التصوّفُ العليم:
العَلاقة بين نهرو الكسنزان
وعداب الحمش ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
(الْحَمْدُ
للهِ، وَسَلامٌ عَلَى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطفَى).
أمّا بعد:
كتب أحد الحزبيّين
العراقيين، على صفحته في «فيس بوك» أمسِ منشوراً بعنوان:
«ما سرّ
العلاقةِ بين «نهرو الكسنزان» وعداب الحمش»؟
زعم في هذا
المنشور أنني أسأت إلى ساداتنا من الصحابة (أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير
وعائشة) رضي الله عنهم.
وأسأت إلى
(عبدالله بن عمر، وعبدالله بن عباس، وأسامة بن زيدٍ، ومحمّد بن عليّ بن أبي طالب،
المعروف بابن الحنفيّة) رضي الله عنهم أجمعين.
وفي ختام
منشوره قال: (فأين وجد الكسنزان الحمشَ هذا، ولماذا يختاره لتعليم أتباعه).
أقول وبالله
التوفيق:
يجب أن يكون
منشورنا هذا واضحاً صريحاً، فوق صراحتي المعهودة لديكم.
أوّلاً: لم يكن
الصراعُ بين أهل السنّة والشيعةِ، في تاريخ الإسلام كلّه صراعاً دينيّاً!
إنّما هو صراعٌ
على السيادةِ والثروة والنفوذ!
حتى اختلافُ
بني هاشمٍ بزعامةِ الإمام عليّ، مع الصحابةِ في تولية أبي بكر ثمّ عمرَ ثم عثمان،
كان من أجل السيادة والحقوق المالية.
وكل العقائد السياسية
التي اخترعها الشيعةُ الإماميّة على مرّ الزمان (النصّ والتعيين والعصمة والإمامة والبداء
والرجعة والمهدي) هي إسقاطاتٌ سياسيّة، ليس لها أدنى علاقةٍ بالعقائد الإسلامية
الكبرى، التي لا يختلف عليها السنة والشيعة والخوارج (الإيمان بالله وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر) كما لا يختلفون على (الطهارةِ والصلاة والصيام والزكاة
والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
وبمعزلٍ عمّن
هو المصيبُ - كليّاً أو جزئيّاً - فجميعُ الدماء التي أهريقت في تاريخ الإسلام؛
كانت من أجل عيون السلطة والنفوذ والتحكّم بثروات الأمة!
فإيّاكم وإيّاكم
وإيّاكم أن تظنّوا مسألة (الخلافة) أو أنّ (المفاضلة) بين الصحابة رضي الله عنه؛ من المسائلِ الدينية،
التي يتوجّب على المؤمن الاعتقاد بها!
ثانياً: لا
يخفى على أحدٍ أنّ (الإخوان المسلمين) حزبٌ سياسيّ، هدفه الأوّل هو الوصول إلى
السلطة، لاعتقادهم (أنّ الله يزع بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن.
وكاتب ذاك
المنشور من زملائنا في جامعة صدّام للعلوم الإسلامية في عام (1993) فيما أظنّ، هو
من الإخوان المسلمين، ومن أهل السنّة الأنباريين!
ثالثاً:
الدورةُ العلميّة التي قمت بها في التكية الكسنزانيّة الرئيسة في السليمانية؛ بدأت
في (1/ 7/ 2024) وانتهت في (30/ 9/ 2024) علّمت فيها (100) من الخلفاء تقريباً
تلاوةَ القرآن الكريم والوقفَ والابتداء وغريبَ حزب المفصّل، والأربعين النووية
وقصيدة (غرامي صحيح) في المصطلح.
وعلّمتهم شطراً
من ربع العبادات في كتاب (شرح الغزي على متن أبي شجاع).
فما الذي جعل
زميلَنا المحترمَ يسكت سنةً على هذه الدورة العلمية السنيّة بامتياز، ويلعلع
بفتنته اليومَ؟ أنا لا أدري حقيقةَ الأمر، ولم يخبرني أحدٌ بشيءٍ!
إنّما يبدو لي
أنّ زيارةَ الزعيم السيّد (محمد نهرو الكسنزان) إلى محافظة الأنبار، وترحيبَ
مشايخِ (الأنبار) الكرام به، والتفافهم حوله؛ هو الذي جعل هذا الأنباريّ الإخوانيّ
يرفع عقيرته - صوتَه - ويتنقّص من الشيخ «محمد نهرو» وعداب الحمش.
رابعاً: الشيخُ
«محمّد
نهرو» ومعه (100) خليفة من خلفائه، علّمتُهم طيلةَ ثلاثةِ أشهر؛ يوقنون يقيناً؛
أنّني حرٌّ صادق فيما أقول.
أوافق الاتّجاه
العامّ للسادة (الكسنزان) في أمورٍ، وأخالفهم في أمور، وأضرب مثالاً واحداً على
ذلك.
في عيد
الغدير الماضي (2024) نزل وفدٌ كبيرٌ من الشيعةِ الإيرانيين في التكية الكسنزانية -
وأنا مقيمٌ فيها - واحتفل السادة (الكسنزان) بهم، وأكرموهم.
وكان مع
هؤلاء الوفدِ رجالٌ من السلك الدبلوماسيّ، طلبوا لقائي في غرفتي، أو في مضافة
التكيةِ، فرفضت لقاءهم، وقلت لمَن بلّغني: «أنا لا ألتقي أناساً ساهموا في قتل
مليون شهيدٍ من أهلي في سوريّا» فلم يعاتبني أحدٌ على موقفي هذا، مع أنني أوافق
على تأليف قلوبِ أهل السنة والشيعة في العراق، ورأبِ صدعِهم، ولو طُلِب مني زيارةُ
مشايخِ عشائر العراقِ الشيعة؛ ما ترددت!
ما أريد
قولَه في هذه الفقرة: عدابُ الحمش أعلم بدين الله تعالى من هذا الأنباريّ الحزبيّ،
وربما من جميع علماء حزبه، وأشجع - فيما يَظنّ - منهم، فهو لا يبيع دينَه ومواقفَه
لأحد كائناً من كان.
ما تقرؤه
على صفحتي وفي كتبي؛ هو عقيدتي، وفكري، وفقهي، وافقَ مَن وافقَ، أو خالف مَن
خالفَ، مع ثقتي بأنّ الاختلافَ شرٌّ لا بدّ منه!
خامساً:
الإساءةُ إلى الصحابةِ:
جميع الصحابةِ
الذين ذكرهم هذا الزميل المفتري؛ أجلّهم وأحترمهم وأستغفر لهم وأترضّى عنهم، بيد
أنني لا أعتقد بعصمتهم، وأعتقد، أجل أعتقد عقيدةً أنّ كلّ واحدٍ منهم أخطأ خطأً أو
أخطاءَ، ما زلنا حتى اليوم نتجرّع آثارها غصصاً في حياتنا الإسلاميّة!
إنّ تقويم
عملِ أو علمِ صحابيّ أو تابعيٍّ - ما دام غير معصوم - أمر طبيعيٌّ جدّاً لدى جميع
أهل العلم، أمّا الجهّال؛ فهم الذين يحتاجون إلى رموزٍ كثيرةٍ مقدّسة، يقوّون بها ضعفهم.
فأنا أبرأ
إلى الله تعالى من الإساءةِ إلى جميعِ أصحاب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم،
حتى المجهولين منهم والوحدان!
اللهم إلّا
الفئةَ الظالمةَ الباغيةَ (معاويةَ وحزبه) فليس لهم في قلبي أدنى مودّةٍ أو
احترام!
سادساً: علاقتي بالشيخ «محمّد نهرو» قديمة، ترجع
إلى صيف عام (1996) عندما طلب مني شيخنا العابدُ الكريم الشجاع الماجد «محمد بن
عبدالكريم الكسنزان رضي الله عنه» المشاركةَ في تعليم «دورة الكسنزان العلمية
الأولى» فوافقت، وشاركتُ، وكنتُ إمامَ وخطيبَ ومفتي الطريقةِ، منذ ذلك التاريخ،
إلى أنْ غادرتُ العراقَ إلى الأردن.
كان الشيخ «محمّد
نهرو» هو المشرفَ الإداريّ على هذه الدورة، التي كانت ناجحة بفضل الله تعالى غايةَ
النجاح.
كنّا في
كلِّ يومٍ نلتقي مع جناب الشيخ الكبير «محمد المحمّد» ومع الشيخ «محمّد نهرو».
عرف بعضُنا
بعضاً، واكتشف بعضنا ما لدى بعضنا الآخر، وتوطّدت العلاقة بيننا!
ولم يحدُث
بيننا أيُّ خلافٍ يؤدّي إلى انفصالٍ أو قطيعة!
وجاء
الاحتلال الأمريكيّ للعراق، وكان حزبُ زميلنا هذا من المرحّبين به، ومن المشاركين
بحكومته العميلة!
ولم يَعُد
بيني وبين المشايخ أيّ اتّصال إلى عام (2009م) حيث التقينا في عمّان الأردنّ في
منزل حضرة الشيخ، رحمه الله تعالى ورضي عنه.
سابعاً:
يتّهم بعضُ العراقيين جناب الشيخ «محمّد نهرو» بأنّه على علاقةٍ بالأمريكان!
وأنا لا
أعرف عن هذه العلاقة شيئاً البتّة، ولم أسمع منه تجاه هذه العلاقة شيئاً.
والذي
سمعته منه - بأذنيّ كلتيهما - انتقاداتٌ كثيرةٌ للتوحّش الأمريكيّ والغطرسة
الأمريكيّة!
ولو
افترضنا وجودَ صلةٍ سياسيّة ما، بينه وبين الأمريكان، أليس بين الإخوان المسلمين
والسلفيين صلاتٌ وثيقة بالأمريكان والأوربيين؟
ختاماً:
حدود صلتي بالكسنزان عامّةً، وبالشيخ «محمّد نهرو» خاصّة؛ هي العلم، فهو لم يطلب
مني شيئاً ذا علاقة بالسياسةِ، ولا هو تدخّل من قريب ولا بعيدٍ في (تعليم) جملةٍ
واحدةٍ من أعمال «الدورتين العلميتين» اللتين شاركتُ فيهما.
يشهد على
ذلك الله تعالى وملائكته، و(100) خليفة علّمتهم طيلةَ ثلاثةِ أشهر!
وشهادتي
لله تعالى؛ أنّ حضرةَ الشيخ الكبير «محمّد المحمّد» من أهل الدين والتقوى
والالتزام بالطاعاتِ والأخلاقِ الحميدة، وهو صاحب شجاعة وكرم منقطعي النظير!
وشهادتي
لله تعالى؛ أنّ حضرةَ الشيخ «محمّد نهرو» يرغب رغبةً عظيمةً في توحيدِ كلمة
المسلمين في العراق، وطرح الخلافات مما بينهم، وهو رجلٌ حييٌّ مهذّب كريم شجاع
طموح، يحبّ العلم والعلماء، ويحرص على التواصل معهم وتوقيرهم، ولا أعلم عنه سوءاً
فأنصحه به!
هذه هي
شهادتي التي أدين الله تعالى بها، وما يخالفها من أقوال الناس؛ ظنون وتخيّلات لا
أعلم عن حقيقتها شيئاً البتّةَ، والله خير الشاهدين.
والحمد لله
على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق