الجمعة، 4 فبراير 2022

 عَلَى جَناحِ الخَيالِ (1)!؟

حكاياتٌ ذاتُ مَغْزىً وأهدافٍ تربويّة!؟

بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحيمِ

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

تمهيد:

كان هذا العُنوانُ « على جناح الخيال» عنواناً لدفتر من مذكّراتي، كتبتُه عام (1971) في ليالي الشتاء القارسة، في مدينة «حلفايا» العربية الأصيلة الجميلةِ، وعرضتُ مقدّمةَ هذا الدفتر على أستاذي وزميلي في هيئة التدريس بالمدرسة ذاتها، الأستاذ الجميل الشريف عبدالغنيّ بن أحمد الحدّاد الجيلانيّ، مثلما كنتُ أعرِضُ عليه شِعري؛ ليوجهني إلى الأفضل، له خالص تحيّاتي واحترامي!

كانت مقدمةُ الكراسِ في إحدى عشرة صفحة، قرأ منها ثلاثَ صفحاتٍ فيما أذكر، ثم راحَتْ دموعُه تهطل من عينيه النبيلتين غِزاراً، ورمى إليّ الدفتر قائلاً: ما هذا يا شيخ عداب؟

هل من المعقولِ أنّك عانيت كلَّ هذه المعاناةِ، ثمّ تستطيع أن تضحك؟!

عندما اعتُقلتُ مع زوجتي وطفلتي في بيت سيّدي الشهيد مروان خالد حديد، رحمه الله تعالى، عام (1975م) والله يشهد أننا كنّا في زيارة عائليّة له، بناء على طلبه وإصراره!

إذ كنّا وزوجتي وبنتي الطفلة آنئذٍ «أمّ فيصل» اليوم، مسافرين إلى مدينة «بني غازي» الحبيبةِ، في ليبيا.

عَقِبَ هذا الحدثِ القَدَريّ؛ صادرت الأجهزة الأمنيةُ أغراضَنا وجوازاتِ سَفرنا، وما مَعنا من المال القليل، وهو لا يزيد على (400) دولار أمريكيّ!

وكان ممّا صادرت هذا الدفتر «على جناح الخيال» ودفترين كنتُ كتبتُ فيهما «منهج الحركة والتغيير في سوريا» بأمرٍ من الشهيد مروان، رضي الله عنه، وعدّةَ دفاتر فيها قرابةُ (8000) بيتٍ من شعر الشباب القويّ الرصين، قريبِ عَهْدٍ بمقدرتي الأدبيّة!

في مكّة المكرّمة، بعد عام (1978م) بدأتُ أكتب ذكرياتٍ عن صلتي بالشهيد مروان حديد، وأستكتب بعضَ المقرّبين منه شهاداتٍ، تطوّرت فيما بعدُ إلى كتابي «الشهيد مروان حديد ومنهجه في الدعوة والجهاد» فورد على خاطري إعادةُ كتابة مذكّراتي الأليمة الحزينة «على جناح الخيال»!

كتبتُ منها، وبأسلوبٍ ألطفَ مما كتبته عام (1971م) وأكثر واقعيّةً، قرابةَ (300) صفحة (فولسكاب) وحجبتُها عن أولادي، حتى لا يتأثّروا بما فيها.

عِندما اعتقلتني السلطاتُ السعوديةُ، في صباح الحادي والعشرين من رمضان، من شهور سنة (1411 هـ) ثمّ سفّروني مشكورين إلى الأردنّ، بعدما كانوا قرّروا تسليمي إلى سوريّا؛ حمّل تلامذتي الأفاضلُ، وفي طليعتهم الشريف صالح بن سليمان الموسى أغراضَ بيتيّ ومخطوطاتي وأبحاثي في سيّارة كبيرة جدّاً، قيل لي يومها: تُدعى «سكسويل».

ألقتْ السيارةُ الأغراضَ في جمارك الأردن، ريثما استطعنا إخراجها من هناك، بعد عشرة أيّام تقريباً!

في هذه المدّة؛ فقدنا أغراضاً عديدة نفيسة نفيسة نسبياً عندنا، وإلا فهي لا تساوي إلا قدراً يسيراً من المال وفقدنا ثلاثَةَ صناديق كرتونية، فيها أبحاثٌ لي، وتعليقاتٌ كنت أسجّلها عن شيوخي الأكارم، وخاصّة عن الدكتور إبراهيم خليفة، الذي قرأت عليه، ما لم أقرأ بعضَه، على أيّ شيخٍ آخر في الجامعة.

وعندما راجعتُ ثبتَ الأبحاث، الذي أعدّته زوجتي أمّ سعيد بنت الشيخ سعيد حوّى، عافاها الله تعالى وشفاها، وكان عدد الأبحاث في الفهرس المسجّل، دون غير المسجّل (226) بحثاً، أو (216) بحثاً؛ فقدنا من المسجّل (13) عشر بحثاً، ومن غير المسجّل جميعَ ما كتبتُه عن شيوخي، وجميع ما كتبتُه من أبحاثٍ صغيرةٍ كلفوني بها في أثناء دراستي عليهم.

ومن أهمّ ما فقدناه، كتابي «ظاهرة الانحراف السياسيّ في القرن الأوّل» وبحثي الماتع «بين منهج المحدثين والمؤرخين في نقد الخبر» الذي أعجب أستاذي الدكتور أحمد محمد نور سيف كثيراً، وقال لي يومها: «لو طوّرت هذا البحث قليلاً، لصَلُح رسالةً للحصول على درجة الماجستير» ومذكراتي التي أشرتُ إليها «على جناح الخيال».

وللحق والأمانة؛ لم يكن فيها كلمةٌ واحدةٌ من نسج الخيالِ، لكنني أطلقتُ عليها هذا العنوان، بصفتها تجربةً يُفيد منها كلُّ قارئ، من دون أنْ يُكذّب كاتبَها، أو يستريب في بعض مضامينها؛ لأنّها صعبةُ التصوّر والتصديق!

وتحت وطأةِ حظر «الفيسبوك» الذي بلغ ثلاثَ عشرةَ مَرّة، حتى اليوم!

وحتّى أُعجِز الفيسبوك وزبانيّته الصغار عن حظري؛ خطر لي في أيّامي هذه «يوميّات الغروب» أن أكتب مقالاتٍ، أدبيةً تحت هذا العنوان «على جناح الخيال» لها كبيرُ صلةٍ بمذكراتي، وبتاريخ حياتي مباشرةً!

ولا يخفى على مثّقف منكم أنّ كتابةَ القصص والحكايات على ألسنة السباع والبهائم والطيور؛ معروفةٌ ميسورة، ولا أظنّ مثقفاً لم يقرأ كتابَ كليلة ودمنة مثلاً!

ومن وراء ذاك الهدفِ الأسمى؛ سيكون فيها متعةٌ بيانية، وصوَرٌ جميلةٌ، وخيالٌ خِصبٌ واسع، وأشعارٌ ارتجاليّة على ألسنة أبطال المقالات!

وسأصّدر هذه المقالاتِ جميعِها بقولي: قال الراوي!

فمتى قرأتَ أخي القارئ هذه الجملة؛ فاعلم أنّ الكلامَ الذي وراءها هو للمتعة الأدبيّة والتسلية، وإفادةِ بعض الحِكَم المبتكرة من قِبلي، أو المستقاة من مقولات المتقدمين، فاستفدْ ممّا تقرأ، ولا تحاكم الكاتب إلى خيالِك أنت، فالكلمة الحكمة؛ ضالّةُ المؤمن، كما ورد في حديثٍ غريب!

والله المستعان وعليه التكلان، ولا حولَ ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم!

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق