التصوّف العليم (20):
دورة الكسنزان العلميّة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
عتب بعضُ الإخوةِ عليَّ أنْ علموا أنني في رحاب «التكية
العليّة القادرية الكسنزانيّة» وهدف الزيارة الأسمى؛ هو إقامةُ دورة علميّة في
القرآن والحديثِ والفقه، لخلفاء الطريقة الكسنزانيّة.
ويعلم أولادي وتلامذتي أنني كنت عمدةَ (دورة
الكسنزان العلميّة الأولى) في بغداد، عام (1996) تلك الدورة العلمية المكثّفة التي
استمرّت ستّة أشهرٍ متواليّة، والتي خرّجنا فيها ثلاثةً وتسعين طالبَ علمٍ، من
خلفاء الكسنزان.
وقد دعاني حضرة شيخ الطريقةِ الكسنزانيّة
الدكتور «محمد نهرو» بن السيّد الشيخ محمد الكسنزان الحسينيّ إلى العراقِ، للقيام
بهذه الدورة العلميةِ، التي نسأل الله تعالى أن يتمّها الرحمان الرحيم على خيرٍ،
وأن يعينني على القيام بها، وأن ينفعَ المشاركين فيها.
وقد طلب مني حضرة الشيخ «محمد نهرو» تفاصيل
الموادّ المطروحةِ في هذه الدورة، فأرسلتُ إليه هذه المسوّدةَ بحروفها:
(بسم الله
الرحمن الرحيم
منهاج دورة
الكسنزان الصيفيّة الخامسةِ لعام (2024).
الحمد لله ربّ العالمين، القائل في محكم كتابه الكريم: (لَا
تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ
وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ
عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) [سورة القيامة].
والقائل جلّ وعزّ: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ
لِيَنْفِرُوا كَافَّةً، فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ
لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا
إِلَيْهِمْ، لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) [سورة التوبة].
والقائل تباركت أسماؤه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ لَا يَجِدُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ، وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) [سورة
النساء].
والصلاة والسلام على حبيبنا رسول الله محمّد بن
عبدالله القائل: (خَيركم مَن تعلّم القرآن وعلّمه) أخرجه البخاري (5027) والترمذيّ
(2907) وقال: حسن صحيح.
والقائل في دعائه لابن عباس: (اللهم فقّهه في
الدين، وعلّمه التأويل) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2274) من حديث سعيد بن جبيرٍ
عن ابن عبّاس رضي الله عنهما.
والقائل: (يُوشِكُ بِالرَّجُلِ مُتَّكِئًا عَلَى
أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي فَيَقُولُ: (بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ
اللَّهِ، مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ؛ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا
فِيهِ مِنْ حَرَامٍ؛ حَرَّمْنَاهُ.
أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ؛ هُوَ
مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ) أخرجه الدارميّ في سننه (586) وهذا لفظه، والترمذيّ في
جامعه (2664) وقال: حديث حسن غريب.
أوّلاً: مدّة الدورة العلمية الكسنزانية الصيفيّة؛
أربعون يومَ عملٍ تامّة، في كلّ يومٍ ستُّ ساعاتٍ تدريسيّة عمليّة.
ثانياً: تجرى مقابلةٌ شفويّة للمتقدمين إلى هذه
الدورة، ويتمّ قَبولُ أصحابِ الدرجات العليا.
ثالثاً: يجرى اختبار تحريريّ في يومٍ،واختبار شفويّ
في يومٍ آخر، بعد تمام عشرين يوماً عمليّاً، كما يجرى الاختبار النهائيّ، بعد تمام
عشرين يوماً أخرى، ويكون الاختبار النهائيّ، بعد تمام الدورة.
رابعاً: حُضورِ طلّاب الدورةِ في مركز التكية؛
إلزاميّ.
خامساً: يمنح المركز الثقافي الكسنزاني للطلاب
الناجحين شهادةً علميّة، وللمتفوقين شهادةَ تقديرٍ أيضاً.
ويمنح الدكتور المحاضر السيّد عداب الحمش ثلاثَ
إجازاتٍ علميّة، مُسندةً بالقدر التي حضره الطلّاب عليه، مع إجازةِ روايةٍ، شاملةً
جميعَ كتب الإسلام المسندة، لدى أهل السنّة والشيعة الإماميّة.
ثانياً: البرامج العلميّة للدورة تقتصر على ثلاثِ
موادَّ دراسيّة علميّة، تشتمل كلّ مادّةٍ على علوم متعدّدة على النحو الآتي:
(1) مادة علوم القرآن وتشتمل:
(أ) على تلاوةِ حزبِ المفصّل من (سورة الحجرات) حتى
آخر (سورة الناس) مع قراءة فواتح السور وخواتمها، وتلاوة الكلمات المستصعبة
التلاوة من دون شيخٍ معلّم، في جميع سور القرآن الكريم.
(ب) تعلّم أحكام التجويد، وسأختار كتاباً صغيراً،
يتناسب مع دورة قصيرة؛ لأنّ الأهمّ هو التطبيق العمليّ.
(ت) تعلّم الوقف والابتداء.
(ث) تفسير الكلمات المستصعبة في حزب المفصّل، من
كتابٍ جيّد مختار.
(2) مادّة الحديث النبويّ، وتشتمل على العلوم
الآتية:
(أ) تعليم كتاب (نزهة النظر) للحافظ ابن حجر، أو (اختصار
علوم الحديث) حسب قدرة الطلّاب، وللدكتور المحاضر عداب بن السيّد محمود الحمش؛ شرح
وجيزٌ على كلّ واحدٍ من هذين الكتابين.
(ب) شرح وإقراءُ وتخريج الأربعين حديثاً النوويّة.
(ت) تعريف الطالب بمناهج صحاح أهل السنّة الأربعة
(صحاح البخاري ومسلم وابن خزيمة وابن حبّان) وتعريفهم بمسند الإمام زيدٍ والربيع
بن حبيب الإباضيّ والكتب الأربعة الإمامية: الكافي للكليني، ومن لا يحضره الفقيه
للصدوق، والتهذيب والاستبصار لشيخ الطائفة الإماميةِ أبي جعفر الطوسي.
وللمحاضر الدكتور عداب كتابان في هذا الجانب.
(ث) متطلّبات إجازة الرواية الحديثيّة العامّة،
ويتعلّم الطالب فيها القراءةَ الحديثيّة العلميّة لعشرةِ كتبٍ من كتب السنّة
المطهّرة: (موطّا مالك - مسند الشافعيّ - مسند أحمد - سنن الدارمي - صحيح البخاريّ
- صحيح مسلم - منتقى الأحكام لابن الجارود - صحيح ابن خزيمة - صحيح ابن حبّان -
مستدرك الحاكم.
وللمحاضر الدكتور عداب كتاب في هذا الجانب، عنوانه
(الأمالي العراقيّة) سبق علّمته لطلابي في العراق عام (2000 - 2002).
(3) مادّة
الفقه الإسلامي: وتشتمل:
(أ) على كتاب (متن الغاية والتقريب) للإمام أبي
شجاع الأصبهانيّ، بتحقيق وضبط الدكتور عداب.
(ب) شرح الغزّي على متن أبي شجاع.
(ت) التذهيب في أدلّة متن الغاية والتقريب، للدكتور
مصطفى ذيب البغا.
(ث) المسائل التي خالف فيها أبو شجاعٍ الراجح في
المذهب الشافعيّ، للدكتور محمود بن إبراهيم السقّا المصريّ.
(ج) تخريج الأحاديثِ ونقدها، وبيان أثر ذلك على بعض
المسائل الفقهية، للدكتور عداب.
هذه هي مناهجُ الدراسة في دورة الكسنزان الخامسة،
ونسأل الله تعالى التوفيقَ والرشادَ.
فهل يُلام السيد الشيخ «محمد نهرو»
على إقامةِ هذه الدورةِ العلميّة، أو يُشكر، ونسأل الله تعالى له المثوبة، والأجرَ
العميم.
وهل يُلامُ الفقير عدابٌ على تحمّله مشاقّ
القيام بهذه الدورة العلميّة، ستّ ساعاتٍ يوميّاً لمدّة أربعين يوماً متواصلةً،
وهو ابن سبع وسبعين سنة؟
ما لكم كيف تحكمون أيّها الناس، أليس لديكم خوف
من الله تعالى، ورحمةٌ بإخوانكم المسلمين؟
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق