلاني، والشيخ أحمد ابن الرفاعي الكبير ولعلّه من طبقة شيوخهما.
ومتن العقائد هذا؛ شرحه الإمام سعد الدين مسعود بن
عمر بن عبدالله التفتازاني (ت: 792 هـ)!
وكنز الحقائق من المتون المهمّة الجليلة في مذهب
الحنفيّة، وقد قرأت في أيام الشباب شرحه تبيين الحقائق للإمام الزيلعيّ الفقيه (ت:
743 هـ).
وطالعت عدداً من شروحه الأخرى، من دون استقصاء!
والطبعة التي اشتريتها من معرض استانبول؛ حقّقها
الزميل الدكتور سائد بَكداش الحلبيّ، وتقع في مجلّد واحد، جاوز (700) صفحة.
() موطّأ الإمام مالك، رواية الإمام الشافعيّ، وقد
جمعه وحقّقه وخرّج أحاديثه الدكتور محمد بسام حجازيّ، وصدرت طبعته الثانية عن دار
اللباب عام (2021 م) في مجلّد واحد، زادت صفحاته على (1000) صفحة.
ولو أنّ الدار الناشرة جعلته في مجلدين؛ لكان أجمل
وأيسرَ في تناوله للقراءة والدراسة.
وعمل الدكتور محمد بسام على هذا الكتاب؛ ممتاز
يستحقّ الإشادة.
() دليل السالك إلى ضوابط نقد المتن في موطّأ مالك،
للدكتور عبدالسلام إبراهيم العزوزيّ، وأصل الكتاب رسالةٌ علميّة حصل بها الباحث
على درجة الدكتوراه من دار الحديث الحسنية بالمغرب، صدرت طبعته الأولى عن دار
السلام في مصر، عام (2021م) في مجلد واحد، بلغ (465) صفحة، سوى الفهارس.
وواضح من عنوان الكتاب؛ أنه معين قويّ على فهم
الموطّا الذي قبله، وسائر روايات موطّأ مالك.
() المرفوع حكماً – دراسة تأصيليّة
تطبيقيّة، قام بها الدكتور عمّار أحمد الصياصنة وقدمها إلى جامعة الملك سعود في
الرياض، وحصل بها على درجة الدكتوراه.
ويقع الكتاب في مجلّد واحدٍ ضخم بلغت صفحاته (877)
صفحة، سوى فهارس الكتاب.
وهو جهدٌ ضخم، وعمل علميّ دقيق، يُشكر عليه صاحبه.
() منهج الحنفية في نقد الحديث – بين النظرية
والتطبيق، للدكتور كيلاني محمد خليفة، وأصل الكتاب رسالة علمية تقدم بها الباحث
إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، للحصول على درجة الماجستير، وصدرت طبعة
الكتاب الثالثة عن دار السلام عام (2019م) في مجلد واحد بلغ (568) صفحة، خلا فهارس
الكتاب.
ولا ريب في أنّ الموضوع شائقٌ وشائك، وتقويم العمل
يحتاج إلى وقتٍ ومقارنات!
() مصطلحات الجرح والتعديل وتطورها التاريخي في
التراث المطبوع للإمام البخاريّّ، للدكتور محمد أولاد عَتّو.
وأصل الكتاب رسالة علمية، حصل بها المؤلف على درجة
الدكتوراه، من كلية الآداب بالمغرب، وصدرت طبعته الأولى عن دار السلام، عام (2013
م) في مجلد واحد، بلغ (749) صفحة، سوى الفهارس.
ويتقاطع هذا الكتاب مع أطروحة الأستاذ الدكتور محمد
سعيد حوى «منهج
الإمام البخاريّ في الجرح والتعديل» التي حصل عليها من جامعة بغداد، عام (1996م).
والموازنة بين الدراستين مهمّ، لكنّ ذاك الوقتَ غير
متاح لي.
والإفادة من الدراستين معاً، هو العدل والصواب.
() التصحيح على شرط الشيخين «البخاري
ومسلم» للدكتور رياض حسين الطائيّ.
وأصل الكتاب أطروحةٌ حصل بها الباحث على درجة
الدكتوراه من جامعة العلوم الإسلامية في الأردنّ، وصدرت طبعته الأولى عن دار
اللباب، عام (2018م) في مجلّد واحد، جاء في (413) صفحة سوى فهارسه العديدة
المتنوعة.
() المطلب السامي في ضبط ما أشكل في الصحيحين
من الأسامي، للفقيه جمال الدين محمد بن أبي بكرٍ الأشخَر اليمانيّ، تحقيق السيد
أحمد عمر الأهدل، صدرت طبعته الأولى عن دار المنهاج، عام (2019م) في مجلّد لطيف،
يقع في (200) صفحة.
والكتابُ عبارةٌ عن منظومة شعرية، أوضح في طليعتها مقصوده
منها بقوله:
وبعد: فاحفظ هذه القصيدهْ
فإنها منظومة مفيدهْ
في ضبط ما يُخشى من الأسامي
إشكالُه، فكن أخا اهتمام.
والكتاب مفيد في ضبط المشكل والمشتبه من أسماء رجال
الصحيحين.
() ومسك الختام كتاب الاتّجاهات الحديثية في القرن
الرابع عشر، للدكتور محمود سعيد بن محمد ممدوح الشافعيّ المصريّ، وأصل الكتاب
أطروحته التي حصل بها على درجة الدكتوراه، من جامعة محمد الخامس، من الرباط، وصدرت
طبعة الكتاب الثانية عن دار العلوم الدينية، عام (1438 هـ) في ثلاثة مجلّداتٍ،
جاءت صفحاتها (1970) صفحة.
والكتابُ موسوعة تقويمية لمدارس واتّجهات فكريّة
متعددة، اشتغلت في علم الحديث، تحقيقاً وتخريجاً ونقداً، من وجهة نظر مؤلّفه.
وسواءٌ اتّفقتَ مع المؤلّف، أم اختلفتَ معه، وسواء
وافقتَه على وُجهته العلميّة وأخلاقه الشخصيّة، أم باينتَه؛ فالكتابُ ينطق باسم
نفسه، ويُظهر سعة اطّلاع مصنّفه وتنوّع ثقافته، وخِبرته بالمذاهب والمدارس
الحديثيّة، وهو كتاب مفيد ماتع للغاية.
نفع الله تعالى بهذه الكتب كلّها عبادَه المسلمين،
وجزى الله تعالى كُتّابَها ومحقّقيها خير الجزاء، وأعظم لهم الأجر والمثوبة.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق