الأحد، 9 أبريل 2023

 اجتماعيات (47)

مراجعة البحوثِ والدراسات العلميّة !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

أرسل إليّ أحد إخواني كتاباً يقع في (465) صفحةً طباعيّة، وقال: «إنّ مؤلّف الكتاب حريص على أن تقرأ الكتاب، وتزوّده بملاحظاتك العلمية» فلم أجد لديَّ دافعاً إلى الاطّلاع على الكتابِ، ولا وقتاً أصرفه على كتابٍ طبعه كاتبه قبل أن يأخذ رأيي فيه!

ولو كان رأيي وتقويمي يعنيه حقيقةً؛ كان طلب مني مراجعته قبل طباعته!

أما وقد طبعه قبل عرضه عليّ؛ فرأيي نافلة لديه في حقيقة الأمر، ومن كان رأيي نافلةً لديه؛ لا أجدني مشدوداً إلى صرفِ وقتي من أجل كتابه، كائناً من كان!

لكنّ صديقي هذا أصرَّ على أن أقرأ الكتابَ وأعلّق عليه وقال: (لما لرأيكم من قيمةٍ ومكانة علميّة).

وأنا أستغرب غايةَ الغرابةِ عندما يُطلَب مني مثل هذا الطلب، وأنا في هذه السنة المتقدّمة، ويقع الكتاب في أكثر من (460) صفحة!

إنّ قراءةَ مثلِ هذا الكتاب وتقويمه؛ هي مثل قراءةِ رسالة دكتوراه، تحتاج إلى شهرٍ من الزمانِ في الحدّ الأدنى!

فلماذا تفترضون أنْ ليس لديّ عملٌ أقوم به، سوى أن أنتظر رغباتكم لتحقيقها؟

ولماذا تفترضون أنّني قادرٌ على تفريغ شهرٍ من وقتي مجّاناً، ولديّ مسؤوليّاتٌ ماليّة، ربما كانت أضعافَ مسؤولياتكم!

وأمثالي يقعون في «حيص بيص» لا يدرون ما يقولون لكم، ولا ما يفعلون!

إنْ قال أحدنا: ما دمتَ تريد مني تفرّغَ شهرٍ لكتابك هذا، أو بحثك؛ فأريد منك مُرتّبَ شهرٍ؛ لأسدّ العجزَ المالي الذي سيترتّب على تفرّغي شهراً من أجلك؛ تنقّصوك وعيّروك بأنك تتاجر بالدين، وتطلب على العلم أجراً، وهذا يخلّ بمروءة العالم!

في الوقت الذي يرون ذلك حقّاً لكلِّ عاملٍ: طبيب، مهندس، حمّال، إلّا أنت!؟

وإن سكت أحدُنا، وقام بالمطلوب منه؛ صرفَ وقتَه في غير ما هو مأجورٌ عليه، من المؤسسة التي يعمل بها، فهو إمّا أن يعتذر عن قبول مرتّبه ذلك الشهر، فيبقى من دون مصروفٍ، ولا سدادٍ لنفقاته العامة والخاصّة، أو يُغلّس، ويكون وقع في خيانة الأمانة!

وقد ذهب الشبابُ، الذي كان فيه عداب يستطيع قراءةَ مثل هذا الكتاب في يوم واحدٍ ويقوم بنقده وتقويمه في يومين، أو ثلاثةِ أيّام!

ويعلم القريبون مني أنني منذ سنواتٍ؛ لا أقبل مناقشةَ رسالةٍ علميّة، حتى أعطَى شهراً كاملاً لقراءتها.

أرجو من الإخوة الكرام، الحريصين على مراجعة كتبهم وأبحاثهم أن يعلموا أنني مريض وكبير في السنّ وفقير، وأن مصدر دخلي الوحيد - أجل الوحيد - هو البحثُ العلميّ، ومراجعة الأبحاث العلميّة!

فمن كان حريصاً على أن أراجع له أطروحته، أو رسالته، أو بحثه؛ عليه أن يتنبّه إلى هذه المسألة، من دون خجلٍ ولا مواربة.

والله المستعان

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق