الجمعة، 9 أبريل 2021

 قَريباً مِن السِياسَةِ (3):

إلى قادةِ الدولِ العربية!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

أصحابَ الجلالةِ والفخامة والسموّ، قادةَ البلاد العربيّة الحاكمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحيّةً طيّبةً من عند الله مباركة.

أمّا بَعدُ:

بمناسبة اقتراب قدوم شهر رمضان المبارك؛ أتقدّم من شخوصكم الفخيمة!

ومن خلالكم إلى شعوب الأمّة العربية بأكرم التهاني والتبريكات، سائلاً الله تبارك وتعالى أن يُصلحَ من شؤونِكم، وأن يُسدّد خطواتِكم، وأن يلهمكم الإنابةَ والتقوى وأن يجعلكم سبباً في هدايةِ وسعادةِ شعوبكم المسلمة، التي تنتظر منكم الكثيرَ الكثيرَ من أمورِ الدينِ والدنيا والآخرة.

أيها القادةُ المسلمون:

جعلَ الله تبارك وتعالى  شهرَ رمضانَ المباركِ أعظمِ شهور السنة، وخصّه بخواصّ ليست لغيره من شهور السنةِ!

- ففيه كانت بدايةُ رسالةِ الرسولِ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم، بنزول أوّل آية من القرآن العظيم عليه:

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).

- وفيه يقومُ المسلمون بفريضةِ الصيام، إحدى الفرائض العمليّة الأربعِ الكبرى في دين الإسلام (الصلاة والصيام والزكاة والحجّ).

- وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، ليس فيها تلك الليلة!

(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) [القدر].

- وفيه كان جبريل يدارس الرسولَ عليهما الصلاة والسلام القرآنَ الذي انقضى نزولُه في كلّ سنة سالفة.

- وفيه يتفقّد بعضُ المسلمين بعضاً بالنفقة والمساعدة للمعونة على القيام بهذه الفريضة التربوية الجليلة.

وأنتم معاشرَ حكام الدول العربية؛ تعيشون حياةَ الرفاهية والجِدَةِ، وأكثر شعوبكم تعيش الفقرَ والمرضَ والجهلَ، وهي أحوج ما تكون إلى ضروريّات الحياة.

وإنني أوصيكم بوصايا ثلاثٍ، أسأل الله تعالى أن يشرحَ صُدورَكم إلى قَبولِها:

- الوصيّة الأولى: أن تتوبوا إلى الله تعالى توبةً نصوحاً، وتعاهدوه على الالتزام بدينه وأحكام شريعته، وأن تعاملوا شعوبَكم مثلما تعاملون أبناءكم، فليس لأولادكم عند الله تعالى حقّ إضافيّ لأنهم أولاد القادة!

وأن تُقلعوا عن الفتن والمؤامرات، من بعضكم على بعضٍ؛ فإنّ ضررَ هذا يعودُ عليكم قبلَ عودِه على شعوبكم، إضافةً إلى أنّه يجعلكم ضعفاءَ بين القادةِ، لا يُحسبُ لكم حسابٌ، ولا يُلتَفتُ إلى مصالحكم.

(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) [الأنفال].  

- الوصيّة الثانية: أن تنظروا في أحوال الموظفين الصغار، فتمنحوهم علاوةً إضافية تعينُهم على أداء عبادة الصيامِ بيسر وراحة، مما يعود عليكم بدعائهم ومزيدٍ من طاعتهم، فضلاً عن رضوانِ الله تعالى عليكم.

ولا تنسوا العمّالَ الذين يَحصلون على أقواتِ أولادهم يوميّاً، فهؤلاء هم الطبقة الأجدر بصَرفِ الزكوات والصدقات إليها.

- الوصيّة الثالثة: أنْ تُعنَوا عنايةً فائقةً بالقرآن العظيم، وتجعلوه ثقافة شعوبكم قرآنيةً:

- فتجعلون مادّةَ ترتيل القرآن وتجويده، مفردةً.

- وتجعلون مادّةَ آيات العقيدةِ والدعوةِ، حفظاً وتفسيراً، مفردةً.

- وتجعلون مادّة آيات الأحكام، حفظاً وتفسيراً، مفردةً.

- وتجعلون مادّة التفسير بالمأثور مفردةً.

- وتجعلون مادّةَ التفسير التحليليّ مفردةً.

- وتجعلون مادّة التفسير الموضوعيّ مفردةً.

- وتجعلون مادة التفسير العلميّ (في الأنفس والآفاق) مفردةً.

وتجعلون ذلك كلّه إلزاميّاً على جميع فروعِ الدراسة، ابتداءً من الصفّ الأوّل الثانويّ، وحتى نهايةِ المرحلة الثانويّة.

وأن تخصّصوا مكافآتٍ تشجيعيّةً لمن يحفظ ربعاً من القرآن العظيم، ولمن يحفظ نصفه، ولمن يحفظ جميعَ القرآن العظيم، مع إتقان روايةٍ من روايات القراءات الصحيحة.

أيها القادةُ الكبار:

إنّ رضا أمريكا والغرب والشرق والشمال والجنوب عنكم؛ لا يساوي عند الله تبارك وتعالى، إلا مثلَ رضا أبي لهبٍ وأبي جهلٍ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وإنّ هوانَكم وهوانَ شعوبكم على هذه الدول والكيانات السياسيّة؛ هو بسبب بعدكم عن دينكم الحقّ من جهةٍ، وبسبب تفرّقكم، وتبديد إمكاناتِ بلادكم، وطاقات شعوبكم، من جهاتٍ أُخَر.

ومتى كانَ لديكم إيمان عميقٌ وتقوى وإرادةٌ وعزيمةٌ؛ ستتنازلون عن مطامعكم الشخصيّة، وتتوحدون على الحقّ، وتقدّمون الأكفأ والأتقى، وتكونون له أعواناً على الخير.

أسألُ الله تعالى لي ولكم الهدايةَ والرشادَ، والتوفيقَ إلى طاعته ومرضاته.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق