مِنْ عِبَرِ التاريخ (3):
أمّ أبي بكرِ
بن أبي قُحافةَ مَن هي؟!
بسم الله
الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا:
عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا
تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا:
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا:
افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
سألني أحدُ
الإخوةِ قال: «من هي أمّ أبي بكر»؟
قلت له: هي أمّ
الخير سلمى التيميّة، ابنة عمّ والده عثمان بن عامر!
قال: ما اسم
أبيها؟
قلت: لا أتذكّر
اسمه!
قال: هل تعرف
الشيخ أحمد الجعفريّ الرافضيّ؟
قلت: لا أعرفه،
لكن سمعت له عدداً من المقاطع واللقاءات!
قال: ما رأيُك
به؟
قلت: هو
رافضيٌّ من دون شكّ، وليس شيعيّاً، وقد ثبت لديّ أنه يكذب ويدلّس!
قال: كيف؟
قلت: سمعته
مرّةً يقول: عندنا ثمانون رواية صحيحةً في ولادة المهدي المنتظر!
وسمعته مرّة
ثانية يقول: عندنا خمسون روايةً صحيحة، في ولادة المهديّ المنتظر!
ولا يوجد في
مجموع كتب الشيعة الإمامية الأصول (10) رواياتٍ ضعيفةٍ، فضلاً عن أن تكون صحيحةً
في ولادة المهدي المنتظر المزعوم!
قال صاحبي: ما
تقصد بالكتب الأصول؟
قلت: كتاب
الكافي للكليني؛ كتاب أصيل!
كتاب إكمال
الدين وتمام النعمة للصدوق؛ كتاب أصيل!
أمّا كتاب بحار
الأنوار للمجلسيّ؛ فكتاب جامعٌ، وليس كتاباً أصيلاً، إنما قام صاحبه بجمع ما في
كتابِ الكليني والصدوق وغيرهما.
ولأقرّب إليك
المسألة أكثر:
كتاب صحيح
البخاري أصيل.
كتاب صحيح مسلم
أصيل.
كتاب موطّأ
مالك أصيل.
كتاب جامع
الأصول لابن الأثير الجزريّ؛ كتاب جامعٌ لمادّة الكتب المتقدمة وغيرها، من دون
تكرار، وليس كتاباً أصلاً.
قال: هذا
الرافضيّ الخبيث يقول: أبو بكرٍ ولدُ زنا!
قلت: لعنة الله
على مَن يقول هذا الكلام!
لكنْ افرضْ أنّ
ذلك صحيح؛ فما ذنب أبي بكرٍ في هذا، وبماذا يضيره عند الله تعالى، وعند المسلمين،
وقد تزوّج أبوه أمَّه وهما مشركان، والشرك في دين الإسلام؛ أفظع من الزنا!؟
قال: أعرف هذا
الذي تقول، ولكني أردتُ التأكّد من هذا الكلام، أهو صحيح؟
قلت له:
التأكّد من هذا؛ يحتاجُ إلى بحثٍ علميٍّ، وليس إلى نقلِ فلانٍ عن فلان، فأمهلني!
رجعتُ
إلى كلام الرافضيّ أحمد الجعفريّ هذا؛ فوجدته اعتمد مصدراً واحداً هو «فتح الباب
في الكنى والألقاب» لأبي عبدالله محمد بن إسحاق ابن مندهْ (ت: 395 هـ) (671) قال:
«أبو بكر ابْن أبي قُحَافَة, واسْمه عبدالله بن عُثْمَان بن عَامر بن كَعْب بن سعد
بن تَمِيم بن مرّة، وَكَانَ يدعى عتيقا , وَقيل: إِنَّمَا سمي بعتيقٍ لعتاقة
وَجهه.
وَقيل:
إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله عز وَجل أعْتقهُ من
النَّار.
وَيُقَال:
إِنّ أمّه سمّته عتيقاً؛ لِأَنَّهَا دعت أَن يعتقهُ الله من النَّار.
وَأمه:
أم الْخَيْر سلمى بنت صَخْر بن عَامر بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة بن
كَعْب, وَهِي ابْنة عَم أبي بكر الصّديق» وهذه السياقةُ هي التي اقتصر عليها
الطبراني في المعجم الكبير أيضاً (1: 51).
لكن الجعفريَّ
في آخر المقطع الذي استمعت إليه قال: جميع مصادر المخالفين ذكرت هذا الكلام!
وهذا غير صحيح
البتّة!
قال ابن الأثير
في أسد الغابة (3: 310): «عَبْدالله بْن عثمان بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن
سعد بْن تيم بْن مرة بْن كعب بْن لؤي الْقُرَشِيّ التيمي، أَبُو بَكْر الصديق بْن
أَبِي قُحافة، واسم أَبِي قحافة: عثمان.
وأمه: أم الخير
سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، وهي ابْنَةُ عم أَبِي
قحافة.
وقَالَ غيره:
اسمها سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم، وهذا ليس
بشيء، فإنها تكون ابْنَة أخيه، ولم تكن العرب تنكح بنات الإخوة، والأول أصحّ».
أقول: أنت لو
نظرتَ إلى المقطعين بهدوءٍ؛ لرأيت الفارق بينهما جليّاً.
أبو قحافة: هو
عثمان بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد
أمّ الخير: هي
سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن كعب بْن سعد
عثمان يقابله زوجته
سلمى.
عامر يقابله
ابن عمّه صخر.
عمرو يقابله
أخوه عامر.
وعمرٌو وعامر
ابنا كعب بن سعد!
ومعلوم أنّ
الأقارب يسمّون بأسماء متشابهة، بل ومتطابقة أيضاً.
فنحن إخوة
ثلاثة: الشهيد غازي، والشهيد غسّان، والفقير عداب.
من أولاد
الفقير عداب: محمود وإبراهيم وخديجة.
ومن أولاد
الشهيد غازي: محمود وإبراهيم وخديجة.
ومن أولاد
الشهيد غسّان: محمود وإبراهيم وخديجة.
ومن المعلوم
لدى جميع طلبة العلم أنّ والدي أبي بكرٍ أبا قحافة وأمّ الخير قد أسلما جميعاً،
وعاش أبو قحافةَ بعد ولده أبي بكرٍ، وتوفي عام (14 هـ) كما في معجم الطبراني
الكبير (9: 40).
وعاشت أمّ أبي
بكرٍ أمّ الخير بعد ولدها أيضاً، وماتت قبل أبي قحافة بقليلٍ!
قال الطبراني
في المعجم الكبير (1: 52): «أُمُّ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما يُقَالُ
لَهَا: أُمُّ الْخَيْرِ بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ.
هَلَكَ أَبُو
بَكْرٍ، فَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ جَمِيعاً، وَكَانَا قَدْ أَسْلَمَا، وَمَاتَتْ أُمُّ
أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ أَبِيهِ» أبي قحافة.
فلو كان أبو
قحافةَ تزوّج بنت أخيه؛ لكان الرسول فرّق بينهما، بعد نزول آية محرّمات النكاح من
النساء، على افتراض أنّ القرشيين كانوا ينكحون بناتِ الإخوة، وهذا لم ينقل إلينا
صحيحاً قطّ!
وصدق الله العظيم
في كلّ حالٍ وحين، وإذ قال:
(فَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ
ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) التأويلَ الفاسدَ الموافق
لأهوائهم.
والله تعالى
أعلم
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمدُ للهِ
على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق