السبت، 17 أبريل 2021

اجتماعيات (9):

فاظفر بذاتِ الدين !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

كتب إليّ أحد الإخوة الأحبّة يقول:

«سمعتُ من بعض الخطباء السلفيين؛ أنّ الزواج من المرأة الأوربيّة والأمريكيّة اليومَ لا يجوز، واستدلّ بقول الله تعالى:

(وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ (221) [البقرة].

فما رأيكم بهذا الكلام شيخَنا»؟

أقول وبالله التوفيق:

كلّ كلامٍ تعميميٍّ؛ فيه نظر!

فليست كلّ النساء غير المسلمات؛ مشركاتٍ، وليست جميعُ النساء المنتسبات إلى الإسلام مؤمناتٍ!

فعندنا في البلاد العربية المرأة الملحدةُ، والشيوعية، والاشتراكية، والعلمانية، وغير الدينيّة، والتي تقول: إنها مسلمة، لكنها لا تقومُ بالعباداتِ، ولا تلتزم بالحلال والحرام، وبعضهنّ يتطاولن بوقاحةٍ نتنة، فيقلن: الحجاب ليس من الدين، أو يقلن: ليس المهم الصلاة والصيام، إنما المهم الأخلاق!

وليست الأخلاق عندها أن تكون صادقة طاهرةً أمينةً، منتهيةً عن الغيبة والنميمة والغشّ، إنما الأخلاق عندها أن تكون ظريفةً لطيفةً!

إذنْ ليست كلّ امرأة في المجتمع الإسلامي مؤمنةً على الحقيقة!

ولأجل ما تقدّم أو بعضه أو غيره؛ فقد ابتدع علماء بلاد الشام بدعةً أكثر من حسنة، حين أرشدوا «المأذون» إلى تجديد إسلام الخاطبين قبلَ عقد نكاحهما، حتى يقع العقد صحيحاً.

فنحن عندما نعقد عقد نكاح لمنتسبَين إلى الإسلام؛ نبدأ مجلس العقد، بالتالي:

أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله (3) مرات.

برئت من كل دينٍ يخالف دينَ الإسلام (3) مرات.

اللهم إني أعوذ بك من أن أُشركَ بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه (3) مرات.

ويردّد الخاطبان هذا الكلام بصوتٍ يسمعه العاقدُ «المأذون» والشاهدان.

وسبق لي أنْ نشرتُ منشوراً يتعلّق بزواج الغربيّات، فلينظره من يريده بعينه!

أمّا هنا فأقول: أيّ امرأةٍ تنمي إلى أمة الإسلام؛ تقول: الحجاب ليس بفرضٍ والزنا ليس بحرام، وشرب الخمرة مباح، والربا مباح، وإلا انهار الاقتصاد؛ فهذه غير مسلمة، تعلّم وتحاوَر، وتُقام عليها الحجّة، فإن أصرّت بعد ذلك؛ فلا يجوز زواجُ المسلم منها.

والمسلمات اللواتي يعشن في أوربّا ملايين، ومنهنّ نخبةٌ صالحةٌ، فلم يذهب المرءُ ليتزوّج من امرأةٍ قد يكون لها تجارب جنسيّة، وقد تكون اعتادت على المثليّة؟

والعربُ في تاريخهم كلّه يبحثون عن نجابةِ الولدِ، عن طريقِ زواجهم من النساء الأصيلاتِ الطاهراتِ، اللواتي يأنفنَ من أن يلتفتنَ إلى رجلٍ أجنبيٍّ، ويرينَ أنفسهنّ أسمى وأعلى من هذه النظرة الخاطفة الآثمة!

الله تعالى يقول: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ (221) [البقرة].

فالأمة المملوكة؛ خيرٌ من الحرّة غير المسلمة!

والرسول صلّى الله عليه وآله وسلم يقول: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ:

لِمَالِها، وَلِحَسَبِها، وَلِجَمَالِها، وَلِدِينِهَا!

فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) حديث صحيح، أخرجه البخاري (5090) ومسلم (2661) من حديث أبي هريرة، وأخرجه مسلم (2662) والترمذيّ (1086) من حديث جابر بن عبدالله، وقال: حديثُ جابرٍ؛ حسن صحيح.

وقد قصّ علينا جدّي السيّد إبراهيم «أبو خالد» الحمش قال:

كان في قبيلةِ «الموالي العبّاسيين» رجلٌ فارس، لم يولَد له سوى بنتٍ واحدةٍ قبيحةِ المنظر، وكان يحمد الله تعالى على ما رزقه، ويعدّ ذلك امتحاناً من الله تعالى!

في يومٍ من الأيّام اشترك والدها في غزوة من الغزواتِ، وأظهر فروسيّة ومروءةً نادرةَ الوقوع في الحروب!

عقب انتهاء المعركة؛ سأله شيخُ عشيرةِ «الطحّان» من قبيلة النعيم: أنا أريد القربَ منك يا خُوي!

قال له: لو قلت لك ليس عندي بنيّة؛ أكون كذّاب، عندي بنيّة، لكنها لا تصلح للرجال!

فألحّ عليه شيخ الطحّان، حتى أخذه معه إلى مضاربِه، وأراه ابنته، فوافق على الزواج منها!

فأنجبَتْ له عشرةَ شبابٍ من أجملِ شباب العرب، وأعظمهم فروسيّةً وشهامةً، حتى غدا كلّ واحدٍ منهم قائدَ جيشٍ مغوار، وهو في الوقت نفسه جدُّ بطنٍ من بطون السادة الطحّانة من النعيم!

عندما أردتُ الخطوبة، عام (1971م) أصرّ والدي رضيَ الله عنه على أن يزوّجني ابنةَ عمّي، لكنّي ما كنت أشعر تجاهها إلا شعوري نحو شقيقتي، فرفضتُ رفضاً قاطعاً.

ثمّ طلبتُ منهم أن يخطِبوا لي فتاةً نعيميّةً أصيلةً، وفي الوقت نفسه أرشدتهم إلى فتاةٍ غير عربيّةٍ!

فقال لي ولدي: إذا خطبت النعيميّة؛ أدفع لك مهر (5000) آلاف ليرة سورية، وكان هذا مهرَ خمس نسوةٍ في ذلك الزمان!

وإذا خطبت هذه؛ فلا أدفع لك ليرةً سوريّةً واحدة، ولا أحضر حفلَ زفافك!

فاستغربتُ وقلت: سبحان الله، لم هذا الموقف سيدي!

قال: هذه أصيلة، تنجب لك رجالاً تفخر بهم، وبناتٍ طاهراتٍ نبيلات، على مثل أخلاقنا!

وعندما خطبتُ بنتَ الشيخ سعيد حوّى رحمه الله تعالى؛ اتّصلت بوالدي من عمّان إلى حماة، وأخبرتُه!

فقال لي: عَفيه ابني عداب عفيه! 

الآن عملت الصحّ، هذه أبوها فارس، وجدّها فارس، وأعمامُها نشامى، أحسنت!

هل يلزمك نقودٌ لأرسل إليك»؟

قال الفقير عداب:

اللهم إنّي لا أحلّ حراماً، ولا أحرّم حلالاً، لكنّ أولئك الذين يتزوجون نساءً من هذه البيئاتِ النتنة القذرة، ويقولون: نصلحهنّ بعد الزواج!

قد ينجبن لهنّ أولاداً من سقطِ المتاعِ، وبناتٍ واهناتٍ همهنّ الدنيا والشهوات!

في عام (1991) زارني والدي في الأردنّ، وحدثني أنه اشترى لي منزلاً قديماً، لكنه يحتاج إلى ترميم كثير، فأعطيته المبلغَ الذي طلبه، ثمّ حولت إليه مبلغاً ثانياً، ثم حوّلت إليه مبلغاً ثالثاً فيما أحسب، حتى اكتمل البيت!

عندما نَزلَتْ بناتي إلى حماة، عام (2006م) ظننّ لهنّ في حماة بيتاً، لكنّ قريبتي ساكنة البيتِ مجّاناً، رفضت تسليمهنّ البيتَ، فاستأجرنَ بيتاً، وسكنّ فيه!

منذ أربعة أيّام ذهبَتْ إحدى بناتي إلى تلك القريبةِ، من أجل أمرٍ يتعلق بالميراث، فشاهدت البيت، وأعجبها جدّاً!

تصوّروا على ماذا حزنت بنتي لأنّهنّ لم يتمكنّ من حيازة هذا البيت؟!

والله على ما أقول شهيد!

قالت لي: «ما شاء الله يا أبي هذا بيت رائع!

ووصفته لي، وتابعت:

هذا البيت يصلح أن يكون «معهد عداب الحمش للعلوم الشرعيّة» أو قالت: «لتحفيظ القرآن الكريم»!

نحن بناتك جميعاً خريجات شريعة، فما أجمل أن نجعل هذا البيتَ صرحاً لتعليم كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم، في موطنٍ، هو في أمسّ الحاجةِ إلى نشر العلوم الدينية والأخلاق»!

هل تفكّر المرأة الأوربيّة، والمرأة الملحدة، والمرأة المترفة بمثل هذا التفكير؟

احرصوا على الزواجِ من المؤمنات الطاهراتِ التقيّات الأصيلاتِ، حتى ينجبن لكم أولاداً طاهرين نبلاء، يكون همهم إرضاءَ الله تعالى، وحملَ همِّ الإسلام، وحملَ همّ الدعوة إلى الله تعالى!

امرأة سافرةٌ حالمةٌ طامحة لعوب، لن تنتج ولن تربي لكم، إلا أناساً، أحسنُ ما يتطلّعون إليه هو الدنيا والشهوات!

والله المستعان

]رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً

والحمد لله على كلّ حال. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق