مَسائلُ عَقَديّةٌ:
هَلْ أحمدُ ابن حَنبلٍ كافرٌ !؟
بسم الله الرحمنِ الرحيم
(الْحَمْدُ للهِ، وَسَلامٌ
علَى عِبَادِهِ الذينَ اصْطفَى).
مررت موافقةً على صفحةِ كاتبٍ، ليس
من أهلِ السنّة، فوجدته يجزمُ بكفر الإمامِ أحمدَ ابن حنبل رحمه الله تعالى.
وكان ممّا قال: «نقول وبالله التوفيق،
شهادةً للحق لا نخشى فيها لومة لائم:
إن أحمد ابن حنبل عندنا كافر بالله
العظيم، ضالٌ مُضل، ورأس من رؤوس أهل التجسيم والتشبيه، وذلك لأسباب قاطعة لا تقبل
الجدل:
أولاً: قوله الصريح بالحدِّ
والجسمية، وهو أصل الكفر.
ثانيًا: إثباته الجهةَ والمكانَ
لله، وهو عين الشرك.
ثالثًا: رفضه للتأويل العقليّ،
واتّباعه للمتشابهات.
رابعًا: فتنة «خلق القرآن» كشفت عن
تجسيمه وكفره
إن فتنة خلق القرآن لم تكن مجرد
خلاف حول صفة الكلام، بل كشفت عن أصل عقيدته.
لقد رفض القول بأن القرآن (كلام
الله) مخلوق؛ لأنه كان يعتقد أن الكلام صفة قائمة بذات اللهِ قيامَ الاعراض
بالجسم، وأن هذه الذات تتكلم بحرف وصوت من داخل ذلك الجسم وأنّ هذه أعراض داخله.
الخاتمة: لا قيمة لعملٍ مع فساد
الاعتقاد.
لا يَغُرنّ أحداً ما يُروى عن زهد
أحمد ابن حنبل أو ورعه أو صبره في المحنة.
فما قيمة كل هذا، إذا كان الأصل ـ وهو
توحيدُ الله ـ مهدمًا؟
إن سلامة الاعتقادِ مُقَدَّمةٌ على
كل عمل، ومن فسدت عقيدته فعبد إلهًا مجسمًا محدودًا، فقد حبط عمله، وهو في الآخرة
من الخاسرين.
لهذا، نحكم بكفره بناءً على أقواله
الصريحة، التي تهدم أصل الإسلام، ونعتبره إمامًا للضلالةِ، فتح على الأمة باب شرٍ
عظيم، هو باب التجسيم والتشبيه» انتهى ما اقتطعته من منشوره.
أقولُ وبالله التوفيق:
يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم:
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ
اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) [الأعراف] وانظر سُورَ يونسَ والرعد وطه والفرقان
والسجدة والحديد.
هذه
سبعةُ مواضعَ من القرآن الكريم وردت فيها جملة (ثمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) أو
(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى).
وقد
وصف الله تعالى هذا العرشَ بأنّه عظيم (اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ
الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) [النمل].
ووصف
هذا العرشَ بأنّه محمولٌ (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ
رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) [الحاقّة].
وظاهرٌ
أنّ هذا العرشَ جُرمٌ في قوله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ
حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ
لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)
[غافر].
هذه
الآياتُ الكريماتُ يستمسكُ بها الإمامُ أحمد وسائر المحدّثين في القرنين الثاني والثاني،
ويرون الذهابَ إلى التأويل تعطيلٌ لدلالات هذه الآياتِ.
أنت
قل: إنّ العرش كنايةٌ عن الملك، أو قل: إنّ العرش كنايةٌ عن العلم، أو قل ما شئت،
بيد أنّك لا تستطيعُ أن تلغيَ أنّ الله تعالى أنزلَ هذا القرآنَ للعالمِ والشاعرِ
والمرأةِ القارّةِ في بيتها والشيخ الأميّ الذي لا يقرأ ولا يكتبُ، وأنت تقول:
«التقليدُ في أصول الاعتقاد لا ينجي صاحبه أمام الله» ونسبةُ (99%) من الأمّةِ لا
يحسنون الكنايةَ والمجازَ والبلاغةَ والنحتَ والاشتقاق، وأنت نفسَك تتعصّب بتقليدٍ
لأشياخكَ الذين يؤوّلون.
فلو
ذهب ذاهبٌ إلى أنّ العرش محدودٌ وشبه دائريّ وحوله ملائكة والله على هذا العرش
استوى، من غير كيف!
لا
تستطيع أن تكفّره ولا تفسّقه ولا تضلّله ولا تبدّعة، وإلّا فأنت صلفٌ جلفٌ وقح!
أنا
لا أذهب إلى هذا كلّه؛ لأنني شاعرٌ، أفهم البلاغة جيّداً، وأعرف كيف أتلاعب
بدلالات الألفاظِ، على نحو المعنى الذي يستقرّ في عقلي.
لكنني
أعذرُ الآخرين، الذين لا يعرفون علومَ البلاغة، والذين يتعبّدون الله تعالى بظاهرِ
كلمات القرآن.
ثانياً:
عندما يقول الله تعالى:
(أَأَمِنْتُمْ
مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا
فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) [الملك].
(يَخَافُونَ
رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) [النحل].
(وَالْمَلَكُ
عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ
(17) [الحاقّة].
فإذا كان الله
تعالى يقول: ((يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) ويقول: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ
رَبِّكَ فَوْقَهُمْ) فمن حقّ كلّ مسلمٍ أن يقول: ربنا فوقنا، وليس بيننا ولا تحتنا
تعالى الله عن ذلك، أمّا كيف تكون فوقيّته؛ فالله تعالى أعلم.
لا تستطيع أن
تكفّره ولا تفسّقه ولا تضلّله ولا تبدّعة، وإلّا فأنت صلفٌ جلفٌ وقح!
أمّا مسألةُ
«خلق القرآن» فهي مسألةٌ جدليّةٌ ليس لها أدنى قيمة علميّة في نظري!
الله تعالى
قال: (كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللهِ، ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ
مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوه (75) [البقرة].
(يُرِيدُونَ
أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ (15) [الفتح].
(وَإِنْ أَحَدٌ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ، حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهَ،
ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) [التوبة].
ظاهر هذه
الآياتُ الكريمةُ أنّ «القرآن كلامُ الله» فقل أنت: «القرآن كلامُ الله» واقتصر
على هذا، ولا تقل: مخلوق ولا غير مخلوق، وأَنْهِ الجدلَ والمماحكة.
لكن حتى هذه
الآيات التي وصفت القرآن الكريم بأنّه (كَلَامُ اللهِ) وصفته أيضاً بأنّه مسموع،
وأنّ الكافرين يريدون أن يبدّلوه.
فكيف يكون
قديماً غير مخلوق؟
يجب أن نفرّق
بين التلاوةِ والمتلوّ، ويجب أن نفرّق بين قولنا: القرآن كلام الله، وقولنا:
ألفاظنا بالقرآن مخلوقة!
مَن قال لك:
إنّ سياقَ الآيات يدلّ على هذا؟
فالقائل بخلق
القرآن، والقائل بأنه غير مخلوق، كلٌّ منهما يلزم الآخر بإلزاماتٍ لينتصر لرأيه.
ما دام الجميعُ
يقولون: (القرآنُ كلامُ الله) وأنّ الأمّة ملزمةٌ بما ورد فيه من عقائدَ وأحكامٍ
وعبادة ومعاملاتٍ؛ فلا وجه لتكفير بعضنا بعضاً البتة, ولا لتفسيق بعضنا بعضاً.
ولو اعتمد جميع
المسلمين هذه الجملة (القرآنُ كلامُ الله) لما أراد الله تعالى منهم شيئاً وراءها.
أمّا مسألة
الجسميّة؛ فالله تعالى قال:
(كُلُّ مَنْ
عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
(27) [الرحمن] في تسعِ آياتٍ أُخرَ، أضاف الله تعالى الوجه إلى نفسه، فأنتَ قل:
إنّ معنى وجه الله؛ الوجهة التي يكون منها ثوابُه!
أو قل: إنّ وجه
الله؛ ذاته العليّة، أو قل: وجه الله؛ ثوابه لعباده!
قل: ما تريدُ
من التأويلِ، لكنّك لا تستطيع أن تلزم المطالبَ أن يجتهد في فهم القرآن الكريم
بذاته؛ أن يفهم فَهمك ويذهب مذهبك!
والله تعالى قال:
(هَلْ
يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ
وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ، وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)
[البقرة].
(هَلْ
يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ
يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ (158) [الأنعام].
(وَجَاءَ
رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (23)
[الفجر]
فالآية الأولى
يأتي الله في ظلل من الغمام.
والآية الثانية
تأتي الملائكة ويأتي الربّ تعالى، فلهم إتيّ وللربّ إتيٌّ منفصل.
وفي الآية
الثالثة: الملائكة صفوف متّسقة في هيئة الاستعداد، فيجيء الربّ تعالى.
قل أنت: إنّ
الذهاب والمجيء والصعود والنزول والإتيان من صفات الأجسام والأجرام، وهذا لا يليق
بالله تعالى، وفسّر ذلك بالتجلّي، أو فسّره بالحضور الرمزي كقولك: جاءت الريح
بالمطر، أو جاء الليل بالسكينة.
لكنّ أبي وأمي
وجدي وجدتي؛ لم يكونوا يفهمون فلسفتك هذه، وهم مطالبون بتلاوة القرآن وبتدبّره.
وكلّ واحدٍ
منهم يتدبّره، من دون أن يعرف المذهب الأشعريّ ولا الماتريديّ ولا المذهب الحنبلي،
ومن دون أن يعرفوا الخلاف بين هذه المذاهب.
والله تبارك
وتعالى قال:
(وَقَالَتِ
الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاء (64) [المائدة].
(قَالَ
يَاإِبْلِيسُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) [سورة ص].
(وَمَا
قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) [الزمر].
هذا القرآن
الكريم يقول: (يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) ويقول: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ويقول:
(الْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ).
افهم أنت ما
شئتَ، ودَعْ غيركَ يفهم ما يطمئنّ إليه قلبه، ولا تجعل من نفسكَ، ولا يجعل من نفسه
«الشارح لكلام الله».
أمّا قوله:لا قيمة لعملٍ مع فساد الاعتقاد؛ فجوابُه من وجهين:
الأوّل: أنّ دعوى فسادِ اعتقاده؛ اجتهادٌ منك،
واجتهادك لا يلزمني البتّة!
وأمّا الثاني؛ فالقرآن الكريم أكّد على العملِ، ولم
يؤكّد على الفسلفات هذه.
قال الله تعالى:
(وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ
أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) [الأعراف].
(يَقُولُونَ
سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)
[النحل].
(إِنَّ اللهَ
لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ
لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) [النساء].
(فَمَنْ
يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
شَرًّا يَرَهُ (8) [الزلزلة].
(وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
(47) [الأنبياء].
(قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ
هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى
وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ
لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ
يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ
الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) [المؤمنون].
والإيمان منصوص
عليه في القرآن الكريم:
(يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ
عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ
وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلَالًا بَعِيدًا (136) [النساء].
فمَن آمن بقلبه
وصدّق بلسانه بما ورد في ألفاظِ هذه الآية، دونَ الدخول في المذاهب الكلامية؛ فهو
مؤمن، غصباً عن جميع أرباب علم الكلام.
هذا هو جوابي
على هذا الجلفَ الغليظ الجاف، الذي كفّر الإمامَ أحمد ابن حنبلٍ، رضي الله عنه
وأرضاه، أو غيره من علماء هذه الأمة، من أهل السنة بمذاهبهم، والشيعة الزيدية
والإمامية والإباضية باجتهاداتهم.
جميعُ علماءِ
الأمّة مؤمنون، يسعون إلى خدمة دين الله تعالى على قدر فهومهم وسعة عقولهم!
ففي الصحابة
رضوان الله عليه وآله وسلّم عليُّ بن أبي طالبٍ البليغ الفصيح الخطيب الشاعر
الفقيه المفسّر، عليه السلام!
وفيهم عريضُ
القفا الذي كان يأتي بحبلين، يضعهما قُربَ وسادته فإذا ميّز بين أبيضهما وأسودهما؛
أمسك عن الطعام!
هل قال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّ عريض القفا مطالَبٌ بأن يكون
في فهمه للقرآن الكريم مثل الإمام عليّ، وهل قال: إنّ عملَه محبط ؟
ختاماً: جميع مَن آمن بأركان الإيمان التي ذكرتها مراراً، وآمن بأركان
الإسلام وطبّقها؛ فهو مؤمن نرجو له الجنّة، وإنْ لم يعرف مذاهبَ الإسلاميين
بتاتاً.
والله تعالى أعلم.
والحمدُ لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق