قَريباً من السياسة (19):
كيفَ تجدُ الحلَّ في سوريّا؟!
بسم اللهِ الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا،
وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا،
وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
تَواصل معي أحد الإخوةِ،
فلم أردّ عليه؛ لأنني أعاني من صداعٍ شديدٍ وضغط على عينيّ كلتيهما، فكتب إليّ
يقول:
«إذا كنتَ قلت في منشورك
اليوم: إنك معارضٌ للنظام، ومعارضٌ للمعارضة السوريّة؛ فكيف تتصوّر الحلّ هناك؟
فقد ضاق الناس ذرعاً، ويزدادون ضجراً وحقداً وجهلاً وضياعاً!؟
أقول وباللهِ التوفيق:
رضي
اللهُ على سيّدنا الإمام عليّ، فقد قال: «قالت قريشٌ: إنّ ابن أبي طالبٍ رَجلٌ
شُجاعٌ، ولكنْ لا عِلْمَ له بالحَرْبِ، يعني بفنونها!؟
لله
أبوهم!!
وهل
أحدٌ منهم أشدُّ لها مِراساً، وأقدمُ فيها مُقاماً منّي؟!
لقد
نَهضتُ فيها، وما بلغت العشرينَ، وها أنا ذا قَد ذَرّفتُ على الستين!!
ولكنْ: «لا رَأيَ لِمَنْ
لا يُطاعُ»!؟
فإذا كان الإمامُ عليه
السلام، يشكو من أنّه لا يُطاعُ، أفيطاعُ عداب؟!
هذه واحدة!
والثانية: إنّ المعارضةَ
اليائسة البائسة؛ تابعةٌ لأسيادٍ كثيرين، فهي ليست ذاتَ رأيٍ واحدٍ، ولا هي ذاتُِ
قائدٍ واحد، بل إنّ قاداتها الساسة، وقياداتها العسكريين؛ يبلغون المئات، وبعضهم
لا يعرفني، وإن عرفني؛ فليس ورائي جيش جرّار، ولا لديّ مليار دولارٍ في الحدّ
الأدنى، وبالتالي، فليس لكلامي أدنى قيمة!
مَرّت فترةٌ يسيرةٌ تولّيت
فيها قيادةَ كتيبةٍ مجاهدة في لبنانَ، وكان من أهمّ مآربي من تَولّي هذا المنصب؛
أن أجمع بينه وبين الجماعة الأمّ «الجماعة الإسلامية» بقيادةِ الأستاذ «فتحي يكن»
رحمه اللهُ تعالى!
حَدّثتُ الأستاذ فتحي
بهدفي هذا؛ فسرّ كثيراً، ودعاني عدّة مرّاتٍ لاجتماع مجلس الشورى، ومجلس القيادة،
ولكني رفضتُ رفضاً باتّاً!
كان الرجل يستقبلني بغاية
الحفاوة، ويخصّص لي وقتاً للانفراد به، حتى تمّ ذلك الهدفُ، وبايع مجلس شورى
الكتيبة الأستاذ «فتحي يكن» وَفقَ ترتيباتٍ محدّدة، سوى أخٍ واحدٍ، فإنه رفض
مبايعةَ الأستاذ فتحي، كما رفض الانضمام إلى الجماعة الإسلاميّة!
عقبَ يومين من هذا
الاتّفاق؛ انقلب عددٌ من أعضاء مجلس شورانا على الاتّفاق، وتفرّق الجمع!
فقدّمت استقالتي، وبقيت
وحدي، ليس معي سوى ثلاثة تلامذة!
دخلتُ مرّةً إلى مركز
الجماعة الإسلاميّة في طرابلس الحبيبةِ، واستأذنت على الأستاذ فتحي، وحين دخلتُ
إليه؛ سألني سؤالاً، فأجبته بكلّ شفافية، ثمّ سألته سؤالاً، فغضب وقال لي بالحرف
الواحد:
«أنت مَنْ، ليش أنت مَن
حتى تسألَ مثلَ هذا السؤال، قل لي: أنت مَن؟
من الجيّد أن يعرف الإنسان
قدرَ نفسه» فتركته وخرجت!
وهكذا شأنُ جميع الحزبيين،
من إسلاميين وعلمانيين وشيوعيين، وغيرهم [قبّح اللهُ أحزاب الفُرقَة كلّها]!
والثالثة يا عزيزي
الفاضلُ:
إنّ سوريّا الحبيبة
محتلّة، أقبح احتلالٍ عرفه التاريخ!
فقسم منها يحتلّه النظام!
وقسم منها تحتلّه داعش!
وقسم منها تحتلّه النصرة!
وقسم منها تحتلّه بقية
الفصائل الوهابيّة!
وقسم منها يحتله الجيش
الوطنيّ المعارض، برعاية تركيّة!
وقسم منها يحتّله ملاحدةُ
الأكراد!
وقسم منها تحتلّه إيران!
وقسم منها تحتلّه الفصائل
الرافضيّة!
وقسم منها تحتلّه أمريكا!
وقسم منها تحتلّه روسيا!
فمَن سيمع لمَنْ؟
لا أظنّ لدى النظام حلّاً
سوى الدم!
ولا أظنّ لدى المعارضة
حلّاً سوى الدم!
ولولا الدول الخارجيّة
المحتلّة، وما بينها من تعارضٍ وتناقضٍ في الأهداف، وفي المواقف؛ لأفنى النظام
والمعارضة بعضهما بعضاً!
فالحلّ الماديّ - يا صديقي
القديم - بيد أمريكا أوّلاً، وروسيا ثانياً، وإيران ثالثاً، وتركيا رابعاً.
والحلّ الأعظم؛ لا أعلمُ أحداً يريده، هو الحلّ الإلهيّ!
الحلّ الإلهيّ أوّل
خطواته؛ الوحدة على التقوى!
وثانية خطواته، التحرّر من
التبعيّة لأيّ أحدٍ، سوى اللهِ تعالى.
وثالثة خطواته؛ التوبة
النصوح!
ورابعة خطواته؛ الحدّ
الأدنى من العلم الشرعيّ.
وخامسة خطواته؛ الامتناع
التامّ عن المحرّمات.
وسادسة خطواته؛ المحافظة
على الفرائض.
وسابعة خطواته؛ المحافظة
على تلاوة القرآن الكريم على الدوام.
وثامنة خطواته؛ المحافظة
على قيام الليل.
وتاسعة خطواته؛ الاستغفار.
وعاشرة خطواته؛ التسبيح.
وحادية عشرة خطواته؛
الصلوات والتسليمات الكثيرة على الرسول صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم.
وأخيراً؛ الخروج بقيادةِ
سماحة مفتي البلاد، حاسرين الرؤوسَ، دامعينَ العيون، إلى البراري والفلوات، لاجئين
إلى اللهِ تعالى بالدعاء والضراعة، وسيستجيب لنا اللهُ تعالى برحمته حتماً!
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ، فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ
لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42).
فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ
بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا !!
وَلَكِنْ قَسَتْ
قُلُوبُهُمْ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)
[الأنعام].
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ
الرُّسُلُ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا؛ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا !!
فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ،
وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) [يوسف].
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا؛ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ،
وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65).
وَلَوْ أَنَّهُمْ
أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ؛
لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ !!
مِنْهُمْ أُمَّةٌ
مُقْتَصِدَةٌ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66).
يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ:
بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ
إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ؛ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ !!
وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ
النَّاسِ، إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) [المائدة].
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى اللهُ على
سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد لله على كل حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق