الاثنين، 4 مارس 2024

   في سبيل العلم (11):

كيف نفهم القرآن والسنّة؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

سبق لي أن نشرتُ عدداً من المنشوراتِ، أوضحتُ فيها مراحل طلب العلم التدريجيّة من وجهة نظري، بيد أنّ جميعها غابَ مع إغلاق «الفيس بوك» لصفحتي الأولى الغنية جدّاً، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وفي هذا المنشورِ؛ لن أثقِل على إخواني طلبة العلم والمثقفين بتعداد عشرات الكتب التي تعلّمتُها على أيدي المتخصّصين، أو قرأتُها بنفسي، في كلّ فنٍّ من الفنون.

القرآن الكريم اليوم مجموعٌ بين دفّتي المصحف، ومَن يؤمنُ بثبوتِه عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ عن جبريلَ عليه السلام، ويؤمن بصدوره عن الله تبارك وتعالى؛ لا يَحتاجُ في سبيلِ فهمِه العامّ إلى كتب علومِ القرآن، ولا إلى كتب أصول التفسير، ولا حتى إلى التفاسير.

إنّما يحتاجُ إلى عددٍ يسير من الكتب، التي تجعله يفهم مرادَ الله تعالى عند تلاوته القرآن العظيم، ويتذوّقَ بيانه وبلاغته.

أوّلاً: الكتب التي تخصّ القرآن العظيم:

- الكتاب  الأوّل: «كلمات القرآن الكريم» لشيخنا حسنين محمّد مخلوف، ومع وجودِ تفسيراتٍ لبعض كلماتِ القرآن الكريم فيه لا أقرّها، فلا أراها صواباً، أو أراها قاصرةً؛ إلّا أنني أنصح جميع المسلمين بحفظِه، لا بقراءته وفهمه فحسب!

- الكتاب الثاني: «الألفاظ الكتابيّة» للغويّ البارع عبدالرحمن بن عيسى الهمَذانيِّ.

هو كتابٌ في جزءٍ واحدٍ، صفحاته (285)صفحةً، ينوّر بصيرتك بفهم الألفاظ المتقاربة والمتباعدة والمشتركة، التي يكثر ورودها في القرآن الكريم.

وقد ألّف الراغب الأصبهانيّ كتاباً بعنوان «الألفاظ المترادفةُ على معنى واحدٍ، وما بينها من الفروق الغامضة» وهو مفقودٌ، وكتاب الألفاظ الكتابية يسدّ ثغراتٍ كثيرةً، مما يتناوله ذاك الكتاب المفقود.

والنسخة التي بين يديّ صادرةٌ عن دار الكتب العلمية ببيروت، عام (1991) بتحقيق الدكتور إميل يعقوب، وتحقيقه هذا غنيّ بالتوضيح والاستدراك وكثرة التوثيق، فأوصي باقتناء هذه النسخة المبذولةِ مجّاناً على الانترنيت!

- الكتاب الثالث: «معاني مفردات ألفاظ القرآن» وهو مطبوع طبعاتٍ عديدةً، وبعنواناتٍ متغايرة، فمرّة: المفردات في ألفاظ القرآن، ومرّة المفردات في غريب ألفاظ القرآن، وغير ذلك.

وهذا العنوان «معاني مفردات ألفاظ القرآن» هو الذي أورده المصنّف في الصفحة الثانية من كتابه، وهو المطابقُ لمضمونه.

وهذا الكتاب يحسن أن نُعطيَه عنوانا من عند أنفسنا «منهج القرآن الكريم في اختيار ألفاظه ودلالتها على المعاني المراد توصيلُها إلى المسلمين» إذ هو هكذا.

وأنا شخصيّاً لا أحبّذ كلمة «غريب القرآن» و«غريب الحديث» إذ ليس في القرآن والسنّة ألفاظٌ لا تعرف معانيها، إنّما نستغربها نحن، بسبب ضعفنا في متن اللغةِ، وفي البلاغة.

والكتاب مطبوع طبعاتٍ كثيرةٍ، والطبعة التي بين يديّ، بتحقيق الدكتور صفوان عدنان داودي، وفيها جهود طيبة مشكورة.

وقد اعتمدت الدار الناشرة «دار القلم» في دمشق الحبيبة، منهج الطباعةِ االمختصرة، فجعلت الصفحتين في صفحة واحدة، ومع هذا جاء الكتاب في (1008) صفحات!

الكتاب الرابع: «قواعد التدبّر الأمثل لكتاب الله عزّ وجل» لشيخنا وابنِ شيخنا عبدالرحمن بن حسن حبنكة الميدانيّ، رحمهما الله تعالى.

صدرت طبعته الموجزة الأولى، عام (1979) في كتاب صغير الحجم مقاس (17× 12) وصدرت طبعته الموسعة الثانية، عام (1987) في مجلد ضخم تبلغ صفحاته (839) صفحة، والطبعة الخامسةُ التي تحت يدي؛ هي الطبعة الثانية ذاتها.

هو كتاب ماتع نافع، يغني عن كتب كثيرةٍ، في تدبّر كتاب الله عزّ وجلَّ.

أداره شيخنا على أربعين قاعدةً بيانيّةً ولغويّةً وأصوليّة، وختمه بملحق عن القرّاءِ العشرة (755).

الكتاب الخامس: «تلوين الخطاب - دراسة في أسلوبِ القرآن الكريم» للدكتور أحمد تيجان أحمد صلاح.

وأصلُ الكتاب بحثٌ تقدّم به الدكتور أحمد، للحصول على درجة الماجستير في اللغة العربية وعلومها من جامعة الكويت.

وبين يديّ الطبعةُ الأولى من الكتاب، وهي صادرة عن مجلّة الوعي الإسلامي الكويتية، وهذا الكتاب هو الإصدار السادس والثمانين، من إصداراتها القيّمة المتميزة، وتقع هذه الطبعة في (339) صفحة طباعيّة معتادة (17 × 25).

والكتابُ غايةٌ في الأهميّة - من وجهة نظري القاصرة - متى أتقنه القارئ العربيّ، مع ما سبقه من الكتب الأربعةِ؛ غدا ذوّاقةً، متدبّراً كتابَ الله تعالى، على أحسن ما يكون.

ثانياً: الكتب التي تخصّ السنّة النبويّة:

قدّمت في بدايةِ هذا المنشور أنّه موجّه إلى طلبةِ العلم - أمثالي - وإلى مثقّفي الأمة، وقد يراه العلماءُ المتخصّصون موجّها إلى المبتدئين، ولا ضير في ذلك أبداً، فالمبتدؤون والمنتهون جميعهم جهّال، قياساً بعلم العليم الحكيم (وما أوتيتم من العلم إلّا قليلاً).

والكتب السابقة جميعُها تخدم السنّةَ النبويّة خِدماتٍ رائعةً ونافعة.

الكتابُ الأوّل: معالم السنّة النبويّة، للشيخ صالح بن أحمد الشاميّ الدوميّ، نسبةً إلى مدينة «دوما» التابعة لمدينة دمشق العاصمة.

وتحت يدي من هذا الكتابِ؛ الطبعةُ الثالثة الصادرة عن درا القلم في دمشف، عام (2018) ويقع الكتاب في ثلاثة مجلّدات، يَقربُ مجموع صفحاتها (1600) صفحةً.

ومجموع أحاديثه (3921) حديثاً، أكثرُها من قسم الصحيح، وباقيها من قسم الحسن، وليس في طبعةِ الكتاب الثالثة هذه أيّ حديث ضعيفٍ، في نظر المؤلف.

وقد اعتمد الشيخ صالحٌ في الحكم على أحاديث الكتاب، من خارج الصحيحين؛ على العلماء الذين سبقوه في الحكم عليها، وجميع ما في الصحيحين صحيح عنده، وهذا معروف!

قال في مقدمة كتابه هذا (1: 21): «ذكرتُ في آخر كلّ حديثٍ الحكمَ عليه صحّةً أو حسناً، ومرجع هذه الأحكام كالتالي»:

وذكر كتب الشيخ ناصرا الألبانيّ، والشيخين عبدَالقادر وشعيباً الأرناؤوطيين، والشيخ حسين أسد الدارانيّ، وغير ذلك، فارجع إليه.

وفي تقدير العبد الفقير عداب: ليس وراءَ متونِ هذا الكتابِ متنُ حديثٍ صحيحٌ!

وليس كلّ ما فيه صحيحاً.

بيد أنّه كتاب مهمٌّ جدّاً ونافع جدّاً، ولا حاجة بالمثقّف المسلم إلى أيّ كتابٍ آخر!

ومن هنا تعلم كم تعاني الأمّةُ من الترهّلِ الثقافيّ المكرّر والمعاد!

الكتاب الثاني: «النِهايةُ في غريبِ الحديثِ والأثر» للإمام أبي السعادات المبارك بن محمد الجزريّ.

وبين يديّ الطبعة الأولى من الكتاب، الصادرة عن المكتبة العلمية ببيروت، عام (1979) بتحقيق أستاذنا الدكتور محمود محمّد الطناحيّ، والدكتور طاهر أحمد الزاويّ، في خمسة مجلّدات.

هذه الكتبُ السبعةُ كافيةٌ لمنْ أتقنَ مضامينها أنْ ترفع عنه صفةَ الجهلِ والأميّةَ العلميّةَ تماماً.

أمّا من أراد فقه الكتابِ، وفقه السنّةِ؛ فلهما كتب أخرى غيرُ هذه الكتب.

والله تعالى أعلم.

رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
هذا.. وصلّى اللهُ على سَيّدنا محمّدِ بن عبدِالله، وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تَسْليماً.
والحَمْدُ للهِ عَلى كُلِّ حالٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق