مَسائِلُ مِن الفِقْهِ والأُصولِ:
هلْ سبُّ اللهِ طلاق؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
وصلَ إليّ السؤال الآتي:
(إذا سبّ أحدُ الزوجينِ (الله) تعالى، أو الرسول
صلى الله عليه وآله وسلّم، أو أحدَ الأنبياءِ، أو سبّ الدين، كأن يقول: (يلعَن
دينه) أو يقول: (دينك صرماية) أو أيَّ لفظةٍ أخرى يراد منها (تحقيرُ الدين) هل
يُعدّ طلاقاً)؟ وشكرا لكم.
أقول وبالله التوفيق:
لا يختلف علماءُ الإسلامِ المتقدّمون؛ أنّ سبّ
(اللهِ) تعالى، من أشدّ أنواع الكفر، وبعده في المرتبة سبّ الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام.
فمن سبّ الله تعالى، بلعنٍ، أو بتنقيصٍ، أو بشتمٍ،
أو سبَّ الرسولَ، بلعنٍ أو بتنقيصٍ أو بشتمٍ؛ فقد ارتدّ عن الإسلام؟
وقد اختلفُ العلماء في آثار هذا السبُّ على
الزوجيّة:
(1) فالذين قالوا: من سبّ الله تعالى، أو الرسولَ
صلى الله عليه وآله وسلّم؛ يُقتَلُ فوراً من دون استتابة، فتكون زوجته بائنةٍ منه،
ولا توارثَ بينهما.
والحكم ذاته، لو أنّ المرأة هي من سبّ الله تعالى،
أو الرسولَ صلى الله عليه وآله وسلّم.
(2) والذين قالوا: يُستتابُ الزوج أو الزوجة
المرتدّ بلفظة الكفر؛ قالوا: بعد تلفظ أحد الزوجين بالكفر؛ لا يحلّ لأحدهما من
الآخر؛ ما كان يحلّ له في أثناء قيام الحياة الزوجية بينهما، ويفرّق بينهما من دون
احتسابِ تلفّظه بالكفر طلاقاً، إنّما هو فرقة.
فإن تاب وجدّد إسلامَه؛ يمكنه مراجعةِ زوجته، ولا
تحنسب عليه طلقةً.
وإنْ لم يتب بعد تلفّظه بالكفر حتى انتهت العدّة؛
فيمكنه أن يخطب زوجته السابقة، ويتزوّجها شأنه شأنُ أحد الخاطبين، ولا يحقّ له
إجبارُها على الرجعة إليه، بدعوى أنّها زوجته.
أمّا من سبّ (الدينَ) فليس حكمه واحداً:
فمن سبّ (دينَ الإسلام) بهذا القيدِ؛ فقد ارتدّ عن
الإسلام، وحكمه هو ما تقدّم!
ومن سبّ (صلاةَ المسلمين) أو أيّ فريضةٍ من فرائضِ
الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة؛ فقد ارتدّ عن الإسلام، وحكمه هو ما تقدّم!
ومَن قال (ألعن دينك، أو شريعتك، أو مذهبك، أو
ملّتك) فقد ارتدّ عن الإسلام، وحكمه هو ما تقدّم.
إلّا إنْ كان من أهلِ العلم، فيوقَفُ ويُحَلّفُ
أنّه لم يُرد في قوله واحدةً من تلك الكلمات الإسلام، وإنما أرادَ من(دينها)
تعاملها السيّء معه، وأراد من (شريعتها) ما تتبناه من آراء باطلة، وكذلك بقية
الكلمات المماثلة.
فإنْ حلفَ أنّه لم يقصد الكفرَ أبداً، ولا تحقير أو
تصغير (الدين الإسلاميّ) فتبقى زوجته على حالِها ظاهراً، أمّا في الباطن؛ فبينه
وبين الله تعالى.
والله تعالى أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق