الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

       مَسائل حديثية (25):

مُعجَمُ الطَبَرانيِّ الكبيرُ!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

المعجم الكبير للإمام الطبرانيّ؛ من كتب الرواية والعلل الجليلة، فيه آلاف من الأحاديث المُعلّة، التي لا يحسن للناقد تجاوزها في تخريجه وحكمه على الأحاديث المروية عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعن أصحابه رضي الله عنهم.

ولنترك الطبرانيَّ ذاته يحدّثنا عن كتابه، ثم نزيد شرحاً وتوضيحاً.

قال الطبراني في خطبة كتابه المعجم الكبير (1: 51):

«الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمِّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.

هَذا الْكِتَابُ أَلَّفْنَاهُ، جَامِعاً لِعَدَدِ مَا انْتَهَى إِلَيْنَا، مِمَّنْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، عَلَى حُرُوفِ «أ ب ت ث».

بَدَأْتُ فِيهِ بِالْعَشْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؛ لِأَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، خَرَّجْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدِيثاً وَحَدِيثَيْنِ وَثَلاثاً، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى حَسَبِ كَثْرَةِ رِوَايَتْهِمْ وَقِلَّتِهَا.

فمَنْ كَانَ مِنَ الْمُقِلِّينَ؛ خَرَّجْتُ حَدِيثَهُ أَجْمَعَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، مَنِ اسْتُشْهدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ؛ ذَكَرْتُهُ مِنْ كُتِبِ الْمَغَازِي وَتَارِيخِ الْعُلَمَاءِ؛ لِيُوقَفَ عَلَى عَدَدِ الرُّوَاةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذِكْرِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

وَسَنُخْرِجُ مُسْنَدَهُمْ بِالِاسْتِقْصَاءِ، عَلَى تَرْتِيبِ الْقَبَائِلِ، بِعَوْنِ اللهِ وَقُوَّتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» انتهت خطبة الكتاب!

قال الفقير عداب:

معجم الطبراني الكبير؛ لا توجد منه نسخة تامّة حتى اليوم، بل وُجدت منه قطعةٌ شملت اثني عشر مجلّداً، تنتهي بعمرو بن دينار عن عبدالله بن عمر بن الخطّاب، رقم الحديث (13654).

ثمّ هنالك سقطٌ قدّره محققو الكتاب بأربعة مجلّدات (13 - 16).

لكنّ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد، وفريق من الباحثين قاموا بتحقيق الجزأين الثالث عشر والرابع وعشر.

وفي بداية الجزء الثالث عشرَ؛ وصف دقيقٌ للنقص الموجود في هذا الكتاب الكبير.

ومقدار الجهد الذي بذله المحققون في إخراج هذين الجزأين من الكتاب.

ويبدأ الجزء الثالث عشر بالحديث رقم (13655) متابعاً ما سبق من الأجزاء الاثني عشر، وينتهي المجلّد الرابع عشر بالحديث رقم (15059).

ثمّ يبقى النقص سارياً في المجلدين (15 - 16).

ثم يبدأ الجزء السابع  عشر بترقيم جديد يبدأ بحديث واحدٍ لعمرو الأنصاري ثمّ العجلانيّ (1) ثم حديث عَمْرُو بْنُ عَوْفِ بْنِ مِلْحَةَ الْمُزَنِيُّ (2) وينتهي هذا القسم من الكتاب في الجزء التاسع عشر، الحديث رقم (1087).

ثم يأتي الجزء العشرون، ويبدأ بحديث المسوَر بن مخرمة (1) وينتهي بالصفحة (447) والحديث (1096).

وقد حقّق الدكتور سعد بن عبدالله الحميد قطعةً من الجزء الحادي والعشرين، الذي يتضمن جزءاً من أحاديث الصحابي النعمان بن بشير الأنصاريّ جاءت في (216) حديثاً.

ثمّ يبدأ الجزء الثاني والعشرون بحديثِ الصحابيّ وائل بن حجر الحضرميّ بترقيم جديدٍ أيضاً (1) وينتهي هذا المجلّد (ص: 452) والحديث رقم (1103).

ثم يبدأ الجزء الثالث والعشرون بترقيم جديد (1) وينتهي (ص: 441) بالحديث رقم (1069).

ثم يبدأ المجلد الرابع والعشرون بترقيم جديد (1) وينتهي (ص: 445) بالحديث رقم (1095).

ثمّ يبدأ المجلّد الخامس والعشرون بترقيم جديد (1) وينتهي (ص: 187) بحديث رقم (460).

وهذا يعني أنّ ثمّةَ انقطاعاً بين هذه المجلّدات، يمكن تعيينه لو وازن الباحث بين الصحابة الذين خرّج عنهم الطبرانيّ، والصحابة الذين خرّج عنهم أصحاب الكتب التسعة، على سبيل التقريب؛ لأنّ الطبرانيَّ أراد أن يجمع في كتابه هذا أسماءَ جميع الصحابة الذين كانت لهم رواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أو بعضهم عن بعض.

وعلى الباحث في هذا الكتاب أن يوثّق النصوصَ المعزوّة إلى المعجم الكبير، من الجزء والصفحة، أو الجزء ورقم الحديث، هكذا (17: (137).

ويمكن أن يوثق النصوص المنقولة أو المعزوّة، من المجلد الأول إلى نهاية المجلد الخامس عشر بترقيم متسلسل من دون تعيين الجزء، لكن عليه أن يشير إلى منهجه في مقدمة عمله.

ومما ينبغي التذكير به؛ أنّ الأصل في أحاديث المعجمين الصغير والأوسط الغرابة والضعف، وليست كذلك أحاديثِ المعجم الكبير؛ ففيه الحديث الصحيح والحسن والضعيف بأنواعه الكثيرة.

ومعاجمُ الطبراني الثلاثةُ، فيها ما قد أخرجه البخاريّ ومسلمٌ، وغيرهما من أصحاب الكتب الستة الأصول، وفيها ما لم يخرّجه أحدٌ من أصحاب الكتب الستة.

ومن فوائد ما أخرجه الطبرانيّ مما هو في الكتب الستّة؛ زيادةُ أسانيدَ قد تقوّي بعض أسانيد الكتب الستّة، والإشارةُ إلى التفرّد والعلل الواقعة في أسانيد أو متون كثيرٍ من أحاديث الكتب الستّة.

وقد قام عددٌ من العلماء بجمع معاجم الطبرانيّ، بعضها إلى بعضٍ مع حذف المكرّر، وهذا خطأ منهجيّ من وجهة نظري، لكنّه حفظ لنا زوائدَ الطبرانيّ في معاجمه الثلاثةِ، على الكتب الستة (خ م ق د ت ن) في كتاب مهمٍّ جداً، دعاه «مجمع الزوائد ومنبع الفوائد».

وقد تكلّم الحافظ نور الدين الهيثميّ على منهجه في استخراج الزوائدِ وترتيبها في مواضعها من كتابه، فانظرها في خطبته للكتاب (1: 63- 72) وطالع مقدمةَ تحقيق وتخريجِ هذا الكتابِ، لفضيلة الدكتور الشيخ محمود سعيد محمد ممدوح القاهريّ (1: 17- 61) من طبعة «مؤسسة اقرأ الخيريّة» بالقاهرة (2010م) ففيها فوائد جمّة.

ومجمع الزوائد كتابٌ حافلٌ، أودع فيه الهيثميّ (18776) حديثاً، ممّا لم يخرّجه أصحاب الكتب الستّة.

وسأقدّم إليك أخي القارئ منشوراً خاصّاً بمجمع الزوائد، وأهميّةِ كتب الزوائد بعد أن ننتهي من التعريف بكتب الإمام الطبرانيّ، إن شاء الله تعالى.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.  

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق