اجتماعيات (16):
هل المرأة شرٌّ كلّها !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
أرسلت إليّ إحدى طالباتي
كلاماً طويلاً، خلاصته: هل يصح عن الإمام عليٍّ عليه السلام أنّه قال: (المرأة
كلّها شرٌّ)؟
نحن نحبّ الإمام عليّاً،
ونحبّ ذريّته، فما ذنبنا نحنُ، حين خلقنا الله نساءً، وجعل استمرار الحياةِ
الإنسانيّة مرتبطاً بوجودنا، وكوّننا بتركيبةٍ مختلفةٍ عن تركيبة الرجل؟
أقول وبالله التوفيق:
نصّ كلام الإمام عليّ عليه
السلام (الْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا، وَشَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ
مِنْهَا) موجود في «نهج البلاغة» الحكمة (229)!
وقد قدّمتُ مرّاتٍ عديدةً؛
أنّ الشيعةَ أنفسهم لا يعدّون جميعَ ما في «نهج البلاغة » صحيحاً، ولا يعتمدونه في
الفقه والتشريع!
وإذْ إنّ الكلام المنسوبَ
إلى الإمام عليّ مرسلٌ، من دون إسنادٍ، فنقول ما قال علماؤنا المحدّثون: «كُلُّ
حَدِيثٍ لَيْسَ فِيهِ: حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا؛ فَهُوَ خَلٌّ وَبَقْلٌ»!
والشيعةُ الإماميّة يأتون
إلى أصحّ أحاديثنا، ويردّونها بعقولهم، دون إعطاء الإسنادِ أيّ حرمة!
ونحن لن نردّ هذه الرواية
بعقولنا أبداً، إنما نردّها سنداً لعدم ورود إسنادٍ يحملها!
ونردّ متنها بمخالفتها للقرآن
العظيم، في آياتٍ كثيرة:
منها: (وَاللَّيْلِ إِذَا
يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى
(3) [الليل].
وتقدير الآيةِ من «ما»
المصدريّة وما بعدها على القراءة المشهورة: «وَخَلْقِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى»
يعني: أقسم الله تعالى بخلقِ الذكر والإنثى!
وعلى قراءة عبدالله بن
مسعود «وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى» من دون تقدير!
ومعلوم لديكم أحبابي؛ أنّ
الله تعالى يُقسم ببعض مخلوقاته، للفتِ أنظارنا إلى عظمةِ خلقِه وأثر هذا الخلق في
الوجود والحياة!
فهل يُقسم الله تعالى
بالأنثى أو بخَلْقها وهي شرٌّ كلّها؟
- ومنها: (إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ
وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ
اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) [الأحزاب].
انظر - أخي القارئ الكريم -
إلى مراتب ودرجات الكمال عند الرجال، فسترى لدى النساء مثلَها تماماً (وَلِلرِّجَالِ
عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) هي درجة القِوامةِ، يعني الإدارة والولاية (الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
فَالصَّالِحَاتُ
قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)!؟
ونسألُ الذين يصرّون على
صحّة نسبة نهج البلاغة إلى الإمام: هل كانت السيدة فاطمة شرّاً كلُّها، أو شرّاً
بعضُها؟
وهل بناتُ الإمام عليّ
وفاطمة؛ كنّ شروراً على مجتمعهنّ؟
أخرج الإمام أحمد (12293) وجمع
من الأئمة من حديثِ ثابتٍ البنانيّ عن أنس بن مالك قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: (حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا
النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ) والحديث صحيح غريب.
وقدّ حسّنه بعض المعاصرين
من أجل سلّام بن سليمان المقرئ، وهو خطأ منه، فقد تابعه جعفر بن سليمان الضُبَعيّ
عند النسائيّ في المجتبى (3940).
فهل كان رسولُ الله صلّى
الله عليه وآله وسلّم يحبّ كائناً هو شَرٌّ كلّه؟
ختاماً: المرأةُ أمٌّ
وجدّة وعمّة وخالة، وأختٌ وبنت أخ وبنت أخت، وبنتٌ وبنت ابن وبنت بنت، وزوجة!
وقد يجتمع هؤلاء النسوةُ
كلّهن في حياةِ رجلٍ واحد، فما أقسى حياةَ الرجل الواحدِ إذا كانت الشرور تحوطُه
من كلّ الجهات؟!
أمّا عن نفسي أنا؛ فليس
شيءٌ أحبَّ إليّ من النساء - كلّ أنواع النساء السابقة- ويعلم أهلي جميعاً أنني لا
أردّ لامرأة منهنّ طلباً مباحاً، حتى لو تكلّفتُ واقترضت لهنّ ما يُدخل السعادةَ
والرضا إلى قلوبهنّ، بينما لا أصنع الشيءَ ذاته، وبالمستوى ذاته مع الرجال!
نعم أنا لم أستطع فهمَ
الأنثى الزوجةَ كما ينبغي، بسبب أنّها غامضة، وأنا في أعلى درجات الوضوح والصراحة،
فكثيراً ما يصعب عليّ فهمُ ما تريدُ وما يرضيها!
وكثيراً ما أغفل عن ممارسةِ
المرأةِ فنّ المراوغة والاختبار، بسبب أنني لا أعرف هذا النوع من التعامل حقيقةً!
إحدى زوجاتي كانت تشكو من
بعض الأمراض، وكانت تحسّ أنني أجاملها وأصبر عليها كثيراً، وكانت تلحّ عليَّ
لأتزوّج امرأةً عليها تقوم على شؤوني، وتلبّي طلباتي!
ظلّت على هذه الحال أكثرَ
من عشر سنواتٍ، حتى خطبَتْ لي بنفسها إحداهنّ، ورغّبتني بها، واحتالت على تلك
المرأة، فأرسلت إليها صورتها، وأرتني إياها!
فلما غدا الأمر جديّاً،
وطلبتُ المرأة رسميّا؛ فقدت زوجتي تركيزها، وصفت تلكَ المرأة بالعاهرةِ وقليلةِ
الشرف، وما تركت عليها ستراً؛ بسبب أنها رضيت وأرسلت إليها صورتَها!
وكنت حريصاً على أنْ لا
أغضبها، فعدلت عن قَريبتي، تلك المرأة الطاهرة الشريفة!
أنا رجلٌ مباشِر واضح، لا
أحسن سوى هذا، ولا أرغب بتعلّم المكر والدهاء، إذ أنا أعدّ نفسي من أشجع الرجل،
وهذا الخلق يليق بالضعفاء!
ربما لهذا، ولربما لغيرتي
الشديدة، وربما لأنّ المرأةَ إحدى اهتماماتي، والعلم والدعوة هما أكبر همّي في
الحياة، وربما لهذه الأمور مجتمعةً؛ لم أستطع الاحتفاظَ بامرأةٍ واحدةٍ!
وربما لهذه الأسباب، وبعض
الأسباب الأخرى؛ أرفض تجربةَ زواجٍ جديدة!
واللهُ تَعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق