فَضائِلُ الصَحابَةِ رضي الله عنهم:
مِن فَضائلِ الإمامِ عليّ الصحيحةِ، عليه السلام!؟
بسمِ اللهِ الرَحمنِ الرَحيمِ
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ؛ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ،
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ، خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا، ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) [التوبة].
(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ
أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ
وَرِضْوَانًا، وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ، أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
(8).
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ
مِنْ قَبْلِهِمْ؛ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ، وَلَا يَجِدُونَ فِي
صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا، وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ - وَلَوْ
كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ - وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ؛ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ (9) [الحشر].
أمّا بعدُ: كتب أخونا الدكتور نهاد عبدالحليم عُبيد
الطرابلسيّ أطروحتَه للحصول على درجة الدكتوراه في الحديثِ وعلومه، من جامعة أمّ
القرى المباركة، في مكّة المكرّمة بعنوان (الأحاديث المرفوعة في فضل الإمام عليّ
رضي الله عنه بين السنة والشيعة) عام (1987).
وقد صحبني في إعداد رسالتيه الماجستير والدكتوراه،
من ساعة وضع خطّتيهما، إلى حين نوقشتا، وحصل بها على الدرجتين بتقدير (جيّد
جدّاً).
والأخ الفاضل نهادٌ، رحمه الله تعالى؛ سلفيٌّ
معتدٌّ بنفسه كثيراً، كان يأتيني بالفصل من رسالته «الماجستير» يكتب فيه: «وهذا
ممّا مَنّ الله تعالى به عليّ، ولم يسبقني إليه أحد»!
فأبيّن له أنّه مسبوقٌ من واحدٍ أو أكثر، وطال
الوقتُ حتى اقتنع بحذف هذه الجملة من كتاباته!
عندما انتهى من رسالته «الماجستير» وطبعها؛ قال لي:
أتبشّرني شيخي بالحصول على درجة الامتياز؟ قلت له: سيعطونك «جيّد جدّاً» فتغيّر
لونه، وقال لماذا طيّب؟ قلت له: لأنك عنيد للغاية، وهناك عشرات المواضع، التي
أصررت فيها على رأيك الخطأ!
وعندما ناقشته اللجنة؛ منحته درجة «جيّد جدّاً» مع
التعديل!
والأمر ذاته حصل في أطروحة الدكتوراه، رفض فيها
رأيي في نقدِ أكثرَ من ثلاثين حديثاً، فمنحوه درجة «جيّد جدّاً» مع التعديل!
جاءت أطروحة أخينا في (1156) صفحةً علميّة، سوى
الفهارس التي بلغت (143) صفحة.
درس فيها (751) حديثاً، صحّح منها (58) حديثاً،
فيكون الضعيف والواهي والمنكر والموضوع في أطروحته البديعة هذه (693) حديثاً،
اتّفقت معه على تصحيح (24) حديثاً، وانفرد هو بتصحيح أربعةٍ وثلاثين حديثاً.
هذا يعني أنّني لست شيعيّاً زيديّاً ولا إماميّاً،
إذ لو كنت كذلك؛ لوافقت تلميذي هذا على تصحيح (58) حديثاً في الحدّ الأدنى، وسكتُّ!
قال الدكتور نهاد عبيد في خاتمة أطروحته (ص: 1147)
ما نصّه: «لعلّ أبرز النتائجِ التي توصّلت إليها في دراستي هذه تتلخّص بكلمة
واحدة، هي أنّ الفرقاء جميعاً لم ينصفوا الإمامَ عليّاً وأهل بيته إنصافاً
حقيقيّاً، بل كان بعضهم جانحاً في تعظيمه وتعظيم أهل بيته، والقول بعصمتهم،
والسموِّ بهم إلى درجة الملائكة، بل إلى درجة الآلهة، والعِياذُ بالله!
وبعضُهم حاول أن يردّ غلوَّ هؤلاء، فذهب يقارن بين
عليّ وغيره من أكابر الصحابة، رضوان الله تعالى عليهم، فوقع من حيث لا يدري في
انتقاص الإمام عليٍّ، والتهوين من بعض شأنه، قياساً على أولئك الأفاضل، من إخوانه
الصحابة!
وراح بعضهم يردّ أحاديثَ صحيحةً بأدلّة لا تقوى على
الصمودِ، ولا تصلح عللاً تعلّ بها الأحاديث، فوقعوا في تجريدِ عليٍّ من خصالٍ، لو
أنهم تجرّدوا وأنصفوا؛ لأثبتوها له، ولما ضرّ إخوانَه الصحابةَ شيئاً».
وقال في (ص: 1151): «ومع أنني أعترف بأنّ أهل
السنّةِ كانوا أكثر إنصافاً واعتدالاً في حبّ آل البيت، إلّا أنني وجدت بعض
علمائهم، لم يوقّروهم حقَّ توقيرهم، ولم يقفوا عندَ وصيّة النبيّ صلّى الله عليه
وسلّم فيهم».
وقال في (ص: 1154) من خاتمة أطروحته:
1-«لقد تواتر عندي حديث (مَن كنت مولاه؛ فعليّ
مولاه).
2- وصحّ عندي أيضاً زيادةُ (اللهم والِ من والاه،
وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله) خلافاً لمن ذهبَ إلى وضعها أو
ضعفها!
وقد بيّنت في موضع تخريج هذا الحديث من الأطروحة؛
أنّ ما قاله ابن حزمٍ من أنّ هذا الحديث لم يثبت من طريق الثقات أصلاً؛ فيه غُلوٌّ
لا يقلّ عن غُلوّ الشيعة بالمقابل!
3- لقد تواتر عندي حديثُ إعطاء الراية لعليٍّ رضي
الله عنه يومَ خيبر!
4- وقد تواتر عندي أيضاً حديث (أنت مني بمنزلة
هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي)!
5- وتواتر عندي أيضاً حديثُ سدّ الأبوابِ إلى
المسجد، إلّا باب عليّ!
هذه الأحاديثُ السابقةُ؛ بعضُ ما صحّ، ممّا لم
يصحّحه كثيرٌ من علماءِ أهل السنّة، كابن حزمٍ وابن تيمية وغيرهما، ناهيك عن
الأحاديث الصحيحة الكثيرةِ الواردةِ في فضله، والتي بلغت ثمانية وخمسين حديثاً، من
غير المكرّرةِ.
وهي تنقسم إلي قسمين:
- فضائل مقرونةٌ بغيره من الصحابةِ، وعددها عشرةُ
أحاديثَ.
- وفضائلُ مفردة «خاصّة بالإمام» وعددها ثمانيةٌ
وأربعون حديثاً.
ثمّ إنّ الفضائل المفردة تنقسم إلى قسمين:
أ-فضائل عامّةٌ: وعددها سبعةٌ وثلاثون حديثاً.
ب-وفضائل خاصّة «وهي الخصائص» وعددها أحدَ عشرَ
حديثاً».
وقال في (ص: 1153) من خاتمة أطروحته:
6- «لقد صحّ عندي حديثُ الطائر.
7- وصحّ عندي حديث (أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها).
8- وصحّ عندي حديثُ (من أحبَّ عليّاً؛ فقد أحبّني،
ومن أبغض عليّاً؛ فقد أبغضني)».
9- وصحّ عندي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم
بشّر عليّاً بالشهادةِ، وأنّه يُقتَلُ قتلاً»
وقال في
(ص: 1155): «إنّ كثيراً من الرواياتِ التاريخيّة الواردة في خصومة عليّ مع البغاةِ
عليه؛ صحيحةٌ، وفيها من السوءِ الشيءُ الكثير، الذي لا يجوز تبريره «تسويغُه» مهما
حاول الناس التماس المعاذير، وينبغي بيانُ أنّه خطأ وسوءٌ وقبيحٌ، إلى جانب أنّه
واجبٌ شرعيٌّ، ما دام خالياً عن الشتم والسبِّ والتشفيّ؛ فأنّه يفوّتُ الفرضة على
الشيعةِ في دعواهم تحزّبَنا لخصوم عليٍّ، وكراهيتنا لأهل بيته.
وإنني أدعو
علماءَ الشيعةِ الذين اتّصلتُ بهم في العراق ولبنان وفي مكّةَ المكرّمةِ القادمين
لأداء فريضة الحجّ - وخاصّةً الإيرانيين - أو الذين لم أتّصل بهم في أصقاع العالم
إلى كتابةِ أبحاثٍ في نقدِ الحديثِ، وبيانِ دخائلِ كتبِ الشيعةِ، وما فيها من
موضوعاتٍ ومنكراتٍ وأباطيل، هم أنفسهم يعتقدون كذبها وبطلانها، ولكنّهم لا ينبّهون
على ذلك، ممّا يؤثّر تأثيراً سلبيّاً على عقول عوامّهم وجهلتهم - وما أكثرهم! -
وبالتالي يحول بينهم وبين رؤيةِ الحقّ.
وأخيراً أدعو علماء أهلِ السنّةِ المتخصّصين
ليقوموا بدراسات علميّة متجرّدةٍ منصفةٍ، يوازنون فيها بين مناهج نقّادنا ومناهج
علماء الحديث من الشيعةِ، ليكون ذلك سبيلاً لأن ينظر الشيعةُ بعين الإنصاف والعدلِ
إلى علمائنا، بدلاً من نظرتهم الحانقة الحاقدةِ إليهم!
كما أدعو علماءنا الأفاضل «من أهل السنّةِ» إلى هجر
العباراتِ القاسيةِ والكبيرةِ، التي يرمون بها الشيعة؛ لأننا دعاةٌ إلى الله
تعالى، ولسان الداعية أنظف من لسان الخصم الحاقد أو المحارب»!
بعد هذا البيان الطويلِ نسبيّاً؛ لا حاجة بي إلى
أيّ بيانٍ، ويكفينا هذه الأحاديث التسعةُ التي تواتر عند الدكتور الفاضل نهاد عبيد
أربعةٌ منها، وصحّ خمسةٌ أُخَر.
ونترك نقدَ خمسين حديثاً أخرى، سأقوم بها في تحقيقي
وتخريجي أحاديثَ كتاب «خصائص علي» عليه السلام، للإمام أحمد بن شعيب
النسائيّ، إنْ شاء الله تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق