مَسائلُ حَديثيّةٌ (43):
فَضْلُ صَلاةِ الفَجْرِ في جماعة!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
كتب إليّ أحد الأصدقاء على الخاصّ يسأل عن حديثِ أنس
بن مالك قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: (مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ
حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ)
قَالَ أنسٌ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ)؟
أَقول وبالله التوفيق:
هذا الحديثُ انفرد به الترمذيّ عن سائر أصحاب الكتب
التسعة، وقالَ:
«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَسَأَلْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَعِيلَ البخاريّ عَنْ أَبِي ظِلَالٍ القَسمليِّ؟ فَقَالَ:
هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، وَاسْمُهُ هِلَالٌ» ولم يعزه المزيّ في التحفة (1: 422)
إلى غير الترمذيّ.
وفي إسناده أبو ظلال القسمليّ هذا، ترجمه الذهبي في
الميزان (4: 316) وقال:
قال ابن
معين: ضعيف، ليس بشيء.
وقال
النسائي والأزدي: ضعيف.
وقال
ابن عديّ: عامّة ما يَرويه؛ لا يُتابعه الثقات عليه.
وقال
ابن حبّان: مُغفّل، لا يجوز الاحتجاج به بحال.
وقال
البخاري: عنده مناكير».
وهذا
يعني أنّ إسناد الحديث ضعيفٌ جدّاً، وإن حسّنه الترمذيّ والألبانيّ.
أمّا
عن متنه؛ ففيه مبالغاتٌ وشطح، يُعرَف منهما أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم
لم يقله قطّ!
وهو
مُعارَضٌ بحديث جابر بن سمرة الصحابيّ قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ؛ لَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى
تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاءَ) أخرجه أحمد في مسنده (20063) ومسلم في المساجد (670)
وأبو داود في الأدب (4850) والبغوي في شرح السنة (711).
ومُعارَضٌ
بحديث عثمان رضي الله عنه قال: سمعت الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: (مَنْ
صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ
صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ؛ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) أخرجه
مسلم في المساجد (656) وغيره.
وتوضيحه
عند أبي داود (555) ولفظه (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؛ كَانَ كَقِيَامِ
نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ؛ كَانَ
كَقِيَامِ لَيْلَةٍ).
فهذا
كلام معقولٌ مقبولٌ، خالٍ عن الأوهام والخيالات!
والله
تعالى أعلم.
(رَبَّنا:
ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ
مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا..
وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحَمْدُ
للهِ على كلِّ حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق