مَسائِلُ مِن الفِقْهِ والأُصولِ:
لَنْ تُسبَى زينب مرّتين!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
كتب
إليّ أحد الإخوةِ المعتدلين من الشيعةِ يقول: «قتل
الإرهابيّون في سوريّا مسلماً بريئاً لأنّه شيعيٌّ فحسب!
قلت
له: وما الذي جاء بهذا الشيعيِّ من إيران ليشاركَ في قتل مليون مسلمٍ بريءٍ؛ لأنهم
من أهل السنّة فحسب؟
قال:
هم جاؤوا لحماية المراقد المقدّسة - قبر السيدة زينب، وقبر السيّدة سكينة!
قلت
له: كان مرقد السيدة زينب موجوداً قبل حكم آل الأسد عام (1970)؟
قال:
طبعاً كان قبل ذلك بمئات السنين!
قلت
له: مَن كان يحميه قبل حكم (آل الأسد)؟
قال:
الله تعالى كان يحميه!
قلت
له: وهل تخلّى الله تعالى عن حماية قبر زينب وقبر سكينة وقبر عاتكة... وو وأوكل
ذلك إلى حافظ الأسد وابنه بشّار؟
أيها
الإخوة الكرام: العالم والمثقّف والجاهلُ؛ كلّ واحدٍ منهم في الشريعة والقانون
مسؤولية أفعالِه، بمعنى آخر: إذا قتل العالم مثل إذا قتل المثقف، مثل إذا قتل
الجاهل!
لأنّ
حرمةَ القتلِ من المعلوم من الدين بالضرورة.
الشيعة
الرافضة في إيران وغير إيران احتلّوا سوريّا قرابةَ نصف قرنٍ من الزمان، وقتلوا
إبّان ثورة الشعب على النظام النصيريّ الطائفيّ المجرم، عام (2011) فما بعد قرابة
مليون مسلم سنيّ، وقتلوا من «الإرهابيين القاعدة» أكثر
قليلاً من ألف رجل!
نحن
السوريين كلّنا لا نقبلُ ولن نقبلَ في المستقبلِ بدينكم الرافضيّ المغالي أبداً،
ولن نسمح بتمدّده وانتشاره في بلادنا، بأيّ وسيلة مشروعة ممكنة؛ لأنّه ليس بدين
الله ولا دين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم البتّة، هكذا أنا أعتقد، فضلاً
عن السوريين الذين يرفضون كلمة «التشيّع» من أصلها، بل هي عندهم تهمة!
ثمّ
مادمتم تعظمون دولكم وأنظمتكم الظالمة الفاسدة؛ فالزموا حدودَكم، وانشروا رفضكم في
بلادكم، وقدّسوا هذه القبورَ وتلك الأضرحة، كما تشاؤون، أنا والسوريون جميعاً معي؛
نعتقد أن تعظيم القبور حرام، ونعتقد أنّ تشييد المقامات والأضرحة حرام، ونعتقد أنّ
هدمَ هذه المقامات والأضرحةِ مندوبٌ إليه، وعلى وليّ أمرِ المسلمين أن يقوم بهدم
جميع القبور المرتفعة، وتسويتها بالأرض، ونعتقد أنّ زيارة القبر تكون للعبرة
والعظة والدعاء لصاحبه ولمحبّته أيضاً، وليس في ثواب زيارة القبور، من هذه
الروايات المبالغ فيها أيّ حديث صحيح!
بل
حتى زيارة قبرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم؛ لا يصحّ أيّ حديثٍ في بيان
ثوابها أصلاً.
جاء
في المكاسبِ المحرّمة للسيّد الخميني (مسألة (171): «ولعلّ أمره صلّى الله عليه
وآله وسلم بهدم القبور لأجل تعظيم الناسِ إيّاها بنحو العبادة للأصنام.
وكانوا
يَسجدون عليها، كما يُشعر به بعضِ الروايات الناهيةِ عن اتخاذ قبر النبي صلى الله
عليه وآله قبلة ومسجداً.
فعن
الصدوق قال: قال النَبيُّ صلّى الله عليه وآله: (لا تَتخذوا قبري قبلةً ولا مَسجداً؛
فإنّ اللهَ عزَّ وجلَّ لعن اليَهودَ حيثُ اتّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ)
ويَشهد
له بَعْدُ: (بعثُ رسول الله صلى الله عليه وآله أميرَ المؤمنين لهدمِ القُبورِ،
وكسرِ الصُوَر «التماثيل» لكراهَةِ بَقائهما» انتهى.
وسئل المرجع الدينيّ أبو القاسم الخوئيّ: «سؤال (175):
هل يجوزُ بناءُ القُبورِ أرفعَ مِن أربعِ أصابِعَ، أو شِبرٍ، أو ذِراعٍ»؟
فأجاب السيّد الخوئيّ: «نَعمْ على كراهةٍ في الأخيرَين».
فأهل السنّة والشيعة والإباضيّة متّفقون على أنّ القبرَ
لا يرفع عن الأرض أكثرَ من أربع أصابع، أو شبر!
فلنفترض أنّ ثوّار سوريّا الرافضين لدين النصيريّة
ودينكم الرافضيّ هدموا قبر زينب، أو هدموا قبر سكينة، أم هدموا قبر عاتكة، أم
هدموا قبر حافظ أسد وقبّته اللعينة، من دون نبشٍ، ولا رمي نجاسةٍ عليه، فهل عليهم
من إثم؟
إذا أذن لهم قائدهم بذلك؛ فليس عليهم في ذلك أيّ
إثم!
هذا الحكم الشرعيّ عند عداب الحمش!
أمّا الحكم المصلحيّ، فيقول غير ذلك!
الحكم المصلحيّ يقول: ما دامت النفوس غاضبة، وما
دامت القلوب تغلي بالأحقاد والغضب والإحباط؛ فننصح إخواننا المجاهدين بأنْ لا
يلتفتوا إلى مثل هذه الأمور أصلاً، وأن يبتعدوا عن أيّ أمرٍ يثير الحساسيةَ وزيادةَ
الفرقة في المجتمع السوريّ.
وعليهم أنْ لا يَقتلوا أحداً من أسرى النظام، أو
أسرى الرافضةِ المستوردين من كلّ بقاع الأرض، حتى لو قتلَ أحدهم واحداً منكم أمامَه،
إنما يسجنونه ويطعمونه ويسقونه ويدفؤونه، حتى تسكن الثائرةُ، وتضع الحرب أوزارَها،
عندها يعرض هؤلاء الأسرى المجرمون على المحاكم الشرعيّة، وما يحكم به القضاءُ
تنفّذه السلطة التنفيذيّة، والسيّدةُ زينبُ لم تسبَى، ولن تُسبى مرّةً ولا مرتين.
والله تعالى أعلم.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق