الأحد، 29 أغسطس 2021

المشكلة الشيعيّة (2):

أصول العقائد عند الشيعة الإمامية!؟

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

أصول العقائد عند الشيعة الإماميّة: التوحيد والعدل والرسالة والبعث والنشور والإمامة.

ولا يعنينا في المشكلة الشيعيّة؛ الكلام على التوحيد والعدل والرسالة والبعث فكلامهم في هذه الاعتقاداتِ متوافقٌ في أكثره مع مدرسة التوحيد والعدل، مدرسة آل البيت، التي يعتقد بأصولها: الزيدية والإسماعيليّة والإماميّة والإباضيّة.

إنّما يعنينا هنا أصلُ الإمامة، الذي انفردوا به عن مدرسة آل البيت، وعن مدرسة الصحابة.

والإمامةُ عندهم تعني وجودَ قائدٍ واحدٍ في كلّ زمانٍ، متميّز عن بقيّة البشر بكلّ شيء!

هؤلاء الأئمة المتميّزون عن البشر؛ هم أولوا الأمر على الحقيقةِ تِباعاً، وليسوا الخلفاء الذين يختارهم الناس، ولا المتغلّبين الظلمة الذين ظلموا الناسَ، وظلموا أولي الأمر.

قال الشيخ تقيّ الدين المدرّسيّ في كتابه «الوجيز في أصول العقائد» الفصل الرابع (ص: 26) فما بعدها باختصارٍ يسير:

«وأولوا الأمرِ؛ هم الامتدادُ الطبيعي للرسولِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ، وهم أهل بيته من بعده؛ العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه، الأكفاء على القيام بأمره، الصابرون المتّقون، وبالتالي هم أكثرُ الناس طاعة لله، وأقربهم إلى نهج رسوله».

وإذا سألتَ: مَن يُعيّن الإمامَ؟

الجواب: «وكما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يُعَيّنَ مِن قبل الناس أنفسهم، لأنه وسيلة متصلة بين الله والانسان، فإن الإمام لا يمكن أن يعين إلاّ من قبل الله أيضاً.

وبتعبير آخر: إن الإمام ينبغي أن يكون مؤيداً بالغيب، عارفاً بالله ودينه ومعارفه، بعيداً عن تأثيرات المادة، وبعيداً عن ظروفها الضيّقة.

ولا يؤيد اللهُ مَن يَختاره الناس، بل مَن يصطفيه هو سبحانه، وليس للناس الخيرةُ، إذا قضى الله أمراً، ذلك لأنهم عباد مربوبون يجب أن يسلموا بالحاكمية المطلقة للهِ في كلّ الشؤون.

وأوّل الأئمة إبراهيمُ عليه السلام، ثم الصالحون المختارون من قِبلِ الله تعالى من ذريّته.

قال الله تعالى: (وإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَاَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) قال الخليل عليه السلام سروراً بها: (وَمِنْ ذُرِّيَتِي؟ قَالَ: لاَ يَنالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ)

فأبطلتْ هذه الآيةُ إمامةَ كل ظالم الى يوم القيامة وصارت في الصفوة.

فلم تزل ترثها ذريته عليه السلام بعضٌ عن بَعضٍ، قرناً فقرناً، حتى ورثها النبيّ محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا). فكانت لهم خاصة.

فقلّدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم العلم والإيمان.

وذلك قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ اُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) على رسم ما جرى وما فرضه الله في ولده الى يوم القيامة، إذ لا نّبيَّ بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن أين يختار الجهالُ هذه الإمامةَ بآرائهم؟

إنّ الإمامة منزلة الأنبياءِ، وإرثُ الأوصياء.

إن الإمامة خلافةُ الله، وخلافة رسوله صلى الله عليه وآله.

ومقام أمير المؤمنين عليه السلام.

وخلافة الحسن والحسين عليهما السلام.

إن الإمام زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين.

الإمام أسّ الإسلام النامي وفرعه السامي.

بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف.

الإمام يحلل حلال الله ويحرم حرامه ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة.

الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهو بالأفق حيث لا تناله الأبصار ولا الأيدي.

الإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الطالع والنجم الهادي في غيابات الدجى والدليل على الهدى والمنجي من الردى.

الإمام النار على اليفاع التلّ المرتفع - الحارّ لمن اصطلى، والدليل في المهالك، من فارقه فهالك.

الإمام السحاب الماطر والغيث الهاطل والسماء الظليلة والأرض البسيطة والعين الغزيرة والغدير والروضة.

الإمام الأمين الرفيق، والوالد الشفيق والأخ الشقيق وكالأم البرة بالولد الصغير ومفزع العباد.

الإمام أمين الله في أرضه وخلقه، وحجته على عباده وخليفته في بلاده والداعي الى الله والذاب عن حريم الله.

الإمام مُطَهَّر مِن الذنوب، مُبرّأٌ من العيوب، مخصوص بالعلم، موسوم بالحلم، نظام الدين، وعزّ المسلمين، وغيظُ المنافقين، وبوار الكافرين.

الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادلُه، عالم ولا يوجد له بدل، ولا له مثل ولا نظير!

مخصوص بالفضل كلّه، من غير طلب منه ولا اكتساب، بل اختصاص من المتَفضّلِ الوهّاب، فمن ذا يبلغ معرفة الإمام أو كنه وَصْفِه؟

هيهات هيهات، ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وحصرت الخطباء، وكلت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء، وفحمت العلماء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله، فأقرت بالعجز والتقصير، فكيف يوصف بكليته، أو ينعت بكيفيته، أو يوجد من يقوم مقامه، أو يغني غناه؟

وأنى وهو بحيث النجم عن أيدي المتناولين ووصف الواصفين، أيظنون أنه يوجد ذلك في غير آل رسول الله صلى الله عليه وعليهم؟

كَذَبَتْهُم والله أنفسهم، ومنّتهُم الأباطيل، إذ ارتقوا مرتقى صعباً ومنزلاً دحضاً!

زلّت بهم إلى الحضيض أقدامُهم، إذ راموا إقامةَ إمام بآرائهم، وكيف لهم باختيار إمامٍ، والإمام عالم لا يجهل، وراع لا يمكر، معدن النبوة لا يغمز فيه بنسب، ولا يدانيه ذو حسب!

فالبيت من قريش، والذروة من هاشم، والعترة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

شرفُ الأشرافِ، والفرعُ من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالأمر، عالم بالسياسة، مستحق للرئاسة، مفترض الطاعة، قائم بأمر الله، ناصح لعباد الله».

وقد اقتبس الشيخُ المدرّسيُّ معظم كلامه السابق، من أصول الكافي (ص: 136- 137) ولم يُشر إلى ذلك.

 بهذا الكلام الإنشائيّ الخطابيّ العاطفيّ، الذي لا يثبتُ حقّاً، ولا يُبطلُ باطلاً؛ قدّم الشيخ تقيّ المدرّسيّ عقيدةَ الإمامة من القرآن الكريم والعقلِ.

وليس في الآيات التي ساقها دلالةٌ ظاهرةٌ على الإمامةِ السياسيّة من قريبٍ ولا بعيدٍ!

بل إنّ أوّل الأئمة «إبراهيم» عليه السلام؛ كان مستضعفاً طريداً عن وطنه وعشيرته.

وليس في الآيتين اللتين ساقها الشيخ المدرّسُ أيُّ إشارةٍ إلى إمامة سياسيّة منحصرة في آل البيت.

(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا).

ولو افترضنا جدلاً أنّ في هذه الآية دلالةٌ على الإمامةِ؛ فالذين آمنوا شركاءُ فيها بنصّ (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا).

وأين في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ اُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ: لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).

هل يَفهم رجلٌ فيه ذرّةٌ من عَقلٍ، من هذه الآية الكريمة إمامةً أو ولايةً أو خلافةً أو وصايةً.

سبحان مانحِ الناس العقولَ والقلوب؛ ليفقهوا عن الله تعالى بها، وليس بغرائزهم وعواطفهم وما يشتهون!

أمّا عن أدلّة الإمامة من السنّة النبويّة وآثارِ آل البيت؛ فستكون في منشورٍ تالٍ، إنْ أعانني الله تعالى على ذلك.

واللهُ تَعالَى أعْلَمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق