الأحد، 21 مايو 2023

 مَسائل حديثية (33):

اقتدوا بأبي بكر وعمر !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

(رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

في منشور مسائل عقديّة (7) ذكرتُ عدداً من الأحاديثِ الضعيفةِ، التي خرّجتها سابقاً في منشوراتٍ متخصّصة، لكنّ عدداً من الإخوةِ استغرب حكمي عليها بالضعف، إمّا لأنه جديدٌ على صفحتي، أو لأنّه قرأ تلك المنشوراتِ قراءةً عابرةً، أو لأنّه لم يقرأها أصلاً، وكلّ ذلك وارد!

وسأقوم بتخريج تلك الأحاديثِ تِباعاً، باختصارٍ شديد، موضحاً حكمي على كلّ حديث!

بإسنادي إلى الإمام الترمذيّ في كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر وعمر (3662) قال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ) وأخرجه أحمد في مسنده (23245).

قال أبو عيسى: وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ

قال عداب: بل إسناده منقطع؛ لأنّ عبدالملك بن عمير؛ لم يلقَ ربعيَّ بن حراش!

وقد بيّن الترمذي علل هذا الحديث فقال:

«وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وهو عند أحمد في مسنده (23267).

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ نَحْوَهُ.

وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُدَلِّسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرُبَّمَا ذَكَرَهُ عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَرُبَّمَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ زَائِدَةَ.

قال عداب: لا يُهمّ تدليس ابن عيينة هنا كثيراً؛ لأنّ علّة الحديثِ أكبر من التدليس!

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ هِلَالٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وهو عند أحمد في مسنده (23419).

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضاً عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

رَوَاهُ سَالِمٌ الْأَنْعُمِيُّ - كُوفِيٌّ - عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ» انتهى كلام الترمذيّ.

والسطر الأخير من كلام الترمذيّ فيه سقطٌ - فيما يترجّح لديَّ - تصويبُه من مسند الإمام أحمد في مسنده (23386) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا سَالِمٌ الْمُرَادِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ المدائنيّ، ورِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، مرفوعاً نحوه.

قال عداب: سالم بن عبدالواحد الأنعمي: ضعيف.

وأبو عبدالله المدائنيّ مجهول!

خلاصةُ الحكم على الحديث: طرقُ حديث حذيفةَ، كلّها ضعيفةٌ، لا تصلح للحجّية!

وإنما حسّنه الترمذيّ لورود شاهدٍ ضعيفٍ له، أخرجه عقب حديث حذيفة.

وانظر كلاماً مفيداً في تحفة الأشر اف للمزيّ (3: 28).

عقب حديث حذيفة، برقم (3805) قال الترمذيّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي، مِنْ أَصْحَابِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ مَسْعُودٍ).

قَالَ الترمذيّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ».

في مطبوعة أحمد شاكر: «حسن غريب» وهو خطأ، والتصويب من تحفة الأشراف للمزيّ (7: 73).

قال عداب: ضعيف + ضعيف = حسن!

ضعيف + مجهول = حسن!

هذا ترقيع هزيلٌ، ليس له أدنى قيمةٍ عندي، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالفضائل، التي كان يُقصد منها تقريبُ بعض الصحابةِ من قلوب المسلمين!

بينما أصبح المسلمون يوالون ويعادون عليها، ويبغض بعضهم بعضاً من أجلها، وربما اقتتلوا فيما بينهم أيضاً !

لهذا فأنا لم أعُدْ أتساهل في أيّ نوعٍ من أنواع الأحاديث: الفضائل، والتفسير، وأشراط الساعة، والترغيب والترهيب، وغيرها.

والله تعالى أعلم

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق