قريباً من السياسة [2023] (1):
مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
يكثرُ الكلام عن معاوية بن
أبي سفيان في هذه الأيام، بسبب مسلسلٍ سينمائيّ سيعرض في رمضان القادم، تموّله
السعودية فيما قيل!
مُعاويةُ بنَ أبي سفيانَ
الأمويُّ؛ شخصيّةٌ سياسيّةٌ استثنائيّةٌ، بكلّ المقاييس الحيويّة!
سواءٌ كان قرشيّاً حقيقةً،
أم كان قرشيّاً ولاءً، وسواء كان ابنَ أبي سفيانَ، أم كان ابن هندِ بنتِ عتبة!
وسواءٌ صحّ في فضلِه
حديثٌ، أم لم يصحّ في ذمّه حديث!
وإنّ تقويمَ هذه الشخصيّة
الاستثنائيّة؛ أصعبُ من تقويم أيّ شخصيّةٍ أخرى، من شخصيّات الجيل الإسلاميّ
الأوّل، الذين اصطلح المسلمون على تسميتهم بالصحابة!
إنّ تقويمَ أهل السنة
شخصيّةَ معاوية؛ مختلفٌ تماماً عن تقويم الشيعةِ الأوّلين!
وإن تقويم المرجئة الخالصة
لمعاوية؛ يختلف قليلاً عن تقويم مرجئة الفقهاء!
وإنّ تقويم الشيعة
الأوائلِ؛ مختلفٌ عن تقويم الرافضة الخالصة!
وإنّ تقويم الهاشميين
شخصيةَ معاوية؛ يختلف تماماً عن تقويم بقية القرشيين!
وإن تقويم القوميين شخصيةَ
معاوية؛ يختلف عن تقويم شخصيته عند أهل الدين!
وإنّ تقويم شخصية معاويةَ
في ضوء من يحبهم الله تعالى؛ يختلف عن نظرية الحفاظ على وحدة الأمة، وعدم الخروج
على حاكمها، حتى لو كان عبداً أسودَ كأنّ رأسه زبيبة، ولزوم طاعته ما دام يقيم
بالمسلمين الصلاة!
لكنْ في الجملةِ؛ معاويةُ
رجل شجاعٌ مغامر، مكيافيليٌّ بارع، طامحٌ صبور، صاحب رؤيةٍ حققها بتمامها قبل أن
يموت!
ولعمري إنّ رجلاً طليقاً
ليست له سابقةٌ في الدين، ولا جهادٌ من أجل إقامةِ الدين؛ يقارع سيّد الأمة عليَّ
بن أبي طالبٍ عليه السلام خمس سنين، ثم يغزوه في عقر داره، ويقضي على مكانته بين
شعبه، ثمّ يقتله، ويقتل أولاده من بعده؛ إنّه لرجل سياسيٌّ استثنائيّ!
إنّ معاويةَ عندي منافقٌ،
لكنّه من فرط ذكائه، وصبره؛ استطاع أن يقنع أمثال عبدالله ابن عمر بأنه مسلم
ملتزم، حتى قال ابنُ عمر: كان أبو بكر وعمر أفضلَ من معاويةَ، وكان معاويةُ أسودَ
منهما!
إنّ محاكمةَ معاويةَ إلى
كمالاتِ الإسلامِ؛ فيه نظر كبير، لأنّ السقيفةَ حيّدت تلك الكمالات تماماً، وصار
المطلوبُ من الحاكم تحقيقَ الأمن، وتسكينَ الفتن، وتوفير رغيف الخبز فحسب!
وإنّ تاريخ الإسلام
السياسيّ كلّه؛ تغلّبٍ ومكرٍ وقتلٍ وخضوع تامٍّ لرغبة الحاكم!
وإنّ المجتمعَ العربيَّ
المعاصرَ؛ مجتمع علمانيٌّ خالص، وكلُّ الذي يتمنّاه المسلمون اليومَ تحقيقَ
الأمنِ، وتعايشَ المجتمع العربيّ المتباين الأفكار والمعتقدات، وتوفير العيش
الكريم!
ما سمعت أحداً من شيوخي
يذمّ الرئيس «شكري القوّتلي» ولم يكن الرئيس القوتلي سوى سياسيّ علمانيّ وطنيّ!
فأهل السنة عايشوا تاريخ
ملوك الإسلامِ، وتصالحوا معهم، ومنحوهم العصمةَ العمليّة، في سبيلِ الحفاظ على
شعائر الإسلام!
ومعاوية لم يكن يعارض أحداً
إذا صلّى أو صام أو حجّ أو اختلى في جبلٍ، أو سبّح الله تعالى في اليوم عشرةَ آلاف
تسبيحه!
إنّ معاويةَ لم يصنع شيئاً
لم يصنعه أبو بكر وعمر، وليس معاويةُ ذاته إلّا إفرازاً طبيعياً لسياسة عمر بن
الخطاب، الذي كان يولّي الرجل العاقل الحازم في غير كسر، اللين في غير ضعف، بمعزل
عن شدّةِ تديّنه، أو معرفته العلمية!
ولو كان يهتمّ لهذا الأمر؛
لما ولّى أمثالَ المغيرة بن شعبة ومعاويةَ وعمرو بن العاص!
والله تعالى أعلم
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق