مَسائلُ فِكريّةٌ:
قيمَةٌ الحَياةِ الدنيا !؟
بسم الله الرحمنِ الرحيم
(الْحَمْدُ للهِ،
وَسَلامٌ علَى عِبَادِهِ الذينَ اصْطفَى).
أمّا
بعد: في الفِكْرِ الإسلاميِّ؛ خَلقَ الله تعالى الإنسانَ الأوّلَ «آدم» عليه
السلام، مؤمناً بربّه تعالى، مُطيعاً له، محقّقاً المنهاجَ الذي اختاره له ولبنيه
من بعده، منيباً إليه تائباً من ذنبِه، إذا أخطّا.
قال
الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ: اسْجُدُوا لِآدَمَ، فَسَجَدُوا،
إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116).
فَقُلْنَا يَاآدَمُ: إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ
وَلِزَوْجِكَ، فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117).
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى
(118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119).
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ، قَالَ يَاآدَمُ:
هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا
مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ
وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121).
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ، فَتَابَ عَلَيْهِ
وَهَدَى (122).
قَالَ: اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا، بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ!
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى، فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ؛ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123).
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي؛ فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنْكًا، وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ:
لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى، وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ: كَذَلِكَ أَتَتْكَ
آيَاتُنَا، فَنَسِيتَهَا، وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي
مَنْ أَسْرَفَ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ، وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ
وَأَبْقَى (127) [سورةُ طَه].
فمنذ اليومِ الذي خلقَ الله تعالى فيه آدم، علّمه
أسماءَ موجودات عالمه، وعلّمه الإيمانَ والهدى، وحذّره من العصيانِ والهوى، وإنْ ضَعُفَ
أو غَفَلَ؛ علّمه التوبة والإنابة!
الحياةُ الدنيا في الفكر الإسلاميّ؛ تقابلُها
الحياةُ العليا، ويُعّبر القرآن الكريم عنها بكلمة (الآخرة) غالباً.
قال الله تعالى:
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا
تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ
وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ (185) [آل عمران].
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ
وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ،
وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ (20).
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ، ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَاللهُ
ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) [الحديد].
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا
فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
(212) [البقرة].
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ
النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ
مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ
بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ
وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ، وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) [آل عمران].
(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا
تَعْقِلُونَ (32) [الأنعام].
والعنوان الأشهرُ للحياةِ العليا في القرآن الكريم؛
هو الآخرة، كما تقدّم.
قال الله تعالى:
(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا
مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي
الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) [البقرة].
(فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ
الْحِسَابِ (202) [البقرة].
(فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ
ثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) [آل عمران].
والحياةُ الدنيا بالنسبة للآخرةِ؛ مَتاعُ قليلٌ، لا
يجوز لعاقلٍ أن يُضيع الآخرةَ العظيمةَ الكبيرةَ الممتدّةَ، من أجل أيّام قليلة
فانية!
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: مَا لَكُمْ إِذَا
قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ
أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) [التوبة].
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي
الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) [الرعد].
لا بل إنّ الحياةَ الدنيا بجميع ملذّاتها
وجماليّاتها؛ لا تساوي يوماً واحداً من أيّام الآخرة، وإنّ أيّامَ الآخرة ذاتها
تتفاوتُ ما بين ألف سنةٍ، إلى خمسين ألفَ سنة!
قال الله تعالى:
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ
اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ
(47) [الحجّ].
(سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)
لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ
الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ
أَلْفَ سَنَةٍ (4) [المعارج].
لو افترضنا متوسّط عُمُر الإنسان مائة سنة، عاشها
كلّها في نعيم وعافية ورفاهية، بيد أنّه لم يكن من المؤمنين الصالحين، وجاء أدنى
يومٍ من أيّام الآخرة (كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) فيكون قد سَعِدَ
يوماً، وشقيّ وخسر تسعةَ أيّام، وذلك خسرانٌ فظيع!
فإذا جاء يومُ الحسابِ، الذي (كَانَ مِقْدَارُهُ
خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) فيكون قد سَعِد يوماً، وشقي وخسر (4990) يوماً، ثمّ
ماذا؟ ثم يكون الخلود إمّا أو !
(يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ
وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [التوبة].
(إِنَّ الله َلَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ
لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا
نَصِيرًا (65) [الأحزاب].
وقد بيّن القرآن الكريمُ أنّ الله تعالى جعل هذه
الحياةَ الدنيا محطّةَ تأهيلِ البشر للحياة الآخرةِ الخالدة.
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ
فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا
مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) [الإسراء].
وقد أرشدنا اللهُ تعالى إلى ذلك بوضوحٍ تامّ،
ورغّبنا بأنْ نجعل لأنفسنا في هذه الدنيا زاداً ندّخره إلى الحياة الآخرة.
قال الله تعالى:
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ
الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ
إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ
الْمُفْسِدِينَ (77) [القصص].
ويحسن أنْ أنبّه إلى أنّ القول المشهور (اِعْملْ
لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعْملْ لآخرتك كأنّك تموت غدا) ليس إسناده بصحيح!
وشطرُه الثاني صحيح المعنى تماماً.
قال الله تعالى:
(لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، حِينَ لَا
يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ، وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ، وَلَا هُمْ
يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ
رَدَّهَا، وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40) [الأنبياء].
وأمّا شطرُه الأوّلُ؛ فله محملان، أحدهما صحيح، وهو
مثل قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم (إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمْ الْقِيَامَةُ،
وَفِي يَدِهِ فَسيلَةٌ؛ فَلْيَغْرِسْهَا) أخرجه أحمد (12902) وإسناده صحيح.
فإذا غدا واضحاً لديك - أخي القارئ الكريم - وظيفةُ
الحياةِ الدنيا وقيمتُها في الفكر الإسلاميّ؛ فعليك أن تبحث في القرآن الكريم عن
قيمة الحياةِ الدنيا لدى غير المسلمين، وغير المسلمين جميعهم كفّار بالله العلي
العظيم!
قال الله تعالى:
(وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا
وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ
قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا
الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30) [الأنعام].
وقال تبارك وتعالى على لسان الكافرين:
(وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ
إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ
تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا
تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا
نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) [المؤمنون].
وقال جلَّ وعزّ:
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ، وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ
عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ، أَفَلَا
تَذَكَّرُونَ (23) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ
وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ
إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) [الجاثية].
هؤلاء الكافرون الذين لا يؤمنون بالآخرةِ، ولا
يؤمنون بالثواب والعقاب؛ ينحصر تفكيرُهم في هذه الحياة الدنيا وزينتها، ويتنافسون فيها
على العلوّ والمتاع.
(وَعْدَ اللهُ، لَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) [الروم].
مِن هنا كان الاختلاف بين المؤمنين والكافرين
عميقاً بعيداً، فالحياة الدنيا بالنسبة للمؤمن خُطوةٌ واحدةٌ من خطواتِ الحياةِ
الخالدةِ، بينما هي الحياة كلّها بالنسبة للكافرين!
ومن ههنا أيضاً ترى الكافرَ يَقتل ويغدر ويفجر
ويفتري، من دون أدنى وارزع أخلاقيّ، إذ إنّه اتخذَ إلهه هواه.
ومن ههنا أيضاً تبرز صعوبةُ حياةُ المسلم بجوار
حياةِ الكافر، إذ المنطلقاتُ مختلفةٌ، والأهداف مختلفةٌ، والوسائل لدى المسلم
منضبطة، وهي لدى غيره مرسلة لا يقيّدها سوى مصلحته ومنفعته الدنيوية.
ولهذا أدعو دائماً إلى عزلِ العلمانيين مع غير
المسلمين في محافظة واحدةٍ، بعيدين عن أهل الإسلام، حتى لا يؤثّروا على أخلاقِ العوامِّ
فيفسدوهم، وحتى يُبعد المسلمون عن أنفسهم ظُلمةَ الكفر والضلالِ وغضبَ المقتدر
القهّار.
والله تعالى أعلم.
والحمدُ لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق