السبت، 19 مارس 2022

       مَسائل حديثية (27):

مشروع وَليّ العَهد السعوديّ للحديثِ النبويِّ!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

عقب مقابلة ولي عهد السعوديّة محمد بن سلمان، مع مجلّة (أتلانتك) هاج المغرّدون وماجوا، واتّهموا وفنّدوا، وجميع الذين قرأت لهم، لا هم في العير ولا في النفير، إنما هم يتناولون المسألة، من جهة كراهيتهم لابن سلمان، ومواقفهم السياسيّة منه!

فطلب عددٌ من قرّائي رأيي في هذا المشروع الهادمِ للسنّةِ، على حدّ قولهم!

أقول وبالله التوفيق: استمعتُ إلى عددٍ من مقاطع الفيديو، التي تهاجم مشروعَ محمد بن سلمان الحديثيّ!

وقد بحثت على الإنترنيت طويلاً، عساي أجد منشوراً يعرّف بهذا المشروع، أو بأعضاء اللجنة العلميّة القائمة بتنفيذه، فلم أُفلح، ربما لضعفي في مجال علوم الحاسوب!

وحتى نطبّق قولَ الله تبارك وتعالى:

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ، شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ!

وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا.

اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.

وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)  [المائدة].

لا يخفى على أحدٍ من متابعيِّ؛ أنني من أكثر الناس بُغضاً لآل سعود، ومن أعرف الناس بأنهم لا دين لهم، وأنهم عملاء للغرب، منذ بداية نشأتهم في القرن الثاني عشرَ الهجريّ، وإلى يوم الناس هذا!

بيدَ أنّ هذا لا يسوّغ لنا الكذبَ عليهم، وتقويلَهم ما لم يقولوا!

فابن سلمان لم يقل: إنّه يريد هدم السنّة النبويّة، فكيف نتّهمه بذلك بالوهم؟!

وابن سلمان لم يقل: إنه يريد إلغاء الأحاديث المتواترة!

وابن سلمان لم يقل: إنّه قرآنيّ، سيقتصر في التشريع على القرآن، فهو لا يطبّق القرآن، ولا يطبّق الحديث، ولا حتى فقه الحنابلة!

أمّا عن رأيي بمشروعه؛ فيتلخّص بالنقاط الآتية:

- ابن سلمان شابٌّ جاهل بعلوم الشريعة، وبغير علوم الشريعة، فهو لن يقوم بنقد الأحاديث النبوية، ولا الروايات التاريخيّة؛ لأنّه لا يحسن قراءَتَها، فضلاً عن نقدها.

- في السعوديّة علماءُ حديثٍ كبارٌ، ونقّادٌ بارعون، أظنّ ابن سلمان أوكل إليهم، أو إلى بعضهم هذه المهمّة؛ ليكون لمشروعه هذا قيمةٌ علميّة، في نظر أهلِ العلم، على الأقلّ!

- نحن لا نعرفَ أعضاءَ لجنة توثيق الأحاديث النبويّة، ولا نعرف عنهم شيئاً، ولا نعرف عن منهج النقد الحديثيّ شيئاً، ولم نرَ من إنتاج هذه اللجنة أيَّ حديثٍ نقدَتْه وأظهرته للخلق!

فلا أدري كيف يقوم أناسٌ يتصدّرون مواقع التواصل الاجتماعيّ، فيدلون بآرائهم في هذا المشروع، ويتّهمون ابن سلمان بأنه يريد إلغاء الأحاديث المتواترة، فضلاً عن غيرها؟ لا أدري والله كيف يضعون أنفسهم في خانة الجهّال والمفترين، وهم أنفسهم لا يحسنون نقدَ حديثٍ واحد!

- مهما تكن نتائج عمل هذه اللجنة؛ فسيكون فيها خيرٌ كبيرٌ؛ لأنّ هؤلاء العلماء المحدّثون النقّاد، إنْ أُجبروا - جدلاً - على تَسويةِ الأحاديثِ السياسيّة على وَفقِ هوى محمّد بن سلمانَ؛ فهم لن يَجرؤوا قطعاً على تضعيف الأحاديثِ التي تحرّم الزنا واللواط والربا والكذب والغشّ!

ولن يقوموا تحت أيّ وجهٍ من وجوه الضغط؛ بإحلال الحرام، وتحريم الحلال!

فلننتظر حتى يَصْدُر هذا العملُ الحديثيّ (توثيق الأحاديث النبويّة) أو يصدر جزءٌ منه!

عندها ننظر في المنهج النقديّ النظريّ، والمعايير العلميّة التي اعتمدوها، في تقويمهم للأحاديث والروايات الواردة في نطاق عمل المشروع، ثمّ لننظر في تطبيقاتِهم النقديّة على الأحاديثِ!

يومَها فحسب، نستطيع أن نقول: هذا المنهج صحيح، أو هو خاطئ، أو هو صوابٌ في هذه المعايير، وخطأٌ في هذه المعايير، صوابٌ في هذه التطبيقات، وخطأٌ في تلك!

أمّا أن أعطي رأيي بشيءٍ مجهولٍ لديّ، وأحاسب على النوايا المتوقّعة؛ فليس هذا من دين الإسلام، ولا هو من خُلقي وسلوكي!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.  

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق