مَسائلُ حديثيّةٌ (11):
الأحاديثُ الواردةُ في قتلِ الحَيّاتِ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
- بإسنادي إلى الإمام البخاريّ في كتاب بَدْءِ
الخلقِ، باب قول الله تعالى (وبثّ فيها من كلّ دابّة) (3297، 3298) قال
رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بنُ مُحَمَّدٍ: ثَنا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ: ثَنا
مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ e
يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ
وَالأَبْتَرَ([1])،
فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ([2])
الْحَبَلَ).
قَالَ عَبْدُاللهِ: فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ
حَيَّةً لأَقْتُلَهَا؛ فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ: لاَ تَقْتُلْهَا!
فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَدْ أَمَرَ
بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ؟
قَالَ([3]):
إِنَّهُ (نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ) ([4])
وَهْيَ: الْعَوَامِرُ([5])
(3299) وَقَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ([6]):
فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بنُ الْخَطَّابِ([7]).
[4812] وَتَابَعَهُ([8])
يُونُسُ([9])
وَابنُ عُيَيْنَةَ([10])
وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ([11])
وَالزُّبَيْدِيُّ([12]).
[4813] وَقَالَ صَالِحٌ([13])
وَابنُ أَبِي حَفْصَةَ([14])
وَابنُ مُجَمِّعٍ([15]):
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ: رَآنِي([16])
أَبُو لُبَابَةَ وَزَيْدُ بنُ الْخَطَّابِ.
مدار حديث عبدالله بن عمر عليه، رواه عنه:
سالم بن عبدالله بن عمر، عند البخاري (3298) ومسلم في السلام
(2233) وأحمد (4557).
وعبدالله بن أبي مليكةَ، عند البخاريّ (2311).
ونافع مولاه، عند البخاري (2312، 4017) ومسلم (2233) وأحمد
(15546، 15547، 15751) وأبي داود (5253) وابن حبّان (5639).
الحكم على إسناد الحديث من مداره:
حديث حسن صحيح مستفيض، من حديث عبدالله بن عمر.
وحديث ابن عمر؛ متوافقٌ مع حديث أمّ المؤمنين عائشة
رضي الله عنهم.
أمّا رواية أبي لبابة وزيد بن الخطّاب؛ فتحتاجان
إلى نظر فقهيّ، عقب تخريج حديث عائشة، في المنشور التالي، إن شاء الله تعالى.
واللهُ تَعالى
أعْلمُ
(رَبَّنا:
ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ
مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى
الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
([4]) من حديث ابن عمر عن
أبي لبابة t مرفوعاً؛ أخرجه علي بن الجعد في مسنده (1580) وابن أبي شيبة في
مصنفه (2: (813) وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة (8: 4557، ،4737) و (9: 4937،
5107) و(10: 6025) و(25: 15748) والدارمي في المناسك، باب ما يقتل المحرم في
إحرامه (1816) ومسلم في السلام، باب قتل الحيات وغيرها (2233) وابن ماجه في الطب، باب قتل ذي الطفيتين (3535) وأبو داود
في الأدب، باب في قتل الحيات (5253) وابن حبان في الحظر والإباحة، باب قتل الحيوان
(5639، 5643) وانظر التحفة [5: 6938] والإتحاف [8: 9668].
وأخرجه مالك في الحج، باب ما يقتل المحرم من الدواب
(798، 799) وأحمد في مسنده (24: (15546، 15547) وأبو داود في الأدب (5253) من حديث
نافع عن أبي لبابة مرفوعاً.
وقد جاء من رواية ابن عمر عن أبي لبابة وزيد بن
الخطّاب مقرونين، ومن رواية ابن عمر عن إحدى أزواج الرسول e وعن ابن عمر عن أخته حفصة، وهذا
يستدعي وقفةً طويلةً!
([5]) قال في الفتح عند
شرحه هذا الحديث: «وهي العوامر: هو من كلام الزهريّ، وقد أُدرج في الخبر، وقد
بيّنه معمر في روايته عن الزهريّ، إذ ساق الحديث، وقال في آخره: قال الزهريّ: «وهي
العوامر»: وهي سكّان البيوت من الجنّ، وسمّين عوامر: لطول مكثهنّ في البيوت».
([6]) قال ابن حجر في
الفتح (9: 651): «يريد عبدالرزاق أنّ معمراً رواه عن الزهريّ بهذا الإسناد، على
الشكّ في اسم الذي لقي عبدَاللهِ بنَ عمر» أهو أبو لبابة أم زيد بن الخطّاب؟
([7]) رواية حديث ابن عمر
بالشكّ هذه ؛ أخرجها معمر بن راشد في جامعه الملحق بمصنّف عبدالرزاق (10: (19616)
والحميديّ في مسنده (632) و أحمد في مسنده (4557، 15748) ومسلم في كتاب السلام
(2233) وأبو داود في السنن (5252) وأبو عوانة في مستخرجه ( 9869) والطحاوي في مشكل
الآثار (2930) والطبرانيّ في المعجم الكبير (4498) وفي مسند الشاميين له (3159)
ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (1: 367)
وأبو طاهر المخلّص في جزئه (2672) والبغويّ في شرح السنّة (3263) والحازمي
في نواسخ الحديث (ص: 236) وإسناده صحيح
غريب.
([8]) يريد البخاريّ أنّ
هؤلاء الأربعةَ تابعوا معمَراً عن الزهريّ بالإسناد السابق في روايته على الشكّ في
اسم الذي لقي عبدَاللهِ بنَ عمر» أهو أبو لبابة أم زيد بن الخطّاب، وانظر فتح
الباري (9: 651).
([9]) متابعةُ يونسَ بنِ
يزيدَ معمَراً هذه؛ وصلها مسلم في السلام (2233) ولم يَسُقْ لفظها، وأبو عوانة في
مستخرجه (9875) وساق لفظها، وأبو نعيم في مستخرجه على صحيح البخاري، كما في
التغليق (3: 516).
([10]) متابعة سفيان بن
عيينة لمَعمَرٍ عن الزهريّ؛ أخرجها الحميديّ في مسنده (632) وفيه: قَالَ
سُفْيَانُ: «كَانَ الزُّهْرِيُّ أَبَدًا يَقُولُ فِيهِ: زَيْدٌ، أَوْ أَبُو
لُبَابَةَ» وأحمد في مسنده (4557) ومسلم في السلام (2233) وكثيرون.
([11]) قال ابن حجر في التغليق (3: 516) «وَأمّا
حَدِيثُ إِسْحَاق الْكَلْبِيّ» ثمّ لم يذكر شيئاً بعد ذلك، وقال في الفتح (9:
651): «وأمّا رواية إسحاق بن يحيى الكلبيّ؛ فرُوّيناها في نُسخَتِه» فأفادنا هذا
أنّ للكلبيّ نسخةً متقدّمةَ التأليف، اطّلع عليها ابن حجر في القرن التاسع!
([12]) رواية محمد بن الوليد الزبيدي الحمصيّ عن
الزهريّ؛ وصلها مسلم في السلام، في صدر باب قتل الحيّات وغيرها (2233) وفي روايته
زيادة : «قَالَ سَالِمٌ : قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ: فَلَبِثْتُ لَا أَتْرُكُ
حَيَّةً أَرَاهَا، إِلَّا قَتَلْتُهَا» وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه (9875)
والطحاوي في المشكل (2931) وساقه ابن حجر في التغليق (3: 516) من طريق الطبراني،
وانظر فتح الباري (9: 651).
([13]) حديث صالح بن كيسان
عن الزهريّ؛ وصله ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (305) وأبو عوانة في المستخرج
(9876) وقال ابن حجر في التغليق (3: 517): «وَأما
حَدِيث صَالحٍ؛ فَأَخْبَرنَاهُ أَبُو الفَرَج بن حَمَّاد بِسَنَدِهِ إِلَى أبي
نعيم: ثَنَا عبدالله بن محمد بن جعفر، وساقَ الإسناد إلى الزهريّ، به،
وانظر فتح الباريّ (9: 651).
([14]) قال في تغليق
التعليق (3: 517): «وَأمّا حَدِيث مُحَمَّد ابن أبي حَفْصَة؛ فأنبأنا بِهِ
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْبَزَّار» وساق إسناده إلى أبي أحمد بن عديّ،
بإسناده إلى إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن مُحَمَّد ابْن أبي حَفْصَة، عَن
الزُّهْرِيّ، بِهِ.
([15]) وحَدِيث
إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مُجَمّع؛ وصله ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني
(304، 305) والبغويّ في معجم الصحابة (824) وقال عقبه: «ولا
أعلم لزيد بن الخطاب مُسنداً غيرَ هذا، وقتل زيدُ بنُ الخطّاب في «حربِ» الردّةِ،
في خلافة أبي بكر رضي الله عنهما» والطبراني في الكبير (4499، 4645) وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2719، 2867)
وقال ابن حجر في تغليق التعليق (3: 517): «وَرَوَاهُ ابْن السكن من وَجه
آخر عَن يَعْقُوب بن مُحَمَّد، وَقَالَ: لم أجد هَذَا الحَدِيثَ عِنْد أحد من
أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، إِلَّا عِنْد ابْن مجمعٍ، وَعند جَعْفَر بن برْقَانَ، وَفِي
روايتهما عَن الزُّهْرِيّ نظر.
قال
ابن حجر: كَذَا قَالَ، وَهُوَ شَيْء عَجِيب؛ فَإِنَّ صَحِيحَ البُخَارِيّ نُصب عَيْنَيْهِ،
وغفل عَن هَذَا الْموضعِ، الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ ابْن أبي حَفْصَة وَصَالح بن
كيسَان، فسبحان الله من لَا يسهو وَلَا يغْفل» وانظر فتح الباري (9: 651).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق