السبت، 14 أغسطس 2021

اجتماعيات (٢5):

هل ينقلب الحبُّ إلى كراهية؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

عقب منشور «الهجر الجميل» جاءتني تساؤلات عديدة، ينصبّ أكثرها حيالَ انقلاب الحبّ إلى بُغضٍ، وانقلاب الصداقةِ إلى عداوة!

أقول وبالله التوفيق:

إنّ مما لا شكّ فيه أنّ لتغيّر الطرف المقابلِ أثراً كثيراً في استمرار المحبة، أو انقطاعها، في ازديادها، أو نقصانها.

فإذا كان الإنسان حبيبك ملتزماً بدينه، يعاملك بأدب واحترام؛ فإنّ سلوكه هذا يزيدك محبّةً به!

أمّا إذا انقلب حبيبك هذا من مسلمٍ إلى ملحدٍ، أو إلى علمانيّ، أو إلى زانٍ، أو لوطيّ؛ فإن سلوكه الشائنَ هذا، يوجب عليك فصم عرى المحبة والصداقة معه.

وأنا الفقير شخصيّاً، أستطيع أن أتجاهل تعاطي الدخان والخمرة والحشيشة، إذا تاب صديقي القديم، ورجع إلى الصراط المستقيم، لكنني من المحالِ أن أتقبّل صديقاً أو حبيباً تعاطى الزنى واللواط، ثمّ تاب، بل من المحال أن أسمح له بدخول بيتي، إذا ترجّح لديّ أنه كان كذلك!

أمّا ما دام الصديق أو الحبيب في دائرة الإسلام، وما دام مجانباً للكبائر؛ فلا أجد نفسي تتقبّل أنّ من أحببته وبحت له ببعض أسراري؛ يغدو بغيضاً أو عدّوا لي!

نعم قد أغضب منه، وقد أحزن من بعض تصرفاته، وقد أجد من المناسب هجره، لكنني أبداً لا أتّخذه عدوّاً أو خصماً لي، خاصّةً من عشت معه لحظاتِ صفاءٍ، فأكرمني، واستضافني، وتناولت من زاده.

وأظنّ قولَ الإمام عليّ عليه السلام «أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا ما، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَا! وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا ما، عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا» أخرجه الترمذيّ في البرّ والصلة (1997) والبزّار في مسنده (9883) والبيهقيّ في شعب الإيمان (6171).

وقال الترمذيّ هنا، والدارقطنيّ في العلل (1436): «لا يصحّ رفعه إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّحِيحُ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام، مَوْقُوفٌ قَوْلُهُ».

أظنّ قولَ الإمام عليه السلام؛ ينصرفُ إلى التغيّر الناتجِ عن تبدّل حال المحبوب من الحقّ إلى الباطل، والعكس.

وقد يظنّ بعض الناس؛ أنّني أبغض نسائي اللواتي طلّقتهنّ، أو أنهنّ هنّ يبغضنني أيضاً؛ وهذا باطل وحَيدةٌ عن الصواب!

ومن المناسب قوله هنا: إنني لم أتزوّج أيّ زوجةٍ من زوجاتي الخمس، من بعد حبٍّ سابق!

بل إنني خطبت إحداهنّ، وقلت لوالدها: لا أريد حتى أن أراها، حتى لو كانت برميلاً، فوقه بطّيخة؛ فأنا قابل بها!

المرأة الوحيدةُ التي تَزوّجت بَعدَ طلاقها مني، ما زالت تعيش في إحدى دول الخليج مع أولادها، وقد توفي زوجها، الذي تزوجَتْه بعدي؛ أرسلت إليّ أكثر من رسالةِ اعتذار بأنها كانت صغيرةً، وكانت واقعةً تحت تأثير وضغط والدها.

بيد أنني آثرتُ عدم الردّ عليها!

أمّا زوجاتي الثلاثُ الأخريات؛ فلم تنقطع مراسلاتي معهنّ، ودعواتهنّ لي، ودعواتي لهنّ.

قد أكون غضبت في يومٍ من الأيامِ، من كلّ واحدةٍ منهنّ، فصدرت عني كلمة الطلاق، لكنني أبداً لا أكره واحدةً منهنّ.

ورحم الله الأديبة الشاعرة أمّ مراد، فتلك لها شأن آخر!

ورحم الله الأديبةَ الشاعرةَ أمّ الوفاء، فوفاتُها زادت سقمي وحزني!

ختاماً: المحبُّ قد يغضب، وقد يحزن، وقد يُعاقِب، لكنّه لا يبغض ولا يكره، ما دام حبيبه وصديقه مستقيماً في دائرة الإسلام.

والله تعالى أعلم

]رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً

والحمد لله على كلّ حال.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق